كفاءة الهيئات الشرعية في مراقبة المؤسسات المالية
شهدت ماليزيا في العقود الأربعة الأخيرة اهتماما متزايدا بالصناعة المالية الإسلامية، فقد تأسس فيها أول مصرف إسلامي «بنك إسلام ماليزيا» في عام 1983م، وبذلك تكون ماليزيا إحدى أوائل الدول الإسلامية التي اهتمت بالصناعة المصرفية الإسلامية، وكانت التجربة قد بدأت في العصر الحديث في مصر بتأسيس بنك ناصر الاجتماعي سنة 1971م، لكن الصناعة المصرفية الإسلامية بدأت نشأتها بشكل عملي وملموس مع تأسيس البنك الإسلامي للتنمية سنة 1975م ثم بنك دبي الإسلامي الذي تأسس في السنة نفسها ثم بيت التمويل الكويتي 1977م، وبدأ العمل المصرفي الإسلامي بعد ذلك يأخذ حيزا كبيرا في العالم الإسلامي.
اهتمت ماليزيا اهتماما كبيرا بالصناعة المالية الإسلامية، فعلى مستوى التشريعات أصدر البنك المركزي التشريعات الضرورية لتمكين البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية من ممارسة أنشطتها بصورة طبيعية. وازداد عدد المصارف الإسلامية في ماليزيا (مصارف إسلامية ومؤسسات تكافل ـــ تأمين) خلال السنوات الماضية. وتبلغ حصة المؤسسات المالية الإسلامية من السوق المصرفية اليوم 17.4 في المئة، الأمر الذي جعل من الرقابة الشرعية على عمل المصارف الإسلامية ركنا رئيسيا من أركان ديمومة واستمرار العمل المصرفي الإسلامي.
مفهوم الرقابة الشرعية على العمل المصرفي
عرَّفت الرقابة الشرعية بأنها في مجمل نظمها ما يحكم العمل المصرفي من قواعد شرعية عند ممارسة العمليات المصرفية بمختلف أنواعها والابتعاد عن ممارسة أي عمل مصرفي إذا كان يتعارض وأحكام الشريعة الإسلامية؛ وببساطة تعني إبداء الرأي عن العمليات المصرفية المراد تنفيذها، ومدى مسايرتها للقواعد الشرعية. والرقابة الشرعية من ناحية أخرى «عبارة عن فحص مدى التزام المصرف الإسلامي بالشريعة الإسلامية في جميع أنشطته، ويشمل العقود والاتفاقات والسياسات والمعاملات وغيرها». والعمليات المصرفية التي تقوم بها المصارف الإسلامية هي عمليات هادفة لها جدوى اقتصادية واجتماعية حيث تستفيد منها أطراف عدة، وعنصر الاستفادة مبني على العدالة في توزيع الأرباح. ونصيب المصرف من هذه الأرباح يجب أن يكون محل عناية الرقابة الشرعية باعتبار أن هذا المصرف مؤسسة مالية تهدف للربح، وأن تكون ممارسة العمليات المصرفية ضمن الإطار الشرعي، وفي دائرة حليّة التعامل والابتعاد عن المكاسب المحرمة، وبناء على ذلك فإن الرقابة الشرعية تنظر إلى النشاط المصرفي الإسلامي نظرة متوازنة، بحيث لا يختل التوازن من خلال عمليات لا تجيزها الشريعة حتى ولو كانت ذات مردود عال؛ وتقوم الرقابة الشرعية على آلية معينة أساسها السير وفقاً لضوابط شرعية، وهنا يستدعي الأمر وضع إجراءات عملية تترجم آلية هذه الرقابة، من بينها ما يلي:
تخطيط إجراءات الرقابة الشرعية؛ ويعني هذا التخطيط رسم خريطة الرقابة بصورة تنظر إلى عمق العمليات التي يمارسها المصرف الإسلامي، وهذا العمق يتجلى في فهم طبيعة العملية المصرفية المراد تنفيذها من حيث الحجم والنوع والآثار المترتبة عليها، والأطراف المتعاملة، وهل هي عملية خارجية أو عملية داخلية؟ كيفية تنفيذ إجراءات الرقابة الشرعية، وإعداد أوراق العمل ومراجعتها، وهل هنالك رؤية واضحة فيما يتعلق بأدوار ووظائف والمساهمات المتوقعة من المستشار الشرعي للخدمات المصرفية والعمليات المالية؟ وهل يتم تحليل دقيق للطريقة التي يصدر بها المستشارون الشرعيون الأحكام والطريقة التي يتم بها تنفيذ تلك الأحكام فيما يتعلق بالقضايا الإجرائية والقانونية والشرعية؟ وما توقعات المصرفيين والأجهزة التنظيمية فيما يتعلق بالعمل الاستشاري الشرعي الذي يضطلع به المستشارون الشرعيون؟ وما مدى إدراك المستشارين الشرعيين لتوقعات المصرفيين والأجهزة التنظيمية منهم؟ وما المشكلات التي يواجهها المستشارون الشرعيون والمصرفيون والأجهزة التنظيمية من أجل ردم الهوة بينهم؟
نظام الحوكمة الشرعية في ماليزيا
جملة الأسئلة هذه التي طرحت تجعل من النموذج الماليزي نموذجا يستحق الدراسة بعمق لفهم المكونات التي يتألف منها نظام الحوكمة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية في ماليزيا، فهي تمتلك خبرة واسعة في العمل المصرفي الإسلامي. ونتيجة للموقع الذي تشغله الصناعة المصرفية الإسلامية فإن نظام الحوكمة الشرعية يستدعي النظر إليه كشرط أساسي لتطوير العمل المصرفي الإسلامي وفقما تقتضيه مفاهيم الشرعية الإسلامية وتقتضي في الوقت ذاته معرفة طبيعة النظام الذي تتكون منه هذه اللجان التي يطلب منها دور كبير لتطوير صناعة المصرفية الإسلامية. وتتألف اللجان من عنصرين، هما: الهيئة الشرعية العليا، التي هي المجلس الاستشاري الشرعي الذي أسسته اللجنة، والمستشارون الشرعيون الذين تم تعيينهم من قبل المؤسسات المعنية «اللجان الشرعية». وتتمثل أدوارهم في توجيه ومراجعة والإشراف على والموافقة على أو رفض أنشطة المؤسسات المالية الإسلامية من أجل ضمان الامتثال لقواعد ومبادئ الشريعة. ويحدد دور مثل هذه المجالس إلى حد كبير مدى التزام المصارف الإسلامية بمبادئ الشريعة الإسلامية. وبناء على ذلك، تحتاج الهيئة إلى سلطة كافية لتمكين أعضائها من أداء وظائفهم على نحو فاعل.
#2#
وتشكل الأحكام الشرعية الإسلامية أساس تشغيل وحوكمة الخدمات المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي. فمن واجب المؤسسات المالية الإسلامية ضمان أن تكون جميع أنشطتها وعملياتها متوافقة مع الشريعة الإسلامية. والهيئة المسؤولة على وجه التحديد عن الإشراف على الامتثال للشريعة هي اللجنة الشرعية في كل مؤسسة مالية. ونظرا لطبيعة الأعمال المصرفية الإسلامية القائمة على الدين، فإن مهمة اللجنة الشرعية أوسع وأشمل من مهمة المستشارين في القطاع المصرفي التقليدي. فلا بد أن يكون لدى أعضاء اللجنة الشرعية فهم كبير لمبادئ الشريعة الإسلامية في مجال تطوير المنتجات، فضلا عن عمليات وأنشطة الخدمات المصرفية الإسلامية. واللجنة الشرعية هي هيئة مستقلة من الفقهاء المتخصصين في فقه المعاملات مكلفة بمهمة توجيه واستعراض والإشراف على و/أو الموافقة على أنشطة المؤسسة المالية الإسلامية من أجل ضمان امتثالها لقواعد ومبادئ الشريعة الإسلامية. معيار الحوكمة للمؤسسات المالية الإسلامية رقم 1، هيئة الرقابة الشرعية: التعيين والتشكيل والإبلاغ، الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية يحتوي على التعريف التالي:
هيئة الرقابة الشرعية هي هيئة مستقلة من الفقهاء المتخصصين في فقه المعاملات. إلا أن هيئة الرقابة الشرعية قد تضم عضواً غير أولئك المتخصصين في فقه المعاملات، ولكن يجب أن يكون خبيراً في مجال المؤسسات المالية الإسلامية وعلى دراية بفقه المعاملات. هيئة الرقابة الشرعية مكلفة بمهمة التوجيه والاستعراض والإشراف على أنشطة المؤسسة المالية الإسلامية من أجل ضمان امتثالها لقواعد ومبادئ الشريعة الإسلامية. وتكون فتاوى وأحكام الهيئة ملزمة بالنسبة للمؤسسة المالية الإسلامية. ويسمى عضو اللجنة الشرعية عموما مستشاراً شرعياً، ويضطلع بدور إشرافي و/ أو استشاري وفقا لمبادئ الشريعة. والفرق بين هذين الدورين بالغ الأهمية. فالدور الإشرافي يعني أن القرارات التي تتخذها اللجنة الشرعية ملزِمة بالنسبة للمؤسسة المالية الإسلامية. من جهة أخرى، يقتصر الدور الاستشاري على تقديم الآراء والمشورة والتشاور.
ويسود اعتقاد أن عديدا من المستشارين الشرعيين حاليا لديهم معرفة قليلة وخبرة محدودة بالممارسات المصرفية على الصعيدين الواقعي والفني. وقد يواجه بعض المستشارين الشرعيين المعينين حديثا صعوبة في استيعاب التوقعات الكبيرة للمصرفيين والمنظمين الذين يتوقعون أن يملك المستشار الشرعي كثيرا من المعلومات وأن يكون قادراً على منح النصائح الحكيمة والإشراف الفاعل. من ناحية أخرى يتوقع المصرفيون عادة، خاصة أولئك الذين يعملون في بيئة أعمال تنافسية تشجع على تعظيم الأرباح وتقليل المخاطر، أن تكون عقلية المستشارين الشرعيين متوافقة مع تلك البيئة. إلا أن المستشارين الشرعيين يحللون ويدرسون المشكلات قبل منح موافقتهم أو رأيهم. نتيجة لذلك، من المحتمل أن تسبب عملية منح الموافقة بعض التأخير لبعض العمليات التجارية، وقد يسبب هذا مضايقات لكلا الطرفين.
علاوة على ذلك، فإن عدم الكشف المفصل لإجراءات ومناقشات ومداولات اجتماعات المستشارين الشرعيين، ولا سيما فيما بتعلق بالموافقة على المنتجات و/ أو إصدار الفتاوى، قد تثير التساؤلات بشأن صحة الأحكام الصادرة. والسبب في ذلك هو أنه يتم دائما عرقلة النقاش السليم الصحي بسبب عدم الكشف عن الأسباب والمبررات المحددة، خاصة حين تكون الأحكام أو الفتاوى المصدرة مشكوكا فيها.
الدور المنوط باللجان الشرعية
يعتبر وجود اللجان الشرعية ضروريا للغاية لتطوير المؤسسات المالية الإسلامية. وقد ناقش كثير من الكتّاب قضايا متصلة باللجان الشرعية. ويحلل هذا القسم المؤلفات السابقة عن اللجان الشرعية. وقد وفرت القضايا التي تم استعراضها من المؤلفات بعض الأسس للبحوث الميدانية التي أجريت في ماليزيا. وتم تقسيم تحليل المؤلفات إلى أقسام فرعية، هي: أهمية اللجنة الشرعية، التشكيل المثالي للمجلس، متطلبات ومؤهلات الأعضاء، وظائف ودور اللجنة الشرعية، إطارها، والتحديات والقيود التي تواجهها اللجنة الشرعية في أنشطتها؟
أهمية اللجنة الاستشارية الشرعية ودورها الفاعل
لعبت اللجان الشرعية أدوارا مهمة وفاعلة كباحثين وخبراء في الخدمات والتمويل المصرفي الإسلامي للموافقة على المنتجات وأيضا كهيئات صنع القرار في المسائل المتعلقة بالشريعة داخل المؤسسات المالية, واللجان الشرعية تلعب دورا فاعلا في الحفاظ على الروح الحقيقية للخدمات والتمويل المصرفي الإسلامي، خاصة فيما يتعلق بامتثال عمليات ووثائق المؤسسات المالية الإسلامية لمبادئ الشريعة الإسلامية.
وتتمتع اللجان الشرعية بكفاءة تامة وقدرة كبيرة على العمل بفاعلية حين تفهم المنتجات نظريا وعمليا. ويتضح هذا من سرعة ومرونة عملية الموافقة على المنتجات. وإذا كانت جامدة بشكل غير معقول وتستغرق وقتا طويلا، لكانت فاعليتها كلجان شرعية موضع شك على الأرجح.
تشير الدراسات التي أجريت على النموذج الماليزي إلى أن كل عضو في اللجنة الشرعية يجب أن يملك المعرفة الكافية بالشريعة والقانون. علاوة على ذلك، هناك اتفاق كبير نسبيا على أنه يجب أن يكون في اللجنة الشرعية فريق من الخبراء في الأعمال والاقتصاد والمحاسبة كي يتمكنوا من أداء واجباتهم بفاعلية كلجنة شرعية متكاملة. وإضافة إلى مؤهلاتهم العلمية، وجد هذا البحث أن أعضاء اللجان الشرعية يجب أن يمتلكوا المؤهلات الإضافية التالية:
-1 خبرة كافية في مجال ممارسات الخدمات والتمويل المصرفي الإسلامي.
-2 إتقان اللغتين الإنجليزية والعربية.
-3 قدرات كبيرة على استخدام الشبكات التقنية.
-4 التقوى الدينية، والخبرة الجيدة في الإدارة ومعرفة إضافية في مجال سياسة الشريعة (السياسة العامة للشريعة) وأصول الدين (العقائد الأساسية للإسلام).
وتشير الأبحاث إلى أن الأجور لا تؤثر في أداء المستشارين الشرعيين واستقلاليتهم؛ بما أن معظمهم أكاديميون متفرغون. لذلك، فإن عامل الجذب الرئيسي بالنسبة لهم للانخراط في هذا المجال هو المعرفة والخبرة، وليس فقط الأجر أو المكاسب المالية الأخرى. فهم سيخدمون هذه المؤسسات المالية، ويؤدون واجباتهم كمستشارين شرعيين، ويحافظون على استقلاليتهم بغض النظر عن الأجور التي يتلقونها.
آلية اختيار الهيئات الشرعية
التشكيلة أو الهيكل الأكثر فاعلية للجنة الشرعية هي مزيج من خبراء الشريعة، ومختصين في القانون والمحاسبة والاقتصاد. ويجب أن يشكّل خبراء الشريعة الأغلبية. ويمكن أيضا إيلاء الاعتبار الواجب للمختصين المهنيين مثل ممارسي الأعمال الذين لديهم خبرة في الشركات وخبراء محاسبة التأمين (في حالة صناعة التكافل). ويقترح البحث أن يتألف المجلس من ثلاثة إلى خمسة أعضاء. وهذا معقول، خاصة للمؤسسات المالية الإسلامية الكبيرة حيث يكون عبء العمل كبيرا وصعبا مقارنة بالمؤسسات الصغيرة. والمؤسسات المالية الإسلامية في ماليزيا تطبق أساليب مختلفة في تحديد واختيار أعضاء اللجنة الاستشارية الشرعية. وتشمل هذه الأساليب:
-1 التوصيات من أعضاء اللجنة الشرعية الحاليين.
-2 الاستناد إلى المؤلفات والبحوث في الخدمات والتمويل المصرفي الإسلامي.
-3 الاتصال الشخصي.
-4 توصيات المؤسسات الأكاديمية.
-5 تقديم طلب مباشر من قبل علماء الشريعة المؤهلين.
البحث والتطوير سمة من سمات اللجنة الشرعية
إن البحوث تمثل جانبا مهما آخر للمساهمة المتوقعة من اللجنة الشرعية، خاصة البحوث المتصلة بمجالات عملها. ويمكن إجراء البحوث بمساعدة ضباط الشريعة في المؤسسات المالية. وعادة، يجب أن يكون الهدف من البحوث متعلقا بالقضايا الفعلية التي تواجهها البنوك الإسلامية، ويجب ترتيب نتائج البحوث في جداول في اجتماعات اللجنة الشرعية لإقرارها. وتشير الدراسة بقوة إلى أن المستشارين الشرعيين بحاجة إلى الخضوع إلى تدريب مستمر ودورات لتعزيز كفاءتهم. ويتوقع من المؤسسات إرسال علماء الشريعة إلى المؤتمرات والندوات الدولية للحصول على المعرفة الضرورية بالجانب الدولي من الخدمات والتمويل المصرفي الإسلامي. ويتوافق هذا مع تطلعات ماليزيا إلى أن تصبح مركزا عالميا للتمويل الإسلامي.
عملية الإشراف
من البحوث التي أجريت، وجد أن الإجراءات المعتمدة للإشراف والمراقبة تعتمد إلى حد كبير على السياسة الداخلية لكل بنك. وقد تشمل الأساليب التالية:
-1 استعراض هياكل المنتجات الجديدة، بما في ذلك المفهوم والهيكل والتوثيق من قبل المستشارين الشرعيين.
-2 استعراض المسائل الشرعية القائمة؛ بما في ذلك تنفيذ القرارات الصادرة عن المستشارين الشرعيين.
-3 المراقبة والإشراف من خلال اجتماعات شهرية منتظمة واجتماعات استثنائية وفقا لما تمليه الظروف.
-4 يكون لدى المؤسسات المعنية عادة مبادئ توجيهية خاصة بها فيما يتعلق بطبيعة الإشراف الشرعي.
قرارات اللجنة الشرعية ملزمة بالنسبة للمؤسسات. وفي الواقع، لا بد من احترام رأي العلماء الذي تم التوصل إليه بالإجماع لأنه يعد «الأقرب إلى الصواب والعدالة». ومن الطبيعي أن يكون لدى بعض العلماء وجهات نظر متعارضة عند اتخاذ القرار. وفي مثل هذه الحالة، يجب أن يؤخذ برأي الأغلبية. ولكن لا بد من تأييد قرار الأغلبية بعد إجراء مزيد من المداولات والنقاشات حول القضايا المطروحة. وإذا لم يتم التوصل إلى قرار الأغلبية، يجب أن يتم الرجوع إلى المجلس الاستشاري للبنك المركزي الماليزي لاتخاذ قرار نهائي. مما يعني أن البنك المركزي الماليزي يقوم بدور مهم في تنمية العمل المصرفي الإسلامي فهو الحكم النهائي في تقييم مدى التزام المؤسسات المالية الإسلامية بمبادئ الشريعة والإجراءات الإدارية الرشيدة. يقوم البنك المركزي الماليزي بالتأكد من قيام اللجان الشرعية بدورها بصورة فاعلة في تقديم النصائح المناسبة والتأكد من التزام العمليات المصرفية بالشريعة الإسلامية في إجراءاتها اليومية، كمراقبة مدى فاعلية جدار الحماية للتأكد من عدم وجود أي اختلاط بين الأموال الإسلامية والأموال التقليدية في عمليات «النافذة الإسلامية». كما يطلب من المدققين الداخليين القيام بدورهم بصورة دقيقة للتأكد من التزام المؤسسات المصرفية الإسلامية بمبادئ الشريعة، وذلك بصياغة برنامج شامل لمراقبة مدى توافق العمليات مع أحكام الشريعة، مما يدفعنا إلى القول إن صناعة المصرفية الإسلامية في ماليزيا تشكل نقلة نوعية للاقتصاد الإسلامي المتطور، الذي استطاع أن ينمو في بيئة تتصف بحرية التنافس المبني على أسس شرعية، تقوم على وجود لجان حكومة شرعية تمتلك من الخبرة العملية والتحصيل العلمي مؤهلات كبيرة تسهم في تطوير العمل المصرفي، وتجعل من النموذج الماليزي في وجود لجان الرقابة الشرعية ركنا أساسيا من أركان العمل المصرفي تستحق التعميم على القطاعات التي تتعامل وفق منظومة المالية الإسلامية.