السوق المحلية تترقب تراجعاً في أسعار الأدوية والسيارات مع تهاوي «اليورو»
تترقب السوق المحلية السعودية أن تستفيد من التراجعات الحادة التي طالت العملة الأوروبية «اليورو» على مدى الشهر الماضي، في خفض أسعارالسلع المستوردة من أوروبا والتي تشكل الأدوية والسيارات وبعض أهم السلع الغذائية الحصة الأكبر منها.
وهنا أكد لـ «الاقتصادية» محللون اقتصاديون أن انخفاض عملة اليورو سيعمل خلال الأيام القليلة المقبلة على خفض أسعار واردات المملكة من دول أوروبا، مشيرين إلى أن المستهلك المحلي يفترض أن يشعر بذلك الانخفاض في مدة أقصاها شهر من الآن، في حال استمرت وتيرة تراجع سعر العملة الأوروبية.
لكن المختصين حذروا في الوقت نفسه من ممارسة التجار بطئا في إسقاط تراجع اليورو على السلع المستوردة من أوروبا وعدم استفادة المستهلك النهائي من ذلك.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
أكد محللون اقتصاديون أن انخفاض عملة اليورو سيعمل على تخفيض أسعار واردات المملكة من دول أوروبا، ومنها السلع الغذائية، والسيارات، وحتى الأدوية، مشيرين إلى أن المستهلك المحلي يفترض أن يشعر بذلك الانخفاض خلال الشهر المقبل، في حال استمر سعر العملة الأوروبية في التراجع.
لكن المختصين، اعتبروا أن التجار في السوق المحلية يعمدون إلى رفع أسعار السلع المستوردة في حال ارتفاعها عالمياً وبشكل سريع، وأن هذا التجاوب "يأتي بطيئاً أو يكاد ينعدم" إذا حل بالسلعة أي تراجع في الأسواق العالمية.
وأفاد المحللون الاقتصاديون، أن تراجع أسعار اليورو سيؤثر إيجاباً في التضخم في المملكة، بالنظر إلى أن معظم التضخم الموجود محلياً مستورد من الخارج بحسب التصريحات السابقة لعدد من المسؤولين الحكوميين.
ولفت الاقتصاديون إلى غياب الرقابة المباشرة، والقوانين الصارمة التي تردع التجار المتلاعبين، وتحمي المستهلكين في السوق المحلية، معتبرين أن السوق شهدت تجارب متعددة في هذا الشأن خلال الأعوام الماضية لم يسلم منها المستهلك، بينما كانت المحصلة الإيجابية لصالح التاجر.
وفيما يتعلق بأسعار الأدوية، أشار مسؤول في وزارة الصحة إلى عدم وضوح الرؤية حتى الآن بخصوص تراجع أسعار الدواء في السوق المحلية، مؤكداً أن الوزارة تحاول الضغط على الشركات المختصة بالشركات المنافسة الأخرى، بهدف الوصول إلى أسعار مناسبة للمستهلك.
وأضاف: "في حال وجود تراجع في أسعار الأدوية فلن يكون كبيرا، على اعتبار وجود عوامل مؤثرة أخرى لا تقل أهمية عن أسعار العملات".
وهنا قال محمد العنقري المحلل الاقتصادي إنه من المفترض أن يؤثر انخفاض عملة اليورو في واردات المملكة من أوروبا، من حيث انخفاض أسعارها، وبالتالي التأثير إيجاباً في نسبة التضخم في المملكة، ومستوى إنفاق الفرد.
وأشار العنقري إلى أن جزءًا كبيراً من السلع يتم استيراده من أوروبا، وأن ذلك يعطي مؤشراً قوياً على انخفاض التضخم المستورد إلى المملكة، مبدياً تعجبه من تأثر واردات المملكة بشكل سريع بالارتفاع العالمي، وعدم تجاوبها مع الانخفاضات بالمستوى نفسه.
وحول أسعار الأدوية، أوضح المحلل الاقتصادي، أن المعني بتحديد الأسعار هو وزارة الصحة، مبيناً أن سعر الدواء لدول منطقة اليورو من المفترض أن ينخفض خلال شهرين من الآن في السوق المحلية.
وأضاف "كل المؤشرات ترجح استمرار تراجع أسعار السلع الأوروبية خلال العام الجاري، لكن فيما لو ارتفعت أسعار النفط، والمواد الأساسية فستؤثر على الصناعة العالمية وبالتالي سيكون انخفاض الأسعار محدودا أو مستبعدا".
وأفاد العنقري أن أسعار السلع الأوروبية ستنخفض في السوق المحلية بشكل تدريجي، في حال وجدت المراقبة المؤثرة على السوق، مشيراً إلى أن التجار يخشون استمرار التقلب في العملة الأوروبية لأن ذلك سيؤثر في أرباحهم، وأنه بناء على ذلك يعمدون إلى طرح جميع الاحتمالات التي تسهم في الحفاظ على مستويات أرباحهم.
