المناهج المطورة قفزة نوعية لم يصاحبها التطوير المناسب للمعلمين

المناهج المطورة قفزة نوعية لم يصاحبها التطوير المناسب للمعلمين

غيرت وزارة التربية والتعليم أخيرا الخطة الدراسية (أعداد الحصص) كجزء من المشروع الشامل لتطوير المناهج، وشمل التغيير أغلب المواد في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، كما هو موضح في الجدول.
وبالمقارنة بين الخطة الدراسية القديمة والحديثة يتضح توجه الوزارة الجديد ونلاحظ النقاط الآتية:
1. زاد عدد الحصص الإجمالي على الطالب في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة (11 حصة أسبوعياً)، وهذا يصب في مصلحة الطالب الذي يتعلم أكثر كلما قضى وقتاً أكبر في المدرسة، وآمل زيادة عدد الأيام الدراسية في السنة، حيث ترى بعض الدراسات أن قصر اليوم الدراسي وقلة أيام الدراسة في السنة من أسباب ضعف مخرجات التعليم في مملكتنا الحبيبة.
2.  جاءت الزيادة في صالح أغلب المواد كما يوضح الجدول، وعلى حساب مواد الاجتماعيات (التاريخ، الجغرافيا، والوطنية) التي نقصت تسع حصص على مدار السنوات التسع بالمرحلتين الابتدائية والمتوسطة، ولعل السبب في ذلك عدم وجود علاقة مباشرة لهذه المواد بسوق العمل.
3. من الملاحظ أيضاً دمج المواد ذات التخصص الواحد، فمثلاً تم دمج جميع المواد التي تندرج تحت اللغة العربية في مادة واحدة وهي ( القراءة والكتابة، الأناشيد، الإملاء، الخط، التعبير، والقواعد)، كما تم دمج القرآن مع التجويد بالمرحلة الابتدائية، والقرآن والتفسير بالمرحلة المتوسطة. كما تم دمج التاريخ والجغرافيا والوطنية في مادة واحدة وهي العلوم الاجتماعية. وذلك يتوافق مع التوجه الشامل في التعليم الحديث. علماً أن أغلب الدول المتقدمة تؤهل معلمي الصفوف الأولية خصوصاً لتدريس أغلب المواد ليكون معلم صف واحد، ويركز على طلاب هذا الصف ما يجعله يُطوِّر من مستوى الطالب في جميع المواد وفي كل الحصص. ومع أن هذا توجه حديث في التعليم إلا أنه كان موجوداً في الماضي عندما كان الشيخ يدرس الدين واللغة والتاريخ وغيرها من العلوم المختلفة.
4. تمت إضافة مادة الحاسب الآلي في الخطة الدراسية للمرحلة المتوسطة، وهذا يتماشى مع أهمية الحاسب كلغة للعصر وكمصدر رئيس من مصادر المعرفة العصرية، بل إن عدد الحصص الحالي ربما لا يفي بذلك خصوصاً مع عدم استخدام الحاسب في المواد الأخرى، فقد أصبح من الصعب أن تستطيع المناهج استيعاب الثورة المعرفية في وقتنا الحاضر، لذا يرى بعض التربويين أنه لم يعد من المهم ما يحفظه الطالب من معلومة الآن لأنها لن تكون مفيدة في الوزارة مستقبلاً، وإنما المهم أن يمتلك مهارة التعلم الذاتي كأن يستطيع أن يبحث عن المعلومة ويفهمها ويحللها ويكتبها ويطبقها ويقوّمها ويستخدمها .. إلخ. فتطور العلم وانتقال المعلومات أصبح أسرع بكثير من دورة تطوير المناهج، هذا طبعاً في الدول المتقدمة فما بالك بالدول النامية التي تتخلف سنوات معرفية عن هذه الدول. وكمثال عملي نجد أن سوق العمل تقوّم من يتقن استخدام برنامج مثل الإكسل (Excel) أكثر ممن يحفظ جدول الضرب مثلاً، وهذه ليست دعوة لعدم الاهتمام بجدول الضرب بل ينبغي أن يحفظ الطالب جدول الضرب، وأن يتقن استخدام برنامج الإكسل معاً فهو مثال للتوضيح.
5. تم إقرار البدء بتدريس اللغة الإنجليزية من الصف السادس الابتدائي بحصتين أسبوعياً، وقد تكون هذه البداية لزيادة تدريجية مستقبلاً غير أن هذا العدد لا يكفي، فالجميع يعرف أن اللغة وخصوصاً الأجنبية تعتمد على الممارسة التي لابد لها من وقت كاف وطويل. وأبرز شاهد هو المخرجات الحالية من التعليم التي تدرس أربع حصص أسبوعياً في جميع صفوف المرحلة المتوسطة الثلاثة ولا تخرج بشيء يتناسب مع ما يستثمر من أموال وأوقات وجهود. لذا أرى من الضرورة بحث الخلل في تدريس اللغة الإنجليزية بشكل علمي ومهني ومعالجته عاجلاً، حيث أصبحت اللغة الإنجليزية متطلباً رئيساً لكثير من الوظائف في سوق العمل، كما أنها البوابة الرئيسة للعلم والمعرفة في المجالات التطبيقية.
6. جاء هذا التغيير في الخطة الدراسية بعد البدء بتطبيق المناهج الجديدة بعام، وكان من المفترض أن يتزامن معه، فقد عانى معلمو الرياضيات خصوصاً هذا العام من قلة عدد الحصص التي لم تكن كافية ألبتة لتطبيق المقرر الجديد الذي تطور كثيراً غير أنه يتطلب وقتاً أطول. ومما زاد الطين بِلَّة تأجيل الدراسة بداية العام بسبب إنفلوانزا الخنازير ولم يتم تعويض هذه الفترة في آخر العام أو خلاله كما كان متوقعاً. لذا قامت بعض المدارس الأهلية ومنها مدارس الرواد والنخبة بتعويض هذا النقص من خلال حصص إضافية.
7. شهدت المناهج المطورة قفزة نوعية لابد من الإشادة بها مع وجود أخطاء بشرية طبيعية مع أي عمل جديد، غير أن هذا التطوير في المناهج لم يصاحبه التطوير المناسب للمعلمين المطبقين لهذه المناهج. فهذه المناهج تعتمد تقنيات وأساليب قد تغيب عن معلمينا الذين لم يعتادوا استخدامها، لذا قامت عديد من المدارس الأهلية ومنها مدارس الرواد والنخبة ببرامج تدريب داخلية لمعلميها على هذه المناهج بعد دراستها وتحليلها، ويمكن للوزارة أن تستفيد من هذه البرامج.

المشرف العام على مدارس الرواد والنخبة

الأكثر قراءة