الاكتتابات الضخمة في 3 قارات تحاصر آثار الأزمة العالمية
شهدت الفترة الأخيرة اكتتابات ضخمة في أسواق المال العالمية وتحديدا منذ العام الماضي 2009 حيث تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، وبحسب محللين تحدثوا لـ "الاقتصادية" فإن الاكتتابات الكبيرة تعد عنصرا مساعدا لتعافي الاقتصاد العالمي من الأزمة المالية.
ويرى الدكتور سعود المطير أستاذ الاقتصاد في جامعة الإمام أن الاستثمارات في شريحة من الاكتتابات "مغرية من حيث العائد"، بينما يرى حسان الوطبان رئيس مكتب آدم للدراسات والاستشارات الاقتصادي أن "المستثمر أصبح يبحث عن استثمارات آمنة تحقق عوائد مجزية خلال فترة قصيرة"، لكن عبد الله البراك المحلل المالي وعضو جمعية المحاسبين السعودية أكد أن "الاكتتابات العالمية تجذب الصناديق المتخصصة في الاستثمارات الخارجية". إلى التفاصيل:
#4#
أكد لـ "الاقتصادية" الدكتور سعود المطير أن هذه الاكتتابات الضخمة في الوقت الحالي لأجل خروج الاقتصاد العالمي من تأثيرات الأزمة المالية العالمية يجب أن يقوم القطاع الخاص بدوره المنوط به وأن يقود عجلة النمو الاقتصادي المعتمد حاليا على القطاع الحكومي.
وبشكل عام فإن الاكتتابات في هذا الوقت خصوصا يجب أن تكون مغرية ودرجة المخاطرة فيها منخفضة، لأن تأثيرات الأزمة المالية العالمية على حب الاحتفاظ بالسيولة ما زالت قائمة، وأي استثمار لا يكون مغريا وجذابا لن يجد التمويل الكافي.
كما أن الاستثمارات الكبيرة في الآونة الأخيرة هي من نصيب الدول الناشئة التي تحقق معدلات نمو عال يفوق بكثير متوسط النمو الاقتصادي العالمي كالصين والبرازيل.
وما حدث من توسعات في بعض القطاعات في الدول المتقدمة في الآونة الأخيرة ماهو إلا عملية إنقاذ لبعض المؤسسات المالية التي تضررت من جراء الأزمة المالية العالمية.
#2#
وقال عبد الله البراك "ليست هناك قطاعات مرشحة لحدوث اكتتابات ضخمة في المستقبل القريب، فجميع القطاعات مكملة لبعض فقطاعات الطاقة والصناعة والخدمية والتكنولوجية كلها مرتبطة ببعضها البعض فلذلك لا نستطيع أن نحدد من سيكون أكبر في جذب الأموال، إلا أنه بعد الأزمة كثير من المستثمرين توجه إلى قطاع التكنولوجيا خصوصا أن نسب النمو فيه عالية إلا أن نسبة المخاطرة في هذا القطاع مرتفعة جدا بسب انخفاض قيمة الأصول والتطور السريع في التقنيات".
#3#
وبين حسان الوطبان أن المقاييس المناسبة والناجحة للاكتتابات عالميا وإقليميا في قطاعات استثمارية عملاقة، تتكفل باتخاذ القرار المناسب من عدمه في استحواذ المستثمرين من حصة الاكتتابات المطروحة للمستثمر الأجنبي.
والتوقيت الملائم للوضع الاقتصادي العالمي والإقليمي مقياس ضروري لدى المستثمر الأجنبي وهو أيضاً يعتبر سلاحا ذا حدين، حيث بعض المستثمرين تغيرت نمطية استثماراتهم بعد الأزمة العالمية حيث اتسمت طبيعة استثماراتهم بالشكل الآمن والتركيز على الاستثمارات التي هي أكثر أماناً وتدفقاً مستمراً في الربحية وعلى الأمد القصير، أما البعض الآخر من المستثمرين فتوقف كلياً في مجمل استثماراته، حتى يتبين لديه الأمن الاستثماري.
كما أن عدم استقرار المنطقة سينعكس سلباً على نجاح الاكتتاب، بل سيقود إلى فشل الخطط التطويرية التي تبنتها الشركة المخططة لتطوير مشاريعها من الموارد النقدية المحققة من مصادر الاكتتابات المطروحة.
ويرى أن هناك علاقة بين النشاط الاقتصادي والحالة السياسية العامة التي يمر بها العالم، وخير مثال فإن اعتزام شركة النفط الحكومية البرازيلية "بتروبراس" بيع أسهم جديدة وذلك لجمع الأموال لغرض التنقيب عن النفط كان قراراً صائباً من وجهة نظر سياسية وذلك لتغطية حاجة العالم لما تعرض له من انخفاض في إجمالي حجم احتياطياتهم البترولية بسبب الأوضاع السياسية الحاصلة في العراق وإيران.
ولم يستبعد الوطبان حدوث اندماجات مهمة في المنطقة خلال الفترة المقبلة، وأكد أن ذلك أمر غير مستبعد لأن التحالفات (الكارتيل) في ظرف من الظروف يعتبر متطلبا اقتصاديا، خصوصاً ونحن مقبلون على عالم اقتصاد جديد في هويته وإن كان هذا الاقتصاد الجديد المقبل قد يتعارض مع قواعد علوم الاقتصاد التي درست سابقاً في صروح جامعات العالم، إلا أنه مقبول طالما سيحقق الأهداف المرجوة في ذلك، فالاندماجات في الوقت الحالي بين الشركات غالباً ما تهدف إلى تفخيم قاعدة الصناعات لديها لغرض عدم منازعتها من قبل شركات أخرى قد تؤثر في استراتيجيتها المخطط لها مسبقاً، أو قد تكون الاندماجات لغرض مقاومة الانتكاسات أو عدم الانسحاب من السوق حال تعرض السوق العالمية لهزات سياسية أو اقتصادية خارجة عن إرادتهم وليسوا سبباً في حدوثها.
وهنا يعود البراك ليؤكد أن الاندماج عادةً يكون بين شركات في النشاط نفسه لكي يشكلوا كيانا أكبر وغالباً تندمج الشركات لكي تكون أقوى في المنافسة ولفرض السيطرة على الأسواق.
لكن في منطقة الخليج حتى الآن لا توجد منافسة لدى الشركات، فالأسواق ما زالت تستوعب الجميع، إلا في الشركات العقارية فربما نجد اندماجات بينها في المستقبل.
ويرى الدكتور المطير أن هناك مشكلة في قصور الطلب الاستثماري المناسب لاستقطاب هذه الفوائض، وزاد "نحن في حاجة إلى مشاريع كبيرة تستقطب هذه الرساميل الضخمة، وتستثمرها الاستثمار المناسب الذي يحقق العوائد الإيجابية للمستثمر وللاقتصاديات المحلية لدول مجلس التعاون الخليجي.. وإلا سنجد هذه الفوائض ترحل لتمويل المشاريع الأجنبية.
وعموما فإن قيام مشاريع ضخمة في دول المنطقة لاستقطاب الفوائض المالية له مزايا منها سحب الفائض من المدخرات وتوجيهه نحو قنوات الاستثمار التي تعزز من النمو الاقتصادي، كما أن الاكتتابات الكبيرة تعمل على استقرار السوق وتوجيه المتداولين نحو الاستثمار في السوق والابتعاد عن المضاربات.
وخلق فرص عمل جديدة للباحثين عنها ما يؤدي الى تخفيض معدلات البطالة.
وتوسيع دائرة التدريب والتأهيل لأصحاب الوظائف الجديدة.
والاستفادة من الخبرة الأجنبية واستيراد التقنية من الدول المتقدمة لتحسين طرق الإنتاج في الاقتصاد المحلي".
ونبه المطير إلى أن التخطيط لمثل هذه المشاريع يحتاج إلى جهود كبيرة وخبرات متنوعة تزيد معها درجة المخاطرة خصوصا إذا كانت شركات جديدة.
وأن هذا النوع من المشاريع غالبا ما يكون في أعمال مترابطة بعضها ببعض، وعليه فإن الأنسب هو توسع الشركات القائمة في الأعمال المرتبطة بنشاطها وذلك لتقليل درجة المخاطرة.
وإذا كان التخطيط السليم ودراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع من الأمور الأساسية لنجاح المشروع فإن الكفاءة الإدراية لقيادة هذه المشاريع الكبيرة تعتبر ركيزة أساسية لنجاح أي مشروع.
أما البراك فقال "لا توجد أي انعكاسات سلبية، فالأسواق الخليجية شبه مقفلة أمام المستثمرين الأجانب".