أبار: تجارتنا بدأت بدكان صغير في مسعى المسجد الحرام

أبار: تجارتنا بدأت بدكان صغير في مسعى المسجد الحرام
أبار: تجارتنا بدأت بدكان صغير في مسعى المسجد الحرام

يعد رجل الأعمال غازي بن عبد الله أبار، أحد قياديي الجيل الأول للمؤسسات والشركات العائلية السعودية الرائدة في خريطة الاقتصاد الوطني. ويحسب لهذا الجيل قدرتهم على تطوير وتنمية أعمالهم والمحافظة على ثرواتهم، خاصة الذين بدأوا في إدارة دفة شركاتهم في السبعينيات والثمانينيات الميلادية، وغامروا في تطوير تجارة عائلاتهم بحثا عن الفرص من أقصى الشرق حتى أقصى الغرب، فازدهرت تجارتهم وتوسعت حتى أصبحت رقما كبيرا في عالم المال والأعمال.

درس غازي أبار بدايات التعليم التجاري في مدرسة والده عبد الله أبار وشريكه آنذاك أحمد زيني، وشرب منهما في بداية حياته التجارية أربع قواعد أساسية الصدق مع الله والناس، والتحليً بالأمانة في القول والفعل، والالتزام في البيع والشراء، والقناعة بالمكسب والخسارة.. هذه المكاسب العلمية لم تكن نصائح وتوجيهات، استمع إليها منهما. بل ممارسة شاهدها بعينيه وشهد عليها بقلبه، وعاصرها سنوات عديدة، فكانت غرسا حقيقيا في تأسيس حياته، وقبل أن يعتلي المسؤولية التجارية في مجموعة شركات أبار وزيني تسلح بالعلم والتجربة فقاد تطوير هذه المجموعة وتنميتها والمحافظة على مكتسباتها، وهنا برزت سمة القيادة مبكرا، إذ كافح غازي كفاحا مريرا وصبر وثابر وتحمل الجهد واستغل توظيف العلم والمعرفة مع التجربة العملية لتطوير وتحديث وتنويع محافظ استثمارات المجموعة حتى تمكن من حماية البيت التجاري بدعائم قوية حافظت على المكتسبات التي تحققت في الماضي، وزادت من حضورها في خريطة الاقتصاد المحلي.

في هذا الحوار الموسع نستعرض قصة النجاح ومراحل التطور والنمو لواحد من أكبر البيوت التجارية المتضامنة وفلسفة رائد الفريق القيادي نحو التطور والنمو ومشكلات الحياة وتداخل الصلاحيات والمسؤوليات بين الأجهزة الإشرافية على قطاعات التجارة، إلى تفاصيل الحوار مع رجل الأعمال غازي عبد الله أبار رئيس مجلس إدارة شركة أبار وزيني.

بداية.. أود تلطفك بإيجاز كيف بدأت تجارة الأبار؟

الوالد بدأ منذ زمن بعيد بدكان صغير في المسعى بالمسجد الحرام، كان ذلك منذ 65 عاما تقريبا، ثم تعرف على العم أحمد زيني بعدها بدآ تجارتهما المشتركة، وانطلقت شركة أبار وزيني، في النشاط الغذائي عبر نقل المواد الغذائية وشرائها من تجار جدة أو الهفوف في ذلك الوقت، حيث كانت الأحساء مصدر الشراء للحجاز من الهند للبحرين إلى الأحساء ثم إلى مكة. كانت البداية متواضعة وكانت الانطلاقة قبيل الطفرة، بعدها توسعت الشركة والنشاط، ومن ثم تأسست شركات في المواد الغذائية والتصنيع ومختلف النشاطات الأخرى.

ما نقطة التحول التي تراها أثرت في توسع الشركة، هل دخولكم في التصنيع، أو تجارة التجزئة في قطاع الأغذية؟

كان النمو تدريجيا، كانت الشركة تأخذ الوكالات التي لا تحتاج إلى تبريد، وفي ذلك الوقت نجحا في المانجو، زيت الزيتون، الشطة، ووفر لهما هذا الأمر قاعدة صلبة بني عليها اللاحق، بعدها دخلا مجال المواد الغذائية المبردة، بدأ التوسع في الفواكه، البيض، الدجاج، والبناء على هذه القاعدة، وكانت المواد الغذائية تمثل العصب الرئيس لشركة أبار وزيني، كانت هناك تجارة جملة وبقالات (أسواق النجمة) والثلاجات، ومصانع مختلفة للمواد الغذائية تنتج بيضا، حلاوة، خميرة للخبز، حتى عام 2005 و2006م قررنا الانفصال كعائلتين، بيت زيني أخذ جزءا من أنشطة الشركة، وعائلة الأبار أخذت أنشطة أخرى.

كيف دخلت الشركة في النشاطات النفطية؟

بدأنا نشاط النفط في أواخر الستينيات عبر تموين السفن بالنفط، وجاء دخول هذا النشاط بعد أن كانت الشركة تزود السفن بالمواد الغذائية، ومن هنا فتح لنا فرصة الدخول في نشاط الموانئ ومنها لتموين السفن بالنفط، فبدأت شركة بتروستار التي توسعت لاحقا لأنشطة أخرى في مجال النفط حتى انتهت، وقد يكون ليس لها نشاط الآن لأسباب راجعة لأنظمة الدولة، كان banker fuel السعودي يتلقى إعانة، ما يحفز البواخر للمجيء للموانئ السعودية لأخذ الوقود للسفن، لكن عندما ألغت الحكومة السعودية هذه الإعانة أصبحت الموانئ السعودية أغلى من الموانئ المجاورة، وأصبحت السفن تتوجه لقناة السويس أو عدن للتزود بالوقود وتتجنب السعودية، وهو الأمر الذي أدى لنهاية هذا النشاط، فمعظم الشركات العاملة في هذا المجال أغلقت، كذلك تجارة الغاز السائل، كنا نتاجر في الغاز المسال المستخرج من البترول، منعت الدولة بيعه على تجار وقررت بيعه على مستخدمين للمادة، ونحن كتجار انتهى نشاطنا، كل هذه العوامل أدت لإغلاق نشاط شركة بتروستار، الشركة لديها أعمال الآن مستمرة، لدينا تموين بترول للطائرات في المطار، كانت الشركة شراكة مع العم عبد الرحمن منصوري، رحمه الله.

بعد انفصال شراكة الأبار وزيني حالياً ما الأنشطة الخاصة بشركة الأبار؟

بالنسبة لنا أخذنا أسواق النجمة، والمعلبات، والثلاجات، والشركات التي تنضوي في فلك ثلاجات أبار وزيني والمقصود بها البواخر، ناقلات المواد الغذائية المبردة، المزارع خارج السعودية.

دعني أتطرق لمراحل التجارة لديكم، كم تستوردون من الأصناف؟

في المعلبات نستورد ما يقارب 100 صنف من المواد الغذائية، أما في الثلاجات التي تشمل الألبان، المجمدات، الفواكه هناك 500 صنف تقريبا، لكن الصنف لديه أحجام مختلفة.

كم يبلغ حجم استهلاك السعودية من الفواكه؟

في تقديري في القطاع الذي نعمل فيها يتراوح حجم الاستهلاك بين 1.5 مليار ريال وملياري ريال، لكن هناك قطاعات لا نعمل فيها تلك التي تأتي في المواسم من الدول المجاورة، لذلك أتوقع أن يصل حجم استهلاك السعودية من الفواكه إلى ثلاثة مليارات ريال سنويا.

بالنسبة إلى الموز والتفاح والبرتقال باعتبارها الأصناف الرئيسة، كم تستحوذ من نسبة الفواكه ككل؟

هذه الأصناف تشكل نحو 30 إلى 35 في المائة من حجم الفواكه، وقد تصل إلى 40 في المائة.

من الملاحظ أن الفواكه لم تشهد ارتفاعا كبيرا في الأسعار باستثناء التفاح شهد ارتفاعا نسبيا، ما أسباب ذلك قياساً بالمنتجات الأخرى؟

المسألة عرض وطلب، اليوم سعر كرتوني التفاح أو البرتقال لا يختلف كثيرا عن سعرهما قبل 20 عاما، مقارنة بالمنتجات الأخرى مثل السيارات والملبوسات وغيرها، الأمر يتعلق بالعرض والطلب وتكلفة الإنتاج التي تناقص مع مرور الزمن بسبب الأسمدة الزراعية التي تسبب زيادة في الإنتاج من المتر المربع، وعدم صعود أسعار المواد الغذائية مقارنة بالمنتجات الأخرى يسبب لنا مشكلة في موازنة التكاليف لدينا.

