صناعة إعادة التأمين الإسلامي هل ما زالت بعيدة عن منافسة نظيرتها التقليدية؟
في الوقت الذي تنتشر فيه صناعة التمويل الإسلامي وتنمو سنويا بما يقارب 15 في المائة يرى عديد من المتخصصين في مجال التأمين أن صناعة إعادة التأمين التعاوني لم تكن محظوظة كما هو حال التمويل الإسلامي، وأكدوا في حديثهم لـ «الاقتصادية» عن الموضوع, أن هذه الصناعة ما زالت تواجه عديدا من التحديات وتتعدد أمامها المعوقات وأن سوق إعادة التأمين التعاوني تحتاج إلى وقت وجهد من قبل القائمين على أمور المالية الإسلامية حتى تحقق النجاحات والأهداف المرجوة منها.
#2#
حول الموضوع يقول الدكتور عمر زهير حافظ الخبير في شؤون التأمين إنه إذا افترضنا أن إعادة التأمين التعاوني هي لشركات التأمين التعاوني السعودية، دون الدخول في موضوع شرعية التأمين التعاوني المعمول به، ومدى توافق السوق السعودية مع المعايير الصادرة لشركات التأمين التكافلي أو التأمين الإسلامي، فإنني أقول إن إعادة التأمين التعاوني كي تغطي احتياجات السوق السعودية فإن ذلك يحتاج إلى طاقات استيعابية للإعادة، لا تستطيعها شركة واحدة وهي شركة الإعادة السعودية.
وأضاف حافظ لذلك فإن الجهة الرقابية في المملكة اشترطت أن يعاد تأمين ما نسبته 30 في المائة فقط من عمليات الإعادة للشركات السعودية.
وبحسب الدكتور عمر فإن هذا الموضوع يحتاج إلى تفريق بين إعادة التأمين التعاقدي، وإعادة التأمين الاختياري، فالأول يتم بين شركة التأمين ومجموعة شركات إعادة بقيادة إحداها وعلى أساس عقد سنوي، وعلى أسس استيعابية محددة تتلاءم مع وضع شركة التأمين وإمكاناتها في الاكتتاب والإصدار، وهو الغرض الأساسي لشركة الإعادة السعودية، والثاني يتم على أساس مشروع محدد، حيث يتم توزيع عبء الإعادة بين شركة التأمين، وشركة أو أكثر من شركات الإعادة، وهذا ما سمح لبعض الشركات السعودية بالقيام به، ويتم العمل على أساسه، وأضاف أنا أعتقد أنه لا يمكن مهما تطورت السوق السعودية، ومهما زاد عدد شركات إعادة التأمين الاختياري، أو التعاقدي أن تكون السوق مكتفية محليا، فصناعة التـأمين صناعة عولمة، ولا مجال فيها للإقليمية أو المحلية.
وحول موضوع شركات إعادة التأمين التعاوني يقول الدكتور عمر: أما شركات إعادة التكافل أو التأمين الإسلامي، فإن السوق العالمية تشهد توسعا فيها، مع دخول شركات الإعادة العالمية المعروفة سوق التكافل والتأمين الإسلامي، وتأسيسها وحدات مملوكة لها تتبع منهج إعادة التأمين التكافلي.
وأهم هذه الشركات، هانوفر ري تكافل، وتكافل ري، وبست ري، وغيرها كثير, وعلى أي حال، فإن سوق إعادة التأمين تحتوى على تعقيدات كثيرة وعوامل متعددة، ونجاح شركاته يحتاج إلى وقت طويل، وعناء في بناء الكفاءة والقدرة على مواجهة الأخطار.
#3#
من جهة أخرى، قال الدكتور محمد الجرف: تعد شركات إعادة التأمين قليلة نسبياً على نطاق العالم مقارنة بشركات التأمين, ويرجع الجرف سبب ذلك إلى ضخامة الإمكانات المادية التي تحتاج إليها عمليات إعادة التأمين، إضافة إلى تعقيد عمليات إعادة التأمين مقارنة بعمليات التأمين.
