هيئة الطيران المدني وتوقف «سما»؟
بعد الكثير من الشائعات المتداولة في الوسط الاقتصادي، أعلنت ''سما'' إيقاف رحلاتها لأجل غير معلن لإيقاف الخسائر التشغيلية التي منيت بها هذه الناقلة الاقتصادية. ويأتي قرار ''سما'' موفقا بعد انتهاء موسم السفر وتمتع شركات الطيران في المملكة والمنطقة من سوق السفر السعودي الخاص بالإجازة الصيفية، حيث يكون الطلب على المقاعد أكثر من المعروض هذا إضافة إلى ارتفاع أسعار التذاكر. توقف ''سما'' يحمل الكثير من الدروس المستفادة، أهمها ضعف صناعة النقل الجوي في المملكة والذي تتحمله في الدرجة الأولى الهيئة العامة للطيران المدني. فرغم الموازنات السابقة والموارد المتاحة، فإن واقع البنية التحتية وجودة المطارات وفاعلية التشريعات، غير لائقة بالمكانة الدولية والاقتصادية للمملكة. لو نظرنا إلى التشريعات الحالية والخاصة بالمشغلين الجويين، لوجدناها مكبلة لكل من طيران ''سما'' و''ناس'' من جوانب تشغيلية أساسية لأي نموذج نقل جوي. فبينما تنعم الخطوط السعودية بوجهات لمحطات ذات كثافة وعوائد عالية High Capacity & Yield routes بصفتها الناقل الوطني، يتم إجبار ''سما'' و''ناس'' على التشغيل لمحطات ضعيفة العائد وضعيفة الكثافة مما جعل تلك الشركات تعمل بالسالب في فترات السنة غير الموسمية. ثم يأتي جانب تشغيلي آخر وهو تكلفة الوقود المباع داخل المملكة مقارنة بالمنافس وهو ''الخطوط السعودية''. التفرقة في أسعار الوقود من منشأ واحد غير أخلاقية تجاريا في الدرجة الأولى وكفيلة بإخراج أي منافس نظرا لما تشكله تكلفة الوقود بالنسبة للتكلفة التشغيلية الشاملة لكل ساعة طيران والتي تصل إلى 40 في المائة. المناولة الأرضية هي الأخرى تشكل جانبا آخر حيث تحظى بعض الشركات بمزايا وتسهيلات دون شركات أخرى. مسافر ''ناس'' إلى مطار جدة عليه أن يضيف نصف ساعة إلى زمن الرحلة يقضيها وقوفا في الحافلة التي تقله من موقف الطائرة إلى الصالات، حيث سوء إدارة مواقف الطائرات في مطار يتميز بالمساحات الشاسعة والفوضى العارمة. انهيار شركة سما يلقي بظلال كبيرة على الهيئة العامة للطيران المدني ويدعو متخذ القرار إلى التدخل لإنقاذ هذا القطاع الذي وصل الأمر به أن تذهب موارده إلى الدول المجاورة لعجز الإدارة الحالية في إدارته وتطوره.