سعادة المدير .. أرجو عدم تشريف الحفل

يمثل الاحتفاء بالمبدعين والمتفوقين من الطلاب في شتى المجالات حافزاً مهماً ومعززاً لهم ليستمروا في تفوقهم، وفي الوقت ذاته دافعاً لزملائهم ليحذوا حذوهم. وفي هذا المجال تقيم المؤسسات التربوية والتعليمية الاحتفالات لتكريمهم، إذ تتحول تلك الاحتفالات إلى مهرجانات ومناسبات دورية تتجدد وتتنوع فيها الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير؛ إلا أن ما لا يتنوع فيها ولا يتغير هو هيكل الحفل أو ''البروتوكول'' كما يقال؛ ففي كل حفل هناك كلمة للمكرمين، وأخرى لراعي الحفل وثالثة لأولياء الأمور، إضافة إلى بعض الفقرات الأخرى، الذي يحصل أن المنظمين لهذه الاحتفالات التربوية، التي تنفذ داخل المؤسسة التربوية، يبذلون قصارى جهدهم في التنظيم والترتيب - وهو أمر مطلوب بطبيعة الحال- إلا أن الأمر يأخذ اتجاهاً مختلفاً عندما يتحول الاحتفال إلى ما يشبه التصنع، في كل حركة يقوم بها المنظمون أو يطلبون من الطلاب القيام بها، فكأننا أمام معرض تماثيل الشمع، ولسنا في محفل تربوي، له رسالته التربوية قبل الإعلامية.
وفي هذا السياق نجد التوتر من المنظمين / التربويين للحفل إذا أخطأ الطالب الذي يتلو الأسماء أو يلقي كلمة أو قصيدة، ويكون الجو مشحوناً في ظل وجود فقرات تمثيلية أو أدائية، فالخطأ غير مسموح به إطلاقاً، ونسيان الدور أو التلعثم في الكلام من قبل الطالب المؤدي هو طامة الطوام. ويزداد الأمر سوءاً حين يكون تعاملنا هذا مع الأطفال والصغار في المرحلة الابتدائية على سبيل المثال، وعلى ما في هذا التعامل من اعتساف على طفولتهم، فإنه ربما سلب الفقرة جمالها ورونقها بحرمان المشاهدين من روح الطفولة وهي تشع من خلال الأداء الطفولي.
وفي إحدى المؤسسات التربوية، كان ابني أحد المكرمين في احتفال ختامي، وقد حدد موعد الاحتفال ثم أجل عدة مرات، بسبب سفر مدير تلك المؤسسة التربوية في مهمة عمل، ولرغبته – أي مدير – في حضور هذه المناسبة لدعم المكرمين وتشجيعهم، فقد وجه بتأجيل التكريم، وقد عبر ابني عن امتعاضه بطفولة وبراءة (بابا... احنا وش نبغى بالمدير ... نبغى الجائزة). والحقيقة أن هذه الكلمة أشعرتني بمدى الخطأ الذي نمارسه عندما نكرس في أنفسنا وفي نفوس طلابنا أن الحفل هو من أجل حضور المدير، وأنه لن يتم إلا إذا حضره المدير، فأثقلنا كاهل المسؤول المزدحم جدوله بالأعمال والمهام، وأرهقنا طلابنا بترتيبات إضافية، فعلى الرغم من مقدار الدعم والأثر لحضور المسؤول أو المدير للحفل سواء بالنسبة للجهة المنظمة للحفل أو للطلاب المكرمين إلا أنه يحضر في الحقيقة لتحفيزهم وتشجيعهم، وأن الحفل يقام لهذا الغرض.
وفي ختام إحدى الدورات التدريبية التي حضرتها وبطريقة غير تقليدية قام المدرب بالطلب من كل متدرب أن يأخذ شهادة زميله ويسلمها له أمام زملائه بعد أن يعبر عن شعوره تجاهه بكلمة، دون إعداد مسبق، ولكم أن تتصوروا تأثير هذه الطريقة التلقائية اليسيرة في نفوسنا جميعا.
لتطوير التعليم ''تطوير''

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي