ما خدمات العملاء المتميزة في المملكة؟
لا شك في أن خدمة العملاء هي لب العملية التسويقية، بل هي لب النشاط التجاري عمومًا، بوصفها صلة الوصل بين المنتج والمستهلك الذي هو الركن الثاني لأي عملية تجارية صغيرة كانت أو كبيرة. فمن دون العميل لا يمكن أن يقوم نشاط تجاري إطلاقًا، لأن أي نشاط في هذا المجال هو بالضرورة تمثيل لمعادلة بسيطة تقوم على تبادل المنافع بين العميل والشركة، إذ تقوم الشركة بإنتاج ما يحتاج إليه العميل ويرغبه، ويقوم العميل في المقابل بدفع ثمن الخدمة أو السلعة بما يضمن ربحا معقولاً للشركة مقابل منتَجها.
اكتسب العميل في العقود الأخيرة صفة الركن الأقوى في العملية بعد أن كثر المنتجون واشتد التنافس بين المسوقين، وذلك للانفتاح التجاري العالمي الذي مكن العميل من اختيار السلعة أو الخدمة من أي بلد ومن أي منتِج يشاء دون أن يكون مضطرًا إلى الالتزام بشراء منتِج معين, ما جعله صاحب اليد العليا والقول الفصل في العملية برمتها.
وعلى الرغم من بساطة هذه الحقيقة، إلا أنها لم ترسخ بما فيه الكفاية في أذهان كثير من المنتجين في العالم الثالث، والدليل على ذلك هو الاسترخاء المستشري بينهم، ما جعلهم لا يقابلون هذا التحدي بما يناسبه من استجابة عملية, والسوق السعودية لا تختلف عن غيرها من أسواق العالم الثالث في هذه الناحية.
ولما لاحظته كمراقب للسوق السعودية (لكوني مستهلكًا أولاً ثم أستاذًا للتسويق وعضوا مؤسسا في الجمعية السعودية للتسويق ثانيًا) من قصور في الاهتمام بهذا الجانب من قبل كثير من شركاتنا المحلية، فقد أردت من خلال هذا الكتاب أن أسهم (ولو بجهد المقل) في تغيير هذا الواقع بإلقاء نظرة على سلوك شركاتنا تجاه العميل، محاولاً أن تكون هذه النظرة جامعة بين التشخيص لمكامن الخلل في خدمة العملاء لدى شركاتنا مع الإشادة بالنماذج المتميزة في هذه الناحية في سوقنا المحلية (وإن كانت قليلة مع الأسف)، مشيرًا إلى الفوائد التي تجنيها من هذا الاهتمام، إضافة إلى اقتراح العلاج الفاعل (إذا تم تطبيقه) لهذا الخلل، من خلال عرض مجموعة من الاختبارات التي يمكن عن طريقها لأي منشأة أن تحدد مدى التزامها بتقديم خدمة متميزة للعملاء تضمن لها الحفاظ عليهم لأطول فترة ممكنة, لأن ذلك هو ضمانة نجاحها في ظل منافسة تشتد يوما بعد يوم وتتخذ أبعادا عالمية غير محدودة.
وحاولت أيضاً أن تكون المقترحات التي أقدمها مرتبطًة بالواقع ومطبقة على نماذج ميدانية حية، مبتعدًا فيها، ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، عن النفس الأكاديمي والتنظير غير النابع من الواقع.
والهدف من هذا الكتاب هو أن أرمي حجرًا في مياه راكدة أخشى إن طال ركودها أن تأسن، فإن وفقت إلى تحريك جانب، ولو صغيرا، من جوانب هذه البركة الكبرى أكون قد حققت الهدف، وإن لم يكن ذلك فأرجو أن أحوز أجر المجتهد ـ آملاً أن تستقبل البركة حجارة كثيرة من مستهلكين وباحثين وكتاب غيري.