كيف يتم تقييم المسؤولية الاجتماعية في النشاطات العملية حاليا؟

كيف يتم تقييم المسؤولية الاجتماعية في النشاطات العملية حاليا؟

قد يعود جوردون فيكو إلى الأضواء ثانية في دور السينما في وول ستريت 2، ولكنه أقل وضوحاً في غرف مجالس الإدارات في أيامنا هذه. وفي ظل الأزمات الاقتصادية القائمة، وهذا العدد الكبير من البراكين والهزات الأرضية التي تكتسح كوكبنا الأرضي، فإن الوعي بالمسؤولية الاجتماعية آخذ في التصاعد، في الوقت الذي لم ينته فيه الجشع، مع أن من المؤكد أنه يشهد حالة من التراجع. ولنأخذ حالة تروبيكال تيليكوم، شركة الاتصالات القابضة التي تقدم فروعها خدمات الإنترنت المتخصصة في منطقة الكاريبي، والولايات المتحدة، حيث إن فرعها في هاييتي هو المزود الرئيس لمثل هذه الخدمات المتخصصة على صعيد البلاد. ولذلك، فإن ''تروبيكال تيليكوم'' أصبحت على الفور جزءاً متكاملاً من جهود الإغاثة حين ضرب الزلزال هاييتي.
الحقيقة هي أن كريس تايلور، رئيس هذه الشركة، ورئيسها التنفيذي في الوقت ذاته، كان في العاصمة، بورت أو برانس، لدى وقوع الزلزال قبل دقائق من نهاية الدوام الرسمي. ولذلك كانت استجابته على نحو فوري، وكذلك على نطاق شامل، حيث قال ''تمثل رد فعلنا في فتح شبكتنا، وجعلها مجانية أمام كل من يحتاج إلى خدماتها، حيث أقمنا نقاط اتصال في مختلف أنحاء المدينة لشركات الإسعاف الأولي، ولمنظمات الأمم المتحدة، وللحكومة الأمريكية''. وقال تايلور إن هذه الإجراءات السريعة كانت أمراً بالغ الأهمية لاستمرار جهود المساعدات، لأن شبكات الهواتف الوطنية توقفت، بحيث أصبحت الإنترنت وسيلة الاتصال الوحيدة مع العالم.
وكانت هذه الشركة محظوظة، حيث لم تفقد أيا من موظفيها الـ 200 العاملين في هاييتي، كما أن مبانيها الأربعة ظلت صامدة بعد الزلزال الكبير. وإضافة إلى تقديمها خدمات الإنترنت المجانية، فقد فتحت الشركة مبانيها ليقيم فيها الصحافيون الدوليون، حيث لم تتوافر فنادق، ولا طاقة كهربائية تمكنهم من القيام بوظائفهم.
تراجعت عوائد الشركة بأكثر من 50 في المائة خلال الشهرين اللاحقين للكارثة. ولا تزال العوائد دون مستواها العادي بعد أربعة أشهر من استعادة الشبكة لطاقاتها الكاملة. ومع ذلك، تؤكد تقديرات تايلور أن عوائد الشركة ستعود إلى حالة التوازن، حيث يعود جانب من ذلك إلى دعم تتلقاه من شركات دولية أخرى. وقال تايلور ''لقد اطلعوا على جهودنا، ولذلك هبوا لمساعدتنا من خلال تخفيض الرسوم الدولية لاستخدام الموجة العريضة، أو مساعدتنا على استبدال بعض المعدات التي لحق بها الدمار''.
يدرس مركز الابتكار الاجتماعي في ''إنسياد'' الأمور اللوجستية الإنسانية من خلال مراقبته ومتابعته لآثار الكارثة التي وقعت في هاييتي. ويعيد تايلور الفضل إلى هذه الكلية في إعداده، بحيث تمكن من التصرف الصحيح في مواجهة كارثة هاييتي. ويقول ''إنني استطعت تطبيق ما تعلمته من دروس في هذه الكلية. والواقع هو أن مثل هذه الكوارث تقع خلال ثوان، وليس خلال أسابيع، أو أشهر، أو سنوات، ولذلك فإن نتائجها تكون خطيرة للغاية''.
ويعترف تايلور بأن تقديم المساعدات من جانب الجهات المتنافسة لن يكون هو الحل في مواجهة مشكلات بهذا الحجم والتعقيد. ويقول إنه دون تحريك العجلة الاقتصادية، فإن الوظائف لن تتوافر لأي شخص. وحتى لو كانت جهود الإغاثة تعيق تحقيق الشركة لبعض أهدافها العملية، فإنها صممت على الاستمرار في المشاركة بتلك الجهود، حيث استهدفت عدم توقف النشاطات العملية في هذا البلد المنكوب. وأما بالنسبة إلى الشركات التي تنافس شركته، فيقول تايلور إنه كان لديها الآلاف من الزبائن، وإنها كانت قادرة على توفير اتصال أولئك الزبائن مع العالم الخارجي، وهو الأمر الذي ساعد على استعجال استجابة الجهات الخارجية، وزيادة وعي العالم بحجم هذه الكارثة الإنسانية.
ولم يكن آدم جولدشتاين الحاصل على شهادة الماجستير في عام 1988، موجوداً في هاييتي عند وقوع الكارثة. ويترأس آدم شركة الكاريبي الملكية الدولية، كما يشغل في الوقت ذاتها منصب رئيسها التنفيذي. غير أن إحدى السفن التابعة لشركته كانت هناك. وقد تحركت الشركة لتكون بين أوائل الجهات التي أصبحت جزءاً من جهود الإغاثة الشاملة. وقال ''إننا كنا أصحاب حظ كبير لأننا استطعنا استخدام سفننا في جهود الإغاثة، وإحضار المواد الغذائية، والتجهيزات الأخرى. ولم تكن هذه الفرصة متاحة أمام جميع الشركات بالطبع''.
إنه يرى أن الجانب الاجتماعي لم يعد أمراً من أمور الرفاهية الإدارية، بل إنه مزروع بقوة في أنسجة عمل النشاطات العملية في ظل ممارسة المسؤوليات الاجتماعية في الظروف الاقتصادية الراهنة. وهو يؤكد أن استجابة شركته للأمر تدل على عمق حرصها على ممارسة مسؤوليتها الاجتماعية، حيث إن رجال الأعمال يرون في مثل هذه الممارسة، في أيامنا هذه، دليلاً على التكامل مع جهود إنجاح النشاط العملي.
وأضاف رئيس الشركة قائلاً ''إني أعرف أن زبائننا، وموزعينا، وموظفينا يتوقعون أن تكون شركتنا في موقع القيادة، حيث يرون أن شركتنا تقود الطريق، سواء كان الأمر متعلقاً بالمشاركة في شؤون الخدمة الاجتماعية، أو زيادة جهود الدفاع عن البيئة، وإرضاء الضيوف، أو الأداء النهائي. وعليك أن تنجز كل هذه الأمور معاً، حيث لا مجال للاختيار بين المكونات''.
ظلت هذه الشركة بعد أربعة أشهر من حدوث الكارثة ملتزمة بالمساعدة على إعادة بناء هذا البلد. وبينما يشكل ذلك جانباً من إحساس الشركة بمسؤوليتها الاجتماعية، فإن رئيس الشركة يرى أن المساعدة على إعادة إعمار هاييتي، تمثل جزءاً مساعداً لاستمرار وتوسع نشاطها العملي.
يضيف رئيس الشركة ''إننا ملتزمون تماماً ببناء المدارس على الشاطئ الشمالي الشرقي، كما أننا متعاونون بقوة مع جهود الحكومة في هاييتي لجعل البلاد مركزاً بارزاً في عالم السياحة كما تريدها الحكومة أن تكون. وستبذل الشركة كل جهودها في سبيل تحقيق ذلك، وجعل قلعة الجزيرة مكاناً يزوره السائحون بأعداد كبيرة حيث إنها أكبر قلعة في أمريكا اللاتينية من تشيلي حتى شمال القارة''.
إن النتائج التي تحققها الشركات في ظل مواجهة مثل هذه الكوارث تتخطى مجرد النتائج الرقمية للنشاط العملي، وبالذات حين تساعد القرارات على إنقاذ حياة الناس. وقال رئيس الشركة ''لقد ساعدنا بالفعل على إبقاء هذه الجزيرة على اتصال بالعالم الخارجي، ولذلك فإنه كان لدينا شعور قوي بنبل الهدف''.

الأكثر قراءة