باكستان .. أزمة إنسانية ضحاياها 20 مليون نسمة
أدت الفيضانات التي تعرضت لها باكستان بسبب الأمطار والسيول الجارفة إلى كارثة إنسانية تجاوزت خسائرها إعصار تسونامي عام 2004، والزلزال الذي تعرضت له باكستان عام 2005 الذي أسفر عن مقتل 74 ألف شخص، وقد حركت الأزمة الإنسانية التي تواجهها باكستان الضمير العالمي، وخاصة في العالم الإسلامي، حيث كانت الإغاثة العاجلة من الدول الإسلامية وخاصة المملكة العربية السعودية، وقد وصل عدد المتأثرين بالفيضانات بشكل مباشر أو غير مباشر حسب آخر المعلومات الحكومية المتوافرة في باكستان نحو 20 مليون نسمة من أصل سكان باكستان الذين يصل عددهم إلى 170 مليون نسمة.
وقد دمرت البنية التحية تماما في المناطق التي تعرضت للفيضانات في شمال ووسط البلاد، وأعلنت منظمة «فاو» (منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة) أن خسائر الزراعة في مناطق الفيضانات بلغت 100 في المئة وأن الثروة الحيوانية تضررت بشكل كبير في بلد يعتمد 80 في المئة من سكانه على الزراعة في معيشتهم.
وقد علق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي زار باكستان، بأنه لم يشهد في حياته كارثة مثل ما حدث في باكستان، وطالب المجتمع الدولي بالإغاثة العاجلة لباكستان.
منظمة المؤتمر الإسلامي والإغاثة العاجلة
كانت منظمة المؤتمر الإسلامي سباقة في تلبية نداء الأخوة الإسلامية في دعوتها الدول الأعضاء والمجتمع الدولي إلى الإسراع في احتواء الآثار الكارثية للفيضانات غير المسبوقة التي ضربت باكستان وأسفرت عن مقتل ما يزيد على 1600 حسب تقديرات منظمة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، وشردت ما يقرب من 20 مليون شخص آخرين. وأعرب الأمين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان أوغلو في بيان له عن «قلقه البالغ» إزاء الأزمة الإنسانية الناتجة عن تبعات السيول الجارفة التي ضربت باكستان وأسفرت عن تدمير قرى بأكملها ومئات الضحايا وشردت ملايين المنكوبين. وحذر أوغلو من تفاقم الأوضاع في البلاد في ظل المخاطر التي باتت تهدد بانهيار عديد من السدود في بعض المناطق. وأكد أن المنظمة «بدأت بالفعل تحركاتها من أجل حشد الدعم بين الدول الأعضاء وتوفير المساعدات للمتضررين في ضوء مجريات الأزمة».
المساعدات الإسلامية .. والسعودية سباقة للخير
وكانت مساعدات بعض الدول الإسلامية ـــ وعلى رأسها المملكة السعودية ومصر وقطر والإمارات وغيرها من الدول ـــ تصل باكستان لمواجهة تبعات السيول ومساعدة المنكوبين بالمواد الغذائية والطبية وفرق فنية.
فقد وصلت إلى مطار مدينة كويتا عاصمة إقليم بلوشستان الجنوبي الغربي الباكستاني يوم 21 من أغسطس 2010، الطائرة الـ 22 من رحلات الجسر الجوي الإغاثى السعودي هذا بالإضافة إلى تبرع خادم الحرمين الشريفين بـ 300 مليون ريال سعودي وجمع أكثر 100 مليون ريال سعودي من المواطنين، كما وجه أيضاً خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإرسال مستشفيين ميدانيين على وجه السرعة إلى باكستان لتقديم الخدمات العلاجية والإنسانية لمساعدة المنكوبين والمتضررين من الفيضانات في باكستان. ونقلت الطائرات التي سيرت بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ـــ مواد إغاثية متنوعة، سُلمت إلى المسؤولين الباكستانيين في حكومة بلوشستان، ليتم نقلها وتوزيعها في المناطق المنكوبة بالفيضانات في إقليم بلوشستان. كما وصلت إلى باكستان طائرة قطرية تضم فريقا للبحث والإنقاذ ومحملة بأطنان من المساعدات الغذائية والطبية ومواد الإغاثة وهي الدفعة الأولى ـــ بحسب صحيفة «الشرق» القطرية ـــ من المساعدات القطرية.
#2#
وأعلنت مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله آل ثاني للخدمات الإنسانية «راف» عن تقديم إغاثة عاجلة للمتضررين من فيضانات باكستان بقيمة 3.5 مليون ريال قطري. كذلك أعلنت جمعية قطر الخيرية عن تقديم مساعدات إغاثية عاجلة للمتضررين من الفيضانات من خلال مكاتبها هناك، فيما أعلن الهلال الأحمر القطري عن توفير دعم أولي للمتضررين بقيمة 1.5 مليون ريال قطري بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية. كما قدمت هيئة الهلال الأحمر في الإمارات العربية دعما ماديا لمساندة جهود الإغاثة الدولية لباكستان. كما وزعت مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية مواد إغاثية طارئة على المتضررين، شملت: 6 آلاف خيمة إيواء و130 ألف كيس طحين وثلاثة آلاف كيس عدس إضافة إلى 15 ألف طرد غذائي يحتوي على «طحين وعدس وزيت وسكر» وكميات كبيرة من المستلزمات والأدوية الطبية المختلفة.
وفي الكويت، ناشد رئيس قطاع آسيا وإفريقيا في جمعية الإصلاح الاجتماعي الكويتي فهد الشامري أهل الخير من المواطنين والمقيمين مد يد العون والغوث العاجل لمنكوبي ومشردي فيضانات باكستان.
وبين الشامري ـــ بحسب ما نشرته صحيفة «القبس» الكويتية في التاسع من أغسطس 2010، أن مشاريع الإغاثة العاجلة التي يمكن أن يساهم بها أهل الخير تتنوع ما بين تقديم خيمة لأسرة مشردة بتكلفة 16 دينارا كويتيا (الدولار يعادل نحو 0.283 دينار كويتي)، أو طرد غذائي بتكلفة 6 دنانير، ويتكون الطرد من 20 كيلو طحين و5 كيلو أرز و3 كيلو سكر وحبوب وشاي، أو يمكن التبرع بدينار لشراء دواء لمريض أو المساهمة بأي مبالغ.
رئيس وزراء باكستان «الكارثة تفوق قدراتنا»
وكان رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلانى، قد ناشد المجتمع الدولي مساعدة بلاده في الظروف الصعبة التي تمر بها، مؤكدا أن هذه الفيضانات غير المسبوقة أعادت البلاد سنوات إلى الوراء بما سببته من دمار وخسائر لا يمكن تعويضها. وقال في حوار مع ممثلي الصحافة والإعلام إن الفيضانات كبدت باكستان خسائر بمليارات الروبيات تفوق ما سببه زلزال عام 2005م.
وأوضح جيلانى أن حجم الدمار والخراب الناجم عن الفيضانات وما سببته من خسائر في الأرواح والممتلكات وتدمير للبنية التحتية والمحاصيل الزراعية يفوق التوقعات، وليس بالإمكان في الوقت الحاضر تقدير قيمة الخسائر على وجه التحديد، لكن عملية حصر الخسائر ستبدأ بمجرد انتهاء الفيضان. وقال جيلانى إن «الحكومة تبذل كل وسعها وتسخر كل إمكاناتها ولكن الكارثة تفوق قدراتنا، فنحن نواجه وضعا بالغ الصعوبة، حيث يعانى ملايين الأشخاص آثار الفيضان، فيما لا تزال الأمطار مستمرة ويخشى من أن تتسبب في وقوع مزيد من الخسائر». وأشار جيلانى إلى أن إنقاذ أرواح المضارين من الفيضانات يمثل الأولوية الأولى للحكومة الباكستانية، ولكن ينبغي في الوقت نفسه أن تتضافر جهود الإغاثة مع عملية إعادة التأهيل، مؤكدا أن الحكومة لن تتخلى عن المضارين.
الإغاثة واجب شرعي
وقال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي القره داغي في نداء إلى الأمة الإسلامية من أجل الإسراع في إغاثة الشعب الباكستاني، إن تقديم الإغاثة أصبح واجبا شرعيا على من يتمكن من ذلك أفرادا وجماعات، ودعا الأمة الإسلامية «حكومات وشعوبا ومنظمات» إلى «الإسراع في إغاثة إخواننا الباكستانيين قبل أن تصل إليهم أياد أخرى».
ونشير هنا أيضا إلى أن طالبان باكستان حذرت من المساعدات الغربية، خاصة أن المساعدات التي تقدمها جمعيات الإغاثة الغربية تكون خلفها دوافع أخرى من استغلال حالة الفقر والحالات الإنسانية بالقيام بعمليات تنصير في باكستان، كما فعلت في مناطق أخرى وخاصة في أفغانستان من قبل وفي دول إفريقية استغلت ظروفها الصعبة.
#3#
رابطة العالم الإسلامي
الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي ، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ورئيس مجلس الإدارة لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، في المملكة العربية السعودية، أهاب بشعوب الأمة الإسلامية وحكوماتها، الإسراع في نجدة شعب باكستان الذي نزلت به أضرار كبيرة بسبب كوارث السيول والفيضانات التي اجتاحتها أخيرا، وأشاد بالمبادرة العاجلة للمملكة العربية السعودية التي سارعت في تقديم العون العاجل لباكستان، وما زالت تواصل إرسال الطائرات المحملة بالمعونات لنجدة المتضررين وتخفيف معاناة المصابين ومساعدتهم على تجاوز المحنة التي ألمت بهم.
وحث الأمين العام في النداء المسلمين ومؤسسات العمل الخيري الإسلامية لنجدة المنكوبين، وأكد أن الواجب على المسلم نجدة أخيه المسلم، وتقديم العون له، ومساعدته في النائبات والكوارث، وهو ما وجه إليه الإسلام، مذكّراً بقول الرسول ـــ عليه أفضل الصلاة والسلام: «مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر»، وقوله ـــ عليه الصلاة والسلام: «وفي كل ذات كبد رطبة أجر».
وأوضح أيضا أن رابطة العالم الإسلامي تابعت ما نجم عن الكارثة، وأن أهالي المناطق المنكوبة في باكستان بحاجة ماسة إلى العون والمساعدة، وأن أمة الإسلام أمة خير تتعاون شعوبها في الخيرات والمبرات، وتحقيق البر بين الناس استجابة لقوله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ).
وقال إن رابطة العالم الإسلامي بادرت بتقديم العون والمساعدة للمنكوبين في باكستان وذلك من خلال هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية بالمملكة العربية السعودية، الذراع الإغاثية للرابطة، معرباً عن الأمل في أن تتعاون مؤسسات الإغاثة الإسلامية والعالمية في نجدة شعب باكستان، ولاسيما أن الحكومة الباكستانية أعلنت أن علاج الأضرار التي نتجت عن كوارث السيول والفيضانات يفوق قدرات باكستان.
ووجه الدكتور التركي الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمين والنائب الثاني ـــ حفظهم الله ـــ على دعم الرابطة وهيئة الإغاثة، وتسهيل مهامهما في مجالات العون الخيري الذي تقدمانه للشعوب الإسلامية.
