«بيبي تري دوت كوم» الصيني «فيسبوك» للأطفال وأولياء الأمور
بعد ثلاث سنوات فقط من انطلاق موقع بيبي تري دوت كوم، وهو موقع صيني للتشبيك الاجتماعي خاص بأولياء الأمور، فإنه يفاخر الآن بتحقيق نتائج هائلة بكل المقاييس، إذ إن لديه 12 مليون زائر. وتم تأسيسه من قبل ألن وانج، المسؤول التنفيذي فيه، كما تلقى دعماً من شركة ماتريكس للمشاريع المشتركة في بوسطن. وتم الثناء على هذا الموقع، حيث يعد بمنزلة ''فيسبوك الصين'' بالنسبة إلى الأطفال، وأولياء أمورهم. غير أن وانج متواضع لدى حديثه عن نجاح شركته، حيث يقول ''ليس لدينا مكون سري فيما يتعلق بنمونا بهذه السرعة، وإلى هذا الحجم'' ومع ذلك، فإنه يشير إلى أمرين أسهما بقوة في إحداث هذا النمو غير العادي.
ويخص الأمر الأول بهذا الشأن تصميم صاحب هذا الموقع على جعل خبرات زبائنه مفيدة، وممتعة كذلك إلى أقصى درجة ممكنة. ويسمح الموقع لأولياء الأمور بأن يقوموا بتحميل صور عدة، وليس صورة واحدة في كل عملية تحميل. وكان نجاح هذا الأسلوب مثيراً للغاية حتى غدا هذا الموقع أكبر موقع تحميل صور الأطفال، وأولياء الأمور في الصين. واقترب عدد الصور المخزنة فيه من عشرة ملايين صورة.
ويرى مؤسس هذا المشروع أن الحد الأعلى المثالي لتخزين الصور من جانب كل أسرة هو 50 صورة، لأنه إذا أصبح أولياء الأمور يخزنون الصور على الموقع بالمئات، فإنهم قد يعتقدون أنه لا يمكن إدارة مثل هذا العمل، على الرغم من أنه لا يزال سهلاً نسبياً. وإن التزام أصحاب الموقع بمواقفهم المعلنة كان من العوامل المساعدة على زيادة الإقبال عليه، حيث لم يلجأوا إلى إنفاق كثير من الدولارات على الدعاية له. وهم يشجعون الناس على الحديث عن خصائص هذا الموقع في جلساتهم العامة، والخاصة، وأماكن تجمعاتهم، وكذلك من خلال غرف الدردشة الإلكترونية، وكذلك أثناء المناسبات والاحتفالات المتعددة.
غير أن من المحتمل أن خلفية وانج في العمل لدى ''جوجل''، وكذلك فلسفته الداعية إلى ''أطلق الكثير، وأطلقه باكراً''، هذه الفلسفة التي استقاها من عالم ''جوجل'' العملاق، هما اللذان وضعا هذا الموقع الصيني في هذه المرتبة سريعة النمو. وقد أطلق هذا الموقع منذ بداية عمله، وإلى وقتنا الراهن، أكثر من 40 منتجاً تراوح بين تحميل الصور الذي ذكرناه أعلاه، وإطلاق المدونات، وكذلك حملات مبيعات المنتجات الخاصة بالأطفال.
قد تكون خبرته السابقة في ''ياهو''، وكذلك لدى شركة بروكتور آند جامبل، عاملاً مساعداً للغاية له، وذلك كمصدر مهم للإلهام. ويقول معلقاً على ذلك ''أستطيع القول بكل تأكيد إن هذه الخبرات التي اكتسبتها، إضافة إلى خبرتي الواسعة التي حصلت عليها من العمل في جوجل آسيا، علمتني كثيرا من الأمور، ومن بينها الاهتمام، بصورة دائمة، بتطلعات مستخدمي الموقع التي هي محور التفكير الدعائي لدى ''بروكتور آند جامبل''. وتطلق هذه الشركة كثيرا من المنتجات، وعلى نحو سريع للغاية، وتختبر مدى قبول الزبائن بها''.
مع كل ذلك، فإن هذه الخبرات قد لا تكون هي الأكثر فائدة لدى العمل في الصين، حيث يقول وانج ''ما زلت أستفيد من خبراتي، ولكنني أتعلم بصورة مستمرة كيفية الإسراع في طرح المنتجات في ظل بيئة النشاط العملي السائدة في الصين، حتى أتمكن من المنافسة بفاعلية ضمن محددات أهمها قلة الميزانية في مواجهة مؤسسي مشاريع على استعداد لعمل أي شيء في سبيل نزع زمام القيادة من بين يديك''.
ويضيف كذلك، أن هذه الأمور تمثل أسباب تعرض النشاطات العملية للشركات العالمية العملاقة، على غرار جوجل، للمشكلات أثناء محاولاتها التوسع في السوق الصينية. كما أن ذلك يفسر مدى شراسة وحدة المنافسة على صعيد مشاريع الإنترنت. وعلى الرغم من أن هذه الشركات لديها مواهب كبرى، إلا أنها قد لا تكون ذلك النوع من المواهب الذي يتلاءم مع بيئة النشاط العملي في الصين.
ولعلّ من الوسائل المفيدة لهذه الشركات توظيف المواطنين المحليين، حيث يعتقد وانج أن بإمكانك توظيف أناس لا تعرفهم جيداً، ولكن سبق لهم أن أثبتوا قدراتهم العالية، بصورة ممتازة، في مواقع أخرى حين كانوا يديرون نشاطات عملية محلية. ويعمل هؤلاء المحليون مع أناس قادمين بخبرات غريبة منوعة، ولكن دون معرفة كافية بظروف ومتطلبات بيئة العمل المحلية.
وعلى الرغم من نجاح وانج في التعامل مع ظروف البيئة المحلية، كما أنه أصبح من رموز نجاحها، إلا أن نشاطه العملي اجتذب كثيرا من انتباه شركات المواقع الإلكترونية الأجنبية العاملة في الصين، حيث يتأتى 60 في المائة من دخل موقعه من هذه التعاملات.
إنه لا يبدي أي إشارات إلى احتمال إبطاء اندفاع نشاطه العملي هذا، مع أنه يقول صراحة إنه لا يفضل اتباع أسلوب الطرح العام الأولي. ويصف وانج نشاطه العملي بأنه مربح، وبالتالي، فإنه ليس بحاجة إلى جمع مزيد من المال من خلال الطروحات الأولية العامة. ولا تشكل هذه الطروحات أولوية لديه، حيث إن الأهم هو استمرار الاندفاع باتجاه التوسع، وضم كثير من المستفيدين بوتائر سريعة للغاية.
ويُولد في الصين 15 مليون طفل في كل عام. ويضرب هذا الرقم في ستة، فإن هذا الموقع يستقطب أعداداً كبيرة من أفراد الأسر في كل عام. كما أن الأطفال حين يكبرون سيستخدمون هذا الموقع على شبكة الإنترنت. وعلى الرغم من توقع نمو أعداد المشاركين بعشرات لملايين، فإن وانج يقول ''إننا ما زلنا في نطاق الوصول إلى شريحة ليست كبيرة من المجتمع الصيني ككل''.