التسيب في القطاعين الحكومي والخاص (1)

تحدث كثيرون ويتحدث آخرون على اختلاف مستوياتهم عن التسيب في القطاعات الحكومية الرسمية والقطاعات الخاصة، ويأخذ الحديث أجزاء كبيرة من أوقاتهم، مع أن أغلبهم يقتطع وقتاً كبيراً من وقت العمل الرسمي لأعماله الخاصة، وربما في إهدار بعض الساعات أثناء فترة بقائه في عمله بين زيارات مكتبية واتصالات لا مبرر لها، بل تعداه إلى خروج من العمل وكأنه أذِن لنفسه وأفتى بجواز الانصراف لشؤونه الخاصة، فلله الأمر من قبل ومن بعد، وهو بهذا نسي أو تناسى الضمير الداخلي وقبله مولاه الرقيب عليه، نسي واجبه الوطني ودوره في إنجاز ما أوكل إليه...، تناسى مرؤوسيه ومتابعتهم له...، نسي نفسه الأمَّارة بالسوء وما علم أن هذه الصفة من سمات النفس الأمارة بالسوء؛ فالسوء كل السوء أن يترك مسؤولياته ويستمر في ذلك السلوك الخاطئ...، فلربما تلمس لنفسه عذراً بعدم وجود عمل يلزم تواجده في مكتبه أو تكاليف من رئيسه وهذه أعذار واهية لا تخوّله بالخروج أو التسيب أو التساهل ولو بحث في محيط عمله لوجد أنه يمكن أن يطور ويجدد ويغير ويحسن من أدائه ومن صفة عمله ومن جودة ما يقدم من أعمال اعتراها النقص وشابها القصور.
إن المتفحص لهذا الأداء الإداري في القطاعات الحكومية والخاصة يجدها بوضوح في القطاع الحكومي وبدرجة أقل في القطاع الخاص فما الأسباب؟ وهل يمكن تحجيم التسيب أولاً.. ثم القضاء عليه ثانياً؟
وللإجابة عن الأسئلة السابقة فإن للتسيب أسباباً كثيرة، من أهمها:
ضعف في الوازع الديني والقيم لدى الموظف والضمير الشبيه بالميت وما علم أن ما يتقاضاه من مرتب محاسب عليه في نفسه وأهله.. في دنياه وأخراه.
خلل في الأنظمة الإدارية، وأهمها البطء في الإجراءات الإدارية والبيروقراطية التي أصبحت متنفساً للموظف المتلاعب، ضعف في الرقابة والمتابعة من الرؤساء بحجة طبيعة العمل أو الحاجة إلى الموظف؛ ما يجعل الكثيرين من الموظفين يتهاونون ويتساهلون عند ملاحظة التهاون المقصود من الرئيس، خاصة إذا كان لديه نسبة ولو بسيطة من عدم الجدية أو الافتقار إلى مهارات إدارية واسعة للتعامل مع الموظفين.
ارتباط الموظف بأعمال خاصة تتطلب المتابعة والتوجيه، وهذه أم المصائب في سلوكه الوظيفي، وهذا عامل هدم ومعول تخريب وفساد كبير يستشري بين فئات كثيرة، خاصة في القطاع الحكومي، وهذا من شأنه توجيه فكر الموظف إلى الإهمال وضعف الإنتاجية بسبب تغليب مصلحته الخاصة على مصلحة العمل، وبالتالي انعدام الولاء والانتماء إلى المؤسسة التي يعمل فيها.. أما الحلول لهذه الظاهرة فللحديث بقية إن شاء الله...

مدير القسم المتوسط والثانوي في مدارس النخبة في المصيف

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي