فقراء إفريقيا يستثمرون النباتات العشبية في صناعة الأدوية
يساهم المزارعون الإفريقيون في الكونغو الديمقراطية في المشاريع العملية الاجتماعية من أجل رعاية النباتات الطبية لصناعة الأدوية.
وستفيد بعض النباتات التي سيقومون بزراعتها كغذاء، من حيث إنها غنية بالبروتينات، والمواد الغذائية. ويمكن استخدام غيرها من النباتات كعلاج لداء البول السكري، والسمنة، وارتفاع ضغط الدم.
إن الشركة الصحية التي تُدير المشروع هي شركة كندية للصحة العالمية، ''فارما أفريكان ــ PharmaAfrican''، حيث حشدت دعم شركاء مثل مؤسسة ''اليسوعيين ــ Jesuits''، والصندوق العالمي للطبيعة أو WWF.
وانضمت الشركة إلى مؤسسة BDA، واثنين من أعضائها، رئيس الوزراء الكندي السابق، جو كلارك، ونائب الرئيس، والسفير الكندي، ريجان فرينتي، حيث قاما بتحديد الأطر العامة لمشروع في منتدى إفريقيا للمنتدى المالي والاستثماري في باريس الشهر الماضي.
''إن فارما أفريكان شركة مختلطة''، كما يقول كلارك. ''وهي تقوم على أساس مشروع يستهدف الربح، فارما أفريكان، ومؤسسة لا تستهدف الربح''.
''نحن نعتبرها حلاً مبتكراً من المشاريع الاجتماعية لاستدامة التنمية في إفريقيا''.
ويضيف فرينيتي الذي كان يتحدث عن طريق مترجم، قائلاً: ''طالما نُسيت هذه الشرائح السكانية من قبل التنمية الاقتصادية''.
''إن نهجنا هو تقديم التدريب في مجال المشاريع''، كما يقول كلارك، ''في زراعة النباتات، والحصاد، والتسويق، والتصدير''.
إن أهم شريك هو الفئة التي لديها خبرة واسعة في مجال التعليم، وعلم الهندسة الزراعية.
ويُعتبر هؤلاء مسؤولين عن التدريب في العام الأول، حيث بدأ نحو 30 طالباً تقريباً للتو، وهم مستقطبون من كل أنحاء البلاد، في حضور الدورة التدريبية. وتراوح أعمارهم بين 23 و57 عاماً من العمر. وتبلغ تكلفة الدورة التدريبية نحو مليون دولار سنوياً للعمل عليها.
وخلال العام الأول، لا يُدرّسون نظرية الزراعة فقط، ولكن كذلك كيفية إدارة العمل الزراعي كنشاط عملي. وفي عامهم الثاني، يعملون بصورة وطيدة مع الصندوق العالمي للطبيعة، وغيره من المؤسسات، ويكتسب الطلاب الخبرة العملية في هذا المجال. أما عامهم الثالث فيقضونه في تقييم مدى جودة تطبيق ما تم تعليمه على الأرض.
ويقول كلارك: ''ومن دواعي المفاجأة بالنسبة إلينا، وإثارتنا، هو التعبير عن الاهتمام ليس من جانب المشاريع التجارية التي تعمل في مجالات أخرى فقط، وبالأخص في صناعة التنجيم، ولكن كذلك في مجالات أخرى في دول أخرى''.
''إنها مشاريع تجارية تحصل على الأرض، وفي بعض الحالات عليها أن تستغل الأرض بصورة أفضل مما هي عليه الآن، سواء لأهداف المسؤولية الاجتماعية، وكذلك لأن ذلك يستغل الموجودات المتوافرة هناك بصورة أفضل. نعمل دوماً بصورة مرادفة مع الشركاء بما يشمل كل إفريقيا ''.
إذن، لماذا لم يعمل المزارعون الإفريقيون قبل الآن على زراعة المساحات الواسعة من الأراضي للعناية بالنباتات الطبية، وبيع منتجاتها بأرباح جيدة لشركات تصنيع الأدوية؟
وفقاً لما جاء عن كلارك، ومنظمة الصحة العالمية، فقد غيّرت في الفترة الأخيرة فقط إرشاداتها بشأن السماح بالاستخدام المباشر للنباتات الطبية في صناعة الأدوية. ويوضّح ذلك فرينتي بقوله: ''أصبح كل ذلك ممكناً بفضل نشر إرشادات منظمة الصحة العالمية – WHO''.
''وخوّل ذلك الدول منح التراخيص لزراعة وحصاد النباتات الطبية التي لا يمكن الحصول عليها سوى من الصناعات الكيماوية، ولكن هنالك وسيلة أخرى متاحة الآن، ويُسمح لصناعة الأدوية باستخدام الجزيئات الطبيعية من النباتات، بشرط أن تتم زراعة وحصاد تلك النباتات وفقاً للشروط العلمية''.
«المفارقة الفرنسية»
ترغب فارما أفريكان في تطوير العقاقير المضادة للالتهابات، وبالأخص تلك التي تساعد على مكافحة داء البول السكري، والسمنة، وارتفاع ضغط الدم.
