الرسول كان يستشير الصحابة في قضايا المشركين
أكد الحميدي أن: ''هذا من الرشد والتوفيق أن عقد البيعة للإمام يعطيه صلاحية أن يطاع أمره ويستقل بحكم عقد البيعة له. يستقل بالمصالح الكبار وبالأمر ما دام لم يأمر بمعصية صريحة لله، ومع ذلك مع استقلاله بهذه الأهلية والصلاحية التي صارت له بحكم اجتماع الكلمة وعقد البيعة من التوفيق والرشد أن يستشير الأمناء والراشدين''.
وأشار إلى أن :'' العقلاء وأهل العلم كلٌ في تخصصه سواء بمجالس الشورى، أو بلجان تدرس جوانب معينة وتعطيه رأياً ناضجاً فيها وبالتالي يتبناه أو لا يتبناه، بحسب ما يراه هو أيضاً باستقلاله واجتهاده ونظره في مصالح من يتبعه وما تحت ولايته وعقده ورعايته والذين أعطوه البيعة وثقتهم ليكون إماماً عليهم فالاستشارة هي من المصالح الكبرى العظيمة النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ مع أنه هو المؤيد بالوحي لكن كان يستشير''.
وأضاف:'' لذلك يقول العلماء كان النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ يستشير في العقود التي فيها المصالح الكبرى للأمة باعتبار مقام إمامته وولايته، أما القضايا الدينية ما يستشير فيها فالنبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ يوحى إليه ''صلوا كما رأيتموني أصلي''، و''خذوا عني مناسككم'' ما يستشير الصحابة هل نقف في عرفة أو لا نقف في مزدلفة؟ هل نصلي الظهر أربع ركعات؟ أو أن زكاة الإبل كذا ما فيها استشارة لأحد، لأن هذا مقتضى النبوة، لكن يستشيرهم لما نخرج للمشركين عام أحد نقابلهم خارج المدينة أو نتحصن في المدينة فيستشير أكثر الصحابة وربما خص بالاستشارة بعضهم وربما خص بالاستشارة أبا بكر الصديق فقط كما استشاره''.
وأوضح: ''ربما استشار أبا بكر وعمر حسبما يقتضيه الحال ويراه هو، أنهما سيعطيانه الرأي الصائب حتى قال أبو هريرة: ما رأيت أحداً ـــ وهذا عند الحاكم في المستدرك والترمذي ـــ أكثر مشورة لأصحابه فيما لا يوحى إليه شيء من النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ استشارهم وأخذ برأي الحُباب بن المُنذر في منزل بدر، أخذ برأي الصحابة وأكثرهم في الخروج إلى أحد، أخذ برأي أبي بكر في قبول الفدية في الأسرى وغير ذلك من الأمور الكثيرة''.
وأوضح :'' أن أيام خلافة أبي بكر الصديق وهو حديث أبي هريرة يقول حج أبو بكر ـــ رضي الله عنه ـــ أيام خلافته فرأى امرأة في الموسم ساكتة لا تتكلم، هكذا في الصحيح فسأل ما بالها لماذا ما تتكلم؟ قالوا إنها نذرت أن تحج مصمتة يعني ساكتة تحج ما تتكلم كذا رأت أن هذا نذر عظيم، فدعاها الصديق أبو بكر وقال يا هذه تكلمي فإن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية ما يغير في حجك بل من سنن الجاهلية وأعمالهم فتكلمت فكان أول ما تكلمت سألته قالت له من أنت؟ قال أنا رجل من المهاجرين وهذا سبب إدخال البخاري الحديث في كتاب الهجرة قالت من أي المهاجرين قال من قريش قالت من أي قريش قال إنك لسؤول يعني ليتنا خليناك ساكتة وارتحنا من هذه الأسئلة، إنك لسؤول، أنا أبو بكر صاحب رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ فسألته سؤال الحقيقة، قالت ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاءنا الله به''.
