أزمة اليونان .. هل ستتحول إلى أزمة عالمية؟

أزمة اليونان .. هل ستتحول إلى أزمة عالمية؟

الأستاذ عبد الوهاب الفايز المحترم

رئيس تحرير «الاقتصادية» ومجلة «المصرفية الإسلامية»

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جاء في العدد الماضي من مجلة المصرفية الإسلامية رقم (14)الحديث عن أزمة اليورو وهل تراجع اليورو سيصبح أزمة عالمية؟ حيث يعتقد عدد من ساسة أوروبا أن ثمة مؤامرة خلف الأزمة التي عصفت باليونان والتي قد تنتقل إلى كل من إسبانيا والبرتغال وربما إيطاليا في فترة لاحقة، ما يهدد بالفعل استقرار منطقة اليورو. لم يقف الأمر عند المؤيدين لهذه الفكرة، حيث يقولون إن مؤامرة ما تحاك ضد اليورو في اليونان فقط، ففي إسبانيا، على سبيل المثال، تقوم الاستخبارات الإسبانية بالتحقيق بشأن ما يراه البعض هجمات يشنها بعض المضاربين والمستثمرين، كما يتم التحقيق في موقف بعض قطاعات الصحافة والإعلام في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، وعما إذا كان هذا الموقف عدائيا. على الطرف الآخر يقول المعارضون لفكرة المؤامرة، إن على حكومة اليونان أن تنظر لنفسها وتلقي باللوم على نفسها، فهي الحكومة التي كانت قد كدست ديونا كبيرة. ويؤكد أن السياسيين يلجأون إلى نظرية المؤامرة في البحث عن كبش فداء لإلقاء اللوم عليه. لكن في حقيقة الأمر مع بداية هذه الأزمة نجد أنه تسارعت وتيرة البيع في الأسواق المالية العالمية وسط مخاوف من أن تسوء أزمة الديون في منطقة اليورو، فمن سوق المال في هونج كونج وحتى نيويورك، تزايد القلق بشأن إمكانية عدم تأثير حزمة الإنقاذ المالي الدولية لليونان، والمقدرة بنحو 110 مليارات دولار، من منع انتشار الأزمة من اليونان إلى الدول المدينة في منطقة اليورو. وكان وزراء مالية واقتصاد دول منطقة اليورو قد صادقوا على رزمة مساعدات بهدف إنقاذ اليونان وبدعم من صندوق النقد الدولي تبلغ قيمتها 110 مليارات دولار، حيث سيتم تأمين 80 مليار دولار منها عبر قروض ثنائية يتم الحصول عليها من دول اليورو، بينما سيوفر صندوق النقد الدولي المبلغ المتبقي. وأثر الوضع الاقتصادي في اليونان وحزمة الإنقاذ على سعر اليورو، الذي تراجع إلى أدنى مستوى له خلال الفترة الأخيرة، وساهم في تدهور اليورو، قيام وكالة التصنيف الأمريكية "ستاندرد آند بورز" بتخفيض التصنيف الائتماني لكل من اليونان والبرتغال يوم 27 نيسان (أبريل) 2010، ثم تصنيف إسبانيا يوم 29 من الشهر نفسه، مما يشير إلى اتساع رقعة الأزمة.

وأعرب محللون عن اعتقادهم أن تخفيض التصنيف الائتماني لإسبانيا، نظرا لكونها تمثل اقتصادا أهم بكثير من اليونان والبرتغال، قد يتسبب في اضطرابات كبيرة في منطقة اليورو، لكن مؤسسة "ستاندرد آند بورز" أوضحت أن خفض التصنيف الائتماني لإسبانيا لا يشكك بتاتاً في قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المرتبطة بالديون.

كشفت أزمة ديون اليونان عن أوجه قصور من جانب دول الاتحاد الأوروبي وخاصة دول اليورو في تعاطيها مع أول اختبار حقيقي شكلته هذه الأزمة. الحقيقة نجد صمتا مريبا وهدوءا مشوبا بالحذر من جانب المفوضية والدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي. إن أزمة اليونان تطرح تساؤلات عديدة، منها هل الأزمة اليونانية هي أحد تداعيات الأزمة المالية العالمية التي وقعت قبل عام ونصف العام تقريبا؟ وهل هذه الأزمة نتيجة السياسات الاقتصادية للحكومة اليونانية الاشتراكية أم أنها نتيجة تراكمات سابقة لحكومات يونانية متعاقبة؟ ولماذا تتخذ دول الاتحاد الأوروبي هذه المواقف من اليونان إذا كان هناك اتحاد فيما بينها فعليا، وليس شكليا؟ حيث من المعروف أن الاتحاد قوة ودعم للضعيف وقت الأزمات، أم أنه اتحاد للأقوياء ولدول الشمال في أوروبا فقط وليس لدول جنوب المتوسط؟

محمد علي المطري

القاهرة - مصر

الأكثر قراءة