«الاستئنافية» تؤيد اعتراض مكلف بحسم الأصول الثابتة من الوعاء الزكوي
اجتمعت اللجنة الاستئنافية الضريبية في يوم الإثنين الموافق 16 /3 /1429هـ، وذلك للنظر في الاستئناف المقدم من (المكلف) على قرار لجنة الاعتراض الابتدائية الزكوية الضريبية في الدمام رقم 15 لعام 1427هـ، بشأن الربط الزكوي الذي أجرته مصلحة الزكاة والدخل (المصلحة) على المكلف لعام 2000م.
ودرست اللجنة القرار الابتدائي المستأنف، وما جاء بمذكرة الاستئناف المقدمة من المكلف ومراجعة ما تم تقديمه من مستندات، في ضوء الأنظمة والتعليمات السارية على النحو التالي:
الناحية الشكلية
أخطرت لجنة الاعتراض الابتدائية الزكوية الضريبية في الدمام المكلف بنسخة من قرارها رقم (15) لعام 1427هـ بموجب الخطاب رقم (500/6523/73) وتاريخ 11 /7 /1427هـ، وقدم المكلف استئنافه المقيد لدى هذه اللجنة برقم (1536/3) وتاريخ 10 /8 /1427هـ، كما قدم المكلف ضماناً بنكياً صادراً من البنك الأهلي التجاري بتاريخ 5 /8 /1427هـ بمبلغ (31734) ريالاً مقابل الزكاة المستحقة بموجب ربط المصلحة لعام 2000م، وبذلك يكون الاستئناف المقدم من المكلف مقبولاً من الناحية الشكلية لتقديمه من ذي صفة خلال المهلة النظامية، مستوفياً الشروط المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لنظام ضريبة الدخل.
الناحية الموضوعية
قضى قرار اللجنة الابتدائية في البند (ثانياً) منه بتأييد المصلحة في حسم صافي الأصول الثابتة في حدود حقوق الملكية وإخضاع أرباح العام المعدلة للزكاة.
وقد استأنف المكلف هذا البند من القرار، فذكر أن الزكاة تجب في المال القابل للنماء والحكمة من ذلك حث الفرد المسلم على عدم كنز المال والعمل على تنميته في إعمار الأرض، وذكر أن نشاط المركز خدمي وليس تجارياً، بمعنى أن يتم تحقيق الربح لكل خدمة علاج مباشرة أولاً بأول حيث إن الرسم الذي يُؤخذ من المريض محمل بكل المصروفات ومضاف إليه هامش ربح والإيرادات هي في غالبها نقدي والسيولة المتولدة من الإيرادات تتراكم كل يوم، وقام المركز بالاستفادة من هذه السيولة.
ففي عام 1998م قام المركز بشراء أرض بقيمة قدرها 2.730 مليون ريال وتم سدادها من السيولة المتوافرة من الإيرادات ودعم من الحساب الجاري وقدّم المكلف كشفاً تفصيلياً يوضح كيفية تمويل شراء هذه الأرض وكذلك بعض الأجهزة والأصول الثابتة الأخرى.
وذكر أنه تم سداد القيمة بالكامل في العام نفسه، وأضاف أن الأصول والقواعد المحاسبية حددت أن ربح وخسارة العام من حقوق الملكية، أما ما تقوم به المصلحة من استبعاد ربح العام من حقوق الملكية بحجة أنه ينتج آخر العام بعد إقفال الحسابات، وأنه ليس من المنطق أن يستخدم صافي الربح الذي لم تعرف قيمته بعد في تمويل أصول ثابتة، فيرى المكلف أن ما تقوم به المصلحة ليس صحيحاً، إذ إن الربح يبدأ مع كل خدمة علاج يقدمها المركز إلى عملائه وإدارة المركز حسبما تقوم به من متابعة يمكنها توقع قيمة الربح، ناهيك عن الواقع العملي الذي يؤكد أن الرصيد النقدي يزيد كل يوم، كما أن ما ذكرته المصلحة بأنه إذا زادت الأصول الثابتة زيادة كبيرة بحيث يصبح الوعاء الزكوي سالباً دون إيضاح من المكلف بمصادر تمويل هذه الأصول، فإنه يتم إخضاع صافي الربح المعدل فقط، فيرد المكلف على ذلك بأنه تم إيضاح مصادر التمويل لشراء الأصول التي استبعدتها، وكذلك تم تقديم كشف تفصيلي للجنة يوضح مصادر تمويل شراء الأصول الجديدة. وبالتالي فإن حجة المصلحة لم يعد لها أساس مما يستوجب تعديل الربط الذي قامت به المصلحة. كما أن الوعاء الزكوي لعام 2000، حسب الإقرار والميزانية المقدمة للمصلحة، لم يكن سالباً وإنما كان بحدود 892160 ريالاً وهو ما تبقى من السيولة في نهاية العام حيث سُدد مبلغ 22.3 ألف ريال لمصلحة الزكاة. ما يؤكد أن جزءاً كبيراً من الربح للعام الحالي قد موّل أصولاً ثابتة للمركز، وعدم حسم قيمة هذه الأصول من الوعاء يعني أن يتم كنز هذا الربح وتجميده حتى يتم دفع الزكاة عليه، وهذا مناقض تماماً لما حث عليه الشرع، ولقد سبق للمصلحة أن حسمت من الوعاء الزكوي لعام 1997م مبلغا وقدره 2407138 ريالاً بينما حسمت عام 2000 مبلغ 697701 ريال مع أن الأصول الثابتة التي حسمت من الوعاء لعام 1997 مازالت موجودة وهي مملوكة منذ سنوات سابقة.
