ما هذا الاقتصاد «القوي المريض»؟!

بدءا من سبتمبر 2001 وحتى سبتمبر 2010، دار الاقتصاد الأمريكي ــ أكبر اقتصاد في العالم ــ داخل أسوأ دائرة في تاريخه، انطلاقا من تداعيات أحداث 11 سبتمبر، ثم ما تلاها من حربين هما الأعلى تكلفة في تاريخ الحروب البشرية (العراق وأفغانستان)، فكاترينا .. التي أطاحت بما تبقى من سمعة ببوش، وفي خضم ذلك تضرب أزمتان اقتصاديتان عمق الاقتصاد في الولايات المتحدة، القطاع العقاري وقلبه النابض القطاع المالي، وذلك في العام 2008، لتنتهي السنوات العشر "العجاف" على اقتصاد العم سام في 2010، بكارثة بقعة النفط في خليج المكسيك، والتي أحدثت أثرا على نحو 55 في المائة من الاقتصاد الأمريكي.
بزعمي لو اجتمعت كل تلك الأزمات الجسام، على اقتصاد قارة وليس دولة، لجعلتها "أثرا بعد عين" .. فكيف استطاعت أمريكا الصمود؟ بهذه الأفكار رحت أتساءل، ورغم أنني وجدت الإجابة بين ثنايا معرفتي الضحلة بخبايا هذا "الاقتصاد المنيع"، وهي مسألة "الدولار" أولا، ثم السياسة والقوة العسكرية ثانيا، إلا أنني أعتقد أن تلك السمات لم تكن وحدها الضامن المعزز لبقاء اقتصاد تضرر في 10 سنوات بشكل لا يعقل حتى صار وجهه "قبيحا" في الأسواق العالمية، بديون هي الأعلى في تاريخ الإنسان، ولكنه لا يزال "يتنفس" .. فيكف إذا؟
صحيح أنه يتنفس داخل غرف "العناية المركزة" حتى طلائع هذا العام والتي بدأت معها أجزاء من جسمه في الخروج إلى غرف "الملاحظة العادية"، ولكن "البقعة المتسربة" في أهم واجهات أمريكا البحرية "سممت الأجواء"، كما أن متاعب "القارة العجوز" أحدثت انقساما في سبل معالجة الأجواء الاقتصادية العامة خلال اجتماع قمة العشرين الأخيرة في "تورنتو"، ما انعكس على الداخل الأمريكي.
أعتقد أن مساعدة الآخرين والآخرين وحدهم .. سواء كان ذلك بقصد أو عن غير قصد، هي التي أبقت هذا الاقتصاد "حيا يرزق" .. بالمشاركة بفعالية في إدارة الأزمة العالمية من جانب، والتمسك بالدولار عملة للاحتياطيات الدولية من جانب آخر، وشراء السندات الأمريكية، بل إن كتابا اقتصاديين قالوا إن الصين كانت تستطيع انتزاع الصدارة من أمريكا في هذه الأزمة .. لكنها لا تريد .. والسؤال هنا: لماذا تم التمسك بزعامة أمريكا للاقتصاد العالمي، وتقديم يد العون لها رغم أن "مرضها عضال"؟ .. لم أتيقن بعد من الإجابة بشكلها الدقيق، ولكن الأيام المقبلة ستكفل لنا إجابة وافية ونعني بالأيام المقبلة عشر سنين أخرى، وإلى ذلك الحين على الاقتصاديين والتجار وأصحاب القرار العمل بحذر داخل هذا الاقتصاد، فالوجهة شرقا "باتت أسلم".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي