قلق أوروبي صريح من اليورو الضعيف رغم التفاؤل بتنشيط الصادرات
أبدى وزراء مالية دول منطقة اليورو قلقهم من التدهور السريع في سعر صرف اليورو، ووعدوا بمضاعفة الجهود للحد من عجز موازنات دولهم بهدف وقف أزمة الثقة التي لا تزال تؤثر سلبا في الوحدة النقدية.
واجتمع وزراء مالية 16 دولة تتداول باليورو أمس الأول، في بروكسل في اجتماعهم الشهري، وسط القلق المتجدد وتدهور سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة.
وأعلن جان كلود يونكر رئيس مجلس وزراء مالية منطقة اليورو لدى وصوله إلى الاجتماع "لست قلقا جراء معدل الصرف الحالي لليورو، وإنما جراء السرعة التي يتدهور وفقها سعر الصرف".
وفي هذا الأثناء أعلن متحدث باسم المفوضية الأوروبية، أن تدهور سعر صرف اليورو لا يحمل فقط انعكاسات سلبية، لأنه "يأتي ليساعد الصادرات في فترة غاية في الأهمية". وقال أمادو التافاج المتحدث باسم مفوضية الشؤون الاقتصادية "من الواضح أن اليورو الضعيف يؤدي إلى زيادة أسعار منتجات الطاقة، وبالتالي، ترتفع فاتورة الطاقة، ولهذا الأمر انعكاس على التضخم".
وبالفعل فإن تدني سعر صرف اليورو يغذي سعر برميل النفط المسعر بالدولار. لكن "من الواضح أيضا أن تراجع سعر صرف اليورو يساعد في الوقت نفسه الصادرات في لحظة تمثل فيها هذه المساعدة أهمية كبيرة جدا"، كما أضاف المتحدث.
ومن مفاعيل ذلك جعل الصادرات الأوروبية أكثر تنافسية في السوق العالمية. وفي السنوات الأخيرة، كانت الصناعات التي تتسم بطابع تصديري كبير، مثل: صناعة الطيران، تشكو كثيرا زيادة سعر اليورو ما أثر سلبا فيها في السوق العالمية.
وخلص المتحدث إلى القول "هذا الأمر ليس أبيض ولا أسود. ولكن هناك حسنات وهناك عواقب أكثر سلبية" من ضعف سعر صرف اليورو.
وفي هذا الأثناء اقترحت المفوضية الأوروبية فرض إخضاع ميزانيات دول الاتحاد الأوروبي للدرس اعتبارا من 2011، قبل عرضها على مصادقة البرلمانات الوطنية، وذلك لضمان أن يبقى عجز الميزانيات تحت السيطرة. غير أن بعض الدول وفي طليعتها ألمانيا، مصممة فيما يبدو على الذهاب أبعد من ذلك. وحض فولفجانج شويبل وزير المالية الألماني شركاءه في منطقة اليورو على "الحد من عجز موازنات دولهم وتعزيز معاهدة الاستقرار" التي تحد مستوى العجز الوطني من الناحية المبدئية بنسبة 3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي. وهذه الفكرة يشاطره فيها عدد كبير من نظرائه. لكنه لم يستبعد من جهة أخرى فكرة إدراج سقف للعجز في مواد الدستور في الدول الأخرى في منطقة اليورو كما فعلت ألمانيا العام الماضي.
وقال "إنها مسألة" ينبغي أن تطرح على النقاش وتكون جزءا من دروس لا بد أن نستخلصها من الأزمة.
ويفرض بند دستوري جديد في ألمانيا على الحكومة خفض العجز في الميزانية اعتبارا من العام 2011 إلى حدود عشرة مليارات يورو سنويا من الآن وحتى 2016 لتقليصه عندئذ إلى نسبة 0.35 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.
وأن إجراء مماثلا يستدعي في حال تم تطبيقه في مجمل دول منطقة اليورو، أن يتم تبني سلوك مالي أكثر أهمية بكثير وتعزيز معاهدة الاستقرار الأوروبي بشكل أكبر.
وعد يونكر "أنه ينبغي أن نرى إلى أي حد قد يجد هذا الإجراء التفافا شاملا من الجميع"، مع الإشارة في الوقت نفسه إلى "أنه ينبغي القيام بكل شيء وسنقوم بكل شيء لخفض مستوى الديون العامة في أوروبا".
من جانبه، قال المتحدث باسم المفوضية أيضا "نحن لا ندلي بتعليقات على التحركات اليومية لسعر اليورو". لكننا "نقوم على العكس بكل ما في وسعنا للإسهام في تعزيز الإدارة الاقتصادية في أوروبا ولا سيما في منطقة اليورو، ولتشجيع الدول الأعضاء في جهودها لتعزيز وضع موازناتها".