يقال إن الموز يباع بخسارة؟

بالنسبة للموز حاليا نبيعه بربح، لكن قبل شهر كنا نبيع بخسارة، تجارة الفواكه تعتمد على الإنتاج، فإذا ارتفع الإنتاج في منطقة ما ينهار السعر فورا، والعكس صحيح، أي إذا حدث نقص في الإنتاج ترتفع الأسعار، وهو ما يحدث حاليا في السوق العالمية.

اليوم نشاهد في السعودية توافر فاكهة الشتاء والصيف على مدار العام، هناك اتهام بأن نسبة المواد الحافظة كبيرة في الفواكه للمحافظة على جودتها؟

هذه المواد التي تستخدم قابلة للاستخدام، الهيئات الغذائية العالمية تراقب هذه المواد وتصرح بها، نستخدم نوعا من مادة “الدوكس” وهي مادة شمعية على التفاح ليست سامة وغير مضرة وقابلة للاستهلاك، ومن حق الزبون وواجبه غسل الفاكهة قبل الأكل، قد توضع هذه المادة لحماية الفاكهة من التلف، لكن على المستهلك غسلها جيدا قبل تناولها.

في ظل التغيرات السريعة في أسعار المحاصيل كيف تتعاملون مع هذه المتغيرات؟

ربما اليوم المهمة أسهل من السابق، في السابق كنا في السعودية مقطوعين عن المعلومة إلا بالتليفون بعد ذلك جاء التلكس ثم الفاكس، والآن لدينا الإنترنت، عن طريقه نستطيع مراقبة الأسعار كأننا في الفلبين أو جنوب إفريقيا أو شيلي، ونستطيع مراقبة الخطر الذي سيؤثر على الأسعار، في الماضي كان الحدث يحصل وينتشر الخبر ويتفاعل السعر معهما، ونحن هنا لا ندري عن شيء، أما اليوم وضعنا أفضل بكثير، هناك بورصات لبعض السلع، هناك بورصة للبرتقال يتداول فيها عصير البرتقال المركز وهو مؤشر لوفرة البرتقال، لكن حتى عندما بعنا الموز بخسارة كنا نعلم أن هناك نقصا سيحصل فيه وترتفع الأسعار، للأسف الصحافة تكتب عندما ترتفع الأسعار، لكنها تتجاهل الوقت الذي يبيع فيه التاجر بخسارة، ومن الطبيعي أن التاجر سيلغي طلبات والمزارع ستوقف الزراعة ويحدث نقص وترتفع الأسعار، بعدها يتسابق التجار لعمل طلبات، والمزارعين لزراعة الأرض، لن يحدث أي استقرار.

هل تتوافر لديكم معلومات عن استهلاك المناطق السعودية من الفاكهة؟

بالطبع لدينا معلومات عن مبيعاتنا في كل فرع، لكن بعض الفروع مثل جدة والرياض والدمام لن يكون هناك وضوح كامل، لأن جدة قد تبيع لمكة والطائف والمدينة، المبيعات في بريدة مثلا نستطيع معرفة استهلاكها بالضبط من مبيعاتنا، في الرياض كمركز تجاري مهم تبيع لمناطق أخرى حولها في المنطقة الوسطى.

هل ترى أن استهلاك السعوديين في المعدل الطبيعي من الفواكه؟

في رأيي أنه أفضل من المعدل الطبيعي، إذا عملنا الاستهلاك المتوسط لشخص في العالم فنحن أكثر، وهذا أمر صحي.

كم يبلغ معدل النمو السنوي في قطاع الفواكه في السعودية؟

5 في المائة.

أبرز الدول التي تستورد منها الفواكه؟

بالنسبة للموز الفلبين، أما الحمضيات في موسم الشتاء مصر والمغرب وموسم الصيف جنوب إفريقيا، التفاح شيلي وأوروبا وأمريكا، العنب شيلي وجنوب إفريقيا، الأصناف الأخرى مثل الخوخ والبخاري جنوب إفريقيا، الأنناس من الفلبين، المانجو من الهند وأستراليا، كيوي من نيوزلاند.

هناك بعض التجارب التي نجحت في جازان، هل فكرتم في الزراعة داخل المملكة؟

لا لم نفكر في الزراعة داخل البلاد، نحن شركاء مع آخرين في بعض المزارع بنسبة 50 في المائة في شيلي، من أجل توريد الكميات الكبيرة من التفاح والعنب طوال العام، وفي جنوب إفريقيا من أجل الحمضيات، والفلبين من أجل الموز، تجربتنا لم تكن ناجحة، صحيح كان هناك إنتاج، بمعنى كمزارع كنا نخسر، وكتجار نستورد
للسوق المحلية نكسب، وعندما جاءت الفرص في السعودية لم نهتم كثيرا بها، لأن تجربتنا لم تكن موفقة، وهذا لا يعني أنها مشاريع غير ناجحة، لكننا لم نوفق ليس إلا، هناك مشاريع لشركات كبيرة مثل أسترا في تبوك ناجحة، ومشاريع المانجو في الجنوب تنتج سلعة جيدة، لكنني لا أعلم هل هي ناجحة أم لا، لكننا بعد أن قمنا بشراء ثلاجات أبار وزيني نرى أنفسنا كتجار وليس كمزارعين.

أنتقل إلى تجارة التجزئة، كم عدد فروع أسواق النجمة اليوم؟

اليوم لدينا عشرة فروع في جدة وينبع.

هل لديكم خطط للتوسع في جميع مناطق السعودية؟

على المدى الطويل نعم، لكن ما زال أمامنا بعض الوقت، نأمل بفتح من عشرة إلى 20 فرعا جديدا في جدة، ثم ننطلق في المناطق المجاورة لجدة مثل مكة المكرمة أو المدينة ومن ثم بقية المناطق.

ما فلسفتكم بالتركيز على جدة في الفترة الحالية؟

كأسواق النجمة أملاكنا وأصولنا موجودة في جدة، ولدينا قاعدة إدارية هنا، ولذلك نرغب بالاستفادة منها والبناء عليها بأكبر قدر ممكن، فمثلا إذا انتقلت إلى الرياض سأضطر إلى بناء مستودعات مركزية جديدة، ووضع إدارة مركزية جديدة.

هذا يعني أن هذا الاستثمار مرهق أو مكلف إداريا؟

بالتأكيد، المستهلك من حقه أفضل السلع بأرخص الأسعار، ولأخفض تكلفتي من أجل إعطاء المستهلك هذا المنتج بأرخص الأسعار يجب العمل في المنطقة التي أعمل فيها نفسها وأخفض تكلفة كل ريال أبيعه، فالمستودع المركزي الذي لدي في جدة لا يمكن أن يخدم الرياض، بينما لديه القدرة على خدمة نحو 30 فرعا في جدة.

#2#

إذاً المنافسة قوية بين المراكز التجارية؟

بالطبع، المنافسة شرسة وشديدة.

لكن هناك اتهاما يطول التجار، خصوصا عندما ترتفع تكلفة السلع وأسعارها وحصولهم على ربح عال؟

بالنسبة لتكلفة السلعة من الممكن أن ترتفع، الحصول على أرباح عالية غير صحيح، اليوم هناك شركات مساهمة وأرقامها واضحة وشفافة تبيع بآلاف الملايين وأرباحها واضحة على موقع تداول، فإذا لم تربح هذه الشركات كيف يمكن أن يخدُم المستهلك، سيغلق النشاط بالتأكيد دون ربح، الفلسفة التجارية تفيد بأنه أثناء تعاملك مع طرف يجب أن يربح لكي تستمر التعاملات التجارية، فإذا كان المستهلك يريد المراكز التجارية تخسر في بيعها ذلك يعني أن هذه المراكز ستغلق في غضون أشهر، ولن تجد من يخدم ويبيع للمستهلك، التجارة الحرة ـ كما هو موجود في المملكة ـ تضمن للمستهلك الأسعار الصحيحة المناسبة والنوعية والجودة الصحيحة والمناسبة، فإذا فتحت بقالة وأرفع أسعاري مباشرة سأجد أربعة أو خمسة محال تفتح بجانبي.

بشأن قضية تسعير المواد الغذائية، هناك من يطالب بالتسعير من قبل وزارة التجارة، هل تؤيد ذلك؟

بالتأكيد لا أؤيد ذلك، السوق الحرة هي من تحدد السعر وليس وزارة التجارة، فلو حددت “التجارة” كرتون الموز بـ 23 ريالا على سبيل المثال، فإذا رغبت أنا بشراء وبيع الموز ويكلفني ذلك 25 ريالاَ بناء على ذلك لن أعمل في هذا النشاط، والعكس عندما تحدد وزارة التجارة سعر الكرتون بـ 23 ريالا وأستورده بـ 12 ريالا لن يكون الأمر عادلا، عندما تسير اليوم في الشارع تجد بجانب كل بقالة فكهانيا وإذا كان يبيع كرتون الموز بـ 30 ريالا فلن أستطيع أنا في البقالة البيع بـ 40 ريالا مثلا، سأضطر للبيع مثله وربما أزيد ريالا أو اثنين نظير توفير الموز تحت التكييف، المنافسة تضغط على أي تاجر يستغل الأسعار، هناك ربما تجارة أسعارها تتحرك خلال أيام، وأخرى خلال شهرين أو ثلاثة أو سنة، تجارتنا سوقها تتحرك بسرعة، إذا كانت التجارة مثلا مصفاة زيوت وكنت تكسب 100 في المائة، سأضع مصفاة بجانبك خلال عام، بمعنى لن أستطيع وضع ذلك خلال أيام، لذلك لا أؤيد تدخل الحكومة في الأسعار.

هناك تجربة في الرياض لمقارنة أسعار المراكز التجارية فيما بينها، كيف تراها؟

يمكن عمل ذلك، هذا ليس تدخلا حكوميا في تحديد الأسعار، بل نوع من توعية المستهلك عبر مقارنة أسعار بين محل وآخر وهي فكرة طيبة، وكانت هذه التجربة تحدث منذ 20 عاما تقريبا في صحيفة “عرب نيوز”.

أنتقل إلى تجربة الشباب في الخضروات والفواكه، اليوم هناك فوضى في الشوارع عبر الباعة الجائلين وربما يسيئون للمستوردين عبر عرض فواكه فاسدة في بعض الأحيان، لماذا انتشرت هذه الفوضى؟ ولماذا لم ينجح الشباب السعودي فيها؟

بداية، الباعة الموجودون في الشوارع ليسوا سعوديين، هذه عملية مرهقة، أنت كزبون تقف عند الباعة في الشوارع ستتعب من الحرارة، فتخيل البائع الذي يقف طوال النهار يبيع كيف سيكون وضعه، أكثرهم أجانب، ولا يوجد سعودي سيتحمل أن يقف كل هذه المدة لبيع الفاكهة حتى في المساء، لكن هناك الدكاكين الموجودة في بعض الأحياء لبيع الفواكه يمكن أن يعمل فيها السعوديون، لكن هل ناجحة أم فاشلة لا يمكن الحكم عليها، لأن الأمر يعتمد على الموقع وخدمة الشباب للزبائن، هي تجارة صعبة وربحها بسيط.

بالنسبة لتجارة المبردات والثلاجات، كيف ترى الطلب عليها في السوق السعودية اليوم؟

نعم هناك طلب عليها، السوق السعودية تستهلك كميات كبيرة من اللحوم البيضاء (الدجاج) سواء المجمد أو المبرد، واستهلاك الشخص للحوم البيضاء في السعودية أكبر من دول كثيرة في العالم، بكل أسف لدينا البحر الأحمر، لكننا لا نأكل سمكا بما فيه الكفاية، نأكل لحم الضأن لكن اللحم البقري لا يستهلك بالكميات التي في الخارج، فمثلا الملحمة في أي بقالة كبيرة نصف مبيعاتك فيها دجاج، النصف الآخر مفروم وجزء بسيط من اللحوم العادية.

هل هناك طلب كبير على اللحوم المفرومة واللحوم الحمراء؟

بالنسبة للحوم المفرومة عليها طلب كبير، أما اللحوم المجمدة الحمراء لا تباع في البقالات الكبيرة، لكن عليها طلب بالتأكيد، لأن ثمنها أرخص من اللحوم المبردة أو الطازجة، بالنسبة للمبرد الطلب ليس بقدر المجمد، في اللحم البقري أكثر من اللحم المجمد، في الضأن المبرد يتفوق في الطلب.

