ميثاق الرياض الدولي تتويج لجهود السعودية المبذولة في قطاع الطاقة

ميثاق الرياض الدولي تتويج لجهود السعودية المبذولة في قطاع الطاقة
ميثاق الرياض الدولي تتويج لجهود السعودية المبذولة في قطاع الطاقة

أكد الدكتور عدنان شهاب الدين، الأمين العام السابق ومدير الأبحاث في منظمة الدول المصدرة للنفط ''أوبك''، أن اجتماع منتدى الطاقة الدولي الذي سيعقد في الرياض العام المقبل في آذار (مارس) عام 2011، سيكون تتويجا للجهود المبذولة من قبل المملكة حتى إعلان كانكون الصادر أخيرا.

ونوه الدكتور شهاب الدين، في حوار عبر الهاتف من فيينا، بفكرة إنشاء مركز علمي للطاقة الذرية والمتجددة في السعودية، معتبرا إياها خطوة متميزة تأتي في إطار الجهود المبذولة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لدعم صناعة الطاقة في المملكة وتعــزيز دورهــا الرائد عالمياً.

وأضاف أن إنشاء المركز يأتي في توقيت مناسب، حيث تعاني فيه دولنا '' تدنيا'' في بحوث النفط والطاقة، على الرغم من الاحتياطيات الهائلة التي تزخر بها المنطقة، مشيرا إلى أن المركز سيحقق فوائد كبيرة للسعودية ومنطقة الخليج بوجه عام.

وبحسب مدير الأبحاث السابق في أوبك فإن منتدى الطاقة الدولي سيسهم مستقبلا في استقرار ودعم أمن وإنتاج الطاقة للمستهلكين والمنتجين، خاصة فيما يتعلق بإنتاج النفط، وربما لاحقا بإنتاج الغاز.

وقال الدكتور عدنان إن الاجتماع التالي لمنتدى الطاقة الدولي 2011 الذي سيُعقد في العاصمة السعودية الرياض سيكون مكرسا لمراجعة ومناقشة وإقرار الميثاق الذي سيصاغ هذا العام بناء على التوصيات التي أُقرت في إعلان كانكون.

#2#

وأضاف أن الاجتماع يأتي عقب نجاح الجهود المبذولة العام الماضي من قبل السعودية وبريطانيا، بصفتهما الرئيس والرئيس المشارك للمؤتمر، واجتماعات الخبراء ولجنة التوجيه الرفيعة المستوى العالمية High Level Steering Committee.

وأشار الدكتور شهاب الدين إلى أن إعلان كانكون كان يمثل محطة مفصلية تتعلق بطبيعة الحوار بين المستهلكين والمنتجين وما سينجم عنه مستقبلا.

وسيكون اجتماع الرياض تتويجا للجهود التي بُذلت حتى إعلان كانكون. وبحسب الدكتور عدنان فإن المنتدى بعد 2011 سيختط طرقا جديدة ليس فقط في مجال آلية الحوار وتبادل وجهات النظر، لكنه سيسهم أيضاً في استقرار ودعم أمن الطاقة من حيث إمداداتها للمستهلكين والطلب عليها بالنسبة للمنتجين، خاصة فيما يتعلق بإنتاج النفط، وربما لاحقا بإنتاج الغاز.

وحول مدى تأثير بركان آيسلندا في أسواق النفط، قال الدكتور شهاب الدين ''ليس هناك تأثير مباشر أو محدد، لكنه ربما يثير بعض التساؤلات حول قضية التغير المناخي، وهل هي من صُنع الإنسان بالدرجة الأولى أم الطبيعة.

لذا فمن السابق لأوانه الجزم حول مدى تأثير بركان آيسلندا في الطاقة في المديين المتوسط أو البعيد، في حين أن التأثير في المدى القصير محدود.

وبالتأكيد كانت هناك مبالغات في ردود الفعل في أوروبا؛ نظرا لتوافر تجارب سابقة في إندونيسيا وغيرها لم يؤخذ بها.

فالدرس الأساسي من البركان، بحسب الدكتور عدنان، هو أن الطبيعة دائما تدعو الإنسان إلى استخلاص العبر والتعامل معها بالقدر نفسه من التعامل مع أي نتائج سلبية للنشاط الاقتصادي الإنساني.

واعتبر مستشار اللجنة الوطنية الكويتية لاستخدامات الطاقة النووية في الأغراض السلمية، أن إنشاء مركز علمي للطاقة النووية والمتجددة في السعودية خطوة ممتازة وموفقة، وإن تكن قد جاءت متأخرة بعض الشيء، لكنها تأتي في سياق المبادرات التي أعلنت عنها المملكة، أخيرا، وفي إطار الجهود المبذولة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للارتقاء بدور العلم والبحث العلمي في تنمية المملكة بوجه عام وعلى الأخص في قطاع الطاقة الحيوي للمملكة ودول الخليج، حيث تم الإعلان العام الماضي، عن إنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا في جدة، ومركز الملك عبد الله لأبحاث البترول والطاقة. والمركز الجديد سيكون أكثر تخصصا من ''كاسبار''.

