هل القطار مؤشر للتنمية؟

أصبح للقطار حساسية لدى الشعب السعودي, الذي يرى أن وطنه يجب أن يكون الأول على المستوى العربي في حجم السكة الحديدية وتطور قاطراتها وعرباتها. وازدادت غيرة مواطنينا بعدما دشنت إمارة دبي الشقيقة المسار الأول لقطارها الجميل الذي يشق شريط المدينة الضيق. وقطار دبي في الحقيقة هو أقرب للـ (ترام) منه للقطار لمن يعرف أنواع وفصائل المركبات المسيرة على المسارات الثابتة. وتاريخيا كان للقاهرة السبق في إدخال قطارات المدن عندما أنشأ البارون إمبان ضاحية مصر الجديدة (هليوبوليس) في مطلع القرن الماضي بشوارعها الفسيحة وميادينها الدائرية وربطها بشبكة (ترام) لا تزال تعمل إلى يومنا هذا. وتختلف حاجة الدول إلى القطارات بأنواعها باختلاف الطبيعة الجغرافية, وحجم السكان وتوزيعهم في المدن والتجمعات الحضرية الأخرى. وتتكامل القطارات (القطارات السريعة بين المدن) و(المترو) و(الترام) مع وسائل النقل الأخرى كالمطارات والحافلات والمعديات, حتى سيارات التاكسي, في منظومة هدفها الأول التوصيل بـ (سرعة وراحة وجدوى اقتصادية من الباب إلى الباب). وتعد الدول الأوروبية, خاصة ألمانيا وبريطانيا, من الدول المتميزة في النقل الجماعي المتكامل Integrated Public Transportation, حيث يتمتع الراكب بجدول ثابت وموثوق لوسائل نقل مختلفة وذات رفاهية عالية تتكامل بعضها مع بعض. بينما هناك دول ربما لا تفيدها القطارات بفاعلية كأرخبيل إندونيسيا, حيث الآلاف من الجزر المبعثرة والديموغرافية المتجانسة للسكان في تلك الجزر الساحرة. ولهذا فإن الطائرات المروحية الصغيرة والحوامات والمعديات تعد الحل الاقتصادي والعملي أكثر من القطارات للطبيعة الجبلية لهذا الأرخبيل التي تضاعف من تكاليف إنشاء السكك الحديدية. نحن في المملكة نحتاج إلى رأي شجاع من اقتصاديي النقل يتمثل في تقرير اقتصادي عن حاجتنا الحقيقية إلى الاستثمار في القطارات مقارنة بوسائل النقل الأخرى. لا شك أن هناك تطبيقات ملحة كمكة ــ المدينة. لكن ما جدوى الجسر البري بين جدة والرياض من واقع التكاليف والعوائد لا من الجانب العاطفي كي يقال إن لدينا قطارات؟ أتمنى أن نستفيد من تجربة دبي وحقيقة فاعلية (الترام) في مدن حارة جدا كمنطقة الخليج التي لا ينفع معها إلا حلول (من الباب إلى الباب) والتخطيط لضواح جديدة تتميز بالطرق الفسيحة والتخطيط الحضري والبيئة النقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي