تونس وصناعة الطيران
يتميز الاقتصاد التونسي بالتنوع والتنافسية والجودة والانفتاح العالمي, ويحتل مرتبة متقدمة في منطقة الشرق الأوسط, ويسبق عديدا من الدول العربية التي تتفوق على تونس في الموارد الطبيعية والبشرية. احتلت تونس المرتبة الأولى على مستوى جميع دول إفريقيا, والرابعة على مستوى العالم العربي في تصنيف التنافسية الذي يعده منتدى دافوس الاقتصادي. كما تتفوق تونس في مؤشرات تنموية مهمة كمؤشر التصرف في موارد الدولة ومؤشر ثقة البيئة الاقتصادية ومؤشر شفافية التشريعات الحكومية. وتأتي صناعة الطيران لتحتل مكانة جديدة في طيف التنوع الاقتصادي الذي تتميز به تونس, حيث استطاعت الفوز بثقة شركة أيرباص لصناعة الطيران لإقامة مجمع لتصنيع مكونات الطائرات وتجميعها في مدينة المغيرة الصناعية في ولاية بن عروس. ويقوم هذا المصنع بإنتاج وتجميع مجموعة من مكونات طائرات منها أجزاء من هياكل الطائرات التي تصنع من المواد المركبة ذات الصلابة الفائقة والوزن الخفيف. وينتج المصنع اليوم الجزء الأمامي من طائرات «أيرباص», إضافة إلى افتتاح خطوط جديدة للأنظمة الكهربائية في الطائرة. واستطاع مجمع المغيرة لصناعات الطيران توفير 500 وظيفة للفنيين التونسيين, إضافة إلى 250 موظفا في قطاع الإسناد الإداري. وكان بعض الشركات المصنعة للطائرات قد وجدت في منهجية التعهيد Outsourcing حلا لخفض التكاليف, خاصة أجور الأيدي العاملة، فعمدت إلى إنشاء شركات لها في دول لديها قيم مضافة كمهارة اليد العاملة والأجور المتدنية, والموقع الاستراتيجي الذي يكفل السهولة اللوجستية. وتأتي ولاية كوريتاريو المكسيكية في مقدمة المستقطبين لصناعة الطيران والفضاء, حيث تنتشر فيها مصانع فرعية للشركات الأمريكية التي تنعم بوفرة الأيدي العاملة الماهرة التي تنتج مكونات الطائرات وتشحنها للشركات الأمريكية في الجوار. كما أن الصين مرت بهذه التجربة لتتأهل للمرحلة التالية, وهي صناعة طائرة مدنية من فصيلة 100 مقعد, وبمقدراتها الوطنية. التجربة التونسية جديرة بالإشادة وتأتي في سياق الاستراتيجية الاقتصادية المعتمدة على التنوع والانفتاح على الاستثمارات والشراكات الدولية. أتمنى أن نرى مبادرات مماثلة وذات بعد تقني حقيقي في منطقة الخليج, خاصة المملكة التي تعاني توفير فرص عمل عالية الاحترافية تليق بمخرجات صناعة التعليم والتدريب المهني.