وتابع: "حتى السياحة في أوروبا ستتراجع أسعارها خلال هذا العام مقارنة بالأعوام الماضية، وفقاً لمؤشرات تراجع سعر اليورو الحالية، إضافة إلى تراجع الإقبال عليها، كما أن استثمارات رجال الأعمال في أوروبا ستتأثر سلباً في حال عدم انسحابها في الوقت المناسب، إلى جانب تأثر المشاريع الاستثمارية هناك بخطط التقشف، وزيادة البطالة، والإنفاق على المشاريع، وبالتالي تأثر الأرباح".
وأبان أن التحليل الاقتصادي لأزمة اليورو يشير إلى أن أسعاره ستظل في وضع الانخفاض خلال العام الجاري، مطالباً بضرورة شعور المستهلك المحلي بهذا التراجع خلال الفترة القليلة المقبلة.
من جهته، اتفق محلل اقتصادي- فضل عدم ذكر اسمه، مع ما ذكره العنقري من حيث ضرورة انعكاس تراجع أسعار السلع الأوروبية على المستهلك المحلي، مضيفاً أنه من المفترض أن يشعر المستهلك بهذا الانخفاض في فترة لا تتجاوز 15 يوماً من الآن.
وأضاف: "أي حركة في أسعار الصرف من الطبيعي أن تنعكس على المستهلك، لكن ضعف الرقابة على السوق، وردة فعل التجار من حيث التجاوب مع الأسعار المتراجعة ببطء يؤدي في الغالب إلى ثبات الأسعار في السوق المحلية، تماماً كالذي حدث في السابق مع بعض السلع".
وزاد: "خلال الأعوام الماضية اتضح بشكل جلي غياب الرقابة على سوق السلع في المملكة، وبالتالي كثير من التجار لاحظناهم يتجاوبون سريعاً مع أي ارتفاع عالمي في سعر السلعة، لكن الانخفاضات العالمية لا تصلنا إلا متأخرة وحتى لو وصلت لا تكون بنفس المستويات العالمية".
وأوضح المحلل الاقتصادي، أن السلع الأوروبية بجميع أنواعها من المفترض أن تنخفض بحدود 7 إلى 8 في المائة، لكن أوضح أن واقع السوق السعودية يشير إلى عكس ذلك، بالنظر إلى عدم وجود ضوابط صارمة تتصدى للتجار المستغلين لمثل تلك التراجعات العالمية، مطالباً بضرورة سن قوانين تحمي المستهلكين، وتعاقب التجار المتلاعبين.
وفي شأن الأدوية، قال المحلل الاقتصادي: "لاحظنا خلال الفترة الماضية انخفاضا في أسعار النفط الذي بالتأكيد أثر إيجاباً في الدواء من حيث تخفيض تكاليف شحن الأدوية، إلى جانب قلة الاستهلاك، وزيادة العرض، ولم تشهد الأدوية المستوردة تراجعا في قيمتها، ومن المفترض أن كل هذه العوامل تكون في مصلحة المستهلك".
واعتبر المحلل الاقتصادي أن كثيرا من السلع العالمية لديها فوائض تبحث عن التصدير، إضافة إلى أن أسعارها عالمياً انخفضت خلال الفترة الماضية، في ظل وجود انكماش اقتصادي في معظم دول العالم، مشيراً إلى أن كل تلك العوامل تؤكد وجود انخفاض في أسعار، لم تشعر به السوق السعودية حتى اللحظة بسبب غياب الرقابة على حد قوله.
من جانبه، أكد الدكتور صلاح المزروع مدير إدارة الأدوية والتموين في وزارة الصحة، حرص الوزارة على وصول الدواء إلى المستهلكين بأفضل الأسعار، معتبراً أن سعر العملة يعد أحد العوامل المؤثرة في سعر الدواء المستورد.
وأفاد المزروع أن وزارة الصحة تعمل منذ فترة على الضغط على شركات الأدوية لتخفيض الأسعار، من حيث البحث عن شركات أدوية منافسة أخرى لتأمين الأدوية بأقل الأسعار، متمنياً أن تشهد الفترة المقبلة تحسناً في أسعار الأدوية في السوق المحلية، في الوقت الذي اعتبر فيه "أسعارها في الوقت الحالي منطقية".
وتوقع مدير إدارة الأدوية والتموين في وزارة الصحة، عدم وجود تراجع كبير في سعر الأدوية المستوردة إلى السوق المحلية، بالنظر إلى عدم اعتماد مستويات الأسعار على تراجع سعر صرف العملة الأوروبية فقط، مشيراً إلى أن هناك عددا من العوامل الأخرى المؤثرة في سعر الدواء ومنها: بلد المنشأ، الكميات، الخصومات، والمنافسة.
لكن المزروع اعتبر أن الرؤية لا تزال غير واضحة فيما يتعلق بمستقبل تراجع سعر الأدوية محلياً، مشيراً إلى أن وزارة الصحة تسعى إلى أن تكون أسعار الأدوية في متناول أيدي المستهلكين بأسعار منافسة، وأنها تعمل على تتبع جميع العوامل التي تؤثر في أسعار وشركات الأدوية العالمية.