«هيئة المحاسبة» تدعو لتوسيع صناعة المال الإسلامية عبر أسواق النقد

«هيئة المحاسبة» تدعو لتوسيع صناعة المال الإسلامية عبر أسواق النقد

أكدت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ضرورة توسيع صناعة المال الإسلامية من قاعدة الأوراق المالية المتاحة فيما يعرف بأسواق «النقد» Money Market، وذلك بهدف مساعدة الشركات والمستثمرين على إدارة المخاطر بطريقة أكثر كفاءة.
وقال محمد نضال الشعار، الأمين العام للهيئة، إن المؤسسات المالية الإسلامية ينبغي عليها كذلك توسيع محافظها الاستثمارية في سبيل تقييد «انكشافاتهم المفرطة» نحو قطاع معين . وقال إن الموجودات التي تتعامل بها المؤسسات المذكورة قد نمت بنسبة 10 في المائة سنوياً، حيث بلغت 822 مليار دولار عام 2009.
وقال في مقابلة له مع بلومبرج: «هناك حاجة ماسة إلى إدارة السيولة بطريقة فعالة. عمليات الإدارة الداخلية للسيولة لا بد لها أن تتلقى المساندة من سوق «النقد» الإسلامية التي لابد أن تكون منتشرة على مستوى الصناعة بصورة عامة وتكون نشطة وعميقة، ويمكن الوصول إليها بسهولة.»
وسوق «النقد» هو سوق للمعاملات التي تتداول فيه الأصول والأدوات قصيرة الأجل، والتي يكون استحقاقها اقل من سنة مثل الأوراق التجارية والودائع الآجلة والقروض قصيرة الأجل.
يذكر أن الطلب على المنتجات الشرعية في ازدياد، في الوقت الذي تزداد فيه الثروات الإسلامية المدفوعة بالنفط في الخليج العربي. ومن الممكن أن تتضاعف موجودات صناعة المالية الإسلامية لتصل إلى 2.8 تريليون دولار بحلول عام 2015، بعد أن كانت نحو 700 مليار دولار في عام 2005، وفقاً لمجلس الخدمات المالية في كوالالامبور.

