الصناديق الاستثمارية الإسلامية تعود للتعافي من جديد
مع بداية الأزمة المالية العالمية نهاية عام 2008 تأثرت المصرفية والبنوك عامة في جميع قطاعاتها، وكان من ضمن القطاعات الأكثر تأثرا قطاع الاستثمار، ولم يكن القطاع الاستثماري المتوافق مع الشريعة الإسلامية بعيدا عن هذا التأثر، وكان إطلاق الصناديق الاستثمارية قد وصل إلى أعلى مستوياته في عام 2007، حيث تم إطلاق 173 صندوقاً، ومنذ ذلك الوقت شهد إطلاق الصناديق الاستثمارية الإسلامية تراجعاً كبيراً وملحوظاً إذ تم خلال فترة الأزمة تصفية أكثر من 27 صندوقا استثماريا متوافقا مع الشريعة وتدهورت الأصول المدارة من قبلها لتصل إلى 19 تريليون دولار.
ومع تحسن وتعافي الأسواق المالية كانت المتوافقة منها مع الشريعة الأسرع تحسنا إذ أظهر التقرير السنوي الرابع للصناديق والاستثمارات الإسلامية 2010، الذي قدمته مجموعة الخدمات المالية الإسلامية في «أرنست آند يونج - الشرق الأوسط» أن الأصول المدارة للصناديق المشتركة العالمية مؤشرات إيجابية على تعافيها بعد المستويات المنخفضة التي وصلت إليها خلال العامين الماضيين، إذ بلغت 22 تريليون دولار في 2009، كما بلغ مجمل أصول صناديق الاستثمار الإسلامية العالمية 52.3 مليار دولار خلال عام 2009 مستقرة عند المستوى نفسه الذي سجلته في عام 2008 (51.4 مليار دولار)، وفقاً لوكالة الأنباء الكويتية.
هذه الأرقام جعلت المسؤولين يصرحون بأن هذا الاتجاه الذي أظهره التقرير يعد تأكيداً على الأفضلية الواضحة للصناديق الاستثمارية الإسلامية العالمية.. الأمر الذي يحفز لتبني استراتيجيات ونماذج تشغيلية متقدمة بما يحقق مستويات جديدة من التوقعات.
من ناحية أخرى، أظهرت بعض الشركات المتخصصة أن الصناديق الإسلامية يمكنها الاستفادة من نمو الشركات الأمريكية، وقال مدير صندوق استثماري تابع لشركة ساتورنا الماليزية إن أسهم شركات السلع الاستهلاكية والطاقة الأمريكية تمثل فرصاً جيدة أمام الذين يستثمرون وفقاً للشريعة الإسلامية، والذين يسعون للاستفادة من النمو الناشئ في الأسواق العالمية.
ومن بين الخيارات التي تهتم بها شركة ساتورنا الماليزية لإدارة الأصول الإسلامية، شركة نوبل كورب للحفارات النفطية البحرية، وشركات السلع الاستهلاكية الأساسية، مثل «بروكتر آند جامبل» و»كيلوج» و»جنرال ميلز».
وكان أليكس ماتوري، المدير التنفيذي لـ «ستاندرد آند بورز بورتفوليو سيرفيسيز» قد قال لوسائل الإعلام في وقت سابق «إن معدلات الاستثمار بشكل متوافق مع الشريعة الإسلامية نمت بشكل مطرد وكبير وملحوظ خلال السنوات الأخيرة.»
وكانت «صناديق دبي شريعة لإدارة الأصول الإسلامية - كوثر للسلع» التابعة لـ «مركز دبي للسلع المتعددة» قد حصدت أعلى مراتب التقدير من خلال فوزها بجائزة «أفضل الصناديق الاستثمارية» في الحفل السنوي لـ «فيلكا 2010 للصناديق الإسلامية» الذي أقيم في دبي أخيرا.
هذه الأوضاع رفعت من أداء الصناديق الاستثمارية الإسلامية وجعلتها تعود نحو تحقيق الأرباح من جديد وتحسن عديد من الصناديق الآسيوية المتوافقة مع الشريعة لتعود إلى تحقيق نسبة النمو نفسها التي كانت تحققها قبل الأزمة خاصة في الأسواق الناشئة.
هل ستستمر الصناديق الإسلامية نحو هذا النمو وتعوض أولئك الذين خسروا ثرواتهم وعادوا إلى الصفر بسبب خسارة هذه الصناديق؟ سؤال ستجيب عنه الأيام المقبلة.
يشار إلى أن صناديق الاستثمار المتوافقة مع الشريعة تتنوع ما بين صناديق تقوم على صيغة الوكالة بأجر وأخرى تقوم على صيغة المشاركة وتعدد استثماراتها ما بين الأسهم والعقارات وعقود المرابحات في أسواق السلع الدولية والصكوك، وينتقد العديد اقتصارها على هذه الاستثمارات دون التوسع كذلك جمود أغلبها على صيغة الوكالة بأجر دون التفعيل الحقيقي لدور المشاركة التي قامت على أساسها فلسفة الاستثمار الإسلامي في المصارف الإسلامية حين بداية انطلاقها.