«الديون السيادية».. هل تفجر أزمة مالية ثانية؟
حذر محللون اقتصاديون من أن الاقتصاد الأمريكي قد يتعرض لمصاعب جمة في حال لجأت عديد من الدول إلى سحب استثماراتها في أذون الخزانة الأمريكية، لكن أحدهم لم ينجرف طويلا لتلك المخاوف عندما وصف اقتران الاقتصاد الأمريكي والاقتصاديات حول العالم بـ''الزواج الكاثوليكي''.
وكان الكونجرس الأمريكي أبدى قلقه من مغبة تعرض البلاد إلى أزمة تتعلق بالديون السيادية، مشيرا إلى أن جزءا كبيرا من تلك الأذون الحكومية تم بيعه فعلا.
وبحسب حجاج بوخضور ـ اقتصادي كويتي ـ فإن تقييم أهم السلع بالدولار يدعم العملة الأمريكية، لكنه يحذر من أن الاقتصاد الأمريكي ''بات مدعوما بالآلة العسكرية، وليست بمنتجات الصناعة الأمريكية، وهي سياسة أثبتت عدم فاعليتها باستثناء وضعها في الحرب الباردة''.
وينبه إلى أن ارتباط البورصات حول العالم بالأسواق الأمريكية ''آني.. يكاد يكون مباشر''، مجددا التأكيد بأن ''الاقتصاد الأمريكي يعتمد على ارتباط الاقتصاد العالمي به''.
#2#
ويرى حسان الوطبان رئيس مكتب آدم للدراسات والاستشارات الاقتصادية أن الحكومة الأمريكية لديها تصور زمني عن هيكل تدفقات إيراداتها، وبناء على هذا التصور يمكن للحكومة الأمريكية أن تحكم على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها نحو دائنيها في المواعيد المحددة للسداد.
ويلفت الوطبان إلى أن الحكومة الأمريكية تباحث بجدية مع أعضاء مجموعة الـ20 دولة ''للوقوف (مع الحكومة الأمريكية) والاستعانة بالصناديق السيادية لكي لا تواجه مشكلة أو أزمة دين سيادي كما حصل في اليونان''.
ويذهب إلى أن المجموعة استحدثت ''بعد ما وجدت (الولايات المتحدة) عملية استصدار السندات السيادية لا تغطي أو لا تستطيع أن تقوم بخدمة ديونها لعدم قدرتها على تدبير العملات اللازمة لسداد الالتزامات المستحقة عليها بموجب الدين السيادي''.
ويتفق بوخضور مع الوطبان بأن مجموعة العشرين ''أنشئت لمثل هذه الإشكالية''، وذلك بالنظر إلى أن ''كثيرا من الدول تريد بحث إلغاء ارتباطها بالدولار، وتريد أن تحول احتياطياتها النفطية إلى غير الدولار''.
ويرى أن ''حل المشكلة متروك للمباحثات التي تتم بين الولايات المتحدة والمجتمع.. ربما في قمة العشرين''.
ويذهب الوطبان إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى ''تجنب الفشل في مواجهة الدين السيادي في مواعيده المستحقة... لأن الفشل في ذلك يؤدي إلى إعلان إفلاس''.
ويلفت إلى أن توقف الحكومة الأمريكية عن السداد، أو نشوء إشارات تشير إلى ذلك، سيؤدي إلى فقدان المستثمرين في الأسواق الدولية الثقة بالحكومة الأمريكية، ومن ثم تجنبهم الاشتراك في أي مناقصات لشراء سنداتها في المستقبل، ويضيف ''أكثر من ذلك فإن ردة فعل المستثمرين لا تقتصر على أولئك الذين يحملون سندات الدولة، وإنما يمتد الذعر المالي أيضا لباقي المستثمرين الأجانب في هذه الدولة والذين لا يحملون هذه السندات''.
ويُجمل الوطبان القضية معتبرا ''أزمة الدين السيادي هو دين يجمع العالم بأجمعه''، وتبعا لذلك ''تتضافر جهود كبرى اقتصادية وملاك الصناديق السيادية، وصندوق النقد الدولي لكي لا يكون الإفلاس للدول عامة''.
وهنا يؤكد بوخضور أن سحب الصناديق السيادية للحكومات حول العالم مدخراتها في سندات الخزينة الأمريكية، ''سيؤدي إلى خلق أزمة ديون على الخزينة الأمريكية التي يجب أن تسدد الاستحقاقات المترتبة عليها تجاه الدول المستثمرة''.
ويضيف الاقتصادي الكويتي أن من أهم عوامل اللجوء لسحب الاستثمارات العالمية في السندات الحكومية الأمريكية ''تداعيات الأزمة المالية على الدول المستثمرة (في السندات الحكومية الأمريكية) وتنعش اقتصادياتها، تمول مشاريعها التنموية، ولملمة جراحها من الأزمة المالية''، قبل أن يشير إلى أن فشل الحكومة الأمريكية بالتعاطي مع ملف الديون السيادية سيكون بمنزلة ''سكب مزيد من الزيت على الأزمة المالية''، قبل أن يستدرك إلى أن معالجة الأزمة قد تقلل كثيرا من المخاوف في هذا الخصوص.
ويؤكد بوخضور أن ''ليست الولايات المتحدة وحدها (على حل أزمة الديون).. فحرص دول العالم على استقرار اقتصادياتها يؤدي إلى الاهتمام المشترك بالمسألة''، ويزيد ''الارتباط بين الاقتصاد الأمريكي والاقتصاديات حول العالم مثل الزواج الكاثوليكي''.