تأثيرات الأزمة العالمية أجبرت مصنّعي العصائر على استيراد مركبات سيئة

تأثيرات الأزمة العالمية أجبرت مصنّعي العصائر على استيراد مركبات سيئة
تأثيرات الأزمة العالمية أجبرت مصنّعي العصائر على استيراد مركبات سيئة
تأثيرات الأزمة العالمية أجبرت مصنّعي العصائر على استيراد مركبات سيئة

حينما اعتلى منذر الحارثي قيادة مصنع عصائر الربيع قبل ربع قرن كان عمره آنذاك لم يتجاوز الـ 25، لكن الطموح والتحدي الكبيرين اللذين يحملهما الحارثي في داخله أكبر دافع لتجاوز كل العقبات التي ستواجهه في واحد من أسرع المنتجات تلفا. فقد وضع الرجل استراتيجية لمشروع المصنع حددها وفق فترات زمنية حتى تمكن من إنجازها في فترة قياسية.

من السهولة بمكان أن تتولى قيادة شركة ما, لكن من الصعب ترويض النفس على قراءة مفاهيم منظومة العمل بشكل دقيق ومتعمق, التي تبدأ في صناعة الأغذية من مرحلة إعداد العمالة مرورا بمراحل الإنتاج والتسويق وانتهاء عند نقطة الولاء للعلامة التجارية. خاصة في بلد طقسه سيئ على مدار العام يتوزع بين حرارة عالية ورطوبة تغطي كل المدن الساحلية التي تعج بالناس, ناهيك عن تعامل تجار الجملة وأصحاب مراكز التسويق مع المنتجات سريعة التلف، مثل الألبان والعصائر والأغذية.

قرأ منذر الحارثي سيرة هنري نستله مؤسس أكبر شركة غذائية عالمية وغيره من قياديي الشركات الناجحة, خاصة الشركات الغذائية الرائدة, وتعلم متى يتخذ القياديون الجسارة وكيف يستطيع مواجهة الأزمات وإدارتها بفن واحترافية, خاصة أن المنتجات الغذائية لا تتحمل قرار الانتظار والتخطيط, فالقرار لا بد أن يكون سريعا وناجحا وإلا كان الحساب عسيرا.

بهذا الإصرار الكبير والمملوء بالتحدي، شق منذر طريق العمل وسط أشواك لا يعلم أين تنتهي، لكن التحدي كان أكبر من أي ألم واجهه.

حينما كان يتحدث عن مشوار البداية في هذا المشروع سألت نفسي: هل هذا القيادي أخذ حجمه الحقيقي من حيث الأهمية بدراسة مشوار إنجازه في التطوير لواحدة من كبرى العلامات التجارية الغذائية السعودية؟ يقول الحارثي في معرض حديثه لي: ''كان لا بد من التعلم بسرعة لعدم وجود الوقت, ولا سيما أن أي مشروع تجاري في بداياته يمر بمراحل صعبة من خسائر وإخفاقات وغيرها، وأصحاب رأس المال يتوقعون مردودا سريعا, الأمر الذي يجعلك تحت ضغط شديد ووجوب تحقيق أرباح، ولذلك لا بد من اكتساب الخبرة بسرعة وإيجاد حلول تسويقية عاجلة، نحن بدأنا في ظل وجود عمالقة في الصناعة وكان حجمنا متواضعا نوعاً ما ليس بمثل ''المراعي''، ''نادك''، ''الصافي''، و''سدافكو''. قصة نجاح باعتراف رجل كبير، فإلى تفاصيل الحوار مع الأستاذ منذر الحارثي الرئيس التنفيذي لشركة الربيع السعودية للأغذية المحدودة..

حدثنا عن بداية مصنع عصائر الربيع ومساحته وحجم خطوط الإنتاج في تلك الفترة؟

المصنع بدأ فعلياً في 1980, أي له ما يقارب 30 سنة من الإنتاج، الفكرة بدأت على أساس إنشاء مصنع يلبي حاجة السوق من الألبان والعصائر في المنطقة الوسطى في الرياض المنطقة الصناعية الثانية، تم أخذ مساحة أرض فيها مثل معظم الشركات في تلك الفكرة التي دخلت في شراكات مع شركات أجنبية مثل الهولندية والدنماركية، فدخلنا مع الأيرلنديين وكان اسم الشركة ''الشركة السعودية الأيرلندية'' وكانت السنوات الأربع الأولى مبدئية ثم انتقلت الإدارة إلى مستقلة, ومنذ ذلك الحين بدأت الخطوط الإنتاجية التي كانت قليلة, حيث كانت الطاقة لا تتعدى 20 مليون لتر في السنة، بخطوط كانت ألبانا طويلة الأجل وعصائر زبادي، آيسكريم، وأجبانا، بعضها أزيل والبعض الآخر أزيل فيما بعضها ما زال يعمل حتى اليوم.

بالمناسبة كم كان حجم الاستثمار في إنشاء المصنع؟

بدأ إنشاء المصنع عام 1978 بتكلفة راوحت بين 30 و50 مليون ريال.
اليوم كم تقدر حجم الاستثمار؟

حجم استثمارنا اليوم كمصنع يصل إلى 600 مليون ريال، بخلاف الاسم التجاري، وسيتجاوز المليار بكل تأكيد.

كم تبلغ الطاقة الإنتاجية اليوم؟

نحن نتحدث اليوم عن طاقة إنتاجية تصل إلى 300 مليون لتر سنوياً، تتنوع العصائر فيها، حيث ننتج أكثر من 60 صنفا ونوعا وعبوة من العصائر والحليب.

#2#

كم حصتكم من العصائر في السوق المحلية وحجم تصديركم للأسواق الخارجية؟

نستحوذ على ما يقارب 20 في المائة من سوق العصائر والمشروبات في السوق المحلية مقارنة بالمنتجات الأخرى, ونصدر 30 في المائة من حجم الإنتاج للأسواق الخارجية.

كم يبلغ حجم سوق العصائر في السعودية؟

حجم سوق العصائر يصل إلى مليار لتر سنويا، بقيمة تقديرية أربعة مليارات ريال.

أمضيت أكثر من 25 سنة في رحلة الشركة، ما أهم التحديات التي واجهتكم في البداية من حيث الإنتاج، التسويق؟

أول التحديات التي واجهتنا آنذاك كون صناعة الألبان في تلك الفترة تقتصر على جلب بودرة حليب وتعبئتها في عبوة بطريقة بدائية، لا أحد يعلم أن هذه الصناعة جدية ولها مقومات الصناعة وتكنولوجيا عالية لأننا نعبئ في عبوات طويلة الأجل فلا بد أن يكون التعقيم جيدا، ومراحل التصنيع من تكوين الحليب، ثم البسترة، ثم معالجة درجة الحرارة العالية، ثم تعبئة العبوة في عبوات محكمة مغلقة، التخزين، التوزيع، مع الأسف كانت النظرة للعمل في مصنع الألبان كـ ''بياع حليب''، ربما في فترتها كانت صغيرة لكن تحتوي على الجودة، المبيعات، المشتريات، التسويق، الصناعة، والتقنية، فكانت هذه واحدة من المشكلات أن نفهم الناس أن هذه صناعة وليست العملية عملية تعبئة بودرة حليب ووضعها في عبوات كما يتصور للبعض، ثم نأتي إلى أن مقومات الصناعة تحتاج إلى ضوابط وفنيين وتقنيين يديرون المصنع بخبرتنا, ولاسيما وأنني كنت خريج إدارة أعمال وقتها حاولنا اكتساب الخبرة من الأجانب الذين كانوا يعملون معنا، وكان لا بد من التعلم بسرعة لعدم وجود الوقت, ولاسيما أن أي مشروع تجاري في بداياته يمر بمراحل صعبة من خسائر وإخفاقات وغيرها، أصحاب رأسمال المال يتوقعون مردودا سريعا, الأمر الذي يجعلك تحت ضغط شديد ووجوب تحقيق أرباح، لذلك لا بد من اكتساب الخبرة بسرعة وإيجاد حلول تسويقية عاجلة، نحن بدأنا في ظل وجود عمالقة في الصناعة وكان حجمنا متواضعا نوعاً ليس في حجم ''المراعي''، ''نادك''، ''الصافي''، و''سدافكو''.

#3#

هل كان تركيزكم في البداية على الحليب أم العصائر؟

لم يكن لدينا تركيز، بل كنا نحاول إيجاد اسم تجاري في السوق ينافس المنتجات الأخرى من سوائل الحليب أو العصائر ونوفر للمستهلك ما يحتاج إليه، دخلنا في البداية في ألبان، عصائر، أجبان، وزبادي، وقد تميزنا في بدايتنا في نوع من اللبن طويل الأجل مدته ستة أسابيع، لكن لضعف حجمه عندما كبرنا لم يعد يمثل لنا إنتاجه أي فرق.

ما الاستراتيجية التي وضعتموها في تلك الفترة للنهوض بهذا المشروع؟

بدأنا بالتفكير في بناء اسم تجاري مقارنة بالأسماء الموجودة فعلاً في السوق، فركزنا على إثبات جودة المنتج، وأن نكون متميزين عن غيرنا رغم أن الصناعة السعودية تتميز إجمالاً بجودتها العالية، كذلك الجودة الشاملة وليس المنتج فقط، في الصناعة، الموظفين، الأداء المكتبي, أي الجودة في كل مراحلها حتى تبرز في النهاية جودة المنتج، النقطة الثانية هي الظهور بمنتجات جديدة خاصة بنا وليس عملية نسخ من الشركات المنافسة، كنا نفكر في الابتكار والتميز.

فبدأنا بالعبوات وحاولنا أن نتميز فيها، معظم الشركات كانت لديها عبوات تتراباك، لكن أيضاً تتراباك كانت تظهر بعبوات مميزة مثل البرزماباكس، فكنا نحن من أوائل الشركات التي استقطبت هذه الأفكار, رغم التحفظ الموجود عليها من ناحية الأسعار, لكن وجدنا بأهمية وجوب أن نكون متميزين في العبوات الجديدة, وبدأنا ننظر في كيفية التميز في منتجاتنا، العصائر لم تكن موجودة بالحجم الموجودة به اليوم، أتذكر لم يكن يوجد سوى نوعين: البرتقال والتفاح فقط، ثم بدأنا في التنوع وإنتاج منتجات أخرى وأنواع ثانية وخليط من العصائر، لا أريد الحديث بصيغة أن ''الربيع'' كانت هي فعلاً النواة لسوق العصائر في المملكة، ولذلك نملك نصيب الأسد في السوق.

دخلتم في المنتجات الغذائية وقدمتم منتج (أول قطرة)، هل فشلتم في تسويقها؟

في الواقع لا يمكن القول إننا فشلنا، لأن المنتج جديد كاسم تجاري جديد، بشكل العبوة حاولنا أن نكون متميزين فيها وهي ورقية وليست صفيحا لمنتجات غذائية، هذه أشياء جديدة على المستهلك ليس متعودا عليها، نعتقد أن المسألة وقت ليس إلا، وبعد أن يتعود المستهلك على الاسم الجديد والعبوة الفريدة ونوعها، ومن ثم يقتنع اقتناعا كاملا بها، وهذا الأمر رأيناه في منتجات كثيرة نزلت الأسواق وأخذت وقتاً حتى حازت ثقة المستهلك.

كم نسبة النمو السنوي في هذه الصناعة؟

نسبة النمو السنوي لدينا تتجاوز 10 في المائة.

كيف ترى حال الصناعات الغذائية اليوم بعد تجربتكم الطويلة في هذا المجال؟

من أهم العوائق التي تواجهنا استمرارية جلب المواد الخام بجودة عالية، نحن نضع رقابة صارمة على مشترياتنا من المواد الخام، وفي بعض الأوقات نرسل مندوبينا إلى بلد المنشأ للإشراف والتأكد من سلامة وجودة المواد الخام، وأعتقد أن هذه من أهم النقاط التي تركز عليها الشركات الغذائية لأن العديد من الشركات الأجنبية توفر مواد خام بأسعار متدنية لكنها ذات جودة سيئة, ورأينا مصانع محلية وقعت ضحية مثل هؤلاء.

