الصين: 170 مليون مسن في حاجة إلى رعاية وخدمات بمستوى مهني رفيع
إذا كانت ''الثالثة ثابتة''، كما تقول الأمثال، فإن نموذج المشروع الجديد الخاص بمؤسسة المشاريع الاجتماعية، نيني وانج، يفترض به أن يقلع بصورة جيدة. ولقد أسست شركتها، باينتري، في عام 2004، وكانت تعمل في مجال تقديم خدمات رفاهية ورحلات متكاملة في إطار الارتقاء بمستوى حياة المواطنين من الفئات التي بدأت تتقدم في السن. وفي عام 2008 غيرت اتجاهها بهدف مساعدة تلك الفئات على تعلم شيء من مهارات الكمبيوتر، واعتياد التعامل مع الإنترنت. أما في أيامنا هذه، فقد تحول النموذج العملي لهذه الشركة مرة أخرى، حيث أصبح معظم التركيز على الرعاية الصحية لهذه الفئات. ويلاحظ هنا أن النموذج يتغير، ولكن الفئات المستهدفة تظل ثابتة، وذلك لأن طموح صاحبة الشركة هو جعلها تركز على أولئك المتقدمين في السن ممن هم على شاكلة أبيها، وأمها.
هنالك 170 مليون شخص في الصين تخطوا سن الستين، أي بنسبة 13 في المائة من مجموع السكان، وبالتالي، فإن صاحبة الشركة ترى أن هنالك ''حاجة ملحة إلى تقديم خدمات على مستوى مهني رفيع''.
إن من الأمور التي تعمل على تفاقم هذا الوضع، كون المستشفيات تعمل في ظروف ضاغطة، وعلى أساس تقديم خدمة سريعة للأعداد الهائلة من المراجعين، الأمر الذي يترك المتقدمين في السن في بيوتهم، دون الحصول على ما يكفي من الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها بصورة متزايدة في ظل مثل هذا العمر المتقدم. ويعيش نحو 98 في المائة من المتقدمين في السن في بيوتهم، لأن أولادهم يرفضون إرسالهم إلى بيوت المتقدمين في السن.
وهنا يأتي دور هذا الشركة من وجهة نظر صاحبتها، حيث تقول إنه كان من الأمور اللطيفة الاهتمام بشؤون كبار السن بصورة عامة، في حين أن الرعاية الصحية التي يجب أن يحصلوا عليها تعتبر ''ضرورة'' قصوى. ولذلك بدأت في تقديم خدماتها المتخصصة، وهي الحاصلة على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال، وتشغل إضافة إلى ذلك منصب الرئيسة التنفيذية، ولديها ست ممرضات، كقوة عمل مركزية، وهن يعملن بدوام كامل. وقد خضعن لفترة تجربة مشددة خلال ثلاثة أشهر. وهنالك الآن وحدتان للخدمات، حيث يمكن تحويل الممرضات على وجه السرعة، إلى أحياء متعددة. وتحرص صاحبة الشركة على المحافظة على الوقت، وعدم إضاعته في التنقل عبر مسافات بعيدة.
غير أن لديها عديدا من الخطط الأوسع نطاقاً، إذ تخطط لكي يكون لديها 300 ــ 500 ممرضة لخدمة آلاف من كبار السن بحلول نهاية هذا العام. وتقول ''إن نموذج العمل هذا يتطلب أموالاً أقل مقارنة بأنظمة الرعاية المؤسسية الرسمية، كما أن بالإمكان تقليده سريعاً لخدمة المزيد من المتقدمين في السن في الوقت ذاته''. ومع ذلك، تظل خطة السنوات الخمس لديها أعلى طموحاً، حيث تسعى بالفعل إلى توسيع نشاطها العملي لكي يتحول إلى شبكة وطنية تضم المئات، بل وحتى الآلاف، من وحدات الخدمة المختلفة، وتضم كذلك عشرات الآلاف من الممرضات لخدمة ملايين من المتقدمين في السن على مستوى البلاد ككل، وذلك كما قالته لمجلة ''إنسياد نولدج''.
غير أن إنشاء مشروع اجتماعي كهذا يجلب معه تحدياته الخاصة به. وقد تكون التحديات المتعلقة به في كثير من الأحيان أشد من تلك المرتبطة بالنشاطات العملية الربحية التقليدية. وتقول صاحبة المشروع ''حين تنظر إلى المشاريع الخيرية، وغير الربحية، فإنك تجد اهتماماً أقل من جانب أصحابها مقارنة بالتركيز الكبير من قبل أصحاب المشاريع الربحية الذين يحرصون على الدوام على إرضاء الزبائن، وتكرار تعاملهم معهم. وإنك إذا لم تراع أدق تفاصيل متطلبات خدمة المشاريع الاجتماعية، فإن مستوى الخدمة سيتراجع، كما أن المستفيدين المستهدفين سيعانون بصورة مؤكدة''.
إن المشكلة الثانية ـ كما تقول ـ تتعلق بإدارة النوع التقليدي من النشاطات العملية، حيث ترى أنت إذا أعطيت العاملين معك الحوافز الصحيحة لكي يتقدموا على الصعيدين المهني، والحياتي، فإنك تستطيع بذلك اجتذاب أعداد كبيرة من الناس، وبالتالي يتكون لديك جيش من العاملين الموهوبين الذين يعملون إلى جانبك. وأما لدى العمل في إطار المشاريع الاجتماعية، والخيرية غير الربحية، فيكون لديك في العادة تجمع صغير من الناس الذين تسمح لهم ظروفهم بتخصيص الوقت، والجهد، والطاقة، اللازمة لنجاح مبادرات من هذا النوع، ولذلك فإن الأثر الذي يمكن أن تحدثه يكون أصغر، مقارنة بالوضع لدى إدارة المشاريع التقليدية في إطار النشاط العملي الهادف إلى تحقيق الربح.
تعتقد صاحبة هذا المشروع كذلك، أن مؤسسي المشاريع في الصين يعانون أكثر مما يعانيه أقرانهم في الخارج. ويعود ذلك إلى أن حالة الاندفاع التنموي التي تعيشها الصين في الوقت الراهن، توجد العديد من الفرص، ولكنها كذلك تولّد الكثير من مجالات تشتيت الانتباه. '' تجد أن أمامك، بصورة يومية، فرصاً متعددة، وأفكاراً جديدة من أجل الشراكة. وعليك بصفتك صاحب مشاريع في الصين أن تكون واعياً على الدوام بما تريد أن تحصل عليه، وعليك ألا تتبع المغريات المختلفة التي يمكن أن تبعدك بسهولة عن خطك الرئيسي ''.