مختصون يدعون إلى زيادة الوعي والاهتمام بقضايا التأمين التعاوني محليا وعالميا
أكد الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أهمية دور الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد الإسلامي في دراسة قضايا ومشكلات التأمين التعاوني جاء ذلك خلال افتتاحه الأربعاء الماضي فعاليات ملتقى التأمين التعاوني الثاني في فندق الإنتركونتيننتال في الرياض وطالب بضرورة الاهتمام بقضايا التأمين بشكل خاص وقضايا الاقتصاد الإسلامي بشكل عام باعتبارهما يشكلان جزءا من رسالة المسلم في الحياة، وأبان التركي أن الهدف من التركيز على مثل هذه القضايا هو بيان الحكم الشرعي وربط الاجتهادات الحاضرة بالاجتهادات السابقة، وأضاف أن العلماء هم المسؤولون عن إبراز ودراسة التفاصيل المتصلة، ونوه في هذا السياق بضرورة التواصل بين العلماء الشرعيين وعلماء الاقتصاد لإثراء الاقتصاد الإسلامي كما دعا إلى ضرورة التوسع في الاهتمام بجميع مواضيع وقضايا الاقتصاد الإسلامي، ليس على المستوى المحلي فقط بل العالمي كذلك، حيث أوضح اهتمام الدولة ومسؤوليها بالقضايا الشرعية، وفي ختام كلمته أكد التركي دور الهيئة في تطوير الاقتصاد الإسلامي ونشره ودعا إلى المزيد من العمل لزيادة الوعي خاصة للعاملين في البنوك والمؤسسات المالية.
من جانبه دعا الأمين العام للهيئة الدكتور عبد الرحمن بن صالح الأطرم إلى المزيد من الاهتمام بقضايا التأمين التعاوني، حيث أبان أن مسائله في حاجة إلى التأصيل الشرعي، وأضاف أن ذلك سيعمل على تطويره خاصة أن هناك قضايا محل خلاف.
وأشار الأطرم إلى أن الهدف من هذا الملتقى الذي يعقد سنويا هو إبراز أهمية صناعة التأمين التعاوني وبيان حقيقته ومقارنته بغيره من أنواع التأمين وإلقاء الضوء على المسائل المؤثرة في حكمه كالفائض التأميني واستعراض وتقويم التجارب التطبيقية في مجال التأمين التعاوني، إضافة إلى مناقشة المشكلات والمعوقات التي تواجهه والبحث عن الحلول المناسبة، وكذلك استشراف مستقبله، كما أشار الأطرم إلى أن هناك تزايدا في الاهتمام العالمي لصناعة التأمين ودعا في هذا الخصوص المهتمين والمسؤولين إلى الاهتمام بالجوانب الإشرافية والنظرية والعملية والاقتصادية بما يحقق مصالح العباد، ودعا في ختام كلمته إلى ضرورة توجيه العاملين في هذا المجال إلى الإطار النافع من خلال تأصيل التأمين التعاوني التكافلي.
ناقش الملتقى الذي استمر ليومين عديدا من المحاور المتصلة بالتأمين التعاوني مثل: التصرف في الفائض التأميني وطريقة توزيعه وضوابط احتساب الفائض التأميني، والمعايير الشرعية للتغطيات التأمينية، والتحفيز بالفائض التأميني، والعجز التأميني وكيفية تغطيته، واستراتيجيات التأمين التعاوني المستقبلية، والصيغ التطبيقية للتأمين التعاوني، وتجارب التصرف في الفائض التأميني، إضافة إلى مشكلات وحلول التأمين التعاوني.
وضم الملتقى عدداً من المختصين من خارج المملكة وداخلها في مقدمتهم الدكتور سامي بن إبراهيم السويلم، الدكتور علاء الدين محمود زعتري، علي محيي الدين القرة داغي، الدكتور محمد بن سعدو الجرف، الدكتور عبد الرحيم عبد الحميد الساعاتي، ناصر عبد الحميد، الدكتور عبد الباري بن محمد مشعل، الدكتور سيد حامد حسن، سراج الهادي قريب الله، وعبد الفتاح محمد أحمد، إضافة إلى شركات تأمين عدة منها شركة وقاية للتأمين الراعي الرسمي للملتقى.
الفروق الجوهرية
#2#
ألقي في الملتقى العديد من أوراق العمل والبحوث المتخصصة من بينها بحث للدكتور علاء الدين زعتري أمين الفتوى بإدارة الإفتاء العام في سورية ناقش فيها أهمية التأمين التعاوني وآثاره الاقتصادية ومميزاته الأساسية وخصص جزءا من ورقته لمناقشة الفروق الجوهرية بين التأمين التعاوني والتكافلي، وأشار إلى أن من أهم هذه الفروق أن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها ـ أصالة ـ التعاون على تفتيت الأخطار، فالأقساط المقدَّمة من حملة الوثائق في التأمين التعاوني تأخذ صفة الهبة (التبرع) بخلاف التأمين التجاري فهو من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية، كما أن من الفروق أن التعويض في التأمين التعاوني يصرف من مجموع الأقساط المتاحة، فإذا لم تكن الأقساط كافية في الوفاء بالتعويضات، طُِلب من الأعضاء زيادة اشتراكاتهم لتعويض الفرق، وإذا لم يمكن زيادة الاشتراكات للوفاء بالتعويض لم يقع التعويض؛ إذ ليس هناك التزام تعاقدي بالتعويض.
