البنوك .. وتمويل المساكن

امتلاك مسكن خاص في السعودية، أصبح يشكل هاجسا وحلماً لعدد كبير من السعوديين، ولاسيما في ظل النمو المطرد في عدد السكان، الذين بلغ عددهم في أول تعداد أجري في المملكة في عام 1974 سبعة ملايين نسمة منهم 6.2 مليون مواطن سعودي، وتضاعف هذا الرقم أكثر من ثلاث مرات خلال الأعوام الماضية، ليصل بحلول 2004 وفق ما أظهرته نتائج التعداد السكاني الثالث في المملكة إلى 22.6 مليون نسمة منهم 16.8 مليون مواطن سعودي.
ومما ضاعف من مشكلة امتلاك مسكن في السعودية، أن التركيب العمري لسكان السعودية يتسم بغلبة الفئات الصغيرة والشابة، إذ تشير الإحصائيات إلى أن نحو (55 في المائة) من سكان المملكة من الشباب الذين تقل أعمارهم عن (25) عاماً، ما خلق بدوره طلبا كبيرا على المساكن خلال الفترة الماضية، لا سيما في ظل عدم قدرة صندوق التنمية العقاري على مواكبة النمو الهائل في الطلب على المساكن، رغم ما قدمه من حجم قروض، تجاوزت قيمتها مبلغ 141 مليارا، منذ إنشائه في عام 1394هـ، ما تسبب في حدوث فجوة كبيرة بين الطلب والعرض على المساكن يقدر بنحو مليون وحدة سكنية خلال السنوات الخمس المقبلة.
اضطلاعاً بدورها التنموي في التنمية الاقتصادية التي تعيشها السعودية، ومساهمة منها في التخفيف من حدة الطلب على التمويل السكني، أسهمت البنوك السعودية، بفاعلية خلال الأعوام الماضية، في محاولة سد الفجوة بين الطب والعرض على المساكن، بتقديم تمويل عقاري تتفاوت قيمته من بنك إلى آخر وفق سياساته وأنظمته التمويلية، لتصل إلى نحو خمسة ملايين ريال في عدد من البنوك، ولمدة سداد تتراوح ما بين 25 إلى 30 سنة، كما قد شهدت محفظة التمويل العقاري للأفراد في البنوك خلال السنوات القليلة الماضية، نمواً كبيراً، نظراً للإقبال المتزايد من الأفراد على قروض الإسكان، إذ تشير الإحصائيات إلى استحواذ التمويل العقاري منفرداً نحو (8.6 في المائة) من معدل النمو العام لمحفظة تمويل الأفراد لعام 2008، وحظي لأول مرة حجم التمويل العقاري للأفراد، بنمو كبير خلال الفترة 2005 ـ 2008، حيث تجاوز مبلغ 14.9 مليار ريال مقارنة بما كان عليه في عام 2004، والذي وصل فيه حجم التمويل إلى 8.8 مليار ريال، ويتوقع للتمويل العقاري، أن يشهد نمواً كبيراً خلال السنوات القليلة المقبلة، وذلك لأسباب اجتماعية وديموغرافية خاصة بتركيبة السكان في المملكة، وبأسلوب وطريقة حياتهم، وبالذات في حالة تفعيل نظام الرهن العقاري، والأنظمة والإجراءات المكملة له، بما في ذلك الانتهاء من تأسيس شركة في المملكة على غرار شركة فاني ماي الأمريكية لشراء القروض العقارية من المؤسسات المالية والمساعدة على تطوير أسواق محلية للسندات والصكوك، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي