من يخلف «سما»؟
بانسحاب خطوط سما تتبقى لدينا شركتان هما الناقل الوطني "الخطوط السعودية" وطيران "ناس" الذي يعمل وفق نموذج الطيران الاقتصادي. عندما صدر القرار السامي الكريم بتحرير صناعة النقل الجوي في المملكة، والسماح للمستثمر السعودي بإنشاء وتشغيل شركات النقل الجوي، حددت هيئة الطيران المدني حاجة السوق السعودية لشركتين تعملان ضمن منهجية النقل الاقتصادي، حيث تتخذ واحدة منها مطار الرياض قاعدة لانطلاق رحلاتها والأخرى مطار الدمام. واجتهد فريق الهيئة آنذاك بتقسيم الوجهات الداخلية بين الناقلتين وتم تحديد وجهات إلزامية كما تم تحديد سقف أعلى لأسعار التذاكر غير قابل للتجاوز. دراسة الجدوى الاقتصادية لهاتين الشركتين الناشئتين لم تكن صعبة أو مضللة، إذ تم توفير معلومات إحصائية عن حركة السفر الجوي الداخلية للسنوات الماضية من قبل هيئة الطيران المدني وهي الجهة التي من المفترض أن تمتلك وتدير هذه المعلومات الاستراتيجية وتوفرها لمن يريد دون قيود، كونها معلومات تجارية بحتة تنشرها جميع هيئات الطيران المدني على مواقعها في شبكة الإنترنت. فباستخدام نماذج علمية ومالية يمكن لأي خطوط ناشئة معرفة جدوى التشغيل لوجهات ذات مدى وكثافة معينة. فلماذا فوجئت «طيران سما» بضعف بعض الوجهات التي كلفتها الكثير كرفحاء على سبيل المثال؟ وهل لهيئة الطيران المدني رؤية مدروسة للنهوض بصناعة النقل الجوي الداخلي تتضمن دراسات متخصصة تحوي معلومات الحركة الجوية الحالية والمستقبلية المتوقعة، وتحوي أرقاما دقيقة للتكاليف والعوائد من واقع العوامل الرئيسة كالتكلفة التشغيلية للطائرات وفيها أسعار الوقود ورسوم المناولة الأرضية... إلخ؟ قبل سنوات طويلة عرضنا في مقال حاجة سوق السفر الجوي في المملكة للطائرات الإقليمية، التي فعلا انضم نوع منها لـ "الخطوط السعودية" قبل سنوات، وكذلك لـ "طيران ناس". فهل لم تحقق تلك الطائرات النجاح المطلوب بسبب عوامل مناخية أو إسنادية؟ الشركة البديلة لـ "طيران سما" إن أرادت العمل بجدوى تجارية في سوق السفر الداخلي الغنية، عليها التعرف على الجيل الجديد من الطائرات الإقليمية التي ستدخل أنواع منها الأسواق العالمية في المستقبل القريب. فالطائرات القادمة ستكون ذات تكلفة تشغيلية أقل من الطائرات الحالية بسبب التقليل من استهلاك الوقود واعتماديتها العالية ـــ أي تدني تكلفة الإسناد والصيانة.