الرهن العقاري والحلول الممكنة

الرهن العقاري والحلول الممكنة

تزايدت في الفترة الأخيرة مطالب مختصين بالإسراع في إصدار قانون الرهن العقاري في السعودية، حيث يتوقعون أنه سيعيد التوازن الطبيعي لسوق العقار بعد انسحاب المضاربين في حال صدور القانون، وعلى حد قولهم سيصبح الطلب حقيقيا واستثماريا وليس وهميا، وهو ما سيدفع المطورين العقاريين نحو العودة إلى السوق لتلبية حاجة السكان الذين يبحثون عن منازل عادية أو فاخرة، ومن الجدير ذكره أن المملكة تعكف حالياً على وضع اللمسات الأخيرة لمشروع نظام الرهن العقاري الذي سيصدر خلال هذا العام.

وهناك كثير من الآراء حول أهمية الرهن العقاري وسلبياته في حال تطبيقه، إلا أن المختصين يرون أنه أصبح حاجة ملحة في ظل الظروف التي يعانيها قطاع العقار بسبب عدم قدرة المواطنين على شراء شققهم السكنية، وتشير التوقعات إلى أن نظام الرهن العقاري في السعودية سيفرز تحولا في اتجاه الطلب العقاري ليرتفع بنحو 50 في المئة، ويرى عاملون في القطاع العقاري أن نظام الرهن العقاري ستكون له فوائد بالغة التأثير، سواء على السوق العقارية أو البنوك نفسها التي ستضطر الى تحديث برامجها وخدماتها وتطويرها إلى الأفضل حتى تتمكن من تلبية احتياجات القطاع العقاري خلال المرحلة المقبلة. وتشير التوقعات إلى أن نظام الرهن العقاري سيقر خلال الفترة المتبقية من العام الجاري.

من الجدير ذكره أن نظام الرهن العقاري أثار خلال السنتين الماضيتين كثيرا من الجدل في الساحة المحلية السعودية، واستطاع خلال هذه الفترة أن يعيد الحيوية إلى قطاع العقار مرة أخرى، خصوصا مع خسائر الأسهم المتلاحقة التي كانت قد أغرت أرباحها رساميل المستثمرين في القطاع العقاري، وفي هذا الصدد أكد تقرير شركة جونز لانغ لاسال للدراسات العقارية نُشر أخيراً، أن الرهن العقاري في السعودية سيعمل على إضافة نقاط إيجابية في السوق العقارية في المملكة، في الوقت الذي سيواجه أيضا عقبات تقف أمام تطبيقه، وأن النقاط الإيجابية تتمثل في أن الرهن العقاري سيكون الإطار الشرعي لمسألة الاقتراض، حيث يطبق الرهن قوانين الشريعة الإسلامية في التعاملات المالية مما يساعد في ازدياد طالبي القروض وازدياد الطلب على السكن.

ويؤكد التقرير أن الرهن سيعمل على ازدياد أعداد الراغبين في تملك السكن، مما يعني نقص الطلب على الوحدات السكنية التأجيرية، وتحقيق جانب الضغط على أسعار الوحدات السكنية مما سيؤدي إلى انخفاض أسعار البيع والتنافس بين المطورين، ويحفز المطورين المحليين على زيادة بناء الوحدات السكنية مما يسهم في دفع عجلة التنمية من جانب قطاع المقاولات والجوانب المرتبطة به.

ويعتقد الخبراء أن الرهن العقاري في حال تطبيقه، لن يؤثر في الأسعار كثيرا، لأن كثيرا من المواطنين عليهم التزامات مالية لدى البنوك بسبب القروض، بل إن البعض قام بشراء الأرض عن طريق البنك أو حتى شراء منزل، حيث إن البنوك أسست شركات وبدأت بتقديم القروض، مقابل ذلك سيكون تأثيره الإيجابي في مصلحة المستثمرين العقاريين وسوف يزيد من استثماراتهم وتكتلاتهم العقارية، مما يسهم في تحريك حجم الصفقات الكبيرة، ويرى آخرون أن الرهن العقاري سيزيد من قدرة الراغبين في الحصول على القطع السكنية على التملك، لذا وبلا أدنى شك فإن الرهن العقاري سيرفع الأسعار لاختلال ميزان العرض والطلب، فهو سيرفع العقار من جهة، وسيحل أزمة من جهة أخرى، بمعنى أن من لديه أملاك سيرهنها للحصول على السيولة التي ستتيح خلق استثمارات جديدة ذات فائدة على التاجر من ناحية وزيادة فرص استثماراته في وقت قصير، مما يلبي الطلبات المتزايدة في السوق للمسكن، ومن المعلوم أننا نشكل أعلى نسبة زيادة في النمو السكاني في العالم والشريحة الأكبر من الشباب، مما يتطلب وجود عدد أكبر من الوحدات السكنية سواء كإيجار أو تملك، مضيفا: إنه يمكن للمواطن العادي أن يرهن ما يملكه والاستفادة من هذا المال في الاستثمار الناجح دون الخوف على مسكنه والمجازفة به وإلا أصبح كارثة كما حدث في أمريكا، وكما حدث في الأسهم عندما استدان كثير من الناس وكثرت السيولة في السوق مما أدى إلى هبوطها وخسارة كثير من الناس رؤوس أموالهم، ولا يزالون يسددون ديونهم. فهو سلاح ذو حدين، فبأيدينا الاستفادة منه دون التهور والمجازفة فيه والتحقق بروية في كيفية استثمار هذه الأموال.

وينفق السعوديون ــ وفقا لتقارير اقتصادية ــ نسبة تصل إلى الثلث أحيانا على استئجار المساكن، ويقدر متوسط الإيجار السنوي ــ بعد موجة ارتفاع الأسعار ــ بنحو 35 ألف ريال، في حين أن متوسط قيمة التقسيط الشهري لأصحاب القروض العقارية الموجهة لتملك المساكن 3 الآف ريال، بإجمالي 36 ألف ريال، وتشير بعض الدراسات إلى أن 47 في المئة من السعوديين حصلوا على التمويل العقاري عن طريق قروض شخصية، و24 في المائة عن طريق مدخرات خاصة، أي نقدا، و16 في المئة من الأصدقاء أو العائلة، و7 في المئة من مزودي خدمات مالية، 6 في المئة من مطور عقاري.

ويأتي ارتفاع الطلب على منتجات التمويل في وقت سجلت فيه السعودية المركز الثاني عالميا في نسبة النمو السكاني بعد اليمن. ويرى خبراء أن قطاع التمويل العقاري الإسلامي بمثابة عملاق نائم على وشك أن يستيقظ مع الاتجاه لتنفيذ تعاملات قياسية بمليارات الدولارات العام الحالي.

ويتوقع المراقبون أن تعلن المملكة قبل نهاية العام الجاري نظام الرهن العقاري الجديد، وذلك بعد الانتهاء من تفاصيل لوائحه كافة. وتتمثل أهمية إصدار نظام الرهن العقاري في تمكين قطاع الأعمال من الإسهام في تسهيل تملك المواطنين منازلهم الخاصة، إضافة إلى دعم وتمويل الصناعات الوطنية خاصة في ظل إحجام البنوك المحلية والأجنبية عن إقراض تلك الصناعات.

وتوقع الخبراء أن يفتح إقرار نظام الرهن العقاري السوق المحلية على مصراعيها في ظل قنوات تمويلية واضحة ومضمونة. ويراهن عقاريون سعوديون على أن تطبيق نظام الرهن العقاري في السعودية من شأنه لجم أسعار العقارات والوحدات السكنية الماضية في ارتفاع متزايد، جعل حلم تملك المسكن بعيد المنال عن أغلبية المواطنين.

الأكثر قراءة