باكستان تشيد بمساعدات الدول العربية والإسلامية
وأعرب الدكتور عبدالحفيظ شيخ وزير المالية والخزانة والشؤون الاقتصادية الباكستاني عن شكر وتقدير حكومة بلاده للمساعدات التي قدمتها الدول العربية والإسلامية لمنكوبي الفيضانات. وقال شيخ في لقاء مع سفراء الدول العربية والإسلامية المعتمدة لدى باكستان إن الحكومة الباكستانية ستقوم بعد انحسار مياه الفيضان بتقييم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والاجتماعية ووضع إستراتيجية لإعادة اعمار وتأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات. وأكد أن الفيضان الحالي يعد أسوأ كارثة طبيعية في تاريخ باكستان إذ ألحق خسائر بشرية ومادية هائلة سيكون لها تداعيات على الاقتصاد. ونقل الوزير الباكستاني للسفراء امتنان وتقدير حكومته للدعم المتواصل من بلادهم لباكستان واستجابتهم لإغاثة باكستان بتوفير مواد شالإغاثة والأغذية والأدوية للمتضررين.
حلف الناتو يقد مساعدات ويخشى نشاط الجماعات الإسلامية
من جهته أعلن حلف شمال الأطلسي في بروكسل أنه يقوم بتنسيق نقل مساعدات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات التي تقدمها الحكومات الحليفة لمساعدة المتضررين من الفيضانات في باكستان التي تعدّ الأسوأ المسجلة في هذا البلد. وقال «ناتو» في بيان إن دور الحلف الرئيس سيتمثل في تسهيل نقل المساعدات. وأوضح أنه تم إنشاء خلية خاصة للرد على للكوارث في مقر حلف شمال الأطلسي لتكون بمثابة مركز لتبادل المعلومات من أجل المساعدة الإنسانية التي يقدمها الحلفاء والدول الشريكة في أعقاب نداء رسمي للحصول على المساعدات. ويخشى حلف ناتو من انشغال الجيش الباكستاني بعمليات الإغاثة التي يقوم بها في المناطق المتضررة، في الوقت الذي تريد قوات «ناتو» والولايات المتحدة أن يستمر الجيش الباكستاني في مقاومة حركة طالبان في باكستان والجماعات المسلحة الأخرى، وقد حذرت حركة طالبان من نشاط الدول الغربية وجمعياتها في عمليات الإغاثة.
#4#
وأكدت الحكومة الباكستانية أن نشاط الجيش في عمليات الإنقاذ لن يؤثر في مقاومة الجماعات المسلحة في منطقة القبائل والحرب على الإرهاب، ولكن التقارير القادمة من باكستان تؤكد أنه يصعب على حكومة باكستان تجاوز الجماعات الإسلامية والإغاثة الذي تقدمها، فقد قدمت الجماعات الإسلامية خدمات إنسانية جلى، وأنقذت عشرات الآلاف من الأشخاص وإيوائها من هدمت السيول بيوتهم ولم يتلقوا أي دعم حكومي.
ويظهر أن السياسة تطل برأسها في الإغاثة الغربية التي تتصارع مع الجماعات الإسلامية على قلوب المتضررين، وهذا يعني ميكافيللية المساعدات الغربية، فالوقت ليس لأهداف سياسية بقدر ما هو إغاثة لملايين المشردين من دون مأوى وطعام وشراب، وهنا يظهر البعد الإنساني الإسلامي البعيد عن المنافع السياسية، فالدول والشعوب الإسلامية ومنظمات الإغاثة الإسلامية كلها قدمت المساعدات الإنسانية في الوقت الذي يخشى الغرب من شعبية الجماعات الإسلامية أو انشغال الجيش الباكستاني بعمليات الإنقاذ. وهنا يظهر الفرق الشاسع بين القيم الإسلامية النبيلة والقيم الغربية القائمة على المنفعة والميكافيللية السياسية وتستغل عمليات الإغاثة لأهداف سياسية.
هيئة الإغاثة الإسلامية
قام مكتب هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية التابع لرابطة العالم الإسلامي في إسلام أباد أخيرا بتدشين حملة إغاثية للنازحين داخلياً في باكستان من وادي سوات ووادي بونير ودير وهاري بور بإقليم الحدود الشمالي الغربي الباكستاني بتكلفة إجمالية بلغت قرابة مليون ريال، وذلك خلال مناسبة أقيمت لهذا الغرض في مقر مكتب هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية في العاصمة الباكستانية إسلام آباد.
وقد حضر حفل التدشين حامد سعيد كاظمي وزير الشؤون الدينية الباكستاني، ومحمد بن عبد الرحمن البديوي القائم بالأعمال في سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى باكستان، سعيد بافضل ممثل الأمانة العامة للهيئة بجدة، والدكتور خالد العثماني المدير الإقليمي للحملة الشعبية السعودية لإغاثة متضرري الفيضان في باكستان، ومديرو المكاتب السعودية في باكستان وعدد من المسؤولين الباكستانيين.
وأوضح المدير الإقليمي لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ورابطة العالم الإسلامي في باكستان عبده بن محمد إبراهيم عتين لوكالة الأنباء السعودية، أن الحملة الإغاثية تتمثل في تسيير32 شاحنة من إسلام أباد محملة بمواد غذائية وإغاثية إلى مخيمات النازحين في مناطق مردان وصوابي وجالوزاي وهاري بور بإقليم الحدود، مشيراً إلى أن المواد الغذائية تشمل الدقيق والأرز والسكر وزيت الطهي والبقول والملح والكبريت، أما المواد الإغاثية فتشمل الفرش البلاستيكية وبرادات الماء وغيرها من المواد الإنسانية.
وبين أن هذه المعونات سوف تغطي ستة آلاف أسرة متوسطة وسيستفيد منها قرابة 40 ألف نسمة من النازحين. وأضاف عتين أن فريق مكتب هيئة الإغاثة وفريق الأمانة العامة للهيئة المشارك في التوزيع سيتوجهان إلى مخيمات النازحين لاستقبال الشاحنات التي تم تسييرها اليوم من إسلام أباد، ليقوم بتوزيع هذه المعونات مباشرة على المستفيدين.
كما أوضح أن الهيئة ستقوم بتسيير سيارتي إسعاف جائلتين للتنقل بين المخيمات والمدارس والمعاهد التي يقيم بها النازحون للكشف والاطلاع على أوضاعهم الصحية وتقديم العلاج اللازم لهم، مشيراً إلى أن هذه الحملة سيتم إطلاقها خلال الأيام المقبلة بإذن الله تعالى.
من جانبه قال القائم بأعمال سفارة خادم الحرمين الشريفين في كلمته التي ألقاها خلال حفل التدشين: إن ما نشاهده اليوم لا يعكس فقط العلاقة المميزة بين البلدين ولكنه دليل واضح وملموس على التزام المملكة العربية السعودية قيادةً وشعباً بدعم أشقائنا في باكستان كلما دعت الحاجة.
من جانبه شكر وزير الشؤون الدينية الباكستاني حكومة المملكة العربية السعودية وشعبها الشقيق على دعمهم المتواصل لإخوانهم في باكستان، وأكد أن المملكة دائماً سباقة بالخير وتكون في مقدمة من يهرع لمساعدة الشعب الباكستاني في أي ظروف صعبة تحل بهم.
منظمة الفاو وإنقاذ مزارعي باكستان
أكدت منظمة «فاو» من مكتبها الرئيس في روما، أن الدمار الذي لحق بالقطاع الزراعي ضرر تام في المناطق المنكوبة، حيث نفقت عشرات الآلاف من الماشية والحيوانات الزراعية التي تتضور في حالات كثيرة من الجوع حتى الموت، بينما غرق 700 ألف هكتار من الأراضي المزروعة.
