دعوة البنوك السعودية إلى تمويل القروض الإنتاجية بدلا من الاستهلاكية
توقع اقتصاديون سعوديون أن تبحث البنوك المحلية خلال الفترة المقبلة توسيع الإقراض لديها بغرض استهداف الأفراد العسكريين الذين شملهم قرار مجلس الوزراء الأخير المتضمن الموافقة على زيادة رواتبهم، وذلك من خلال منح قروض تكميلية للعسكريين بتسهيلات مغرية، بهدف تحريك السيولة لديها وزيادة ربحيتها من محافظ القروض.
وقال اقتصاديون ومصرفيون لـ ''الاقتصادية'' أمس: إن البنوك ستسخر إمكاناتها المالية والبشرية في الإدارات الخاصة بالإقراض من أجل استهداف عدد أكبر من الأفراد العسكريين الذين شملهم قرار مجلس الوزراء الأخير بزيادة رواتبهم، مشيرين إلى أن البنوك ستقدم عروضا مغرية وتشجيعية للعسكريين بهدف إقناعهم بالحصول على قروض ميسرة، خاصة أنها ـ أي البنوك ـ لا تعاني أصلا عدم توافر السيولة لديها في الوقت الحاضر، والدليل على ذلك تحقيقها ربحية جيدة في آب (أغسطس) الماضي.
وبين عدد من الاقتصاديين أن على البنوك المحلية أن تقدم خدمات تمويلية يستفيد منها العسكريون في مجالي الإسكان والعقار حتى تكون منسجمة مع توجهات حكومة خادم الحرمين الشريفين عندما قررت زيادة رواتب العسكريين، حيث قصد من تلك الزيادة توفير سبل العيش الكريم لجميع الأفراد العسكريين الذين قدموا إسهامات كبيرة في جميع القطاعات العسكرية والأمنية، إلى جانب تلمس الحكومة احتياجات أفراد هذه القطاعات في ظل التغييرات الاقتصادية التي تطرأ بين الحين والآخر على أسعار بعض السلع الاستهلاكية الضرورية.
#2#
ويرى حمد العنزي ـ مصرفي سعودي ـ أن البنوك قد تتجه خلال الفترة المقبلة إلى زيادة نشاطها فيما يتعلق بالتوسع في إقراض العسكريين.
وقال: أتوقع أن ربحية البنوك التي تحققت في آب (أغسطس) الماضي، وهذا الأمر لا يعني أن هنالك زيادة في أرباحها، ولكن المخصصات التي تخصم من الربحية قد قلت كثيرا.
هذا الأمر قد يدفع البنوك إلى إعادة التفكير في توسعاتها نحو إقراض العسكريين والاستفادة من الزيادة التي طرأت على رواتبهم.
وبين أن نظام مؤسسة النقد فيما يتعلق بالإقراض يسمح بثلث الراتب فقط في فاضل الحالات، ويمكن أن يكون الإقراض في حدود 40 في المائة، مشيرا إلى أن هناك فئة كبيرة من العسكريين يعدون مقترضين من البنوك، وأن هذه الزيادة الأخيرة في الراتب ستدفعه إلى الحصول على قرض جديد، مؤكدا أن سياسة البنوك تجاه إقراض العسكريين تعد هي السياسة ذاتها التي تتبعها مع جميع المواطنين، وأن الاختلاف فقط يكون في نسب القروض وسن التقاعد للعسكريين.
## إعادة الجدولة
توقع العنزي أن تتجه البنوك إلى الاستفادة من التعديل الذي سيطرأ على رواتب العسكريين، وذلك بزيادة محفظة القروض لديها لتحقيق ربحية أعلى، لكنه يشير إلى أن عدد العسكريين الذين تمت زيادة رواتبهم ربما لا يشكل دافعا قويا لجميع البنوك للتوسع في الإقراض، مبينا أن البنوك خاصة التي منحت قروضا شخصية للعسكريين من قبل ـ خاصة بعد قرار الزيادة ستعمل على منح قروض تكميلية بتسهيلات مغرية للعسكريين الملتزمين بالسداد خلال العامين الأولين من تاريخ حصولهم على القروض السابقة، لذا فإن هذه البنوك ستعمل على إعادة جدولة هذه القروض لتتوافق مع الزيادة الجديدة في رواتب العسكريين، لافتا النظر إلى أن هذه الزيادة ستقلل من قيمة القسط الشهري في حال تمت إعادة جدولة القروض.
