السعودية مموِّل للتنمية العالمية .. أين المكاسب؟
صنّف البنك الدولي في تقرير صدر عنه قبل أيام، المملكة من بين أكثر دول العالم سخاء في تمويل التنمية العالمية على مدى العقود الأربعة الماضية، ووضعها على قائمة دول العالم العربي. وقال التقرير: إن البلدان العربية المانحة، التي تتصدرها المملكة والكويت والإمارات، من بين أكثر البلدان سخاء في العالم، حيث شكّلت المساعدات الإنمائية الرسمية في المتوسط 1.5 في المائة من إجمالي الدخل القومي لها خلال فترة 1973 - 2008، وهو أكثر من ضعف المستوى الذي تستهدفه الأمم المتحدة والبالغ 0.7 في المائة، وخمسة أضعاف متوسط المساعدات التي تقدمها بلدان منظمة التعاون والتنمية، وأضعاف ما تقدمه منطقة اليورو.
لا جديد في أن المملكة أسهمت وظلت ملتزمة وفي كل الظروف العالمية، سواء كانت سنوات رخاء أو تقشف، بدعم التنمية الدولية بطرق مباشرة وغير مباشرة، وأن هذا السخاء مستمر بدعم من عدة مبادئ ترسخت في عمق السياسة الاقتصادية والدولية للمملكة، والتي يأتي على رأسها إيمانها بأن دعم الشعوب النامية والفقيرة مطلب إيماني وشرعي، إلى جانب كونه مسوقا ممتازا للمكانة المتميزة التي تتمتع بها المملكة في العالمين العربي والإسلامي وعلى الصعيد الدولي.
لكن الغريب والمفاجئ أن تعترف أكبر مؤسسة مالية دولية في العالم، وهي البنك الدولي، بأن هذا الدعم لم يحظَ بالدراسة الكافية، والمكافأة الملائمة.. وعند هذه النقطة تحديدا أقول (لا فض فوكم).. لكن الخطأ مشترك بيننا وبينكم، فرغم كل هذه الجهود الجبارة والدعم الهائل المقدم من المملكة للإسهام في تنمية الاقتصاد الدولي، إلا أن رجع الصدى والفوائد المجنية من ورائه لم تكن في المستوى.
فقط أخيرا تحركنا ضمن مجموعة من الدول الصاعدة في مجموعة العشرين للحصول على حقوق تصويت أعلى، وهذا جيد.. إلا أن المكاسب الحقيقية لتوظيف هذا الدعم السعودي لم تُجنَ بعد.. فلا تزال الرغبات السعودية في الاقتصاد العالمي وسبل إدارة أسواق النفط ورؤيتها تجاه معالجة الممارسات الحمائية التجارية لبعض الدول، إلى جانب عدد من القضايا السياسة؛ غير مستفيدة من هذا الزخم التمويلي من المملكة للعالم.
والسؤال هنا.. متى نتحرك بصورة أكبر ومنسقة للاستفادة من هذا الالتزام السعودي تجاه التنمية الدولية في كل محاور عملنا السياسية والاقتصادية والتجارية، والعمل على توظيفها كأكبر الأوراق الرابحة للمملكة في كل دوائر العمل الدولية.
صحيح أن جزءا كبيرا من العطاء السعودي يقصد به وجه الله، إلا أن توظيفه في تحقيق المصالح السعودية التي تتسم بالخير، لا يتعارض وتلك المقاصد، فهل نتيقن لذلك.. هذا والله أعلم.