وفي السياق ذاته حذرت «فاو» من خطر البوار الذي يهدد محصول القمح في الموسم المقبل في الأقاليم المتضررة التي تعد «سلة الخبز» التقليدية لباكستان، مضيفة أن التقديرات الأولية لخبرائها وخبراء المؤسسات الدولية الاخرى بالمناطق شديدة التضرر أجمعت على أن «معظم المحاصيل الزراعية الجاهزة للحصاد وقطعان الماشية قد تعرضت للدمار، ما ينبئ بعواقب وخيمة على أوضاع الأمن الغذائي للسكان، في وقت بدأت فيه أسعار المواد الغذائية بتسجيل ارتفاعات حادة».
كما لفتت أيضا إلى أن نحو 80 في المائة من المنكوبين يعتمدون في معيشتهم على الزراعة، مؤكدة «إن الأولوية تتمثل في العمل على إنقاذ قطعان الماشية التي نجت من الكارثة قبل كل شيء من خطر النفوق جوعا».
ودعت المنظمة التي تقود تجمع الزراعة الدولي ضمن خطة الاستجابة الدولية الأولية لكارثة الفيضانات في باكستان إلى تعبئة مبلغ 5.7 مليون دولار للمباشرة فورا في أنشطة الطوارئ لإنقاذ قطعان الماشية والثروة الحيوانية ذات الأهمية للاقتصاد المحلي، ليس كمورد للغذاء والعمل بل لكونها تمثل في الأغلب «كامل مدخرات الأسرة الباكستانية بالمناطق الريفية».
وفي النهاية ذكر البيان أنه «أمام تقديرات الاحتياجات الملحة لمواجهة الكارثة الطبيعية غير المسبوقة وعواقبها الوخيمة على القطاع الزراعي في باكستان، حيث دمر حسب تقرير «فاو» بنسبة 100 في المئة في بلد يعتمد السكان في حياتهم على الزراعة.
البنك الدولي والخسائر الزراعية
قدر البنك الدولي خسائر باكستان في المحاصيل الزراعية نتيجة الفيضانات بأكثر من مليار دولار، فيما أعلنت حكومة بيشاور أن خسائر الإقليم تصل إلى 2.5 مليار دولار نتيجة تهدم مئات الآلاف من المنازل وخراب أراض زراعية وتلف محاصيلها ودمار هائل لقنوات صرف المياه وطرق وجسور فضلا عن خسائر بشرية تجاوزت 1600 شخص، وقد أعلن البنك الدولي إعادة برمجة معونة تقدر بـ 900 مليون دولار كما أعلن مدير البنك روبرت زوليك. ومن المتوقع أن يصل عجز الموازنة الباكستانية لعام 2010/2011 إلى 6 في المئة بعد كارثة الفيضانات.
الجدير بالذكر أن الفيضانات لم تتلف المحاصيل فقط بل أتلفت التربة وهدمت قنوات المياه بالأنهار ولوثت المياه، وقد اكتشفت إصابات بأمراض معدية قد تهدد بكارثة إنسانية.
الدول الغربية تشكك في الحكومة الباكستانية
في الوقت الذي تتدفق فيه المساعدات من الدول الإسلامية، تشكك الحكومات الغربية في أين تذهب المساعدات، وتضع علامات استفهام عن فساد الحكومة الباكستانية، وقد أكدت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية، أن أكثر من 300 مليون يورو من المساعدات التي قدمت إلى باكستان عند حدوث زلزال 2005، جرى تحويلها إلى قضايا أخرى. وتشير الصحيفة إلى أن حكومة باكستان بتحويلها المبلغ إلى قضايا أخرى أدى إلى عدم بناء المدارس والمستشفيات والمنازل والطرق التي تضررت من الزلزال. وقد علق زعيم المعارضة الباكستانية على تردد المتبرعين بقوله «هناك بعض التحفظ من الناس في هذا البلد لا يتبرعون بسخاء لأنهم ليسوا واثقين من أن الأموال ستنفق بنزاهة». ومهما يكن من اتهامات ففي الجانب الإنساني وعمليات الإغاثة تبقى الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى.