الإضرابات وارتفاع الأجور.. نقطتا تحول في الاقتصاد الصيني

الإضرابات وارتفاع الأجور.. نقطتا تحول في الاقتصاد الصيني

أبرزت سلسلة من الإضرابات في الشركات الكبرى وارتفاع الأجور بصورة مضاعفة، تغير سوق العمل بصورة متسارعة في الصين، ما دفع بعض الأشخاص إلى توقع نهاية وشيكة لوضع البلاد كمغناطيس قوي جاذب للاستثمار، ولكن على الرغم من ابتعاد عدد قليل من عمليات التصنيع عن الصين، توقع عدد من المحللين حدوث انتقال فوري لرأس المال الأجنبي لبلدان لديها عمالة أرخص.
وكتب ستيفن روش الرئيس غير التنفيذي لشركة مورجان ستانلي آسيا، في صحيفة ''تشاينا ديلي'' هذا الأسبوع: ''من السابق لأوانه تماما أن يعلن وضع حد لموازنة تكلفة العمالة العالمية التي عملت لصالح الصين''.
وارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين بنسبة 20 في المائة في النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ليستعيد نشاطه من التباطؤ في العام الماضي.
ويتوقع لو تشينجوي كبير الاقتصاديين في بنك الصين الصناعي، حدوث تحول أولي للاستثمار من المناطق الساحلية المزدهرة في الصين إلى المناطق الفقيرة نسبيا، وهي المقاطعات الداخلية المكتظة بالسكان على مدار السنوات القليلة المقبلة.
وقال لو في مقارنة لأربع مدن رئيسية داخلية بمدينة من أكبر قواعد التصنيع في جنوب الصين: إن '' الانتقال للمناطق الداخلية سيقلص من التكلفة. نقدر أن مستوى الأجور في المناطق المكتظة بالسكان مثل تشينجتشو وووهان وشيان وتشنجدو لن يصل لنسبة 70 في المائة مقارنة بتلك الموجودة في دونجقوان''.
وأضاف أن ''هذا يعني أنه إذا انتقلت المصانع إلى المناطق الداخلية ، فإنها ستوفر 30 في المائة من تكاليفها''، مشيرا إلى أن تكلفة الأجور يمكن أن تنخفض بنسبة 50 في المائة بالنسبة للشركات التي تنتقل من شنغهاي إلى المناطق الداخلية.
وبينت تقديرات لعالم الاجتماع يو جيانرونج أن الإضرابات الأخيرة التي حدثت في الشركات الأجنبية التي تستثمر في الصين في جنوب البلاد والمتعلقة بشركتي هوندا موتور وتويوتا موتور وشركات عالمية أخرى هي مجرد عدد قليل من بين عشرات الألوف من النزاعات العمالية التي تحدث سنويا.
وأعقبت الإضرابات فترة شهدت تراجعا كبيرا للأجور مقارنة بالنمو الاقتصادي، حيث خفضت الحكومة الأجور في إطار جهودها للتعافي من الأزمة المالية العالمية. وقال تشانج-هيي لي، متخصص في العلاقات الصناعية في منظمة العمل الدولية في بكين: إن ''الظاهرة الجديدة في هذه الإضرابات هي أنها تعكس بشكل ما قصة نجاح التنمية الاقتصادية الصينية''.
وأضاف لي: ''العمال يكتسبون مزيدا من القوة لأن هناك نقصا في العمالة (المدربة)، وارتفاع الأجور سياسات الحكومة لتضييق فجوات الدخل وتشجيع الاستثمار في مناطق وسط وغرب الصين''.
وقال روش: إن ''ارتفاع الأجور يشكل عنصرا أساسيا من استراتيجية النمو في الصين المؤيدة للاستهلاك، وتمضي بشكل كبير وفقا لنص الإصلاحات العمالية التي بدأت في عام 2004''.
وذكر لي أن ''الصين أصبحت أحد أبرز المجتمعات غير المتكافئة فيما يتعلق بتوزيع الدخل، وتحاول الحكومة معالجة قضايا توزيع الدخل عن طريق التدخل في السياسة الخاصة بذلك''. وهناك إشارات إلى أن السياسات تجدي نفعا، حيث أعلن عدد كبير من الشركات الكبرى خططا لبناء مصانع جديدة في المناطق الأفقر، على الرغم من أنه لا تزال هناك مخاوف تتعلق بالنقل وأوجه البنية التحتية الأخرى. وأعلنت شركة فوكسون تكنولوجي جروب التايوانية عن زيادة في الأجور بنسب تصل إلى 65 في المائة لمئات الآلاف من الموظفين في جنوب الصين بعد إجراء تحقيق في أوضاع العمال نتيجة انتحار عشرة عمال في وقت سابق هذا العام، وتدرس ''فوكسون'' بناء مصنع في تشينجتشو.
ويمكن للمصنع تشغيل ما يصل إلى 300 ألف شخص، بينما أكدت تقارير أخرى لحكومات محلية أن ''فوكسون'' تعتزم أيضا تشغيل 100 ألف شخص في تشينجدو وتجري مفاوضات بشأن مصانع في ووهان وفي مدينة لانجفانج شمال البلاد بالقرب من بكين.
وأعلنت ''فوكسون'' و''هيولت باكرد'' عن خطط لإنشاء مصنع مشترك في مدينة تشونجكينج وسط الصين لتصنيع 20 مليون كمبيوتر شخصي محمول سنويا بحلول عام 2012، بينما أفادت أنباء بأن شركة ديل تفكر في نقل مصنعها الرئيسي من جنوب شرقي الصين إلى مدينة في داخل البلاد. وعلى المدى الطويل، من المرجح أن تترك بعض شركات التصنيع التي تعتمد بصورة قليلة على التكنولوجيا وبصورة كبيرة على العمالة الكثيفة، الصين لتتجه إلى دول أخرى في آسيا ذات تكلفة منخفضة.
وقال لو: ''أعتقد أنه في غضون السنوات الثلاث المقبلة، يمكن أن يكون هذا التوجه واضحا إذا واصل اليوان الارتفاع واستمر ارتفاع الأجور أيضا''. وأوضح تشين- هسيونج مدير مصنع في مدينة بوتيان في جنوب شرق الصين تابع لشركة شيفينج التايوانية لتصنيع الأحذية والمتعاقدة مع شركة نايك، أن ''الأحذية المصنعة في فيتنام أرخص بمقدار يراوح بين خمسة وستة دولارات من التي تصنع في جنوب الصين''. وبين تشين في الشهر الماضي أن ''شيفينج'' أنشأت مصنعين كبيرين في فيتنام وتدرس إنشاء مصانع في الهند وبنجلادش.

الأكثر قراءة