نجحنا في تطبيق التشغيل الذاتي بأيد سعودية

نجحنا في تطبيق التشغيل الذاتي بأيد سعودية
نجحنا في تطبيق التشغيل الذاتي بأيد سعودية

في إنجاز يحسب للمجال الطبي في المملكة، ويأتي تتويجا لتميز الكفاءات القيادية السعودية. أعلن معهد جائزة الشرق الأوسط للتميز أخيرا، فوز الدكتور عبد الله بن سليمان العمرو المدير العام التنفيذي لمدينة الملك فهد الطبية بجائزة الشرق الأوسط للشخصيات التنفيذية عن قطاع الرعاية الصحية لعام 2010. ويأتي فوز العمرو نتيجة تميزه في قيادة مدينة الملك فهد الطبية خلال عمرها الذي لم يتجاوز السنوات الست وتحقيقه عديدا من النجاحات، واعتمد الاختيار على معايير نوعية تتعلق بتطوير الخدمات الصحية وتحقيق أهداف استراتيجية ملموسة، إضافة إلى حسن الإدارة الاقتصادية للمنشأة وتنمية مواردها مع العمل على إنشاء مشاريع توسعية .. حول الجائزة والجانب الاقتصادي المرتبط بها، وحول جوانب أخرى تتعلق بسياسة المدينة الطبية ودورها في دعم حركة القطاع الصحي في المملكة .. يتحدث المدير التنفيذي لمدينة الملك فهد الطبية الدكتور عبد الله العمرو في حوار خاص مع ''الاقتصادية''.

 حققتم قبل أيام جائزة الشرق الأوسط السابعة للشخصيات التنفيذية عن قطاع الرعاية الصحية لعام 2010، ما الجديد الذي تمثله هذه الجائزة في مسيرة مدينة الملك فهد الطبية؟
 لا بد من الإشارة إلى أن هذه الجائزة تعد فوزا خاصا لكل من يعمل في مدينة الملك فهد الطبية، فإيماني التام هو أنني تسلمتها نيابة عنهم جميعا، فإنجاز بهذا المستوى ما كان ليتحقق إلا في ظل عمل مؤسسي متكامل ونتيجة لجهد مشترك تعاونت فيه قطاعات عدة لتطبيق استراتيجية واحدة تهدف للوصول بالخدمة الطبية إلى أرقى مستوياتها النوعية مع الحرص على مواكبة التطورات المستمرة في المجال الصحي وإتاحتها لأوسع شريحة ممكنة من أبناء هذا الوطن. والجائزة هي إشارة بسيطة للعمل الجاد الذي بذله ويبذله منسوبو مدينة الملك فهد الطبية وبدعم وتوجيه من وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة.
الإنجاز يمثل نوعا جديدا من التحدي .. ما المسؤولية التي تضعها الجائزة على عاتقكم في المرحلة الراهنة لاسيما إذا نظرنا إلى أن تحقيق العالمية يعد عبئاً له متطلباته النوعية والقياسية على أي مؤسسة؟
 ندرك حجم هذا المسؤولية ونعمل مع فريقنا الإداري والطبي في مدينة الملك فهد الطبية على تطوير الجودة ضمن أكثر من قطاع تخصصي من خلال الحرص على استقطاب أبرز الإمكانات والكفاءات الطبية إلى جانب النهوض بالتدريب والتعليم وتأهيل القدرات وذلك وفقا لاستراتيجية تمثل رؤيتنا التي نسعى لتحقيقها من أجل أن تستمر مدينة الملك فهد الطبية في تولي مسؤوليتها تجاه العمل الصحي في المملكة مع الاستمرار كذلك على تفعيل الأفكار الجديدة والمبادرات المتميزة التي من شأنها صنع الجديد المفيد في هذا الشأن للرقي بالخدمة المقدمة للمريض.

قامت الجائزة على تقييم منجزات إدارية وصحية وكذلك اقتصادية، خلال الفترة الماضية، كيف يمكن قراءتها على مستوى الاقتصاد الوطني؟
لا تختلف المدينة الطبية عن أي منشأة يتطلب نجاحها قدرا من العناصر الإدارية الفعالة التي تأتي في مقدمتها السياسة المالية وإدارة وتشغيل الموارد المتاحة بأفضل طريقة ممكنة بجانب العمل الدائم على تكريس اتجاهات استثمارية تواكب متطلبات التوسع الطبيعي في المدينة مع مرور الزمن. ويمكن القول الآن إن مدينة الملك فهد الطبية قد تجاوزت أعباء مراحل التأسيس ورهان التشغيل الذاتي إلى تكوين قاعدة اقتصادية قوية بما يكفي لإدارة وتنفيذ المزيد من الخطط التطويرية، وذلك بعد تحقيق ميزانيتها معدل نمو جيد خلال السنوات الماضية، حيث ارتفعت الميزانية أكثر من 400 في المائة خلال الفترة من عام 2004م إلى العام 2010م.
كما خطت المدينة خطوات متعددة في مجال الأبحاث وأنشأت حاضنات التقنية الحيوية بكلية الطب في مدينة الملك فهد الطبية، إضافة إلى تميز المدينة الطبية بإنشاء أول صندوق للموارد الذاتية وهذا أعطى المدينة الطبية حرية الاستثمار والعمل المفتوح مع العالم والمؤسسات المحلية.

بما أننا نتحدث عن القيادة والشخصيات القيادية ما جهودكم في هذا الإطار على مستوى المدينة؟
مدينة الملك فهد الطبية لديها مشروع طموح لتطوير القيادات الإدارية وهذا البرنامج تم إطلاقه مع تأسيس المدينة وتم تشكيل فرق عمل متخصصة للإعداد وتصميم البرنامج بمعايير عالمية ويهدف البرنامج إلى تطوير المهارات وإكساب المشاركين أحدث ما توصل إليه العلم من علوم ومعارف متنوعة في مجال الإدارة الصحية وتم تنظيم المرحلة الأولى بالتعاون مع جامعة واشنطن سانت لويس, وحصل الخريجون الذين بلغ عددهم 17 خريجا على ماجستير في الإدارة الصحية.
وبدأنا المرحلة الثانية من مشروع تطوير القيادات الصحية في المدينة والذي يستمر لمدة عامين بمشاركة 48 متدربا وسيتلقى المنضّمون للبرنامج تدريبا داخل المملكة وخارجها وينفذ بالتعاون مع جامعة ميجل في كندا وجامعة واشنطن سانت لويس ومجلس الاستشارات الإدارية الصحية في أمريكا.
وهذا البرنامج الذي أطلقته المدينة منذ بداية تشغيلها يأتي انسجاما مع توجه المدينة الذي لم يقتصر على المجال الطبي فقط، بل إيجاد وتهيئة كوادر إدارية بالمستوى نفسه من المعايير التي تمارس فيها الخدمات الطبية المتخصصة.
وهذه البرامج ستسهم في تكوين رؤية موحدة لكيفية تقديم الخدمة الصحية للمرضى وكيفية النهوض بها وزيادة الخبرة العملية لإدارة العملية العلاجية بجوانبها كافة، وتكوين بيئة صحيحة وجيدة لتبادل الخبرات مع مسؤولي الإدارة العليا وتفعيل وسائل الاتصال بين المستويات الإدارية كافة، وممارسة الإدارة العلمية المعتمدة على البراهين العلمية والتجارب الرائدة مع مثيلاتها في العالم وتبادل الخبرات المتميزة مع الإدارات المماثلة.
كما أن هذه البرامج ستساهم ـ بإذن الله ـ في إيجاد قيادات صحية وفقا لأسس علمية وهذا بلا شك سيعود بالفائدة ليس على المدينة فقط بل على مستوى القطاع الصحي في المملكة، حيث سيضخ قيادات صحية قادرة على إدارة المنشآت الصحية في مختلف المجالات الصحية.