وعد جان بيار جوييه رئيس الهيئة الفرنسية للأسواق المالية أن مستوى اليورو "مقبول تماما"، ويمثل "منافع بالنسبة للمنافسة الخارجية".
لكنه رأى "أنها السرعة في تدهور سعر الصرف، السرعة في هذا الانخفاض هي الخطيرة".
على الصعيد نفسه قال أولي رين المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية إنه "بات من المهم جدا وبشكل عام تعزيز الثقة في الاقتصاد الأوروبي .. من الضروري الآن أن نظهر أننا جادون بشأن الترشيد المالي وأن ذلك سيكون أحد القضايا المهمة اليوم".
ووفقا لقواعد الاتحاد الأوروبي ، يجب على الدول الأعضاء أن تحجم عجز ميزانياتها عند 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. لكن وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن المفوضية الأوروبية الذراع التنفيذية للاتحاد، لم تف بتلك القاعدة في عام 2009 سوى خمس دول فقط من دول الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة، ودولتان فقط من منطقة اليورو المؤلفة من 16 دولة.
وحددت المفوضية تاريخا لكل دولة يتعين عليها إعادة عجز ميزانيتها إلى نطاق السيطرة. والمواعيد المحددة لذلك لمعظم دول منطقة اليورو بما فيها إسبانيا والبرتغال هي في عام 2013 . وحذر بعض المعلقين من الفترة الطويلة لهذا الموعد.
وعلق أنديرس بورج وزير المالية السويدي أن "عجزا بنسبة 3 في المائة ليس بالأمر الطموح جدا .. التهديد الأكبر للتعافي هو أننا نرى الآن سلوكا للعمل قليلا للغاية ومتأخرا للغاية". لكن البعض الآخر حذر من أن التخفيضات الضخمة في الإنفاق الحكومي قد تضعف عملية التعافي الاقتصادي.
وقالت إيلينا سالجادو وزيرة المالية الإسبانية إنه "في كل مرة تقوم ببعض الخفض في موازنتك، يكون من المحتمل وجود انكماش بسيط في الاقتصاد".
وكانت إسبانيا قد اضطرت إلى تقديم خفض في الموازنة كرد فعل على مخاوف الأسواق. واعترفت سالجادو بأنه "في هذه اللحظة يجب أن تكون الموازنة في جانب الترشيد المالي".
في الاتجاه نفسه، تم صباح أمس، تحويل 14.5 مليارات دولار إلى اليونان هي الدفعة الأولى من القرض الأوروبي الرامي إلى مساعدة هذا البلد على تسديد استحقاقات ديونه في آجالها.
وقال أولي رين متحدث باسم المفوضية إنه "تم تحويل المبلغ" مؤكدا تصريحات أدلى بها المفوض الأوروبي المكلف القضايا الاقتصادية والمالية في ختام اجتماع في بروكسل لوزراء المال في منطقة اليورو.
وقال رين "القسم الأول تم تحويله أمس". إن مبلغ الـ 14.5 مليار يورو جزء من برنامج قروض بقيمة 80 مليار يورو وعد شركاء اليونان في منطقة اليورو بدفعه على ثلاث سنوات. من جهته سيقدم صندوق النقد الدولي قروضا بقيمة 30 مليار يورو.
وكان البنك المركزي اليوناني قد حصل الأربعاء الماضي على 5.5 مليار يورو من صندوق النقد في إطار هذه الخطة. ويتم تحويل هذه المبالغ في حين تواجه اليونان اليوم استحقاقات مهمة لتسديد ديونها. وبسبب أزمة الثقة التي تواجهها اليونان جراء عجزها الكبير، بات اليوم من الصعب الحصول على قروض في أثينا بمعدلات فائدة مقبولة.
ورغم الشكوك في الأسواق حول قدرات أثينا على تحقيق أهدافها جدد وزراء المالية في منطقة اليورو دعمهم لليونان مساء أمس الأول.
وأعلن جان كلود يونكر رئيس مجلس وزراء مالية منطقة اليورو أنه "ما زلنا نعتقد ولدينا أسباب وجيهة تدفعنا إلى الاعتقاد بأن اليونان على الطريق الصحيح".
وأضاف "لا نعتقد أن البرنامج المقترح لليونان لن يسمح لهذه الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي بتلبية تعهداتها". وتابع "نرفض كل الاتهامات التي تم التداول بها في الأسابيع الماضية، بشأن الوضع الاقتصادي. لكننا سنستمر في تقييم الوضع".