الحميدي: بأي منطق وعقل يكفرون أمة في بضع صفحات؟
أوضح الدكتور عبد العزيز الحميدي أستاذ العقيدة خلال أطروحاته الفكرية ضمن سلسلة حلقات برنامج "همومنا" الذي يعرض على التلفزيون السعودي، أن خوارج العصر الحديث أحدثوا جرحا خطيرا جدا في الأمة يخبُو وينكأ من جديد، وقديما بسبب فتنة الخارجين تحولت جميع جهود الدعوة كرسالة الإسلام لتصحيح هذا المرض الداخلي، حتى السيوف المجاهدة والفتوحات ونشر الإسلام توقفت أيام علي بن أبي طالب وما بعده بقليل عندما ظهرت هذه القضايا. وبين الحميدي حجم الضلال وعدم الوعي العلمي عند المكنى "أبو قتادة" كاتب "رسالة الطائفة المنصورة في عقر دار المؤمنين". مبينا أنها رسالة يكفر بها واضعها جميع مجتمعات المسلمين وجميع خطباء الجُمع والمشايخ والقضاة والحكام.
وتعجب الحميدي من جرأة واضعها، وكيف أباح لنفسه في رسالة صغيرة عديمة المنهجية تكفير مجتمعات المسلمين وجميع خطباء الجمع والمشايخ والقضاة والحكام. ويكشف الحميدي تجرؤ واضعها على الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ ونقل آيات من المصحف الشريف نقلاً محرّفاً يحذف منها ولا يحترم النص القرآني.
لمزيدا من التفاصيل:
واصل الدكتور عبد العزيز الحميدي أستاذ العقيدة مطارحاته الفكرية ضمن سلسلة جريئة من حلقات برنامج "همومنا" الذي عرض على التلفزيون السعودي. إذ كشف مجاهل الفكر المتطرف بعد أن أوضح في حلقات سابقة بعض الحقائق عن كتب رموز التنظيمات من الشباب الذين وضعوا كتبا اعتمدوا فيها على المنطق غير المنهجي وأساءوا إلى النص الشرعي فأوردوا أنفسهم ومن تبعهم المهالك.
ومن الحقائق الجديدة التي يوضحها الدكتور الحميدي مصيبة قيام بعض المتطرفين بتوظيف النص الشرعي بهدف إحداث الفرقة والخلاف، وإيجاد شرخ داخل المجتمع المسلم لينقسم على نفسه، ويصبح جزء من أفراده شوكة في خاصرة الجزء الآخر.
وأوضح أن خوارج العصر الحديث أحدثوا جرحا خطيرا جداً في الأمة يخبُو وينكأ من جديد، وقديما بسبب فتنة الخارجين تحولت جميع جهود الدعوة كرسالة الإسلام لتصحيح هذا المرض الداخلي، حتى السيوف المجاهدة والفتوحات ونشر الإسلام توقفت أيام علي بن أبي طالب وما بعده بقليل لما ظهرت هذه القضايا.
وبين الحميدي الضلال وعدم الوعي العلمي عند المكنى "أبو قتادة" كاتب "رسالة الطائفة المنصورة في عقر دار المؤمنين". مبينا أنها رسالة يكفر بها واضعها جميع مجتمعات المسلمين وجميع خطباء الجُمع والمشايخ والقضاة والحكام.
وكشف عن الرسالة التي كتبت بلغة متشنجة من أولها إلى آخرها وتقف خلفها نفسية متأزمة بشدة، تريد أن تظهر هذه الأزمة النفسية باسم إنقاذ الأمة، والأخطر أن واضعها سلك مسلك التكفير بالعموم دون استثناءات، وألغى جميع ضوابط التكفير، وهو في منهجه يكاد يتفوق حتى على كثير من طوائف الخوارج القدماء.
وتعجب من جرأة واضعها، وكيف أباح لنفسه في رسالة صغيرة عديمة المنهجية تكفير مجتمعات المسلمين وجميع خطباء الجمع والمشايخ والقضاة والحكام. ثم يكشف الشيخ الحميدي منحى خطيرا في هذه الرسالة، وكيف تجرأ واضعها على الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ ونقل آيات من المصحف الشريف نقلاً محرّفاً يحذف منها ولا يحترم النص القرآني. واستغرب من منهج هؤلاء في الاستدلال بأحاديث ضعيفة وضعيفة جداً لتأصيل التكفير وترك الكم الهائل من النصوص الشرعية، فمثل هذه القضايا التي يترتب عليها تكفير وقتال وحرب لم يتركها الشارع مائعة هكذا أو ذائبة أو خاضعة للهوى والتأويل الفاسد.
يذكر أن الحميدي نقد في حلقة سابقة المدعو "المقدسي" صاحب منشورات التكفير على الإنترنت، ما دفع بالأخير إلى الرد برسالة مطولة على الحميدي ملأها بالشتم والتشنج والانتقاص من الشيخ، ما جعل مختصين يفسرون ذلك بقوة حجج الشيخ ووقعها القوي على نفس المقدسي وأنصاره من المتطرفين. إلى التفاصيل:
#2#
استغلال التدين
وصف الحميدي ظاهرة الغلو بـ "القديمة الجديدة"، وأن الأمة عانت منها قديماً وحديثاً. وعدّ خطورة هذه الظاهرة تكمن في استغلال مكامن التدين والعاطفة الدينية لدى الناس وتوجيهها لتصبح سيئة الظن منعزلة، وما يسهم في ذلك هو توظيف مقومات الدين، وتوظيف النص الشرعي لإحداث الفرقة والخلاف.
وحذر من الظاهرة التي تتسبب في إحداث شرخ داخل المجتمع المسلم، الذي ينقسم بسببها على نفسه، ويبنى على سوء الظن والضغينة التي تتحول إلى أحقاد وضغائن تحمل عليها القضايا الشرعية والقضايا الدينية والعاطفة الدينية، ما يؤدي إلى نتائج صعبة وإحداث فرقة وخلاف وشر عظيم ربما يصل إلى درجة القتل، وإراقة الدم بتوظيف النص الشرعي.
وأكد أنه من المقاصد الشرعية "أن نكون أمة واحدة، وكل الخطابات التي في القرآن جاءت بخطاب الجماعة "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، والأعذار والاستفادة من جميع المواهب وجميع الطاقات، وكما كان النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ يفعل، فإذا دخلت هذه الظاهرة أولا أساءت الظن عند عموم الناس في القضايا الشرعية والدينية كما هو ظاهر اليوم". لافتاً إلى أن التدين أصبح حالياً "مخافا عند الناس لأنهم يتوقعون من ورائه تطرفاً".
وأوضح أن دعاة مذهب الغلو لا يلجأون إلى الشخص الذي لديه نوع من التفريط في دينه، وإنما إلى الشخص الذي لديه مظاهر التدين ويمتلك العاطفة الدينية الطيبة.
وأشار إلى أن ردود فعل المسلمين من الفكر الغربي المنافي لدين الإسلام ورغم ما فيه من حساسية، سهلة وميسورة، لكن الخطر عندما يأتي مثل هذا الفكر من داخل أمة المسلمين، مثل بدعة نفي القدر. لافتا إلى أن جهود الدعوة الإسلامية من أيام الخلفاء الراشدين توجهت إلى تصحيح بدعة الخوارج بدلا من نشر الإسلام.
وأتبع الحميدي حديثه حول خطورة البدع بتحذير النبي ـــ صلى الله وعليه وسلم ـــ من بدع الخوارج، بسبب أنها تنشأ داخل الأمة. مشيراً إلى أن البدع عطلت مظاهر البناء والدعوة في الشريعة الإسلامية.
ولفت إلى حاجة الكفار الصرحاء والمسلمين إلى نوع من التوجيه الإسلامي الصحيح، كي تتم إزالة إساءة الظن، التي نتجت عن مظاهر الغلو، وأصبحت عائقاً دون تقبلهم الدعوة الشرعية، خوفاً من أن تكون وراءها أهداف ومخابئ أخرى.
رسالة متشنجة
ووصف رسالة "معالم الطائفة المنصورة في عقر دار المؤمنين" بـ "المتشنجة"، ومن يقف خلفها ذو نفسية متأزمة، وهي حقيقتها التي أتت باسم إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأمة التي ضاعت وارتدت.
ويأتي هذا الوصف بعدما تطرق إلى هذه الرسالة في البرنامج بحكم تداولها بكثرة في الآونة الأخيرة وما حملته من دعاوى تكفيرية، رغم صبغها بصبغة إسلامية وبصبغة إنقاذية للمجتمع المسلم من الكفر نحو الإيمان.
وأكمل الحميدي حديثه حول هذه الرسالة: "صاحبها سلك مسلك التكفير بالعموم دون استثناءات، وألغى جميع ضوابط التكفير، يكفر بمطلق الفعل الذي يتصوره من دون نص شرعي حقيقي. وهذا من أخطر ما يمكن وأشده غلوا، بل لاحظت أنه في هذه الرسالة يظهر الغلو جداً يكاد يفوق حتى كثير من طوائف الخوارج القدماء، وما رأيت تكفيرا بهذا العموم دون أي استثناء مثل ما في هذه الرسالة. ذكرت أنها هي فعلاً صغيرة وعديمة المنهجية أصلاً، لا توجد فيها منهجية علمية .. كنت أتوقع استعراضا واسعا للآيات القرآنية وتفاسيرها، واستعراضا واسعا للأحاديث النبوية فأعددت نفسي لدراسة واسعة، فإذا به يعني رسالة يكفر بها جميع مجتمعات المسلمين وخطباء الجمع والمشايخ والقضاة والحكام وكل من رضي بهم، ثم لا تجد فيها إلا آيتين أو ثلاثا وأيضاً بعضها محرّف، وكنت أتصور دلالة على جهل عظيم وجرأة من أعظم ما يمكن ليس علي ولا عليك ولا على المجتمع وإنما على الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ على آيات تنقل من المصحف الشريف نقلاً محرّفاً يحذف منها كلمات، بحسن نية أم بجهل هذا علمه عند الله، لكن يعني أنا وأنت قد نعذر شخصا يقرأ القرآن يخطئ، هذا قد يرد، لكن عندما تؤلف لتؤسس مسألة بهذا الحجم الخطير العظيم، وتدعو إلى القتال بكل جرأة وبإلغاء كل ضوابط الجهاد، ثم الآية أو الآيتين أو الثلاث التي تنقلها فيها تحريف كثير، هذا من أغرب ما يمكن أن أتوقع .. استعراض للأحاديث الشريفة ودراسات واسعة لها لغويةً وشرعيةً وإذا بها تخلو تماماً من أي حديث كان يسمى حديثاً صحيحاً إلا حديث عبادة".
يمتدحون أنفسهم
وأشار إلى أن طبع الخوارج يمتدحون أنفسهم، وهذا ما فعله مؤلف هذه الرسالة، الذي أراد الله أن يفضحه عندما استدل بالآية في سورة البراءة ونقلها خطأ: "ولا يطأون موطئاً يغيظ الكفار إلا كتب لهم به عمل صالح"، وهو حذف جملة كاملة من الآية، وقول الله تعالي "ولا يطأون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح"، ولم يذكر أن هذه الآية في سورة البراءة وإنما في سورة التوبة، وبحكم أن من يقرأ هذه الرسالة هم الشباب الذي لا يجد أريحية في الوقت للتثبت أو المراجعة، إضافة إلى أنه لم يكلف نفسه مراجعة القرآن الكريم وهو يؤلف ويدعو إلى فكرة خطيرة".
وتطرق إلى أن رسالة العالم الحقيقية هي الإسهاب في استعراض الأدلة الشرعية التي يراها صوابا، ويجيب عما ربما يتصادم مع دليله، لأنه لا أحد حجة في دين الله، ولو كان من كان حجة لله ـــ سبحانه وتعالى ـــ ولكلامه المبارك ولنبيه ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ وقواعد الاستدلال كالإجماع المستقر والقياس بشروطه كما هو معلوم ومعروف في قواعد الاستدلال.
وأكمل الحميدي حديثه حول هذه الرسالة: "من أعظم الخلل في هذه الرسالة ـــ ويجب أن يقال ذلك ـــ لأن فيه تأدية للأمانة وفيه دفاع عن سنة النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وعن حديثه، وفيه توضيح لمن ربما يتأثر خاصة من قطاع الشباب، لأن كلمة السنة والحديث لها قبول عند الناس خاصة عند قطاع الشباب. تأملت في هذه الرسالة بدقة وجدت ما فيها إلا بضعة أحاديث وأكثرها ما بين ضعيف وضعيف جداً وهذا من أعظم ما يمكن، يعني جرأة على النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ إن أحاديث الجهاد، كما يقول العلماء تفوق المئتي حديث صحيحة ثابتة .. مائتا حديث في أصوله وقواعده وشروطه وضوابطه وآدابه وأموره كلها".
لا يعرف صحيح البخاري
وعن تطرق هذه الرسالة إلى مسألة الجهاد، أشار إلى: "أنا أجزم أنه لا يعرف صحيح البخاري عندما يؤلف رسالة كاملة بهذه النتيجة الخطيرة ولا يوجد فيها حديث واحد من الكتب الستة كلها، هذا من أغرب ما يمكن وأعجبه ويؤسس بها قضية خطيرة بهذا المستوى، أعظم من ذلك حديث معضل ووضعه عنوانا في الرسالة قال من نجاهد؟ من نقاتل؟ طبعاً كل الناس بالنسبة له بمن فيهم المسلمون الذين حكم عليهم بالردة".
وأضاف: "وأورد حديثا غريبا في ألفاظه، منكرا في متنه، معضلا في سنده، منسوبا لعلي بن أبي طالب، ولعلمه أو ربما لجهله ما خرّجه ولا ذكر من رواه، وهذه أساليبهم، مثل هذه الرسائل ما يكلف نفسه تخريج الحديث، ولا التطرق إلى مواضعه، ولا ما قيل في علله، لأنه سينبه القارئ إلى أنه حديث ضعيف، وأنه سيقال له طيب كيف تأتي بحديث ضعيف، فخلاص لا يؤخذ كلامه، هو يريد أن يؤخذ كلامه بتهيج العاطفة".
وأضاف: "فلا يخرج الحديث لأنه يعرف أن أكثر الشباب وهم يقرأون ما يكلف نفسه ربما يسأل أو يبحث وإنما يتلقى الشبهة وتثبت فيه فيقع في الضرر والخطأ، قال بُعث النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ أو كما في الحديث ما نعزوه للنبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ لضعفه الشديد بأربعة سيوف، بسيف المشركين وأدخل آيات "براءة ٌ من الله ورسوله" وسيف أهل الكتاب وأتى بآية "وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا يحرمون ما حرم الله من الذين أوتوا الكتاب" وسيف البغاة "قاتلوا التي تبغي"، وسيف المنافقين "جاهد الكفار المنافقين"، وهذا الحديث أورده في الرسالة رغم أن العلماء بينوا إنكاره في المتن عظيم جداً من جهات كثيرة".