أما التأمين التجاري فهناك التزام بالتعويض مقابل أقساط التأمين ويترتب على هذا الالتزام تحمل الشركة مخاطرة الأصل المؤمن عليه دون سائر المستأمنين.
ولذا كان الهدف من العقد هو المعاوضة، لكن هذه المعاوضة لا تسمح بربح الطرفين، بل إن ربحت الشركة خسر المستأمن، وإن ربح المستأمن خسرت الشركة، فهي معاوضة تتضمن ربح أحد الطرفين مقابل خسارة الآخر ولا بد، وهذا أكل المال بالباطل، ومن الفروق التي أشار إليها البحث أنه في التأمين التجاري لا تستطيع الشركة أن تعوض المستأمنين إذا تجاوزت نسبة المصابين النسبة التي قدرتها الشركة لنفسها، أما في التأمين التعاوني، فإن مجموع المستأمنين متعاونون في الوفاء بالتعويضات التي تصرف للمصابين منهم، ويتم التعويض بحسب المتاح من اشتراكات الأعضاء.
فالمستأمن في التأمين التعاوني لا ينتظر مقداراً محدداً سلفاً إذا وقع الخطر، وإنما ينتظر تضافر قرنائه بتعويضه بحسب ملاءة صندوق التأمين وقدرة الأعضاء على تعويضه، فالطمأنينة التي يشعر بها المستأمن تعاونياً نابعة من شعوره بوقوف الآخرين معه، وليس من عوض محدد بمقتضى التزام تعاقدي غير صادق في حقيقته، كما هو الحال في التأمين التجاري، كما أن من أهم الفروق أن التأمين التعاوني لا يقصد منه الاسترباح من الفرق بين أقساط التأمين التي يدفعها المستأمنون وتعويضات الأضرار التي تقدمها الجهة المؤمِّن لديها، بل إذا حصلت زيادة في الأقساط المجبية عن التعويضات المدفوعة لترميم الأضرار ترد الزيادة إلى المستأمنين، بينما الفائض التأميني في التأمين التجاري يكون من نصيب الشركة والفرق الخامس الذي ذكره البحث هو أن المؤمِّنون هم المستأمنون في التأمين التعاوني، ولا تستغل أقساطهم المدفوعة لشركة التأمين التعاوني إلا بما يعود عليهم بالخير جميعاً، أما في شركة التأمين التجاري فالمؤمِّن هو عنصر خارجي بالنسبة للشركة، كما أن شركة التأمين التجاري تقوم باستغلال أموال المستأمنين فيما يعود عليها بالنفع وحدها.
دور هيئة الفتوى
#3#
كما قدم الدكتور ناصر عبد الحميد المتخصص في مجال التأمين ورقة بعنوان النموذج المختلط للعلاقة بين شركة الإدارة وصناديق التكافل المشكلات والحلول وأشار فيها إلى دور هيئة الفتوى في شركات التأمين والمتابعة الشرعية، وقال إن أي شركة تأمين تكافلي يجب أن تلتزم التطبيق بمعايير الضبط الشرعي وأن تكون لها هيئة للفتوى والضبط الشرعي للتأكد من أن جميع أنشطة وأعمال واستثمارات الشركة متوافقة تماما مع الضوابط الشرعية للتأمين التكافلي التي أقرتها المجامع الفقهية وصدرت بها معايير شرعية ومحاسبية تصلح لتكون أساسا لصياغة آلية للضبط الشرعي للشركة، وأشار إلى أن هيئة الفتوى والمتابعة الشرعية يجب أن تتمتع بقدر كبير من الاستقلال وذلك من خلال عدم وجود مصالح مادية لأي عضو من أعضاء هيئة الفتوى أو أحد أفراد أسرته في الشركة.
فلا يكون شريكاً أو مساهماً أو عاملاً فيها والاستقلال الذاتي أو الذهني، بمعنى استقلال أي عضو من أعضاء هيئة الفتوى مهنياً، أي عدم وجود أي ضغوط أو تدخل من جانب الشركة أو أية سلطة عليا في أداء مهمته على الوجه الأمثل، وهذا الاستقلال يضمن أن تكون قرارات هيئة الفتوى والمتابعة الشرعية إلزامية ولها سلطة إنفاذ ما يصدر عنها على الشركة، وأشارت الورقة إلى أن دور الهيئة ينقسم إلى قسمين رئيسين الأول: الإفتاء، فالفتوى إخبار عن الحكم الشرعي وعن دليله.
والثاني المتابعة الشرعية وفقاً لعدة نقاط ذكرها الباحث من أهمها فحص العقود والاتفاقيات والسياسات والمنتجات والمعاملات وعقود التأسيس والنظم الأساسية والقوائم المالية وتقارير المراجعة الداخلية وتقارير عمليات التفتيش والتعاميم وإصدار القرارات والإرشادات والإجراءات اللازمة لتصحيح مسيرة العمل ووضع الضوابط والقواعد اللازمة للأنشطة كافة بما يتفق مع الشريعة الإسلامية.