فضح «الخرافات» المتعلقة بالانهيار الوشيك للصين

فضح «الخرافات» المتعلقة بالانهيار الوشيك للصين

إن اقتصاد الصين النشط المحموم ليس في خطر الانهيار الوشيك على الرغم من التحذيرات من أن الفقاعة التي تغذيها الديون في سوق العقارات في الصين على وشك الانفجار، كما تقول جينج أولريش، العضو المنتدب في جي بي مورجان ورئيسة قسم الأسهم والسلع الصينية والمتحدثة في مؤتمر Reporting New Realities الإعلامي الذي عقد أخيرا في هونج كونج. وردا على سؤال في المؤتمر حول ما يقلقها بشأن الاقتصاد الصيني، تقول جينج إنها تشعر بالحاجة إلى ''فضح الخرافات'' المتعلقة بالانهيار الوشيك للاقتصاد الصيني. وتشمل هذه ''الخرافات'' تلميحات بأن وضع المالية في الصين قد يكون أسوأ كثيرا من وضع دبي وأن مستويات ديون الحكومات المحلية مرتفعة للغاية. وتقول أولريش: '' أعتقد بالفعل أن هناك بعض المجالات التي ربما تثير القلق، مثل سوق العقارات الراقية. وهناك بعض المجالات التي نشهد بها طاقة إنتاجية فائضة مثل صناعة الصلب والألمنيوم.''
''كل هذه المجالات تستحق الرصد من كثب، إلا أن الأشخاص الذين يلمحون بأن الصين الآن على وشك ملاقاة الحساب على وضعها الاقتصادي مخطئون جدا.'' يذكر أن مؤشر شنغهاي المركب دخل قبل أسبوعين سوقا راكدة تنخفض فيها الأسعار، حيث انخفض أكثر من 20 في المائة عن ذروته في تشرين الثاني( نوفمبر) في وسط المخاوف من أن تضر جهود بكين للحد من التضخم عن طريق تشديد السياسة النقدية في الإيرادات.
وفي أوائل أيار( مايو)، حذر المستثمر مارك فابر، ناشر تقرير Gloom, Boom & Doom (أي تقرير الوضع الكئيب والطفرة والنذير) من أن الاقتصاد الصيني سيتباطأ، وقد ينهار خلال الأشهر التسعة إلى الـ 12 شهرا المقبلة، مشيرا إلى أن انخفاض أسعار الأسهم والسلع يدل على أن الفقاعة في سوق العقارات على وشك الانفجار.
ومن بين المتشائمين الآخرين بشأن الاقتصاد الصيني، هناك الملياردير جيم شانوس، وكينيث روجوف، الأستاذ في جامعة هارفارد وكبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي. ويحذر كلاهما من الانهيار الاقتصادي في الصين. ويشيران إلى رزمة الحوافز الاقتصادية الضخمة بقيمة أربعة تريليونات يوان (586 مليار دولار أمريكي) التي قدمتها الحكومة في أواخر 2008 في ظل الأزمة المالية العالمية، والتي ساعدت على تغذية فقاعة المضاربات في سوق العقارات الصينية. ويشير شانوس إلى أن 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الصين يعتمد على الإنشاءات.
وتشمل المخاوف الأخرى الطاقة الإنتاجية المفرطة المتفشية في مختلف القطاعات الاقتصادية في الصين، والتي قد تؤدي إلى وجود كميات هائلة من السلع والمنتجات في الصين بحيث لن يكون بمقدورها بيعها. وفي العام الماضي، أصدرت البنوك الصينية قروضاً بمبلغ غير مسبوق يبلغ 9.59 تريليون يوان (1.4 تريليون دولار)، مما ساعد ثالث أكبر اقتصاد في العالم على التعافي من آثار الأزمة.
وتقول أولريش في تحليلها للاقتصاد الصيني إن هناك ثلاثة تحولات اقتصادية رئيسة. الأول هو أن بكين تحولت إلى سياسة نقدية محايدة بصورة أكبر بعد تبني سياسة توسعية مفرطة عام 2009 بسبب الأزمة. فعلى سبيل المثال، تحركت الحكومة للحد من الإقراض من قبل البنوك وتبني إجراءات تشديدية أخرى مثل رفع سعر الفائدة المحتمل في الربع الثاني أو الثالث من هذا العام، إضافة إلى السماح لليوان بالارتفاع مقابل الدولار في الأشهر المقبلة، كما تقول أولريش.
ولا شك أن التشديد النقدي الذي انتهجته بكين يهدف إلى السيطرة على التضخم ومنع تدهور نوعية الأصول في النظام المصرفي وتجنب تراكم الطاقة الإنتاجية المفرطة في الصناعة، كما تقول أولريش.
والثاني هو أن بكين تتحول بعيدا عن السياسة الداعمة للغاية في قطاع العقارات في محاولة لكبح جماح تضخم أسعار الأصول وفقاعات الأصول. وتحقيقاً لهذه الغاية، أدخلت الحكومة هذا العام متطلبات أكثر صرامة للدفعات الأولية، وأسعار أعلى للقروض العقارية، وحظر على الإقراض لمشتريات المنزل الثالث، وزادت التدقيق في تمويل شركات التطوير العقاري. وتشير أولريش إلى أنه بعد تطبيق هذه الإجراءات، انخفضت أحجام الصفقات العقارية بنسبة تراوح بين 20 و 30 في المائة.
وتقول أولريش: ''أعتقد أنه من المهم أن تتحرك الحكومة بقوة في هذه الحالة لأنها إذا لم تفعل شيئا وسمحت لأسعار العقارات بالخروج عن السيطرة، ستكون العواقب سيئة جدا.''
وأخيرا، بكين عازمة على التحول بعيدا عن الاستثمارات المدفوعة بالعقارات نحو المزيد من استهلاك القطاع الخاص. وتقول أولريش إنه بعد استقرار الاقتصاد الصيني في أعقاب الأزمة المالية العالمية، تدرك الحكومة ضرورة التركيز على الاستهلاك الخاص لمنع استثمارات القطاع العام من مزاحمة استثمارات القطاع الخاص.
وهكذا دفعت بكين 45 مليار يوان لسكان الريف لكي يستبدلوا أجهزتهم وسياراتهم القديمة، وخفضت الضرائب على السيارات صغيرة الحجم من 10 في المائة إلى 5 في المائة. ولتخفيف الضغوط على الطبقة الوسطى، ستنفق بكين 123 مليار دولار خلال العامين المقبلين لتوفير خدمات الرعاية الصحية الأساسية إلى 90 في المائة من الشعب الصيني، وتهدف إلى تحقيق رعاية صحية شاملة بحلول عام 2020، كما تقول أولريش.
وتقول كذلك: ''إذا تم تقديم خدمات المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية والتعليم للناس فإنهم سيشعرون بثقة أكبر لإنفاق مدخراتهم بدلاً من إبقاء أموالهم في البنوك تحسبا للظروف السيئة. لذا أعتقد أن هذا أحد الاتجاهات المشجعة التي سنشهدها في الأشهر القليلة المقبلة والسنوات المقبلة.''

الأكثر قراءة