فقهاء ومحامون يجتمعون على 3 خيارات لإعادة هيكلة الصكوك
تفاعل فقيهان بارزان في صناعة المال الإسلامية مع التحقيق الذي نشرته ''الاقتصادية'' في الأسبوع الماضي حول حالات التعثر التي ضربت صناعة السندات الإسلامية، وذلك بعد أن قفزت تلك الحالات إلى 21 حالة في آخر 20 شهرا من السنة الحالية.
وكشف الفقيهان اللذان يجلسان ضمن المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة، ولأول مرة، عن تفاصيل الخيارات الثلاثة الخاصة بإعادة هيكلة الصكوك المتعثرة.
وتعذر كشف تفاصيل هذه الخيارات في الفترة السابقة نظرا لمحاولة الفقهاء والمحامين ''تكييفها'' مع تعاليم الشريعة، حيث تعد قضايا ''إعادة الهيكلة'' من الأمور الجديدة على صناعة الصكوك.
وتم إيجاد تلك الخيارات لمساعدة حملة الصكوك على عدم تصعيب الأمور على الشركة المصدرة للصكوك وذلك بإجبارها على الإفلاس، مما يعني أن الصورة ستكون ضبابية ومظلمة لمسألة استعادتهم رأس المال.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
تفاعل فقيهان بارزان في صناعة المال الإسلامية مع التحقيق الذي نشرته "الاقتصادية" في الأسبوع الماضي حول حالات التعثر التي ضربت صناعة السندات الإسلامية، وذلك بعد أن قفزت تلك الحالات إلى 21 حالة في آخر 20 شهرا من السنة الحالية، حيث كشف الفقيهان اللذان يجلسان ضمن المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة، ولأول مرة عن تفاصيل الخيارات الثلاثة الخاصة بإعادة هيكلة الصكوك المتعثرة.
وتعذر كشف تفاصيل هذه الخيارات في الفترة السابقة نظرا لمحاولة الفقهاء والمحامين "تكييفها" مع تعاليم الشريعة، حيث تعتبر قضايا "إعادة الهيكلة" من الأمور الجديدة على صناعة الصكوك.
وتم إيجاد تلك الخيارات لمساعدة حملة الصكوك على عدم تصعيب الأمور على الشركة المصدرة للصكوك وذلك بإجبارها على الإفلاس، مما يعني أن الصورة ستكون ضبابية ومظلمة لمسألة استعادتهم رأس المال.
وكان اللافت في النظر أن معظم هذه الخيارات لا يضمن تحقيق الأرباح لحملة الصكوك بعد انقضاء المدة الاستثمارية، ولا حتى ضمان استرجاع القيمة الأصلية (رأس المال) للاستثمار المدفوع.
وتأتي تلك التطورات كتأكيد للدراسة البحثية التي نشرتها "الاقتصادية" قبل أقل من شهرين والتي تكشف عن احتمالية ضياع حقوق حملة الصكوك في حالة تعثر جهة الإصدار، وذلك بعد أن اتضح أن 2 في المائة فقط من إصدارات الصكوك تضمن وثائقها استرجاع المستثمرين حقوقهم، والنسبة الباقية تميل لمصلحة جهة الإصدار.
وفي حين تضمن الصكوك "المدعومة بالأصول "Asset Backed انتقال ملكية هذه الأصول إلى حملة السندات الإسلامية، الأمر الذي يعني امتلاكهم الحق في النفاذ إلى موجودات الصكوك وبيعها في حالة حدوث حالة تعثر من جهة الإصدار، فإن الصكوك "المرتكزة إليها الأصول "Asset Based. لا تضمن هذه الميزة. ومن هنا تأتي الخيارات الثلاثة لإعادة الهيكلة.
وبحسب الأنباء القادمة من الصناعة، فإن للمتعثرين ثلاثة خيارات يعرضونها على حملة الصكوك. الخيار الأول الذي يصعب إيجاد مقابل دقيق له باللغة العربية يعرف بـ Haircut وهو أن يتسلم حملة الصكوك 70 ـــ 80 في المائة من القيمة الاسمية لاستثماراتهم في هذه الأوراق المالية. أي أنهم سيخسرون بتنازلهم هذا 20 ــــ 30 في المائة من المبلغ الأصلي الذي استثمروه، إضافة إلى الأرباح.
أما الخيار الثاني فيكمن في تمديد فترة استحقاق الصك من خمس سنوات إلى سبع سنوات على سبيل المثال. في حين يتعلق الخيار الثالث بمبادلة الدين بالأسهم DEBT/ EQUITY SWAP.
خصم على الطريقة الأرجنتينية
وغالبا ما يرغم حملة الصكوك على تفضيل خيار Haircut أو الخصم وذلك لكون الشركة المصدرة للصكوك قد دخلت مرحلة "الوضع المالي المتعثر" وهو ما يعرف لدى الاقتصاديين بـ financial distress بمعنى أنه لا يوجد " تدفق نقدي" لا من أصول الصكوك ولا من موجودات الشركة المصدرة.
وعليه يصبح خيار تمديد استحقاق الصكوك ليس مطروحا على الطاولة وعلى الطريقة الأرجنتينية في إعادة الهيكلة يحاول الفقهاء والمحامون تكييف الحلول التقليدية مع الشريعة.
حيث تحاول الحكومة الأرجنتينية عرض 20 مليار دولار على حملة سنداتها التي تعثرت قبل تسع سنوات.
#3#
ويؤكد لـ "الاقتصادية" الفقيه الماليزي البارز محمد داود بكر أنه لكي تكون عملية الهايركوت Haircut متوافقة مع معايير هيئة المحاسبة، فإن على مزودي رأس المال (يقصد حملة الصكوك) الموافقة على عملية الخصم (20 ـــ 30 في المائة من رأس المال) لكي يتنازلوا ويحصلوا على تسوية مبكرة، مشددا على أنه في مثل هذه العقود فليس هناك ضمان لرأس المال.
وعندما سئل داود عن وجهة نظرهم كفقهاء وكون الخيار الأول لا يحمي حقوق حملة الصكوك، قال إن هذا النوع من الاستثمارات ليس للمستثمرين العاديين بل لأولئك المستثمرين الذين يميلون إلى المنتجات ذات التعقيد والهندسة المالية، مبينا في الوقت نفسه أنه كان على حملة الصكوك أن يمعنوا في قراءة وثيقة الاكتتاب جيدا قبل عملية الاستثمار.
وتتوافق تلك التصريحات مع ما ذكره الشيخ نظام يعقوبي في وقت سابق وذلك عندما وصف حملة الصكوك بـ "الجهلة" جراء عدم درايتهم بالأمور القانونية والمذكورة في ثنايا وثيقة الصك قبل شرائه في المقام الأول.
وقال يعقوبي خلال قمة يوروموني السابقة: "كل صك يمثل حالة خاصة له وفقا لما هو مذكور في وثيقة الصك. وعليه فلا بد للفقهاء والمصرفيين والمحامين وحملة الصكوك قراءة هذه الوثائق بشكل دقيق. فأي واحد لا يقوم بفعل ذلك ويقوم بشراء الصك، إذن فهو جاهل, فماذا تفعل مع الجهلاء؟".
وكشف يعقوبي كيف أن حملة الصكوك يقذفون بأنفسهم في شراء أدوات مالية وهم لا يعرفون الثنايا القانونية المذكورة في وثيقة الصك، وكيف كان ذلك سببا في تعريض أنفسهم للمخاطر.
حيث يقول: "عندما يسألونني ويقولون هل هذا الصك هو عبارة عن "ملكية" أو "دين" أو بعض الأحيان يسألونني فيما إذا كانت ملكية الأصول قد انتقلت إلى حملة الصكوك أو لا، أقول لهم اقرؤوا وثيقة الصك لمعرفة الإجابة.
وبعض الأحيان يأتون إلي بعد سنة ويقولون إننا اعتقدنا عندما اشترينا هذه الصكوك أننا نملك الملكية الكاملة لهذه الأصول، الأمر الذي يسمح لنا ببيعها في السوق. وأقول لهم إنهم جهلاء نظرا لأن الوثيقة لا تذكر ذلك".
الخيار الثاني
ويعد الخيار الثاني أخف وطأة من الخيار الأول، إلا أن ضمان استرجاع رأس المال غير مضمون بالكامل.
حيث يميل حملة الصكوك، في حال كان التدفق النقدي للشركة المصدرة قويا، يميلون إلى قبول عرض "تمديد" فترة استحقاق الصك بزيادة سنة إلى ثلاث سنوات على المدة الأصلية.
وهنا يظهر مصطلح " تكلفة الفرصة الضائعة"opportunity cost إلى الوجود. بمعنى أنه ولولا فترة التمديد لكانت قد تمت "إعادة" استثمار أموال الصكوك من قبل المستثمرين، إلا أن خيار "تمديد" أجل الصكوك حرم المستثمرين هذه الفرصة.
وفي الصرافة التقليدية يتم تعويض "تكلفة الفرصة الضائعة". عبر زيادة الفائدة على الدفعات الدورية للسندات، إلا أنه لا يمكن تطبيق ذلك الشيء مع الصكوك لأن ذلك من الربا.