فتاوى شفافة

حيث إن الإسلام يحرم التعامل بالربا بجميع أشكاله، يجب على المجالس الشرعية أن تكون «شفافة» في أحكامها أو الفتاوى التي تصدرها. وقال الشعار إنه «ينبغي على الفقهاء المسلمين أن يسعوا لتحقيق الموافقة والإجماع» من الجهاز الذي يضع الخطوط الإرشادية للأوراق المالية الإسلامية، وذلك حين تكون فتواهم غير مغطاة بالمعايير الموجودة حالياً.
وقال: «إذا لم تتم العملية بشكل منهجي ومنظم فإن الصناعة ربما تجد نفسها في النهاية في وضع تعمل فيه على أساس كل فتوى على حدة. وهذا أمر لا يمكن استدامته». وقال عمر شيخ، وهو عضو في مجلس المصرفية الإسلامية في جلاسجو، إن صناعة المصرفية الإسلامية «تعمل الآن بصورة متزايدة على تمحيص دور الفقهاء وتتساءل عما ينبغي أن تكون عليه أفضل الممارسات. وفي الوقت الذي تبدأ فيه الصناعة بالعمل للتوصل نحو تحقيق كتلة حرجة، ربما يحتاج الفقهاء إلى تعميق وتطوير أدوارهم في المؤسسات المالية».
يذكر أن أسواق النقد الإسلامية متواجدة في دولتين فقط وهما ماليزيا والبحرين. ولا تعد الصكوك إحدى مكونات هذا النوع من الأسواق. حيث تنتمي الصكوك لما يعرف بأسواق المال Capital Market وغالبا ما يتم استخدام أدوات مالية طويلة الأجل مع هذا النوع من الأسواق.
من ناحيته يرى صندوق سي آي إم بي برينسبال أن مبيعات الصكوك الإسلامية قد أخفقت في مواكبة النمو في الصناعة، كما أن الشركات في الشرق الأوسط بحاجة إلى زيادة عمليات الإصدار.
وقالت نوريبا كامسو، كبيرة الإداريين التنفيذيين في صندوق سي آي إم بي برينسبال في كوالالمبور: «لدينا محفظة صكوك جاهزة لتكون ضمن إدارة الموجودات، لكن لا يوجد ما يكفي من الصكوك للاستثمار فيها. الخبراء في الشريعة الإسلامية بحاجة إلى تطوير منتجات على أساس سريع للوفاء بالطلب».
يذكر أن إصدارات الصكوك تراجعت بنسبة 3 في المائة هذا العام لتصل إلى 6.1 مليار دولار، كما تشير بيانات بلومبيرج. بالمقابل، تشهد صناعة المصرفية الإسلامية نمواً بنسبة 15 في المائة في السنة. في السنة الماضية ارتفعت قيمة الموجودات التي تتم إدارتها من قبل 680 صندوقاً من الصناديق المتخصصة بنسبة 27 في المائة لتصل إلى نحو 70 مليار دولار، وفقاً لشركة الأبحاث يوريكا هيدج بي تي إي Eurekahedge Pte في سنغافورة.
يقول الخبراء إن تباطؤ معدل النمو في إصدارات الصكوك إنما يعود إلى عدم وجود معايير عالمية مشتركة للمنتجات الاستثمارية الإسلامية. وهذا جعل من الصعب على الدول الأخرى التعويض عن النقص في الوقت الذي تبطئ فيه الشركات الماليزية في إصدار صكوك استثمارات البنية التحتية.
ووفقاً لبنك باركليز كابيتال ومجموعة سي آي إم بي القابضة، فإن مبيعات الصكوك الإسلامية ستنتعش في السنة المقبلة، على اعتبار أن الحكومات في آسيا والشرق الأوسط تنفق المزيد من الأموال على مشاريع الطرق وغيرها من مشاريع تطوير البنية التحتية.
وقدرت السعودية نحو 70 مليار دولار لمشاريع التطوير هذا العام، وهي نسبة تزيد بمقدار 16 في المائة عن الرقم المخصص في ميزانية عام 2009. وقال بادلشاه عبد الغني، رئيس المصرفية الإسلامية في مجموعة سي آي إم بي «أنت بحاجة إلى صفقة أو صفقتين لتحفيز الإصدارات بصورة كبيرة في الشرق الأوسط. وبمجرد أن ترى السوق ذلك فإن الجهات الأخرى ستتبعها، وحين يحدث ذلك، فإن هذا يعني أن النمو سيتسارع بكل تأكيد.
وقالت شركة بي إن بي باريبا إنفستمنت بارتنرز إن السندات الإسلامية من حكومات الشرق الأوسط، بما في ذلك سندات الإمارات، تعتبر جذابة بسبب الثروة المتحصلة من الإنتاج النفطي.
وقال رافائيل مارتينز دالماو، وهو مدير استثمارات الأسواق الناشئة والإسلامية في بي إن بي باريبا، وهو القسم المتخصص في إدارة الموجودات في بنك باريبا الفرنسي: «نحن نفضل السندات السيادية وشبه السيادية. ونشعر أن هذين القطاعين يتمتعان بالجدارة الائتمانية.»
يذكر أن متوسط الزيادة في العوائد على الصكوك الصادرة من حكومات الخليج العربي والشركات الخليجية، والتي تحسب بالقياس إلى سعر ليبور (للقروض بين البنوك في لندن)ـ تراجع بمقدار 15 نقطة أساس هذا العام ليصل الفرق في العوائد إلى 530 نقطة أساس، أو 5.3 في المائة، فوق سعر ليبور، وفقاً لبيانات من بنك إتش إس بي سي وناسداك دبي بخصوص مؤشر الصكوك المقومة بالدولار. وقد وصل الفرق إلى 575 نقطة أساس يوم السادس والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر)، بعد أن أعلنت دبي العالمية أنها تسعى للحصول على تأجيل لتسديد الالتزامات المستحقة عليها.
يذكر أن جهات الإصدار في منطقة الخليج العربي، من دول مثل السعودية والكويت والإمارات، جمعت 2.3 مليار دولار من مبيعات الصكوك خلال العام الحالي، وهي نسبة تقل بنحو 19 في المائة عن المبالغ التي جمعت خلال الفترة نفسها من عام 2009، كما تشير بيانات بلومبيرج. وفي ماليزيا، التي تعتبر أكبر سوق في العالم للصكوك، تراجعت إصدارات الصكوك بالعملة المحلية بنسبة 44 في المائة، لتصل إلى ما قيمته 2.7 مليار دولار.
واستطاعت السندات الإسلامية اجتياز أزمة السندات الأوروبية على نحو أفضل مما فعلت السندات التقليدية في الأسواق الناشئة والولايات المتحدة وأوروبا حتى الآن من عام 2010. وقد بلغت عوائد الصكوك 5.5 في المائة وفقاً لمؤشر الصكوك بالدولار الأمريكي HSBC/NASDAQ Dubai، في حين أن عوائد السندات التقليدية بلغت 3.2 في المائة، حسبما أظهر مؤشر EMBI Plus Index الصادر عن بنك جيه بي مورجان تشيس.

الأكثر قراءة