وذكر الدكتور شهاب الدين أن المركز الجديد سيركز جهوده البحثية لتطوير واستخدام هذه التقنيات كمصدر أساسي للطاقة لتلبية الاحتياجات المتزايدة من الطاقة الكهربائية. وأكد أن دول الخليج بحاجة إلى أخذ زمام المباردة في مجال الطاقتين الذرية والمتجددة والتعرف على تقنياتهما، وأن تعمل على الإسهام في هذا المجال وتطوير ما تستطيع الاستفادة منه، خاصة في مجال الطاقة الشمسية التي تتوافر في دول الخليج بمعدلات مرتفعة عن باقي مناطق العالم.

ولفت شهاب الدين إلى أن الطاقة النووية سيكون لها دور ملحوظ ومكمل في تلبية الاحتياجات العالمية المتزايدة من الكهرباء، مشيرا إلى أن ذلك لا يتعارض مع دور النفط، إذ سيبقى يستخدم بشكل مهيمن في قطاع المواصلات لعدة عقود قادمة، مؤكدا في الوقت نفسه أن النفط سيظل هو السلعة الأهم لعدة أسباب، منها سهولة نقله وتعاملاته التجارية، وتزايد الطلب عليه من قبل دول آسيا والدول النامية.

في حين أن دور الطاقة النووية سيكون مكملا لصناعة الغاز في توليد الكهرباء.

وأكد مجددا أن ''فكرة إنشاء مركز الطاقة الذرية والمتجددة في المملكة جاءت في وقت نحن في أمسّ الحاجة إليه، منوها بأن المركز سيسهم في جلب فوائد كبيرة ليس للسعودية فحسب، بل لدول الخليج ولمنطقة العربية بشكل عام''.

وشدد خبير ومستشار الطاقة على أن النفط والغاز سيظلان يستخدمان لعقود عديدة قادمة في تلبية الطلب المتزايد على مصادر الطاقة عالمياً، جنبا إلى جنب مع الطاقة النووية والمتجددة. واستبعد شهاب الدين أن تسحب الطاقة النووية المتجددة البساط من النفط والغاز، معتبرا الحديث حول هذا الموضوع هو أمر غير صحيح.

وأشار إلى أن الدول الأوروبية تنفق أموالا طائلة على الطاقة النووية والمتجددة من أجل تطويرها بدافع الحرص على أمن الطاقة وتوفير استيراد النفط والغاز.

وقال الدكتور شهاب إن إدارة أوباما تركز حاليا على دعم مصادر الطاقة المتجددة كما أعادت الاهتمام باستخدام الطاقة النووية بعد توقف دام عقدين من الزمان أعقب التوسع الذي شهده هذا القطاع خلال السبعينيات والثمانينيات.

وأضاف أن آسيا ستشهد نموا اقتصاديا كبيرا يصل إلى 10 في المئة سنويا. وستظل تكلفة معظم مصادر الطاقة المتجددة أعلى من النفط والغاز.

وفيما يتعلق بأبرز التحديات التي تواجه أسواق النفط والاستثمار في هذا القطاع، أوضح الدكتور شهاب الدين أن التحدي الحقيقي يتمثل في كيفية التأكد من حجم النمو على الطلب مستقبلا في ضوء سياسات الطاقة المتباينة والمتقلبة في الدول الغربية والتي تخلق نوعا من عدم اليقين حول العالم بشأن حجم الاستثمارات المطلوبة للصناعة النفطية وتوقيت تأمينها للإيفاء بالاحتياجات المستقبلية، وهو ما يؤدي بدوره إلى تقلبات حادة في الأسعار يؤثر سلباً في نمو الاقتصاد العالمي.

ودعا مستشار الطاقة إلى ضرورة العمل من أجل تخفيف درجة عدم اليقين، لافتا إلى أهمية دور منتدى الطاقة الدولي في هذا الصدد، حيث يعمل المنتدى على تفعيل الحوار بين المنتجين والمستهلكين، ليصبح له دور عملي يسهم في تقليل الضبابية وتخفيف درجة اليقين وتعزيز مبدأ الشفافية، متوقعا أن يتحسن الوضع عقب اجتماع الرياض الذي سيمكّن المنتدى من أداء دوره الجديد بشكل أفضل.

وحول أهمية استخدام الطاقة النووية والشمسية وطاقة الرياح في تلبية الزيادة المتوقعة في الطلب على الطاقة خلال العقود المقبلة، قال شهاب الدين إنها ستلعب دورا ملموسا، لكنه مكمّل وليس بديلا للنفط والغاز.

واستبعد فرضية أن توفر الطاقة النووية كهرباء تسمح بتشغيل نصف سيارات العالم أو حتى ربعها؛ لأن ذلك يتطلب إنشاء ما يقارب 100 محطة نووية سنويا، وهو أمر غير وارد لعدم توافر مثل هذه القدرة للصناعة النووية العالمية حتى بعد عقود من الآن.