وأضاف الجرف: لما كان قطاع التأمين التكافلي أو الإسلامي حديث العهد نسبياً مقارنة بشركات التأمين التقليدية، إضافة إلى عدم وجود قوانين وأنظمة خاصة تحكم هذه الشركات, علاوة على ضعف إمكانات هذه الشركات نسبياً، إضافة إلى عدم الاتفاق على جواز أسلوب عمل هذه الشركات، فقد انعكس هذا الأمر على شركات إعادة التأمين، حيث يرجع قسم من أسباب ضعفها وقلتها مقارنة بشركات إعادة التأمين التقليدية إلى الأسباب السابقة, فالإمكانات المادية لا تزال ضعيفة نسبياً، إضافة إلى عدم وجود صيغ متفق على جوازها من قبل العلماء المعاصرين، ويشير الجرف إلى أن هذا لعله العائق الأهم, وعلى الرغم من ذلك هناك شركات إعادة تأمين إسلامية أو شركات إعادة تكافل توجد في ماليزيا وفي دبي, وهذه الشركات ـ على حد علمي ـ لا تزال تبحث عن شركات تكافل أو شركات تأمين إسلامية لتتعامل معها, كما أنها تعاني من ضعف الإمكانات المادية نسبياً وأنها تعمل وفق أسلوب شركات إعادة التأمين التقليدي لعدم وجود نماذج إعادة تكافل متفق على جوازها شرعاً، فأغلب البحوث والدراسات يركز على عمليات التأمين بشكل كامل، أما إعادة التأمين فهو موضوع يكاد يكون خارج نطاق البحث والدراسة ربما لاعتقاد الباحثين بأنه ينطبق على إعادة التأمين ما ينطبق على التأمين، وهذا كلام صحيح إلى حد ما ولكن هناك بعض وجوه الخلاف بينهما التي لا تزال تبحث عن حل.
في دراسة أعدها الدكتور صالح أحمد بدار مدير عام شركة التأمين الإسلامية اليمنية سابقا رأى أن السوق ما زالت تواجه عديدا من العقبات والتحديات المستقبلية، ومن أهمها تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتأثيره السلبي على محافظ الاستثمار للشركات إضافة إلى أن شركات التأمين الإسلامية لا تستطيع الاستثمار إلا في المؤسسات التي تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية، ولهذا فإن الاستثمار في النشاطات الاقتصادية العالمية محدود والنتيجة أن عائد هذه الاستثمارات قد يكون غير متوازن, ثم إن عوائد الاستثمارات لدى البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية تأثرت سلبا بسبب الأزمة، ومن المتوقع أن يستمر تأثيرها السلبي لعدة سنوات مقبلة بسبب الأزمة المالية العالمية، كما أن المنافسة حادة بين شركات التكافل والشركات التقليدية، إضافة إلى افتقار الأولى إلى اليد العاملة ونقص الخبرة لا يزال تنعكس آثارها السلبية على شركات التأمين التكافلية.
يشار إلى أن الجهات البحثية الداعمة للمصرفية الإسلامية كان لها جهود عديدة حول تطوير هذه الصناعة، فمثلا هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية كانت قد أصدرت معيارا شرعيا خاصا لإعادة التأمين التعاوني وذلك في المعايير الشرعية التي صدرت عن الهيئة هذا العام وناقش المعيار أهم الضوابط الشرعية التي يجب أن تتوافر ليمكن الحكم على إعادة التأمين بأنه متوافق مع الضوابط الشرعية، كما أوضح المعيار الضوابط المطلوبة من شركة تأمين إسلامية إذا أرادت إعادة التأمين عند شركات تقليدية وكذلك الضوابط التي يجب على شركة تأمين إسلامي مراعاتها إذا أرادت شركة تأمين تجاري أن تعيد لديها تأميناتها.
أما الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل فقد نظمت العام السابق ملتقى التأمين التعاوني وخرج الملتقى بعديد من التوصيات المهمة في مجال التأمين التكافلي وإعادته ورأى الملتقى أن من أكبر معوقات صناعة إعادة التأمين عدم وجود شركاته بشكل كاف لذلك أوصى بضرورة إنشاء عديد من شركات إعادة التأمين الإسلامي كما رأى ضرورة دراسة الصيغ المقترحة لإعادة التأمين حتى تخرج بشكلها الصحيح.