ويعتقد المكلف أن هناك خللاً في تطبيق التعميم الذي أشارت إليه المصلحة في ردها، فليس من المعقول -ناهيك عن الناحية الشرعية- أن يتم تحديد الوعاء كمتمم حسابي أقله ربح السنة، إذ إن الزكاة تربط شرعاً على أساس ما لدى المكلف من عروض التجارة مطروحاً منها الالتزامات التي عليها وليس صافي ربح العام.
وقدّم المكلف تعزيزاً لوجهة نظره صورة خطاب صادر من المصلحة (الإدارة العامة في الرياض) رداً على استفسار سابق لمحاسبه القانوني جاء فيه، أنه إذا ثبت أن صافي الربح موّل أصولاً يتم حسمه من الوعاء وهذا الخطاب لم تقبله اللجنة الابتدائية لعدم وجود تاريخ أو توقيع عليه، وكان على اللجنة أن تتحقق من صحة ومضمون هذا الخطاب من الجهة المختصة في المصلحة.
وبعد إطلاع المصلحة على استئناف المكلف أفادت بأن الزكاة تجب على كل مكلف يحقق ربحاً في نهاية السنة المالية، وأن المبلغ الذي أخضعته المصلحة للزكاة هو صافي الربح (النماء) ولقد تم حسم قيمة الأرض بمبلغ 2.730 مليون ريال من الوعاء الزكوي، كما أن التعميم رقم 2/8443/2/1 وتاريخ 8 /8 /1392هـ حدّد شرطين لحسم الأصول الثابتة هما أن يثبت المكلف سداد قيمتها، وأن تكون القيمة في حدود رأس المال المدفوع والأرباح المرحلة من سنوات سابقة والاحتياطيات والمخصصات والاستدراكات والحساب الجاري لصاحب المنشأة، والمصلحة طبقت الأنظمة والتعليمات وأخضعت صافي ربح العام للزكاة، ذلك أن الزكاة يجب ألا تقل عن صافي ربح العام حسب التعميم المذكور في فقرته رقم (3)، والمصلحة تطبق الأنظمة والتعليمات والزكاة تؤخذ على صافي ربح العام بعد التعديل أو صافي الوعاء الزكوي أيهما أكبر، وبالنسبة لصورة الخطاب الذي أشار إليه المكلف، فترى المصلحة عدم الأخذ به حيث لا يوجد به رقم صادر أو تاريخ أو توقيع من قبل أصحاب الصلاحية.
رأي اللجنة
بعد اطلاع اللجنة على القرار الابتدائي، وعلى الاستئناف المقدم، وما قدمه الطرفان من دفوع ومستندات، تبين أن محور الاستئناف يكمن في طلب المكلف حسم كامل أصوله الثابتة من الوعاء الزكوي استناداً إلى أن جزءاً كبيراً من أرباح العام موّل شراء تلك الأصول، في حين تتمسك المصلحة بوجهة نظرها المؤيدة بالقرار الابتدائي في حسم الأصول الثابتة في حدود حقوق الملكية تطبيقاً للتعميم رقم 2/8443/2/1 لعام 1392هـ، إضافةً إلى أن الوعاء الزكوي يجب ألا يقل عن صافي الربح المعدل.
وحيث إن الوعاء الزكوي للمكلفين يحتسب في رأي اللجنة باستخدام أسلوب محدد يمثل أحد أركانه أن يتم حسم صافي الأصول الثابتة للمكلف بغض النظر عن حجمها أو نوعها ما دام أنها تمثل أصولاً غير متداولة تساعدعلى الإنتاج الحالي والمستقبلي، وأن حدها بحدود معينة لا يوجد له سند محاسبي أو نظامي.
ويعزز هذا الرأي من الناحية الشرعية ما صدر من فتوى شرعية من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برقم 23408 وتاريخ 18 /11 /1426هـ ونصها (بأن ما جعل من إيرادات المصنع الواجب زكاتها في شراء أصول أو أنفقها صاحبها في غير عروض التجارة قبل تمام الحول فلا زكاة فيها لإنفاقها قبل تمام الحول عليها)، مما ترى معه اللجنة بالأغلبية قبول استئناف المكلف وإلغاء القرار الابتدائي فيما قضى به في هذا الخصوص.
القرار
قررت اللجنة الاستئنافية الضريبية قبول الاستئناف المقدم من (المكلف) على قرار لجنة الاعتراض الابتدائية الزكوية الضريبية في الدمام رقم (15) لعام 1427هـ من الناحية الشكلية. وفي الموضوع قررت تأييد استئناف المكلف بحسم صافي الأصول الثابتة من الوعاء الزكوي دون قيده بحد معين وإلغاء القرار الابتدائي فيما قضى به في هذا الخصوص.