الثلاثاء, 13 مايو 2025 | 15 ذو القَعْدةِ 1446


الصيرفة الإسلامية.. بين المنتمين لها والمنتفعين منها

تمتاز المصرفية الإسلامية بكثرة المهتمين بها والمنتمين إليها، كما تمتاز بتعدد فئات هؤلاء المنتمين باعتبارات متعددة. وليس بالضرورة أن تكون الكثرة إيجابية دائما، فقد تكون سلبية أحيانا، وهذا ما يحدث في حالة المصرفية الإسلامية، فقد أمست الصيرفة الإسلامية مطية لكل هاو ومغامر.
ولم يعد الأمر مقتصرا على الباحثين الأكاديميين، فهناك رجال الأعمال الذين يقلقون على ثرواتهم وأرباحهم. كما أن هناك المصرفيين والعاملين في المصارف على اختلاف مناصبهم وأدوارهم الفنية والإدارية، كما أن هناك المراقبين والمدققين المحاسبيين والشرعيين، إضافة إلى الدارسين والباحثين والأكاديميين المتخصصين في هذا العلم.
ومن جهة أخرى، فهناك المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، إضافة إلى ما أطلق عليه بالمؤسسات المساندة للصيرفة الإسلامية، مثل المجلس العام، وهيئة المحاسبة، ومجلس الخدمات الإسلامية، وغيرها من المؤسسات الداعمة للعمل المصرفي الإسلامي.
ويبدو أن هذه المؤسسات تتنازعها الخلافات السياسية التي تعصف بمجتمعات وحكومات الدول الإسلامية، وبالتالي فإن التنسيق بينها ضعيف جدا.
ومما يزيد من معاناة البحث العلمي في الصيرفة الإسلامية وجود مؤسسات بحثية بمسميات مختلفة تحكمها لوائح وقرارات إدارية خاضعة لضغوط أصحاب رؤوس الأموال الممولين لهذه المؤسسات، وهكذا تبدو الصورة قاتمة جدا.
ومع ذلك فإن علم الصيرفة الإسلامية كسائر العلوم الإنسانية، ليست حكرا على فئة أو أمة من الأمم، وإنما هي هبة الله للمجتهدين في كل أمة. وهذه العلوم تنمو وتتوالد رغما عن رؤوس الأموال وأصحابها، وغالبا ما تنمو العلوم في الاتجاه الصحيح، إذا توافرت البيئات الصحية والنوايا الصادقة والعقول السليمة. ومن هنا فإنه لا توجد خشية على علم الصيرفة الإسلامية، خاصة في هذا الزمان الذي افتضحت فيه المبادئ الرأسمالية، وتهاوت فيه مؤسسات التمويل الربوي العالمية.
وإنما الخشية على من ليست لهم هوية ولا دين، فهم رأسماليون ربويون عندما تنتصر الرأسمالية ويعلو شأن الربا والمرابين، وهم إسلاميون لا ربويين عندما يعلو شأن التمويل الإسلامي والصيرفة الإسلامية.
ومن أجل تمحيص الصفوف وتنسيق الجهود وتضافر الهمم لا بد أن يتداعى الأكاديميون إلى جمعيات أو منتديات تعمل على إيجاد معايير رصينة وميثاق شرف يمثل حصانة وحماية للصيرفة الإسلامية من الدخلاء والمتسلقين والنفعيين الذين لا هم لهم سوى أنفسهم ونزواتهم.
كما أنه من الممكن إيجاد مواثيق دولية من خلال مؤسسات تصنيف إسلامية دولية أو مؤسسات مالية أكاديمية دولية تعمل على دعم ومساندة العمل المصرفي الإسلامي بعيدا عن الخلافات والتدخلات السياسية. لا سيما وأن المؤسسات الأكاديمية التي تتبنى الصيرفة الإسلامية والتمويل الإسلامي آخذة في الانتشار في العالم الغربي أكثر من انتشارها في العالم العربي. وهذا يعني أنه لا بد من التنسيق مع هذه المؤسسات الأكاديمية الدولية من أجل الدعم والمساندة والمحافظة على مسيرة العمل المصرفي الإسلامي على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي