مؤشر موحد لجودة جامعاتنا
تميز عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أيده الله بنصره - بالتوسع في مشاريع التعليم العالي, خاصة الجامعات. وتعيش المملكة حاليا مشاريع جبارة لإنشاء مدن جامعية في جميع المناطق, ما يدعو إلى التوقف كثيرا أمام مجموعة من المتطلبات التي يجب تداركها في المستقبل القريب. ومن أهم تلك المتطلبات إيجاد رابط قوي بين سوق العمل ومخرجات التعليم, وهذا الرابط يثير اهتمام عديد من المخلصين الذين تناولوا السيناريوهات المتوقعة واستشراف المستقبل القريب لتوطين الوظائف عالية الاحتراف وخلق فرص عمل جديدة تتناسب مع التخصصات ومخرجات التعليم. وتأتي الجودة في التعليم الجامعي كمتطلب آخر ومهم في هذه المرحلة لما لها من قدرة على توثيق العلاقة بين المتطلب السابق, وهو رابط سوق العمل بمخرجات التعليم. قبل ثلاثة عقود من الزمن، كان خريج جامعة الملك فهد للبترول والمعادن سهل التعرف عليه دون أن تسأله في أي جامعة من الجامعات السبع تخرجت؟ (كان لدينا ذلك الوقت سبع جامعات فقط)، حيث تستدل عليه من سلوكياته العملية العالية ومن التحصيل العالي في المعارف ومن إتقانه اللغة الإنجليزية. ووجد أصحاب العمل في خريجي الـ UPM - كما كانوا يحبون أن يطلق عليهم – ضالتهم من حيث قدرتهم على التفاعل مع المرحلة الجديدة دون إنفاق الوقت والمال في الدورات. وبينما اختزل بعض الجامعات جودتها الشاملة في جودة موقع الإنترنت الخاص بها، تعمل جامعات بصمت بعيدا عن الزوابع الإعلامية لتفعيل مبدأ الجودة الشاملة في الطالب وكأنه مادة خام يتم تسلمها من الثانوية العامة ليبدأ المصنع في تشكيلها في منتج عالي الجودة والمواصفات والتنافسية العالمية. أتحسر كثيرا عندما أسرق ناظري داخل سيارات الطلاب في مواقف الجامعة وأرى عدم النظافة والفوضى والكتب والمتعلقات المبعثرة في كل مكان داخل السيارة، وأراه رغم طرافته مؤشرا على جودة الجامعات. نريد مؤشرا موحدا للجامعات السعودية يحوي عوامل كثيرة أهمها السلوكيات والمعارف، والنشر العلمي، والماهية Know-How. نريد من جامعة سعودية أن تصنع سيارة (تاتا) سعودية بالطاقة الشمسية، وإن نجحت في تصديرها والمنافسة بها عالميا، فإن هذا يسمى التصنيع، وغيره دعاية وإعلام. فلقد أصبحت (تاتا) مؤشرا ملموسا لنهضة الهند.