«السرية التسويقية» لمشاريعنا الضخمة

نعلم أن المشاريع العملاقة في المملكة والدول المجاورة والعالم لا يهدأ ضجيجها على ميدان المشروع وفي دوائر المؤسسات الحكومية والخاصة المتربطة بها أو في التغطيات الإعلامية، إلا عندما تنتهي وتصبح حقيقة ماثلة للعيان.. ولنا في الضجيج الذي أحدثه برج خليفة في دبي خير مثال.
لقد زرت هذا البرج ومعي نحو 100 صحافي من جميع أنحاء العالم عام 2006 وهو لا يزال في مراحله الأولى، وعلمنا عنه كل شيء تقريبا، قبل أن يكتمل ويصبح أطول بناء صنعه الإنسان في التاريخ.
في المملكة يبدو أن هناك خجلا أو سوء تخطيط في تسويق مشاريعنا الكبرى، لكني لا أعلم هل يتم ذلك بقصد أو دون قصد؟ فرغم ضخامة المشاريع التي نفذت في مكة على صعيد الجمرات والجسور والقطارات، إلا أننا لم نشهد مؤتمرا صحافيا واحدا ضخما للجهة المسؤولة عنها أو الشركات المنفذة لها.
وأخيرا شهدنا كيف تناقلت وكالات الأنباء العالمية خبر أكبر ساعة في العالم وثاني أكبر بناء في تاريخ البشرية، وقد انطلق ماثلا للعيان مع بداية رمضان الكريم، لكن هل شهدنا أي مؤتمر صحافي يخبرنا عن مزايا هذا البناء وتفاصيله؟.. أتذكر هنا أن معلومات من مثل كم طن حديد استخدم؟ أو كم رجل بناء شارك في المشروع؟.. بل حتى كم ساعة عمل؟ كانت ترد إلينا أسبوعيا عن مشروع "خليفة".. كل تلك المعلومات وأكثر كانت حاضرة في مشاريع من مثل برج خليفة واختفت لأسباب لا نعلمها في مشاريعنا الكبيرة.. فلم نسمع تفاصيل عن أبراج البيت، ولا عن تكلفة الساعة أو عقاربها، ولم نرَ صورا حية لعملية نقل أجزائها.. أو صورة حية لأول دقيقة "تدقها" في تاريخها.
مركز الملك عبد الله المالي.. هو الآخر مشروع ضخم وجبار ويعمل فيه المئات ليل نهار، وبدأت ملامح ضخامة المشروع ظاهرة للمارة من وسط شرق العاصمة الرياض.. لكن تفاصيل المشروع لا تزال سرا.. نعم فإننا لا نعلم عن عدد الأبراج المشيدة فيه، ولا طبيعتها، ولم يخبرنا المشرفون عليه أو المقاولون، سواء في الصحف أو في مؤتمر صحافي أو حتى في إعلان تسويقي، عن أي شيء يُذكر.
لماذا هذه "السرية التسويقية" لمشاريعنا الوطنية رغم أن التسويق لمثل هذه المشاريع لا يعود بالفائدة عليها وحدها.. بل هو تسويق لنشاط وحيوية بلد بأكمله؟..
جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية التي فاجأت كل السعوديين بين عشية وضحاها شامخة على شواطئ ثول يصدح ذكرها في الأرجاء، هي الأخرى برهان على أننا لا نحسن التهليل لمشاريعنا التنموية والاستثنائية كما يفعل الآخرون.. فهل نتدارك ذلك؟.. هذا والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي