«قوة المملكة» في التجارة الدولية
بعد أن نجحت المملكة في قمة العشرين التي عقدت في مدينة بتسبيرج الأمريكية في أيلول (سبتمبر) 2009 في حصد مزيد من حقوق التصويت داخل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وضمها إلى مجلس الاستقرار المالي العالمي، كنتيجة طبيعية للأدوار المحورية التي قامت وتقوم بها على صعيد الاقتصاد العالمي ( كأكبر مصدر للنفط، وعضو في الجناح الصاعد داخل مجموعة العشرين المالكين للسيولة والفوائض)، خطت السعودية خطوة أخرى متقدمة هذا الأسبوع عندما أعلنت تعيين ممثل دائم لها في منظمة التجارة العالمية.
المسألة بالتأكيد ليست مجرد وظيفة مراقب ومشارك في مؤسسة دولية كما هو حال كل المؤسسات الدولية سواء تلك التابعة للأمم المتحدة أو غيرها التي تنشط فيها الرياض بطريقة ممتازة، حفاظا على مصالحها القومية والاقتصادية والثقافية والسياسية، بل تجاوزت ذلك كما هو حال "قمة بتسبيرج" والتعيين الأخير إلى المشاركة في إدارة مفاصل الاقتصاد العالمي الجديد(المؤسسات الاقتصادية الدولية)، الذي يحمل في المحصلة تأثيرا سياسيا وثقافيا أكبر وأقوى للمملكة على الخريطة الدولية.
أقول إنه بعد أن تمكنت المملكة وبكل هدوء من الحصول على مكاسب " اقتصادية" حقيقية وفعالة في صندوق النقد والبنك الدولي، ترغب في تحقيق مكاسب" تجارية" حقيقية من عضويتها في منظمة التجارة العالمية، من خلال حماية تجارتها الدولية أولا من "المناوشات" التي نسمعها بين الحين والآخر في أسواق مهمة للمملكة، ونحن هنا نتحدث عن البتروكيماويات على اعتبار أننا من أكبر المنتجين في العالم لها من ناحية ومن ناحية أخرى هي كذلك عمود صادراتنا غير النفطية للعالم خصوصا بعد أن بدأت تحقق معدلات نمو شهري عند 8 في المائة و10 في المائة، إذ سجلت في نيسان (أبريل) الماضي نحو 9.6 مليار ريال.
وثانيا لحماية سوقنا المحلية من عمليات إغراق تهدد منتجات رئيسية تتمتع المملكة فيها بتقدم ملحوظ على كثير من الأسواق المجاورة، بل حتى البعيدة، وأنا هنا أتحدث عن صناعة البلاستيك مثلا، والحديد، والأسمنت، والصناعات الغذائية. في الواقع أن تواجد ممثل دائم للمملكة لمتابعة ملفاتها التجارية داخل أروقة هذه المنظمة المحورية سيحقق مزيدا من المكاسب ليس فقط للتجارة السعودية بل للسياسة الاقتصادية للمملكة، محليا وعلى الصعيد الدولي.
لقد نوه باسكال لامي مدير عام منظمة التجارة العالمية بتعيين المملكة لممثل دائم لها، بعد أن نالت استحقاقها كعضو تام في المنظمة في عام 2005 لتصبح بذلك العضو 149 في المنظمة بعد أكثر من 12 عاما من المفاوضات، مؤكدا أن الخطوة ستسهم في حضور أقوى للسعودية التي تطمح إلى الإسهام بشكل أقوى في تنسيق السياسات الاقتصادية العالمية".