وأكمل: "آيات براءة مثلاً التي جعلها هو في الحديث أو أدخلها في لفظ هذا الحديث المعضل، إنها هي جهاد المشركين، نعم جهاد المشركين حاصل وفعله النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ لكن آيات براءة لما نزلت نزلت كمرحلة أخيرة من التشريع، نحن نعلم كما بين الأئمة ـــ وهذه القضية شرحها بتفصيل حتى يراجع من أراد أن يراجع شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "الإيمان الأوسط" آخر غزوة غزاها النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ بنفسه هي غزوة تبوك في السنة التاسعة من الهجرة وبعدها ما غزا ولا جهز جيشاً ولا حتى سريةً اللهم إلا قبل موته بأيام عقد الراية لأسامة ثم توفي ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ وأنفذ الجيش أبو بكر بعده، أما ما سوى ذلك لم ينفذ غزوةً ولا سريةً بعد تبوك، وما بقي في جزيرة العرب في سنة تسع من لا يدين بالإسلام إلا قبائل متفرقة وأفراد ضمن قبائل قريش وضمن يعني بعض، فأراد الله ـــ عز وجل ـــ أن ينهي الأمر معه إما بأن يسلموا أو يعلموا أن مكة ومناسك الحج وأرض العرب ليست لهم فليبحثوا لهم عن موطن آخر، فجاءت آيات براءة بنبذ العهود، وأرسل النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ أبا بكر سنة تسع للحج وأردفه بعلي لينبذ هذه العهود ونصوصها: ألا يحج بعد العام مشرك، تحريم مكة عليهم، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد عند رسول الله فعهده إلى مدته، ومن ليس له عهد فله أربعة أشهر، ثم يبحث له عن ملجأ يلجأ إليه، أما أرض العرب فمحرمة عليه. هذا مقتضى آيات براءة، ولذلك لما نزلت كما يقول ابن إسحاق وغيره "كل من بقي من مشركي العرب وفدوا على النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وسميت سنة الوفود، وأسلموا وانتهى حكم هذه الآيات بإسلام العرب، اللهم إلا أفراد منهم من هرب إلى الشام أو إلى اليمن، وبقي أفراد هربوا إلى نجران ومات مشركاً هناك ومنهم من ذهب إلى الشام فخلت الجزيرة منهم".
وأضاف: "لذلك بين البخاري في صحيحه هذه القضية .. لا يأخذ من يستمع كلامي الآن، فإذا كانوا لا يقتنعون فليرجعوا إلى صحيح البخاري كتاب التفسير باب تفسير سورة التوبة براءة، يجد التراجم التالية ثلاث تراجم متوالية: باب قوله تعالى "براءةٌ من الله"، بعده باب قوله تعالى "فسيحوا في الأرض أربعة أشهر"، بعده مباشرة باب قوله تعالى "فقاتلوا أئمة الكفر" ويخرج في كل هذا حديثاً واحداً هو حديث أبي هريرة بعثة أبو بكر عندما بعثه النبي للحج أن ينبذ للناس عهودهم ألا يطوف بالبيت عريان، ولا يحج بعد العام مشرك .. ثم قفل المسألة البخاري بباب فقال باب قوله تعالى "فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون"، هم في الحقيقة انتهوا، ولذا روى حديث حذيفة الصحابي الجليل, قال ما بقي هذا لما أقول ثمرة هذه الآيات، حذيفة عندما يقول في صحيح البخاري: ما بقي من أهل هذه الآية إلا أربعة رجال، فقال أعرابي كان جالسا عنده قال: مه. يعني يقول انتظر ما بقي إلا أربعة رجال، أنكم أصحاب رسول الله تحدثوننا بالأحاديث لا ندري ما هي في صحيح البخاري. ما بال هؤلاء الذين يكسرون بيوتنا وأبوابنا ويسرقون علائقنا ـــ يقصد اللصوص والفساق والمجرمين ـــ هو يريد يحملهم كما صاحب هذه الرسالة، حتى هذا أسوأ حملها الأمة كلها ليس فقط اللصوص. التكفير ووجوب القتال والقتل .. قال أولئك الفساق. جواب حذيفة قال أولئك الفساق نعم لم يبقَ من أهل هذا إلا أربعة رجال أحدهم شيخٌ كبير لو شرب الماء البارد ما وجد له طعماً، فهذه آيات براءة، فصارت الجزيرة العربية ومكة أم القرى وما حولها حكرا على أهل الإسلام، وهكذا منذ أن فتحها النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وإلى اليوم وستبقى كذلك إلى قيام الساعة وقد بشر بذلك النبي ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ في حديث لا هجرة بعد الفتح، وقال الحافظ ابن حجر فيه بشارة من النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ أن مكة ستبقى دار إسلام أبداً لا سلطان عليها إلا للمسلمين".