#2#
وعندما سألت "الاقتصادية" الفقيه الدكتور محمد علي القري عن الرؤية الشرعية حول كيفية تعويض حملة الصكوك عن "تكلفة الفرصة الضائعة"، قال إن ذلك يعتمد على طبيعة الصكوك.
فإذا كانت صكوك "إجارة" فإن خيار تمديد تاريخ الاستحقاق يعني تمديد عقد الإيجار بحيث يكون تحت شروط جديدة، تشتمل على إيجار مرتفع. ويتابع :" أما إذا كانت صكوك مشاركة، فإن مدة العقد قد يتم تمديدها مع تعديل نسبة المشاركة في الربح (بين الطرفين)".
عقود المبادلة مع الخيار الثالث
أما الخيار الثالث فيتعلق بمبادلة الدين بالأسهم DEBT/ EQUITY SWAP. ويكفي اسم العقد ليظهر أنه قد تم استنباطه من الصرافة التقليدية.
حيث يتم اللجوء لهذا العقد عندما يكون للشركة المصدرة ديون ضخمة لا تقدر على سدادها، فهنا تعرض على دائنيها خيار مبادلة هذه الديون بأسهم في شركتها. وهنا تأتي أهمية المعرفة الشرعية في هندسة عقد قانوني يؤدي مهمة العقد الربوي التقليدي نفسها ولكن بطريقة شرعية.
وهنا يقول الفقيه داود، الذي عرف عنه أنه أكثر الفقهاء ابتكارا للحلول المصرفية، إن الصكوك ليست دينا، بل هي حقوق ملكية في الأصول القائمة عليها إصدارات الصك.
وعليه فبالإمكان تحويل ملكية الأصول هذه، في حالة التعثر، إلى أسهم في الشركة المصدرة، شريطة اتفاق الطرفين. وهنا يضيف القري بقوله إن بإمكان طرف ثالث شراء الأصول بدلا من الجهة المصدرة. بحيث تستخدم قيمة هذه الأصول في شراء أسهم في الشركة المصدرة للصكوك.
ولم تكن الصناعة، إبان أزمة الصكوك المتعثرة في السنة الماضية، قادرة من الناحية الشرعية على التفاعل مع طلبات إعادة هيكلة الصكوك التي انهالت على مكاتب المحاماة.
ونقلت "الاقتصادية" في حينها عن مصادر قانونية مطلعة أن مكاتب شركات المحاماة العالمية بدأت في تسجيل "زيادة" ملحوظة في أعداد الشركات الخليجية التي سبق لها أن أصدرت صكوكا، إلا أنها تعتقد أن لديها مؤشرات تفيد بأن صكوكها ستتعثر خلال الأشهر الستة المقبلة، وعليه "تستبق" الوضع عبر طلب"إعادة هيكلتها" ليتسنى لها الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه حملة سنداتها.
يذكر أن سنة 2010 لم تكن متباينة عن السنة التي قبلها، بعد أن قدمت للساحة الإسلامية ست حالات تعثر مقسمة مناصفة بين الخليج وباكستان وماليزيا.
من جانب آخر، تراجعت مبيعات الصكوك بنسبة 22 في المائة هذا العام بسبب التراجع في الطلب بعد أزمة صكوك دبي العالمية، التي تعتبر واحدة من أكبر ثلاث شركات رئيسية مملوكة للدولة في الإمارات.
وتبلغ قيمة صناعة المصرفية الإسلامية نحو تريليون دولار من الموجودات. ولا بد للصكوك من الالتزام بالتحريم الذي فرضه الإسلام على الربا. وبالتالي فإن الموجودات التي من قبيل العقارات يتم في العادة تأجيرها، وتكون الدفعات التي تصرف للمستثمرين عادة على شكل إيجار أو أرباح من استخدامات العقار. وتشكل جهات الإصدار شركات للأغراض الخاصة تحتفظ بالملكية المنقولة، وتظل الملكية في أيدي المقترض.
ولا يتمتع المستثمرون في الصكوك بحق الرجوع على الأصول التي تقوم عليها الصكوك، ولا يستطيعون إكراه الشركة على التصفية في حالة التعثر ، كما قال خالد هولادار، وهو محلل ائتماني أول لدى "موديز".
## الخيارات الثلاثة لإعادة هيكلة الصكوك المتعثرة:
ـــــ خيار Haircut أو الخصم وهو أن يتسلم حملة الصكوك 70 ــــ 80 % من القيمة الاسمية لاستثماراتهم.
ــــ تمديد فترة استحقاق الصك بزيادة سنة إلى سنتين.
ـــــ خيار مبادلة الدين بالأسهم بحيث تحول ملكية أصول الصكوك إلى أسهم ملكية في الشركة المصدرة.