ورأى شهاب الدين أن تكرار مقولات مثل ''ضرورة وقف الإدمان على النفط العربي'' من قبل كبار المسؤولين الغربيين هو أمر غير موفق ولا يخدم مصالح تلك البلدان، لافتا إلى أن النفط العربي كان هو المحرك الرئيس للتقدم الأمريكي في القرن العشرين وازدهار أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية وشريان حياة بالنسبة لاقتصاد العالم.

وزاد ''إن تكرار مثل هذه المقولات في الولايات المتحدة يعد نوعا من الاستهلاك المحلي وورقة سياسية محلية غير عملية تخلق حالة من الاستقرار في السوق ولها آثار سلبية على الاقتصاد الأمريكي العالمي''.

وانتقد الأمين العام بالإنابة السابق وضع الدول الأعضاء في ''أوبك''، حيث تمتلك تلك الدول 70 في المائة من احتياطي النفط العالمي، إلا أنها متراجعة في تكنولوجيا الصناعة النفطية قائلا ''إن امتلاك دول أوبك مثل هذه النسبة من الاحتياطي العالمي وعدم استغلال الفرصة لامتلاك ناصية القيادة لهذه الصناعة العالمية وتخلفنا في تقنيات هذه الصناعة يعد أمرا مؤسفا''.

وأضاف ''لدينا تاريخ من الصناعة النفطية يصل إلى نحو 70 عاما، ولذا كان من الواجب أن يكون لنا الريادة والقيادة في صناعة النفط وتقنياته واستكشافه وإنتاجه وتصديره وتكريره وفي صناعة البتروكيماويات منه''.

وأردف قائلا ''كان من الواجب علينا منذ الخمسينيات أو الستينيات أن ننشئ معاهد أبحاث هيدروكربونية كبرى بالتعاون مع معاهد الأبحاث العالمية المتخصصة في مجال البترول والطاقة''.

واستطرد بقوله ''لذا أود الإشادة بقرار خادم الحرمين الشريفين بإنشاء مركز لأبحاث البترول والطاقة وتخصيص وقف بنحو ملياري دولار لهذا الغرض''.

وعاد شهاب الدين ليؤكد أن ''بحوث البترول لدينا متخلفة على الرغم من امتلاكنا احتياطيات هائلة من النفط والغاز.

ومن ثم كان من المفترض أن يكون لدينا أفضل المعاهد والأبحاث، وأن يكون على الأقل 50 - 60 في المئة من الاختراعات والاكتشافات في هذه الصناعة لدينا.

فقد مضت 50 عاما وما زال أمامنا مثلها أو 100 عام من حقبة النفط، وعلينا أن نبدأ من الآن. وعليه فإن إنشاء مركز لبحوث الطاقة في المملكة يمثل باكورة لمثل هذه المبادرات الملحة''.

ورأى الدكتور عدنان أن الارتفاع المفاجئ والسريع والحاد في أسعار النفط ليس في مصلحة أحد، أما إذا كان الارتفاع تدريجي فلن يؤثر في الاقتصاد العالمي؛ لأنه يكون مبنيا على تغيرات هيكلية في الاقتصاد العالمي ويعكس حجم الطلب المتزايد .

مضيفا أنه ما من شك في أن المضاربات تسهم بشكل كبير في حدوث تقلبات حادة في الأسعار.

وعارض شهاب الدين الرأي القائل إن أي ارتفاع لأسعار النفط فوق 80 دولارا للبرميل قد يؤثر في الانتعاش الاقتصادي العالمي، مضفيا أن ارتفاعا قيمته 4 - 5 دولارات في سعر البرميل بالنسبة لدول آسيا لن يؤثر في اقتصاد هذه البلدان، في حين أن ارتفاعا بقيمة 10- 15 دولارا في دول ما زالت تعاني اقتصاداتها آثار الأزمة العالمية سيكون له تأثير ملموس بلا شك.

وحول مستقبل الوقود العضوي، أفاد الدكتور عدنان أن الوقود العضوي سيكون له دور ملموس لكنه محدود في مزيج الوقود لمركبات التشغيل لكنه لن يكون بديلاً لمشتقات النفط، منتقدا السياسات الحالية التي انتهجتها الدول الصناعية الغربية بتقديم دعم كبير ووضع أهداف طموحة لكن غير واقعية لإمدادات الوقود الحيوي في المديين القصير والمتوسط، على اعتبار أنها تمثل اندفاعاً غير مدروس من جانب أوروبا والولايات المتحدة، حيث يتم استخدام المنتجات الزراعية، مثل الذرة، لإنتاج وقود الإيثانول بشكل غير مدروس، الأمر الذي نجم عنه حدوث أزمة في الغذاء.

فضلا عن أن معظم تقنيات انتاج الإيثانول من الذرة لا تقلل بشكل ملموس من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بل أحياناً تشكل زيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

فالوقود الحيوي (الإيثانول) من الجيل الأول باستثناء تقنيات قصب السكر في البرازيل غير موفقة، بينما يُدرس حاليا بدائل واعدة من الجيل الثاني قد تسهم بنسبة 5 - 10 في المائة من تلبية النمو المتزايد في حال نجاح تلك التقنيات، طبقا لإفادة الدكتور عدنان.

الأكثر قراءة