وأنت رئيس لجمعية المنتجين، ألا يجب أن يكون هناك تدخل حكومي أو إنشاء مختبرات جديدة لإخضاع هذه المركزات للتحليل؟

أنا لست ممن يؤيدون فرض الدولة لشروط، من الممكن وضع مواصفات ومقاييس على المنتجات المنتهية ليعرف المصنع حدوده في الصناعة والالتزام بالنسب المطلوبة في المنتج، لكن وضع ضوابط أخرى على الاستيراد أو غيره لا أتفق معها، تحليل المركزات تمر تحت ضوابط تحليلية مسموح بها، ويمكن استخدامها للاستهلاك الآدمي، استخدام المواد الحافظة والملونات أمر مسموح به.

لكن بعض الدول تشترط نسبا معينة للمواد الحافظة والملونات؟

فيما يخص المنتج النهائي صحيح وليس على المركزات، فمن شروط المواصفات توضع بعدم استخدام أنواع معينة المواد والملونات.

هل تناقشون هذه الأمور في الجمعية؟

الجمعية عربية تمثل الصناعة العربية ككل مرتبطة بالجامعة العربية، ومن أهدافنا محاولة توحيد المواصفات والمقاييس بين الدول العربية, لأنه مع الأسف هناك تفاوت بين الدول حتى في دول الخليج التي تعتبر مواصفاتهم موحدة, إلا أن هناك اجتهادات من بعض البلديات التي تحاول تطبيق بعض المواصفات دون الرجوع لأحد، ووجدنا تفاوتا في الصناعات بين الدول العربية، ونحاول أن تكون المواصفات السعودية التي خطت خطوات كبيرة هي الأساس لهذه الصناعة، وفي اجتماعنا الأخير ناقشنا واقع وآفاق قطاع المشروبات عربياً وضمان الجودة والغش الصناعي والتجاري والتدليس لقطاع المشروبات عربياً والحماية والإغراق لقطاع المشروبات في ظل منطقة التجارة العربية واتفاقيات التجارة العالمية

هل تتوقعون أن تشهد أسعار العصائر ارتفاعاً في الفترة المقبلة؟

بالنسبة للأسعار لها ارتباط بالمواد الغذائية ومواد التعبئة والتغليف والمركزات، لكننا شهدنا خلال الشهر الماضي ارتفاعا لمركز البرتقال، من ألف دولار للطن، إلى ثلاثة آلاف دولار للطن, يعني هناك زيادة بنسبة 300 في المائة.

هل سترفعون الأسعار؟

نحن كصناعة نمتص بعضاً من زيادة الأسعار، ثم نرى كم مقدار الزيادة التي تحدث، لا تنسى أن لدينا مشكلة في المملكة ما يسمى الريال الواحد، أي المنتج لا يزيد ثمنه عليه ريالا، مع الأسف وجدنا بعض المنتجين بدأوا يخفضون في حجم العبوة من 250 إلى 200 إلى 180، وفي رأيي أن هذه سياسة غير سليمة، يمكننا اعتبار ذلك غشا تجاريا للمستهلك.

هل يوجد بينكم كمنتجين للعصائر في المملكة أي تنسيق أو مظلة تجمعكم؟

مع الأسف لا يوجد، لا توجد أسباب معينة لذلك ربما هناك قصور من مجلس الغرف، صحيح هناك جمعيات للدواجن والألبان الطازجة، حتى الآن لا توجد أي خطط لإنشاء أي جمعية للعصائر، وسنحاول إيجاد ذلك مستقبلاً.

ما سبب فشل صناعة العصائر في مواجهة المشروبات الغازية؟

على العكس لم تفشل، انظر إلى الزيادة في العصائر خلال السنوات العشر الماضية ستجدها مهولة، انظر للسنوات الـ 20 الماضية من لاشيء لصناعة العصائر حتى وصلت اليوم إلى مليار لتر، هناك تطور، ولا تنسى أن ذلك نمط تحول استهلاكي من المشروبات الغازية إلى العصائر، هناك وعي استهلاكي للمستهلك.