كيف ترى سعودة المراكز التجارية بالشباب السعودي؟

حتى الآن نحن لم ننجح، “الكاشير” ربما هو المكان الوحيد الذي حدث فيه تقدم، أسباب عدم النجاح تعود إلى أن الربحية في نشاطنا لم تمكننا من الصرف على برامج السعودة، ربما ثقافة العيب ما زالت موجودة لدى بعض الشباب، لكن عندما يسافر للخارج لا يعرفه أحد ويعمل بحرية مطلقة.

هل تلوم المجتمع أم المدرسة على ذلك؟

أنا أوجّه اللوم إلى المجتمع وليس لى المدرسة لأن الجميع مشترك، البيت، المدرسة، التلفزيون، كتاب الروايات أو المسلسلات، فعندما أكتب في روايتي أن السباك إنسان رائع فإنني أرفع من قدره، والعكس عندما أصوره كشخص وضعه سيئ يعني ذلك أنني صورت المهنة بأنها بشعة ولن يذهب إليها الشباب، لماذا لا نوظف الدراما في تغيير ثقافة المجتمع نحو الأفضل، في بريطانيا نشاهد برنامجا كرتونيا البطل فيه رجل البريد.

هل تعتقد أن الغرفة التجارية أدت دورها مع التجار؟

تجربتي السابقة أيام العم إسماعيل أبو داود ـ رحمه الله ـ كانت الغرفة نشيطة وتؤدي دورا، ولا يعني ذلك أنها اليوم غير نشيطة ولا تؤدي الدور الكافي، لكن في ذاك الوقت كان لي اتصال كبير بالغرفة ومشكلات أحاول حلها عبرها، وخلال تجربة الشيخ صالح التركي نهضت الغرفة بحق في تسهيل عديد من الإجراءات لرجال الأعمال ونشطت في استقطاب المسؤولين لمواجهة رجال الأعمال، وألاحظ الآن أن الغرفة بقيادة الشيخ صالح كامل تقوم بدور ريادة جيد ونسمع عن خطط واستراتيجية للمجلس الجديد أتمنى لهم التوفيق.

كيف ترى العلاقة مع وزارة التجارة، دائما ما يشوب هذه العلاقة الكثير من عدم الرضا؟

التجارب تختلف من مرحلة لمرحلة، ومن شخص إلى آخر، أو من تجارة لتجارة، نحن منذ 20 عاما كنا نواجه مشكلات مع وزارة التجارة أو قطاعات خاصة بها، أخيرا لا توجد مشكلات ولله الحمد، من أبرز مشكلات الفترة السابقة تغير الأنظمة المستمر، قراءة الأنظمة بشكل مختلف عن الواقع، لكن اليوم أرى أن هناك استقرارا مع الوزارة في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله.

أنتقل لعلاقة التجار وأصحاب المراكز التجارية مع البلدية، كيف تقيّمها؟ هناك اتهام بأنها تحملكم رسوما عالية باستمرار؟

لا بد من التنبه إلى أنه في النهاية من الذي سيدفع الفاتورة أليس المستهلك النهائي؟ فإذا كانت البلدية تجبرنا على دفع 180 ريالا على اللوحة، وتزيدها إلى 800 ريال، موظف البلدية بنفسه أو من يتخذ القرار سيدفع الثمن، لا يمكن أن يزيد رسوم اللوحة ثم يشتكي بأنني رفعت أسعاري، في النهاية المستهلك من سيدفع، سواء البلدية أو أي مسؤول في الدولة عندما يفكر في تحميل أي قطاع تجاري مصاريف إضافية لا بد أن يعرف أن هذا التاجر في نهاية المطاف سيحملها المستهلك النهائي، وإذا فكر في أن يرفع الرسوم على قطاع معين مع ثقته بأن هذا القطاع لن يستطيع رفع الأسعار، بالتأكيد سيلجأ للغش، لدينا سفينة في لوس أنجلوس تعطلت المكينة، لأنهم وضعوا مواد مكررة في البترول بدلا من أن يرفع السعر، في هذه الحالة كان من الأفضل لي دفع الزيادة، نحن في المراكز التجارية خاضعون لجميع أنظمة البلدية، والدفاع المدني ووزارة التجارة التي تحملني تكاليف لحماية المستهلك وأنا أحاول تحميل هذه التكاليف للسلع التي أبيعها، لكن ماذا عن الباعة الجائلين في الشوارع، ليس لديهم شهادة صحية، ولا تبريد أو حماية ضد الحشرات، بالتأكيد سيبيع أقل منا.

الأكثر قراءة