«إصرار» على التنمية
أهداف ضخمة وواضحة تلك التي رصدتها خطة التنمية التاسعة التي أقرها مجلس الوزراء السعودي أمس الأول، وعلى الصعيد الاقتصادي تحديدا هناك شبه تحد وإصرار من الحكومة فيما يتعلق بالاستمرار في الإنفاق بعد أن أقرت الخطة إنفاق نحو 1.4 تريليون ريال خلال السنوات الخمس المقبلة (2010 ـــ 2014) أي بزيادة فاقت 67 في المائة عما رصد في خطة التنمية الثامنة.
الإصرار على الاستمرار في الإنفاق العالي على المشاريع التنموية والبنية التحتية وتنمية الإنسان، ووفق الأهداف التي حددت ومنها خفض معدلات البطالة بين السعوديين إلى أقل من 6 في المائة وبناء أكثر من مليون وحدة سكنية، تؤكد تجاوز المملكة بصورة نهائية لأي تداعيات ''نائمة'' للأزمة العالمية كما يردد البعض.
ميزانية الخطة وحدها وليس التفاصيل، تمنح المملكة مصداقية عالمية تجاه ما تعهدت به أمام العالم في قمم مجموعة العشرين المتلاحقة، كما أنها تؤكد على قدرة الاقتصاد السعودي في التعامل مع الدورات الاقتصادية العالمية بمرونة واحترافية، وهي التي أجبرت بعض الدول في منطقة أوروبا على الاتجاه نحو سياسات الانكماش والتقشف.
دلالات هذه الخطة ـــ التي في تصوري أنها أول خطة تنموية سعودية تقر والعالم يعيش أوضاعا اقتصادية غير مستقرة، بل أزمات مالية طاحنة، على اعتبار أن الأزمة المماثلة ونعني بها أزمة 1923 حدثت والمملكة لا تزال في سنواتها العشر الأولى من التأسيس ـــ تؤكد أن المملكة تسير في مسار تنموي ضخم وفق رؤية ثاقبة من خادم الحرمين الشريفين تتلخص في أن ''الفرص لا تتكرر وعلينا استثمار الوقت والمال''.
ولا ننسى أن هذه الخطة تقر والمملكة العربية السعودية اليوم عضو فاعل ومؤثر في الاقتصاد العالمي، وفي قراراته .. بمعنى آخر لم يعد الاهتمام بخططنا التنموية حكرا علينا، بل بات محل اهتمام الأسواق العالمية ومراكز القرار في الاقتصاد العالمي.
الخطة الضخمة ـــ غير المسبوقة في تاريخ الممملكة ـــ لم تغفل ''التنمية المتوازنة''، فخفضت من نسبة النمو المستهدف للاستثمار في قطاع النفط والغاز تحقيقا لرؤية الملك في الحفاظ على هذه الثروة للأجيال المقبلة.. ولم تغفل عاملي التنفيذ والزمن، فوجه خادم الحرمين، جميع أجهزة الدولة بالحرص الشديد على تنفيذ برامجها ومشاريعها وتحقيق أهدافها في مددها الزمنية المحددة، وإعطاء ذلك أولوية قصوى لما له من تأثير مباشر في رفع مستوى معيشة المواطن وتحسين نوعية حياته.
بقي أن أقول إن نحو 70 في المائة من الإنفاق على هذه الخطة موجه لقطاع تنمية الموارد البشرية الذي يشمل مختلف قطاعات التعليم والتدريب، وقطاع التنمية الاجتماعية والصحة، إضافة إلى ما رصد لقطاعات الخدمات البلدية، الإسكان، الثقافة، النقل والاتصالات، وقطاعات أخرى، وهي كلها مشاريع مرتبطة بحياة الإنسان السعودي.. فهنيئا لنا بالخطة وقائدها وهنيئا لنا بـ ''المصرين على التنمية''.