وقال العنزي: إن البنوك ستعمل على توظيف كوادرها من أجل استقطاب أكبر عدد من العسكريين للاستفادة من هذه القروض، ولا سيما أن البنوك الآن لا تعاني مشكلة توافر السيولة لديها، وإنما تواجه عقبات أكثر في عملية الإقراض.
## دعم قطاع الإسكان
#3#
في المقابل، حذر ناصر القرعاوي ـ اقتصادي سعودي ـ البنوك المحلية من مغبة الإسراف في سياستها التوسعية في منح القروض للعسكريين حتى لا تصبح هذه القروض ثقلا يضاف إلى كاهلهم بالتزامات مالية إضافية، خاصة أن قرار مجلس الوزراء قصد منه توفير راحة ورفاهية العسكريين وأسرهم.
وقال: إن صدور قرار مجلس الوزراء بتعديل رواتب القطاع العسكري في الدولة يعد مكرمة جاءت تقديرا وتكريما لجهود القطاع العسكري ودوره في جميع مجالاته ونشاطاته وإسهامه في الجوانب التنموية، مشيرا إلى أن القطاع العسكري أصبحت لديه مؤسسات اجتماعية كثيرة لها جهودها المقدرة محليا ودوليا سواء في مجال درء الكوارث والصحة والتعليم والتنمية إلى جانب إسهاماتها في الجانب الأمني للدولة.
وبين القرعاوي أن على البنوك أن تدرك أن هذه الزيادة جاءت لتحسين أوضاع العسكريين المالية، ورفع المعنويات لديهم بفضل تضاعف المهام على أفراد هذا القطاع، إضافة إلى أن القرار يأتي ليواكب المتغيرات الاقتصادية وتغيير قيمة الريال في الداخل ومواجهة ارتفاع أسعار بعض السلع الضرورية.
وقال القرعاوي: أتمنى ألا تسرف البنوك في منح قروضها للعسكريين حتى لا تشكل هذه القروض عبئا ماليا إضافيا على أفراد هذا القطاع.
وأن عليها ـ أي البنوك ـ أن ترشد من نشاطها فيما يتعلق بمنح القروض التي لا تخدم العسكريين، بل التركيز على منح القروض التي يستفيدون منها في مجال الإسكان والتعليم والصحة والتدريب التي يحتاج إليها هذا القطاع على المدى البعيد.
وعلى البنوك الابتعاد عن القروض الخاصة بشراء السيارات الفاخرة والسفر والسياحة والخدمات الترفيهية، وهي خدمات ذات استهلاك سريع.
وأضاف أن البنوك أُنشئت لتكون جسرا للتواصل مع المواطنين لتقديم أفضل خدماتها للاحتياجات الضرورية، خاصة احتياجات الفرد السعودي سواء كان عسكريا أو مدنيا، مشيرا إلى أن هنالك نحو 67 في المائة من حجم الأسر السعودية لا تمتلك مساكن خاصة بها.
## قروض إنتاجية
#4#
أما الدكتور توفيق السويلم مدير دار الخليج للبحوث والاستثمارات الاقتصادية، فيشير إلى أنه يجب على البنوك أن تضع سياسة تمويلية لمنح القروض الإنتاجية للعسكريين وليس الاستهلاكية، خاصة أن القرض الاستهلاكي ليس له قيمة مضافة سواء إلى الفرد أو إلى المنظومة الاقتصادية.
وبين أن القروض الشخصية قد تشكل عبئا ماليا على الأفراد، لذا فإن على البنوك المحلية الابتعاد عن منح القروض الاستهلاكية التي من شأنها زيادة معدلات التضخم وزيادة أسعار السلع، وأن تحرص هذه البنوك على منح القروض الإنتاجية التي ترفع من مستوى الدخل للفرد، وبالتالي تحقق مستوى معيشيا أفضل لجميع العاملين في القطاعات العسكرية.