الجمعة, 9 مايو 2025 | 11 ذو القَعْدةِ 1446


«الفسيفساء الأمريكية» 2 بوتقة الانصهار وعظمتها الإنسانية

ويختم شيخنا الجليل الذي أعطاه الله - سبحانه وتعالى- الموهبة والدرجة الرفيعة من حيث حسن التحدث وحسن الإلقاء، والكتابة وفنونها، ومن ثم الاستحسان والقبول من المتلقين، نعم يختم مقولاته ملاحظا: (إن إخوان وزملاء باراك أوباما يعملون قهوجية وسفرجية وطباخين وكناسين في بعض الدول العربية. ولو طلب أحدهم أن يكون مدير مدرسة ابتدائية لناله الويل والثبور، وعظائم الأمور، وقاصمة الظهور، وإن في فوز باراك أوباما برئاسة أمريكا لآية لأولي الألباب).
وأقول أنا لا فض فوك يا شيخنا القدير والمبالغة هنا وهناك أتت أحيانا لزيادة الإيضاح، وتوضيح الصورة وتكبيرها والعيب كل العيب في الدول العاجزة عن تعليم، وتطبيب، وتخفيف حدة الفقر عن أبناء شعوبها.
وإلا فلا عيب إطلاقا فيمن يعملون بمهنة قهوجية وسفرجية وطباخين وكناسين في بلادهم أو في بعض البلاد العربية والأجنبية.
فلديهم من أبناء جلدتهم العلماء أيضا ولديهم النابغون والنابهون، حتى في مجال الذرَة، ولكن هي الصورة المكبرة الشاملة لهدف التركيز والإيضاح ليس إلا ونحن نفخر، ونشكر في بلدنا الكريم المعطاء، أن أكثر من نصف ميزانيات الأعوام الخمسة القادمة، هي مخصصة للتعليم ومحاربة الفقر والجهل ومن لا يشكر الناس فقد لا يشكر خالق الناس. وقديما قال الشاعر الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس
وأعود لمواصلة حديثي عن سر القوة لدى أمريكا أو جزء من السر فأذكر حقيقة أننا نرى الآلاف، بل مئات الآلاف، من الكفاءات العربية المسلمة، من ضمن الملايين الذين اضطروا بل دفعوا للهجرة دفعا، قد شقوا طريقهم من أمريكا بعد أن ضاقت بهم السبل في بلدانهم، فوجدوا الفرص المتاحة والمتكافئة في العلم والعمل واستفادوا منها وأفادوا بناء على ان حقيقة الجميع سواسية أمام القانون.
هذه الفسيفساء الجميلة أحد أهم مكامن القوة في هذا البلد القارة، أو هي بوتقة الانصهار العالمية الرائعة، كما يحب أن يصف الأمريكان أنفسهم وبلدهم بها وكما يعشقون أن يصفهم الآخرون (ملتنق بوت) Melting Bot وهذه القوة الأمريكية تصبح غرارة، وضرارة أحيانا كثيرة ويساء استخدامها وتصبح تدميرية أحيانا، كما فعل عصبة "المحافظون الجدد" بالعراق وأفغانستان، وإن كان من سبقهم وهي إدارة الرئيس بيل كلنتون الديمقراطية قد أحسنوا استخدامها عندما استعملت قوة أمريكا في إرساء الاستقرار والسلام في البوسنة والهرسك رغم أنف الأوروبيين والروس.
وصحيح أن السلطة مفسدة عموما، كما أنه أصح أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، كما قال البانديت (جواهر لال نهرو) ومن سبقه من الحكماء.
أعاذنا الله وإياكم من المفاسد جميعها المحدودة والمطلقة.
وخاتمة المطاف أشكر الصديق محمد حسين الشريف، (المثقف المصري) لإهدائي فكرة ومدخل هذا الموضوع.
وسلامتكم دائما.
*ومصداق قولي هذا في الشيخ أن كتابه الرائع (لا تحزن) قد بيعت عدة ملايين من النسخ بعدد كبير من اللغات العالمية، وهو أول رقم مليوني في دنيا النشر في بلادنا العربية حيث متوسط النشر العربي (7000 نسخة) ولو كانت جائزة نوبل تمنح بدون تحيز ولقوة الانتشار والتأثير لكان شيخنا هو الأولى بها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي