البنية التحتية تعتبر أساسية لنمو إفريقيا .. وآسيا لها دور تلعبه
إذا رغبت إفريقيا في جسر الهوة والتحول من اقتصاد ناشئ إلى اقتصاد متقدم، فيجب عليها أن توفر أحد المكونات والعناصر المهمة في هذا الشأن. فحسب باولو جوميز، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كونستيلر الاستثمارية القابضة التي تأسست في عام 2006 للاستفادة من الفرص الاستثمارية في إفريقيا، فإن القارة الإفريقية في حاجة ماسة إلى البنية التحتية.
ورغم أن إفريقيا شهدت نمواً اقتصادياً ثابتاً في الأعوام الخمسة الماضية، حيث سجلت نمواً يزيد في المتوسط على 5 في المائة سنوياً، يقول جوميز إن النمو بخانتين عشريتين في المتناول. ولكن من دون منصة البنية التحتية هذه، سيكون من المستحيل أن تنمو القارة بمعدل أسرع. وفي اعتقادي أن نقص البنية التحتية يعتبر مشكلة كبيرة لأنه يحرم أصحاب المشاريع من فرص كثيرة. إن هذا النقص لم يمكن القارة من أن تنمو بصورة أسرع بخانتين عشريتين، وهو النمو الذي نحتاج إليه حقاً لتقليل عدد الناس الفقراء».
والصين هي البلد الذي يساعد على توفير تلك البنية التحتية. لكن العلاقة بين الصين وإفريقيا ليست علاقة من جانب واحد فالصين لديها شهية هائلة للسلع والتعدين.... وإذا نظرت إلى حجم تجارتها مع إفريقيا لوجدت أنه يزيد الآن على 100 مليار دولار في العام، وهذه التجارة مدفوعة في معظمها بالموارد».
لكنه يلاحظ أن الصين أدخلت تغييراً على هذا النموذج من حيث الكيفية التي تقايض فيها الموارد بالبنية التحتية مع إفريقيا. ونتيجة لذلك، ظهر «جيل ثان» من العلاقة مع الصين. ويشتمل ذلك على تأسيس شركات مشتركة لمعالجة بعض السلع في القارة، متجاوزاً بذلك الممارسة المعهودة التي كانت تقوم على إمداد الصينيين بالسلع مباشرة.
«ولهذا السبب أصبح لديك جيل جديد (من الإفريقيين) الذين يدخلون مجال العمل التجاري الآن يدفعون حكوماتهم إلى اتباع نهج مختلف إزاء الصين والتحرك إلى شيء يتم فيه إيجاد مزيد من القيمة للطرفين».
ويعتقد جوميز أن العبء ما زال يقع على إفريقيا ولا سيما وأن الهدف هو دفع النمو وإيجاد الوظائف في القارة». أعتقد أن الأمر يرجع إلى الأفارقة، ولا أعتقد أن الصينيين يصممون استراتيجية بهذا المعنى».
ويشتمل جزء من الاستراتيجية التي تتبعها إفريقيا على العمل مع منطقة جنوب شرق آسيا التي يعتبرها جوميز بوابة للدخول إلى الصين». أعتقد أن شراكة ملائمة بين إفريقيا وجنوب شرق آسيا يمكن أن تساعد إفريقيا على أن تضع نفسها بشكل ممتاز يمكنها من بيع البضائع والمنتجات للهند والصين. وكما تعلمون، سوف تكون هناك موجة جديدة مهمة من الطبقة المتوسطة في السنوات الـ 10-15 المقبلة من هذين البلدين. وستكون الطبقة المتوسطة في حاجة إلى استهلاك كميات كبيرة، وأعتقد أنه بعد الطبقة المتوسطة هناك التحدي المتمثل في إطعام تسعة مليارات شخص خلال الـ 30-35 عاماً المقبلة».
وهنا، يعتقد جوميز الذي كان عضواً تنفيذياً في مجلس إدارة مجموعة البنك الدولي التي تمثل 25 بلداً إفريقيا لمدة ثماني سنوات قبل أن يؤسس شركة كونستيلر، أن قارة إفريقيا الغنية بالموارد تستطيع أن تلعب دوراً حيوياً خاصة إذا كانت لديها استراتيجية سليمة». إننا نستطيع إطعام جزء كبير من هذا العالم باستخدام أرضنا الخصبة وتحسين مستوى الري من أجل زيادة إنتاجيتنا».
لكن تحقيق ذلك على أرض الواقع لن يكون سهلاً إذا وضعنا في الاعتبار ماضي إفريقيا المضطرب». لقد كانت هناك تحديات كثيرة. فقبل 15 عاماً، كانت لدينا نزاعات كثيرة (أكثر من) عشرة نزاعات..... وبوسعي أن أقول إنه كان لدينا طغاة صغار في النظام. وهم الآن نوع مهدد بالانقراض في إفريقيا».
ورغم انتشار الفساد على نطاق واسع في إفريقيا، فإن الأمل يحدو جوميز لأنه يشهد ظهور أنظمة أكثر ديمقراطية، وانتخابات نزيهة وشفافة وكذلك حكم القانون.
وهو يضيف أنه رغم أن تحدي حوكمة الشركات ما زال قائماً، فلم تعد هذه الحوكمة محظورة. ولتحسين هذه الناحية، فإنه يعتبر أن غرف التجارة المعنية في إفريقيا وآسيا تقوم بالأدوار المنوطة بها». إن حوكمة الشركات ليست عملاً جيداً فحسب، بل تتعلق بإيجاد الصدقية التي تقوم الحاجة إليها من أجل الحصول على التمويل». وهو يعتقد أن هذا سيعزز حوكمة العديد من الشركات في إفريقيا الناشئة والتي توجد إمكانية في أن تصبح شركات متعددة الجنسيات في إفريقيا أولاً وبعدها في الأسواق الأخرى.
وفي الوقت نفسه، يقول جوميز إن هناك الكثير مما يمكن توقعه من آسيا». لقد كانت آسيا ممتازة على صعيد تنفيذ السياسات الصحيحة، وهي منفتحة على استقطاب المواهب، كما أن أبناء الشتات لعبوا دوراً كبيراً في تحويل المنطقة.
«ولدينا الآن أبناء شتات بدأوا يعودون إلى أوطانهم أيضاً ــ وهم أشخاص موهوبون، ومتعلمون تعليماً جيداً ولديهم خبرة عالمية حصلوا عليها من الغرب. وبدأ هؤلاء بتأسيس الشركات ولعب دور سياسي في المجتمع المدني. وسيساعدنا ذلك أيضاً على تنفيذ سياسات أفضل. وفي اعتقادي أنه لدينا الكثير مما يمكن تعلمه ولكن لدينا أيضاً الكثير مما يمكن أن نتاجر به مع آسيا».