المصانع الصينية والإنفاق في الولايات المتحدة ينعشان أسواق المال العالمية
بدأت الأسهم الربع الجديد من العام بنشاط، بعد صدور تقرير طيب عن قطاع التصنيع الصيني عمل على تهدئة المخاوف من أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم لا يعاني في سبيل الخروج من مأزقه في منتصف العام. ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز للأسهم العالمية بنسبة 0.4 في المائة، وزاد بذلك من التقدم الذي سجله خلال الربع الماضي بنسبة 14 في المائة، حيث إن كثيراً من مستثمري الأسهم يظلون متفائلين حول آفاق النمو العالمي، أو أن البنوك المركزية تظل في وضعية الاستعداد لتقديم المساندة إذا اقتضى الأمر ذلك.
وفي ''وول ستريت'' ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 0.2 في المائة في تداولات متقلبة في الوقت الذي سجل فيه الدولار، الذي يعد الوسيط المفضل الجديد للمخاطر العكسية في السوق، سجل أدنى مستوى له منذ ثمانية أشهر. ويبدو أن التحسن في مشاعر المستهلكين الأمريكيين (الذي فاق التوقعات) وبيانات الإنفاق في الولايات المتحدة، يبدو عليها أنها تبطل مفعول تقرير يظهر أن هناك نوعاً من التباطؤ في التوسع الصناعي في الولايات المتحدة. وارتفعت أسعار المعادن الصناعية وعاد النفط ليسجل أسعاراً فوق مستوى 80 دولاراً للبرميل، على خلفية آمال بانتعاش الطلب العالمي.
وكذلك فإن الأنباء التي تحدثت عن مشروع مشترك بقيمة 18 مليار دولار بين شركة التكرير الصينية الكبرى ساينوبيك Sinopec وشركة الطاقة العملاقة الإسبانية ريبسول Repsol، هذه الأنباء ساعدت على تحسين المزاج الإيجابي، حيث يجادل المتداولون بأن هذه الشراكة هي علامة على الطلب القوي على موجودات الموارد وتعبر مثالاً آخر على الاتجاه العام الصاعد في مجال عمليات الاندماج والاستحواذ، في الوقت الذي تتعافى فيه الأسواق المالية وتعود فيه الروح النشطة للشركات.
وفي لندن ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بنسبة 0.8 في المائة، حيث انتعشت أسهم شركات النفط والغاز بفضل صفقة ريبسول. لكن مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا تراجع بنسبة 0.4 في المائة، حيث إن الهبوط الحاد في أسهم شركة السيارات BMW ألقى بظلاله على هذا المؤشر القياسي لأوروبا، بعد أن استدعت الشركة 350800 سيارة. ولكن بعض المؤشرات على التوتر لا تزال تعطي الضوء الأحمر، حيث إن العوائد على السندات السيادية للبلدان الرئيسية في الاتحاد الأوروبي لا تزال عند مستوياتها الدنيا التي سجلتها من بضعة أشهر، وحيث سجل الذهب من جديد ذروة اسمية جديدة. إضافة إلى ذلك، فإن تقارير المسح الخاصة بنشاط المصانع في بريطانيا ومنطقة اليورو أظهرت نمواً عند أدنى مستوى لها منذ عشرة أشهر وثمانية أشهر، كما أن مبيعات التجزئة في ألمانيا هبطت بصورة غير متوقعة في آب (أغسطس)، وهي تذكرة بأن كثيراً من اقتصادات البلدان المتقدمة ما تزال تجهَد لاكتساب الزخم.
وفي منطقة آسيا الباسيفيك كانت الأسهم في معظمها أعلى من المناطق الأخرى، حيث تصدرتها الأسهم اليابانية على خلفية توقعات بأن البنك المركزي الياباني سيتخذ إجراءات إضافية نحو سياسة التسهيل الكمي في اجتماعه حول السياسة النقدية في الأسبوع المقبل. وارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز لمنطقة آسيا الباسيفيك بنسبة 0.6 في المائة. وفي طوكيو أقفل مؤشر نيكاي 225 بارتفاع مقداره 0.4 في المائة، حتى في الوقت الذي هبط فيه مؤشر الأسعار الاستهلاكية الأساسية في اليابان خلال آب (أغسطس) بنسبة 1.0 في المائة عن مستواه قبل سنة، وفي الوقت الذي يخشى فيه المستثمرون من أن قوة الين يمكن أن تزيد من الوضع السيئ الناشئ عن المنحدر اللولبي الانكماشي.
وفي كوريا الجنوبية ارتفع مؤشر كوسبي المركب بنسبة 0.2 في المائة، وفي نيوزيلندا سجل مؤشر إن زي إكس – 50 NZX زيادة مقدارها 1.1 في المائة. لكن في أستراليا خسر مؤشر S&P/ASX 200 نسبة 0.1 في المائة، وذلك بسبب الضعف في أسهم قطاع البنوك. وتحسن المزاج العام في آسيا بعد صدور بيانات تفيد بأن مؤشر مديري الشراء الرسمي في الصين ارتفع في أيلول (سبتمبر)، ما عمل على تهدئة المخاوف من إمكانية حدوث تباطؤ في الاقتصاد الصيني. يذكر أن الأسواق في هونج كونج والصين مغلقة بسبب العطلة الرسمية.
يشار إلى أن الأنباء القائلة إن الانكماش الاقتصادي لا يزال يعوق حركة اليابان لم تكن باعثة على الصدمة على ما يبدو، وبالتالي لم تستطع أن تدفع العوائد على السندات الحكومية اليابانية إلى ما وراء مستوياتها الدنيا التي سجلتها في الفترة الأخيرة. ارتفع العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل عشر سنوات بنسبة ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 0.97 في المائة، وذلك في الوقت الذي ازدادت فيه التوقعات بأن طوكيو خلال فترة قصيرة ستتبنى إجراءات التحفيز في السياسة النقدية.
وتقع العوائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات في منطقة تقع بالضبط فوق المستويات الدنيا التي سجلتها منذ 20 شهراً، حيث إن من الواضح أن مستثمري السندات غير مقتنعين بالبيانات الاقتصادية الإيجابية الصادرة في الفترة الأخيرة، ولا يزالون يتوقعون وصول السفينة الحاملة للمرحلة الثانية من سياسة التسهيل الكمي من البنك المركزي الأمريكي. ارتفع العائد على هذه السندات القياسية بنسبة نقطة أساس واحدة ليصل إلى 2.52 في المائة.
ومرة أخرى أخذت العوائد على سندات البلدان الهامشية في منطقة اليورو بالهبوط، مع تراجع المخاوف حول السندات السيادية، في أعقاب التوضيح الصادر عن أيرلندا والذي وقع موقعاً حسناً لدى المستثمرين، بخصوص مصاعبها البنكية. في الوقت الحاضر يبلغ العائد على السندات الأيرلندية لأجل عشر سنوات نسبة مقدارها 6.57 في المائة، أي بتراجع مقداره 17 نقطة أساس، وفقاً لبيانات من وكالة رويترز.
وفي تداولات العملات الأجنبية، سجل مؤشر الدولار، الذي يقيس حركة الدولار مقابل سلة من عملات الشركاء التجاريين، سجل مستوى متدنياً جديداً منذ ثمانية أشهر، وقد هبط الآن بنسبة 0.7 في المائة عند 78.19 نقطة، حيث إن آفاق قيام البنك المركزي الأمريكي باتخاذ إجراءات جديدة في سياسة التسهيل الكمي تلقي بثقلها على الدولار. هذا اليوم قال وليم دادلي، رئيس البنك المركزي لولاية نيويورك، إن ''من المرجح أن تدعو الحاجة إلى اتخاذ إجراءات أخرى'' من قبل البنك المركزي ما لم تتحسن الآفاق الاقتصادية.
ولا توجد علامات حتى الآن تفيد بأن السلطات اليابانية قد تدخلت يوم الجمعة لإضعاف الين في الوقت الذي يحوم فيه فوق مستوى 83 يناً للدولار. وقد جاء التدخل اللفظي من رئيس الوزراء ناووتو كان، الذي قال إن الحكومة ستواصل اتخاذ الإجراءات الحاسمة للحد من تقدم الين، لكن لم يكن لهذا التصريح أثر يذكر.
ويجري تداول الين في الوقت الحاضر بزيادة مقدارها 0.2 في المائة مقابل الدولار، عند سعر 83.28 ين للدولار، رغم أنه سجل تراجعاً بنسبة 0.7 في المائة أمام اليورو الذي يشهد قوة بصورة عامة، عند 114.57 ين لليورو. وقد ارتفع اليورو بنسبة 0.9 في المائة مقابل الدولار ليصل إلى 1.3758 يورو، حيث إن اليورو يتلقى القوة من التوضيح الذي جاء يوم الخميس بخصوص إنقاذ البنوك الأيرلندية.
وكثير من السلع اقتربت أو لامست أعلى مستوياتها منذ بضع سنوات، مع عدد من الأرقام القياسية، في الوقت الذي يرحب فيه المتداولون بالمسح الإيجابي حول نشاط التصنيع الصيني. سجل النحاس أعلى مستوى له منذ سنتين، بزيادة مقدارها 0.9 في المائة، ليصل سعر الطن إلى 8107 دولارات، في حين أن التنك ارتفع بنسبة 2.5 في المائة ليصل إلى سعر 24900 دولار للطن، وهذا السعر هو أدنى بمقدار 600 دولار فقط من الرقم القياسي، حيث إن شركات التعدين لا تستطيع متابعة الطلب. وارتفع النفط بنسبة 1.4 في المائة ليصل إلى 81.06 دولار للبرميل، على خلفية آمال مماثلة بالنمو. وسجل الذهب سعراً قياسياً اسمياً جديداً عند 1320.80 دولار للأوقية، وهو الآن أعلى بنسبة 1 في المائة في أعقاب انطلاق حملة جني الأرباح عند نهاية الربع يوم الخميس، والتي دفعت بالسعر لفترة قصيرة إلى ما دون مستوى 1300 دولار للأوقية.