#2#

تعد تجربة المدينة في مجال التشغيل واعتمادها على الكفاءات الوطنية تجربة رائدة حدثنا عن هذا الجانب؟
شخصيا أرى أن الإنسان أهم القيم التنموية في هذا الوطن، كما نعلم أن جميع الخطط والبرامج تعمل على مبدأ استثمار الإنسان السعودي كقدرة منتجة وطاقة مهنية وعلمية تسهم في نهضة بلاده على المستويات كافة من خلال العمل، ولا شك أن العمل هو المحور الرئيسي الذي تقوم عليه التنمية وبالتالي بناء الوطن وكذلك بناء الإنسان فلا وطن ينهض ويتقدم دون عمل ولا إنسان يعيش بلا عمل وانطلاقا من هذه الأهمية أصبح هاجس توفير الفرص الوظيفية هو الهم الأكبر للدول ودائما ما يتم ربط كثير من المؤشرات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية وحتى السياسية بالبطالة.
وما زلنا نجد أن هناك توجسا من بعض المؤسسات حيال السعودة ومن واقع تجربة مدينة الملك فهد الطبية نجد أنه لا مستحيل في مقابل الإصرار فرغم أن تفعيل فكرة السعودة في منشأة ضخمة بحجم مدينة الملك فهد الطبية، وفي قطاع واسع ارتبط بالكفاءات الأجنبية منذ زمن طويل، كالقطاع الصحي، ولهذا فقد كان الواقع يفرض على المسؤولين في المدينة وضع استراتيجية لا تكتفي باستقطاب القدرات الوطنية الموجودة بل تعمل كذلك على صنع قدرات جديدة واعدة عبر برامج علمية وتأهيلية.
 والمتابع لبدايات المدينة الطبية يجد أنها تبنت منذ تأسيسها تطوير الكوادر الطبية والتمريضية والإدارية فأنشأت الإدارة التنفيذية للشؤون الأكاديمية والتدريب التي أخذت على عاتقها مسؤولية تعليم وتطوير القوى العاملة للارتقاء بمستواهم الوظيفي وسد الاحتياج من الكفاءات في مختلف المجالات وعلى جميع المستويات: الطبية - الفنية - التمريضية – الإدارية .. وذلك عن طريق ضمان توافر الوصول الفعال لمصادر المعلومات وتنظيم برامـج التعليم الطبي المستمر وتشمل: (المؤتمرات، الندوات، ورش العمـل ... إلخ)، الحصول على الاعتراف لبرامج المهن الصحية، للأقسام، الدبلومات، البرامج التدريبية، إدارة برامج الابتعاث، تدريب الأطباء المقيمين، الزمالة، الإنعاش القلبي الرئوي، تعزيز التعاون مع المعاهد ذات الكفاءة العالية.
ولا شك أن نجاح مدينة الملك فهد الطبية في تطبيق التشغيل الذاتي بأيد سعودية دليل واضح على أنه لا مستحيل مع التدريب والتأهيل والثقة لنجاح السعودة.
والآن وبعد مرور أكثر من ست سنوات على تجربة التشغيل الذاتي أصبحت مدينة الملك فهد الطبية بيئة رائدة للسعودة من خلال توظيف الطاقات الوطنية لديها أو تدريبها لتكون مهيأة للعمل في مرافق متعددة، كما أثبت الزملاء في هذه المنشأة أن الإنسان السعودي قادر على إنجاح أي عمل متى ما توافر الدعم والتدريب والتأهيل وقبل ذلك الثقة بقدرته على المسؤولية والإنجاز.

بعد ست سنوات على تأسيس مدينة الملك فهد الطبية، كيف يمكن تقييم المشروع حاليا مقارنة بالرؤية التي وضعت لحظة انطلاقته.. وما الفارق الذي أحدثته المدينة على مستوى الواقع الصحي في المملكة؟
 لا شك أن الفارق كبير بين اللحظتين، إذ يمكن التأكد الآن من نجاح الفكرة التي انطلقت لتمثل مرجعية لمستشفيات وزارة الصحة وحضورا قياديا على مستوى المؤسسات الطبية في المملكة، وأمر كهذا لم يكن من السهل الوصول له ولا سيما في ظل عقبات طبيعية تواجه أي مشروع بهذا الحجم، غير أن ما تحقق لنا خلال السنوات القليلة الماضية أثبت قدرة المدينة على استيعاب نسبة كبيرة من احتياجات الخدمات التشخيصية أو العلاجية بجانب ما تقدمه مراكزها من خدمات تخصصية متقدمة وهو أمر استفاد منه عدد كبير من أبناء هذا الوطن على مختلف مناطقه، ومازالت رؤيتنا المقبلة عامرة بالمزيد من التوسع في هذا المجال.

المتابع لمدينة الملك فهد الطبية يلاحظ أن هناك تطورا كبيرا سواء في الخدمة المقدمة أو التأهيل حدثنا عن هذا الجانب؟
في الواقع أن كل ما تحقق من انجازات وتطور في مراحل تشغيل مدينة الملك فهد الطبية كان بدعم من خادم الحرمين الشريفين ولا شك أن رعايته - حفظة الله - وافتتاحه للمدينة دليل على اهتمامه، كما أن متابعة وحرص معالي وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة أسهما في تذليل كافة العقبات مما انعكس على الأداء وأسهم في الإنجازات المتتالية التي حققتها المدينة، كما يجب ألا ننسى الجهد الكبير والدعم الذي قدمه الدكتور حمد المانع وزير الصحة السابق وكان له دور كبير في دعم المراحل الأولى لتشغيل المدينة وبتضافر جهد جميع العاملين في المدينة استطعنا إنجاز عديد من العمليات النادرة، كما تم دعم الكادر الطبي باستقطاب عديد من الأطباء المتميزين في التخصصات النادرة ولدينا توجه واضح منذ تأسيس المدينة بأهمية التدريب والتأهيل والبحث العلمي وأقمنا عديدا من البرامج وبرامج التأهيل والتدريب ووقعنا الاتفاقيات وبرامج الشراكة مع عديد من الجهات والقطاعات الطبية المتميزة في العالم للاستفادة منها في تدريب وتأهيل العاملين في المدينة وفي مجال البحث والتطوير، كما أننا في المدينة ندرك تماما أن توافر الإمكانات والتجهيزات المادية أمر مهم لنجاح العمل لذا استطعنا ولله الحمد توفير أجهزة علاجية نادرة في العالم أسهمت في تقديم خدمية علاجية أفضل لمرضانا، إضافة إلى أننا استطعنا إنجاز عديد من المشاريع في مجال الحاسب الآلي وتقنية المعلومات التي تدعم وتسهل خدمة المرضى بكفاءة عالية.

