البنك الدولي ينصح دول الخليج بتوسيع مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الطاقة

البنك الدولي ينصح دول الخليج بتوسيع مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الطاقة

نصحت دراسة حديثة أصدرها البنك الدولي، دول مجلس التعاون الخليجي بأهمية إشراك القطاع الخاص بصورة أكبر في تمويل مشاريع الطاقة، لافتة إلى أن دول الخليج تأخرت في إجراءات إصلاح قطاع الكهرباء، إذ لم تتجاوز مساهمة هذا القطاع طوال العقد الماضي 4 في المائة من إجمالي الاستثمارات في هذه المشاريع.
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه مجلس الطاقة العالمي في تقرير صدر أخيرا أن دول الخليج تحتاج إلى 100 ألف ميجاواط إضافية في السنوات العشر المقبلة، كما تحتاج لاستثمار 100 مليار دولار للإيفاء بالطلب المتزايد على الطاقة خلال تلك الفترة.
ووفقا لدراسة البنك الدولي، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمتلك نحو 57 في المائة من الاحتياطيات المثبتة من النفط ونحو 41 في المائة من موارد الغاز الطبيعي المثبتة على مستوى العالم، إلا أن هناك فجوات كبيرة بين الدول الغنية بالموارد الطبيعية والدول المعتمدة على هذه الموارد.
واعتبرت الدراسة المعدل الحالي للزيادة السكانية في هذه المنطقة والبالغ نحو 2 في المائة سنوياً، من بين أعلى معدلات الزيادة السكانية على مستوى العالم، وبالتالي تنخفض العائدات بنسبة الفرد انخفاضاً سريعاً. ونظراً لأن متوسط معدل تغطية شبكة الكهرباء يصل إلى نحو 90 في المائة، واقتراب أداء بعض الدول من تغطية مناطقها كافة بنسبة 100 في المائة، فإن إجمالي القدرة على الحصول على الكهرباء يُعتبر جيداً، إلا أن عدد الذين يفتقرون إلى القدرة على الحصول على خدمات الكهرباء يُقدر بنحو 28 مليون شخص، ولا سيما في المناطق الريفية، كما أن هناك نحو ثمانية ملايين شخص يعتمدون على الوقود المستخرج من الكتلة الأحيائية لتلبية احتياجاتهم من الطاقة. كما أن أسعار المشتقات النفطية مشوهة في عديد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث إن مستويات استرداد التكلفة منخفضة في قطاع الكهرباء، ولا تزال أعباء القطاع على المالية العامة الحكومية آخذة في الازدياد في عديد من دول هذه المنطقة، وقد بلغت مستويات من غير الممكن الاستمرار في تحملها. أما كفاءة جانب العرض فهي أدنى من اللازم بكثير، ناهيك عن الارتفاع النسبي في كثافة استخدام الطاقة، علاوة على ذلك يفوق متوسط كثافة الكربون في دول هذه المنطقة المعدل السائد في دول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، ولا يزال استطلاع إمكانات الطاقة المتجددة دون المستوى المطلوب.
وفي ضوء التحديات التي يشهدها قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والاستراتيجية الشاملة المعنية التي تعتمدها مجموعة البنك الدولي، فإن محاور الإصلاحات الرئيسة في قطاع الطاقة في هذه المنطقة يجب أن تنصب على تحسين نظام الإدارة العامة والكفاءة.
ويشمل برنامج الإصلاحات الرئيسة، أولا تشجيع كفاءة استخدام وقابلية استمرار موارد الطاقة من خلال وضع سياسات تسعير ملائمة في قطاع النفط والغاز وقطاع الكهرباء من شأنها إتاحة حوافز زيادة كفاءة الاستهلاك، تعديل الأسعار بطريقة تدريجية بحيث تضمن استرداد مؤسسات الأعمال التجارية للتكاليف في هذا القطاع وتمتعها بالأهلية الائتمانية، وذلك حتى تتمكن من الوصول إلى أسواق الرساميل المحلية والأجنبية لتمويل توسعة نطاق أعمالها، مع مراعاة حماية الفئات المعرضة للمعاناة من خلال تعريفات بأسعار مقدور عليها أو إعانات موجهة توجيهاً جيداً، إلى جانب إدارة شؤون العائدات حيثما كان لذلك الأمر علاقة.
ومن الإصلاحات أيضا، المساعدة على تطبيق الإصلاحات القانونية والتنظيمية التي تفصل بين وضع السياسات واللوائح التنظيمية والعمليات، وتؤكد على الحاجة إلى إتاحة الطاقة بأدنى تكلفة ممكنة، على أن تؤخذ في الحسبان ضرورة استخدام الموارد الطبيعية على نحو قابل للاستمرار وفتح هذا القطاع أمام مشاركة القطاع الخاص، مع إدخال المنافسة إليه. ويشمل ذلك ـ حيثما كان ممكناً ـ تشجيع زيادة استخدام الغاز الطبيعي لأغراض توليد الطاقة الكهربائية، تنمية موارد الطاقة المتجددة، وتحسين التكامل بين توليد الكهرباء وإنتاج المياه (تحلية مياه البحر)، ناهيك عن تشجيع التجارة الإقليمية في الكهرباء والغاز الطبيعي.
وكذلك المساعدة على إعادة هيكلة قطاع الكهرباء الذي يمكن ـ بحسب أوضاع الدولة المعنية وحجم نظام الطاقة الكهربائية فيه ـ أن يشمل تجزئة المرافق المدمجة إلى شركات منفصلة تضطلع بوظائف توليد ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية، وتأسيس شركات مستقلة في هذا المجال. وحتى في حالة عدم احتمال التطبيق الفوري للخصخصة، سيؤدي ذلك إلى زيادة الشفافية وإدخال المنافسة على نحو يتيح معياراً مرجعياً لازماً.
وتتضمن المساعدة على تحسين مناخ الاستثمار العام لتمكين القطاع الخاص من الاستثمار في قطاع الطاقة، والمساعدة على تحسين إدارة وكفاءة جانب العرض. ويمكن لمشاركة القطاع الخاص ـ بغض النظر عن بيع أصول أو أسهم الشركات القائمة ـ أن تأخذ عدة أشكال متعددة من عقود الامتياز وعقود الإدارة، وشركات مستقلة لتوليد الطاقة الكهربائية وإتاحة إمدادات المياه، وإرساء عقود التشغيل والصيانة، وإصدار الفواتير، وقياس كميات حجم الاستهلاك وتحصيل الفواتير المستحقة، وخدمات أخرى، فضلاً عن الأشكال الأخرى من الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ولابد أن تحظى مشاركة القطاع الخاص المحلي والإقليمي بالتشجيع، فضلاً عن إيلاء الاهتمام اللازم لتنمية أدوات لأسواق الرساميل المحلية.
ويشمل برنامج الإصلاحات، المساعدة في تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتخفيض الكثافة، بخلاف اعتماد سياسات تسعير مناسبة أو أية حوافز أخرى، ومن الممكن أن تشمل هذه المساعدة ما يلي: تسهيل الحصول على التجهيزات المتسمة بالكفاءة في استهلاك الطاقة، إنشاء شركات لتقديم خدمات الطاقة وتطوير آليات التمويل الملائمة، اعتماد مدونات بناء وتشييد أكثر صرامة، فضلاً عن استخدام أجهزة لإدارة الأحمال بالنسبة لكبار المستهلكين المحليين والمنشآت الصناعية والتجارية، والمساعدة في تخفيض عمليات احتراق الغاز. وأيضا تشجيع استخدام موارد الطاقة المتجددة، حيث إنه على الرغم من أن عديدا من الدول التي تفتقر إلى موارد الطاقة بدأت في تشجيع استخدام موارد الطاقة المتجددة كاستخدام الرياح والطاقة الشمسية في توليد الطاقة، ومحطات توليد الطاقة الكهرومائية الكبيرة والصغيرة الحجم، إلا أنه لا يزال هناك مجال كبير لإجراء مزيد من تطوير هذه الاستخدامات.

الأكثر قراءة