وهنالك مجال واحد يمكن أن يكون مجدياً للمزارعين في إفريقيا، وهو مركب ''ريوفيراتول - Resveratol'' الطبيعي ففي فترة الأعوام الأخيرة الماضية، كانت هنالك كثير من البحوث في ''المفارقة الفرنسية''، وهي مشكلة محيرة تشير إلى أن الفرنسيين يستهلكون كميات كبيرة من المواد الغذائية الدهنية، ويحتسون النبيذ، الأمر الذي من المفترض في العادة أن يؤدي إلى سمنة وارتفاع في ضغط الدم.
ويوضح فرينيتي الحقيقة أنه لا تتطور لدى الفرنسيين ميول غير طبيعية تجاه تلك الظروف الصحية، الأمر الذي عزاه علماء هارفارد إلى وجود جزيء يُدعى ''ريزفيراتول''.
ويضيف: ''فقد حددوا في النظام الغذائي الفرنسي، الشيء الذي لا يمكن أن تجده في مكان آخر، وبالأخص في الولايات المتحدة الأمريكية، في النبيذ، حيث يوجد جزيء يُدعى ريزفيراتول الذي يتم استخلاصه من قشرة العنب الأحمر''.
''ووجدوا فعلياً أن هذا الجزيء كان مهماً بصورة خاصة للصحة، ووجدوا أن النبيذ يحتوي على جزيء ريزفيراتول، وأن النباتات، مثل النباتات الإفريقية، تحوي ما يصل إلى 30 أو 50 مرة أكثر من جزيء ريزفيراتول، حيث هنالك نباتات غنية به في إفريقيا''.
وهناك نبتة أخرى تتسم بخصائص غذائية، وعلاجية، حيث وُجدت في إفريقيا، هي المورينجا. وهي تنبت في الأصل في الهند، ووُجدت الآن في كل أنحاء إفريقيا تقريباً. ووفقاً لما جاء عن فرينيتي، فإنه يتم تطويرها على شكل مسحوق يمكن استخدامه كطحين يحتوي على مواد غذائية للأطفال المرضى، أو الأمهات المرضعات.
وإضافة إلى تزويد المراقبة والدعم، فإن مؤسسة بي دي أيه – BDA تقدم قروضاً صغيرة. وهم يبحثون عن رجال ونساء الأعمال محلياً، وهم لا يعملون بالضرورة في النشاط العملي لزراعة النباتات الطبية، حيث يكونون مستعدين لدعم أصحاب المشاريع الجديدة في أعمالهم.
''لذا، وفي ظل عدد يصل إلى 30, و60، و90 من الأشخاص، نبتكر جزراً من التنمية الاقتصادية في كل أنحاء البلاد''، كما يقول فرينيتي.
وترحّب المؤسسة كذلك بما يُدعى بـ ''المستثمرين المختلطين''، وبصياغة أخرى، هم أشخاص مستعدون للاستثمار من أجل تحقيق نقلة اقتصادية، ولكنهم مهتمون كذلك بالمنافع الثقافية، والبيئية للمشروع.
ويوضّح فرينيتي ذلك بقوله: ''ما نقوم به هو أنه حين نلتقي المستثمرين نقول لهم التالي: ''إضافة إلى استثماركم للأموال في الشركات الدوائية، نود منكم أن تضيفوا 20 في المائة لدعم عمل المؤسسة، وبهذا تحصل المؤسسة على نصف تمويلها من المستثمرين في الشركات الدوائية''.
وفقاً لما جاء عن فرينيتي، فإن نحو 15 دولة في جنوب القارة الإفريقية قررت تطوير مجموعة أدوية عشبية إفريقية. وقد كانت إفريقيا القارة الوحيدة التي لا تمتلك مثل تلك المجموعة، وهو يصف ذلك بـ ''العائق''.
وأنتجت الآن أول قائمة من 50 نبتة، ولكن كما يقول فرينيت، فإن مئات النباتات تستحق أن تُجدول في قائمة. وتعتقد المؤسسة أن المجموعة الدوائية هي مطلب أساس لإفريقيا، وهي تدعم الآن النقابة الإفريقية لمعايير النباتات الطبية في عملها. ويشير كلارك كذلك إلى أن هنالك نمواً في حجم الطلب على المواد الغذائية الوظيفية التي تنمو في إفريقيا، وذلك بسبب أزمة الغذاء العالمية.
''وتتعرض الغابات المحلية للضغوط''، كما يضيف، أن ''هنالك حاجة صناعية للغابات ذات الجودة العالية، تلك التي تزيد من ذلك الضغط''. ويقول: ''نحن نعتقد أن حماية النباتات يمكن أن تتحول إلى حماية للغابات كذلك''.
وهو كذلك متفائل حيال المستقبل: ''إن أعشاب اليوم لم تعد يُنظر لها على أنها مشاريع ثانوية. ولم يعد من الصحيح القول إنها سوف تتخذ منحى سائداً، بل إنها اتجاه سائد الآن''.