تقرير: 3 ركائز للنمو الاقتصادي «طويل الأمد»
حث تقرير دولي حديث على اعتماد استراتيجية ذات ثلاث ركائز من أجل بناء أسس أكثر قوة وصلابة لتحقيق النمو الاقتصادي الأطول أمدا، ومنها تشجيع إقامة الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ووفقاً لتقرير صادر عن إدارة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في البنك الدولي، فإنه يتعين على حكومات بلدان المنطقة إزالة كافة المعوقات الرسمية وغير الرسمية الماثلة أمام المنافسة. ومن الضروري الحد من التمييز وتضارب المصالح ـ أينما وجدت ـ بين الموظفين العموميين ومستثمري القطاع الخاص.
كما أكد التقرير ضرورة مساندة إصلاح السياسات من خلال تدعيم المؤسسات التي تضطلع بتنظيم عمل الأسواق والتعامل مع الشركات، بغرض الحد من التداخل والسلطات التقديرية في تطبيق القوانين والإجراءات الحكومية.
وحث التقرير على تشجيع إقامة علاقة شراكة جديدة بين القطاعين العام والخاص في المنطقة، بحيث يمكنها حشد كافة الأطراف المعنية صاحبة المصلحة المباشرة في مراحل تصميم وتنفيذ وتقييم السياسات الاقتصادية. فعندئذ فقط سيكون ممكناً بناء توافق في الآراء حول الإصلاحات، وستتعزز مصداقيتها وفعاليتها. ومن شأن وجود حوار أكثر انفتاحاً بين الحكومات والقطاع الخاص المساعدة في توفير سبل الحماية ضد تغليب المصالح الضيقة على حساب المصلحة العامة.
ومن الضروري خلق نحو 40 مليون فرصة عمل جديدة في المنطقة في السنوات العشر القادمة. ويشكل دور القطاع الخاص دوراً أساسياً في تحويل بلدان المنطقة إلى اقتصادات تتمتع بالتنوع والحيوية يمكنها خلق فرص العمل.
وبحسب التقرير فإن استمرار النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيتطلب زيادة كل من: استثمارات القطاع الخاص، وإنتاجية الشركات، وتنويع الأنشطة الاقتصادية. ولتحسين مستوى أداء القطاع الخاص، ينبغي على بلدان المنطقة المشاركة في أجندة إصلاح من شأنها الحد من السلطات والصلاحيات التقديرية والاستنسابية في تنفيذ القوانين والإجراءات الحكومية من جهة، والعمل على تشجيع المنافسة من جهة أخرى.
ويؤكد محللون ضرورة مواصلة الحكومات الخليجية تنفيذ برامج التحفيز الاقتصادي بهدف مساعدة القطاع الخاص على مواجهة التحديات الراهنة بحيث تركز هذه الخطة على توفير ضمانات جزئية للبنوك مقابل توفير التسهيلات للقطاع الخاص. وعلى الرغم من أن ذلك يدخل في إطار إجراءات السياسة النقدية، فإن الحكومات يمكنها أيضا أن تدعم الشركات التي تواجه مشكلات صعبة بسبب نقص فرص الحصول على التمويل اللازم بسبب طبيعة الأوضاع السائدة في القطاع المالي، بشرط التأكد من احتمال استمرار تلك الشركات على المدى الطويل من خلال جهود إعادة هيكلتها لضمان استمرارها، ومن خلال تقديم الضمانات الحكومية للائتمان الممنوح لتلك الشركات، مما يساعد على جهود إعادة الهيكلة. كذلك على حكومات دول الخليج ألا تخفض برامج الإنفاق الحالية بسبب الانخفاض المتوقع في الإيرادات النفطية، بل على العكس من ذلك لا بد من اتباع سياسات معاكسة للدورة الاقتصادية من خلال زيادة الإنفاق في وقت ميل النشاط الاقتصادي نحو الانحسار، أي أن الإبقاء على مستوى الإنفاق مرتفعا يعد أمرا أساسيا في هذه المرحلة. كذلك عليها العمل على استمرار جميع مشاريع الاستثمار والصيانة، وعدم تأخير تلك المشاريع بسبب انخفاض الإيرادات، ويمكن في أسوأ الحالات التركيز على المشاريع الاستثمارية الحيوية ذات الروابط الخارجية القوية في الاقتصاد الوطني، التي يمكن أن تساعد بشكل مباشر على تنشيط مستويات الطلب الكلي، وبشكل غير مباشر من خلال تعديل التوقعات التشاؤمية.
ويرى اقتصاديون أن الإنفاق على البنية التحتية مثل توسيع الإنفاق على الصحة وإنشاء المزيد من المدارس والطرق ومشاريع البنية الأساسية يمكن أن يكون محفزا جيدا للاقتصاد، حيث يؤدي هذا الإنفاق إلى رفع مستويات السيولة وزيادة مستويات الدخول ومن ثم رفع مستويات الطلب الكلي ومستويات التوظيف. كذلك على حكومات دول الخليج أن تقدم الدعم لمشاريع القطاع الخاص التي تعمل في القطاعات الحيوية في الاقتصاد، لتفادي حالات الإفلاس، كما يجب عليها ألا تهمل خطط مراقبة برامج الإنفاق لقطاع الأعمال الخاص إذا ما تعثرت تلك البرامج، فمن الممكن أن تقوم الحكومات بالتوقيع على عقود مشاركة للمشاريع الجوهرية التي ينفذها القطاع الخاص التي تعثرت نتيجة نقص رؤوس الأموال الخاصة بسبب الأزمة لتتحول تلك المشاريع من مشاريع خاصة إلى مشاريع مشتركة، وغني عن البيان أن ذلك الأمر يجب أن يتم على أساس انتقائي, حيث تعطى الأولوية للمشاريع ذات الأهمية الاستراتيجية في القطاع غير النفطي، ذلك أن أساليب التعامل الحكومي مع الشركات الخاصة أثناء الأزمة يجب أن يختلف بعض الشيء، حيث ينبغي في هذه المرحلة التأكد من عدم قيام الشركات بخفض ميزانيات الاستثمار لديها بسبب نقص التمويل، وذلك من خلال إتاحة فرص التمويل بتكاليف منخفضة.
الجدير بالذكر أن الإصلاحات التي تم تطبيقها خلال العقدين الأخيرين أتاحت لمؤسسات الأعمال الخاصة أن تصبح المصدر الرئيسي لخلق الثروة في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك إذا استثنينا قطاع الهيدروكربونات والتعدين. إلا أن السبب في الأثر المحدود لهذه الإصلاحات في المنطقة يرجع إلى تطبيق السياسات على نحو متفاوت ولا يمكن التنبؤ به، مما أدى إلى افتقار عملية الإصلاح إلى المصداقية في عيون الكثير من المستثمرين. وتوضح استقصاءات البنك الدولي في المنطقة أن نحو 60 في المائة من مديري مؤسسات الأعمال يرون أن القوانين والإجراءات الحكومية لا يتم تطبيقها في المنطقة بصورة منتظمة.