العمل الخيري والتطوعي الصحي يعتبره البعض رافداً مهماً في مجال تقديم الرعاية الصحية، ما رؤيتكم للعمل الخيري والتطوعي المتعلق بالرعاية الصحية في المملكة؟ هل تعتقدون أنه يؤدي الدور المطلوب منه؟
العمل التطوعي الخيري المتعلق بالرعاية الصحية في المملكة وُلد متأخراً بعض الشيء ويحتاج إلى وقت كي ينضج ويصبح عملا مؤسسيا منظما. فمعظم الجمعيات الخيرية العاملة في المجال الصحي تؤسس على جهود ورؤى فردية مع ضعف التكامل بين القطاع الخدمي الحكومي والقطاع الخيري.
بلا شك أن دور العمل التطوعي والخيري دور مهم ورائد ومكمل للدور الحكومي الرسمي، وأجزم أن استغلال الدور التطوعي والخيري في المملكة أقل من المأمول، وفرص نمو هذا الجانب عالية إذا كان هناك تكاتف وتعاون بين القطاعات. فرص نجاح وتطوير العمل الخيري والتطوعي في المجال الصحي ميسرة وسهلة والمطلوب رسم رؤية مشتركة بين القطاع الحكومي الرسمي المقدم للخدمة الطبية والقطاع الخيري وتأسيس فرق عمل مشتركة لرسم الخطط وتنفيذ المشاريع المشتركة.
في المجتمعات الغربية هناك اهتمام كبير بهذا الجانب حتى أصبح العمل التطوعي جزءا من نظام العقوبات وهذا يساعد على تحفيز وترسيخ مبدأ العمل التطوعي فعندما يخطئ شخص, جزء من العقاب العمل التطوعي كمساعدة مسن أو زيارة مريض أو ما إلى ذلك. وهذه المبادرات على الرغم أنها عقوبات إلا أنها تجعل الشخص يشعر بأهمية هذا بالعمل.

يعد منتدى القيادات الصحية الذي تنظمه المدينة إحدى المبادرات لتطوير القيادات حدثنا عن هذا الجانب؟
في الحقيقة إن مدينة الملك فهد الطبية، إضافة إلى تقديمها للخدمات الصحية التخصصية, أخذت على عاتقها وضمن أهدافها الرئيسة تطوير الكوادر البشرية في شتى القطاعات والمجالات الصحية والإدارية.
كل مجال مهني يشهد بمرور الوقت تكوين بنية من الخبرة التي تزداد يوما بعد يوم، وبالتالي في هذا المنجز العملي القائم على معايشة واقعية يمثل قاعدة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها في المراحل التالية إذا ما رغبنا في النجاح، وفكرة منتدى القيادات الصحية نابعة من الرغبة في استدعاء تجارب إدارية وقيادات مؤثرة ليتم الوقوف جديا على رؤاها ونتاج خبرتها وبشكل يكفل النهوض بآليات العمل الصحي في جانبيه الطبي والإداري.
وبالتالي ثمة أهداف عدة يمكن تحقيقها من خلال هذا المنتدى فهو يوثق شهادات لشخصيات لعبت دورا نوعيا في المجال الصحي في المملكة، ويطرح أفكارا جديدة بالنظر إلى متطلبات المرحلة الحالية ومقارنتها بما كان قبلها، هو كذلك يتيح فرصة اللقاء بين الكفاءات الواعدة وأصحاب الخبرة، ويمنح فرصة للإعلاميين بالاستفسار عن كثير من الجوانب الطبية أو الأحداث التي تشهدها تجربة كل ضيف، هذا، إضافة إلى الهدف الرئيس، كما أسلفت في كون المنتدى يقدم دعما معرفيا مهما عبر فكرة التواصل بين الأجيال وربط الخبرات الإدارية ببعضها وفتح المجال لاستيعاب التجارب المفيدة في هذا المجال واستخلاص قيمها وتفعليها بشكل أكثر تطورا.

الأكثر قراءة