#2#
وأضاف:'' قال الحافظ في الشرح تعني بهذا الأمر الصالح ما جاء الله به من الإسلام بعد الجاهلية واجتماع كلمة المسلمين على إمامهم بما يحقق مصالحهم، هكذا نص الحافظ بن حجر في فتح الباري فقال له أبو بكر الصديق أجاب بجواب أيضاً فيه حكمة وعظمة تعطي الضمانة بالاستمرار على هذا الأمر الصالح ما هو فقال ما استقاموا لأئمتهم واستقامت لهم أئمتهم، هذا في البخاري، يراجع في صحيح البخاري، فالصديق ـــ رضي الله عنه ـــ وهو الآن في موضع الإمامة والقيادة للأمة وهو من هو في فضله وشرفه إذ لا يسبقه أحد من المسلمين هو أفضل الأمة بعد النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ بلا شك وفضائله كثيرة وعلمه غزير ـــ رضي الله عنه ـــ قال ما استقاموا أي الرعية لأئمتهم، وما استقامت لهم أئمتهم، ففيه تقابلية لا بد من استقامة الجهتين لتقع المصالح الكبرى الأمر الصالح الذي جاءنا الله به ومنه اجتماع الكلمة''.
وأشار إلى:'' فسألت سؤالاً آخر قالت ما الأئمة قال كل عشرة أنفار اجتمعوا فرأسوا فيهم واحداً ولا كل خمسة اعتزلوا هناك فأمروا فيهم واحداً، ما الأئمة؟ قال ألم يكن لقومك في الجاهلية رؤوس يصدرون عن رأيهم ألم يكن لقومك في الجاهلية رؤوس القبائل أيام العرب يصدرون عن رأيهم وتجتمع عليهم كلمتهم، قالت بلى قال كذلك هم من الناس، رؤوس تصدر الأمة عن رأيهم واجتهادهم وقيادتهم ولهم مصلحة أو صلاحية معينة هي مقتضيات الإمامة بتقدير المصالح العظيمة التي تحدثنا عنها، فهذا يبين أن شبهة أن النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ فعل ذلك باعتباره نبياً يوحى إليه فقط، لا باعتبار مقامه كإمام وقائد يرد على هذا الأمر باستمرار الخلفاء الراشدين والأئمة بعد النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ على أفعاله من عقود المصالح وعقود الذمام وعقود كهذا، ويستدلون بهذه النصوص من فعل النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ باعتبار أنها لا تقدح ولا تؤثر من قريب ولا في ولاء هذا الإمام ولا ولاء هذه الأمة ولا ولاء هذا المجتمع لله ولدينه ولكتابه''.
ولفت إلى أن:'' البخاري ترجم ترجمة مهمة جداً، قال في ''كتاب الأحكام في أواخر الصحيح عقده لبيان حقوق ولي الأمر الذي انعقدت له البيعة على رعيته وحقوق الرعية عليه، ويستدل بهذه الأحاديث على الإمام دائماً باب أخذ الإمام البيعة من كذا باب السمع والطاعة للأئمة إلى آخر باب، عقد ترجمة قال بابُ استشارةُ الأئمة أهل العلمِ والأمناء ِفي الأمور الخاصةِ والعامةِ واستشارة أهل الفقه والأخذ برأيهم إذا رأوا ذلك، ثم ذكر بعض مواقف النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ في الاستشارة ذكر بعض استشارة الصديق للصحابة في بعض القضايا ذكر استشارة عمر بن الخطاب وذكر النص هكذا حديث عمر المشهور وكان القراء أهلَ مشورةِ عمر ومجالستهِ القراء العقلاء ليس لسن معين ولكن لما يرى فيهم، لذلك كان يدخل ابن عباس وهو شاب لما أعطاه الله من الفهم في القرآن والعلم مع أشياخ بدر كابن عوف وأمثاله فبنى على هذا أن الأئمة يستشيرون والحمد لله رب العالمين هذا من التوفيق وفق الله الأئمة في هذا البلد''. وأضاف:'' يستشير وينظر لأن القضايا الكبرى هذه إذا فاتت فيها مصالح الأمة وتعرضت الأمة فيها بلاء عظيم إذا كان الإمام لا يرى أنه يستقل بها دون بقية من يستشيرون فيها فهذا من باب أولى لغيره''.