إذا ما تحدثنا عن 30 مصنعا في دول مجلس التعاون، نلاحظ أن عمليات الدمج والاستحواذ قليلة في مصانع العصائر .. لماذا في رأيك؟

أعتقد أغلبية الشركات والمصانع هنا ترجع في أساسها شركات فردية أهلية، هناك نوع من التشبث بالاسم التجاري، ويحققون أرباحا، حتى عندما طرحت هذه الأفكار حاول البعض تحقيق أرباح كبيرة نظير بيعه المصنع أو الاسم التجاري، حقيقة لا نعلم هل المسألة صحية وجود كم كبير من المنتجات في السوق أمام المستهلك، أم غير صحية لأنها تؤثر في ضعف الصناعة والاقتصاد وتقلل الربحية، البعض يتهمنا بالربح الكبير، وهو العكس عندما نربح كصناعة أفضل من ألا تربح أو ربحك قليل، لأن الربح تضخ زيادة في الجودة وجلب مكائن وتقنية جديدة في الصناعة، المنظور للصناعة كالتاجر في الربح والخسارة يجب أن يتغير، عندما نخسر مئات الملايين لا يلتفت إلينا أحد، وعندما نربح بضعة ملايين يتهموننا بالجشع، يجب تغيير هذا المفهوم، نحن صناعة استمرارية استثمارية، مصنعنا بدأ من 20 مليون لتر، اليوم طاقته 500 مليون لتر، هذه تعتبر استثمارات في البلد.

هناك مَن يرى أن معظم صناعة الألبان والعصائر في السعودية والوطن العربي تحقق أرباحا عالية وبعضها يحقق أرباحا بسيطة ما قراءتك لهذه المفارقات؟

بداية لا أدري مَن أخبرك أنها تحقق أرباحا عالية، أنا قناعتي في الصناعة السعودية ربما هناك مصنع أو اثنان يحققان أرباحا كبيرة، لكن بكل أمانة لا تقاس كل الصناعة بـ ''المراعي''، نحن نفتخر بـ ''المراعي'' ونعدها قدوة للصناعيين في قيادتها وتسويقها، لكن باقي الصناعة لا أعتقد وجود هذا الربح، الصناعة الغذائية صعبة وتستهلك من الوقت الكثير ومن الجهد الكثير، لا يمكنك إغفالها للحظة لأن المستهلك إذا أخذ منتجا ووجده غير سليم تخسره على الفور، كذلك المستهلك نقدر الحلقة التي حوله من 10 إلى 15 شخصا مباشرة سيتأثرون به, وقس على ذلك تواصل الدائرة، لذلك لا بد أن تكون هناك رقابة صارمة على المنتجات كي لا تتأثر.

الأمر الآخر، أعتقد أن التقنية في الصناعات الغذائية من أعقد التقنيات الموجودة من المواد الخام، عمليات التصنيع، التخزين، التسويق، استهلاكه، انتهاء صلاحية المنتج، أنت مسؤول عنه، المستهلك عندما يأخذ عبوة ويتركها لشهرين لديه ومن ثم يقوم بفتحها يعتقد أنها ستكون بالجودة نفسها التي خرجت بها من المصنع، بصرف النظر عن كل هذه العقبات يجب الالتزام بشروط المواصفات والمقاييس وعدم وجود مواد حافظة بناء على نوعية المنتج، فهناك صناعات في أوروبا تستخدم مواد تمنع علينا.

هناك اتهامات لمصنعي العصائر بأن تأثير الأزمة العالمية أجبرهم على استيراد مواد أولية أقل ثمناً لتغطية الفرق في السعر ما ينعكس على الصحة .. كيف تردون؟

قد يكون ذلك صحيحاً، لأن هناك منتجات أو مصادر صناعية لمواد خام لا يمكن تسمية دولها تحاول أن يكون لديها مخزون من مادة خام معينة لا تسوق لديها، مع الأسف هناك أناس أصحاب نفوس ضعيفة يفكرون في الربح بأي شكل، لكننا نتحدث عن المدى البعيد من يقوم بذلك لن يستمر، ربما يربح سنة أو سنتين بعدها لا بد أن يترنح ويسقط.

لكن أنت كرئيس للاتحاد العربي تنتظر على حساب صحة الناس حتى يخرج أو يسقط هذا المصنع.

لا أعتقد أن المواد الخام تضر بصحة المستهلك، لأن أي شيء فيه ضرر على صحة المستهلك يتم اكتشافه في مختبرات الجودة أثناء دخول هذه المنتجات في المنافذ الجمركية، كذلك عند تصنيع المنتج عليه رقابة من الجهات الرقابية في أي بلد سواء مواصفات، بلدية، وزارة التجارة والصناعة، بكل أمانة لا أعتقد أن هناك منتجات تضر بصحة المستهلك، هناك منتجات ذات جودة رديئة في الطعم، اللون، المحسنات أو غيره، لكنني لا أعتقد بوجود المنتجات المضرة بصحة المستهلك، هنا الأمر يكون على الدولة التي لن تسمح بحدوث مثل هذا الأمر ولن تسمح لأي مصنع بالعمل وفقاً لهذا السيناريو، وأنا أطالب بشدة إذا أياً من المصانع تقوم بذلك يجب وقفها فوراً دون تهاون لأن صحة المستهلك فوق أي اعتبار وخط أحمر لا يجب تخطيه، المستهلك هم عائلاتنا، أبناؤنا، إخواننا.

لماذا العصائر السعودية منتشرة في المحيط الإقليمي ولا نراها في الأسواق الأوروبية مثلاً؟

لا ننسى أن الدول الأوروبية لديها صناعة من العصائر، وهناك صعوبة في منافسة المنتجات الموجودة لديها، أيضاً هناك معوقات في الشحن والضرائب، والشهادات الصحية الملزمة، كي تجعل هذا المنتج يمر إلى الأسواق الأوروبية يمر بمراحل عديدة، وهذا لا يمنع تسويق منتجات سعودية وهناك بالفعل منتجات، وعادة يكون المستهلك العربي أو الشرقي هو هدف منتجاتك، الصيف الماضي كنت في لندن ففوجئت عند دخولي المحال التجارية ملأى بالعصائر السعودية، ونحن لم نرسل لكن هناك مستهلكين ومنتجاتنا موجودة.

كم تنفقون على تسويق منتجاتكم إعلانياً؟

الإنفاق موجود لكنه بأنواع مختلفة، العروض المقدمة للتجار تعد نوعاً من التسويق،
العروض في السوبر ماركت، بعض الناس يعتقد أن المصروفات التسويقية هي فقط التي تظهر في التلفزيون أو الصحف، هناك جوانب كثيرة من المصروفات التسويقية تضاهي ما يُصرف في وسائل الإعلام.

هل ترى أن المستهلك صعب في تقبل المنتجات المحفوظة؟

بالطبع، أعتقد لدينا ما يسمى المستهلك المتحفظ الذي من الصعوبة أن يغيّر من منتج إلى آخر بسهولة، من الصعب أن يتقبل فكرة جديدة، خصوصاً المواد الغذائية, نجد المستهلك متحفظا كثيراً، ما زالت الروابط الأسرية تلعب دوراً في اختيارات المستهلكين، فمثلاً المنظفات تجد أن المرأة المتزوجة حديثاً تستخدم ما كانت تستخدمه والدتها، أي منتج جديد يحتاج إلى وقت حتى يقتنع به.

بحكم خبرتك الطويلة في مجال العصائر، ما فلسفتك كقيادي في المحافظة على العلامة التجارية وتسويقها؟ وكم تنفق على تطويرها وتسويقها؟

في الحقيقة أرجع ذلك إلى عامل رئيس واحد ودائماً ما أحاول نقله لجميع إخواني الصناعيين، التركيز يجب أن يكون على الجودة مهما صرفت على الاسم في نهاية المطاف إذا كان المنتج غير ذي جودة عالية لن ينجح، ربما يحقق مبيعات في وقت الطفرة، نرى بعض المنتجات يباع بـ 20 ريالا فيما تجد البعض يبيعه بعشرة ريالات ويحقق مبيعات لشريحة معينة من الناس لا يهتمون بالجودة, وهذا موجود بالفعل، لكن للاستمرارية أعتقد أن هدف السياسة لأي منشأة خاصة في المواد الغذائية الجودة هي الأساس، الصناعة السعودية نفتخر بها في كل مصانع الأغذية لها اسم جيد حتى خارج السعودية، وكي نحتفظ بهذه السمعة يجب على جميع الصناعيين بذل قصارى جهدهم لتطوير منتجاتهم للمحافظة على الجودة، لا بد من استثناءات في بعض المصانع التي تحاول توفير بعض التكلفة لكن منتجاتهم تباع خارج المملكة لأن المنافسة محلياً على أشدها، هذه لا تؤثر في المؤسسة لكن في الصناعة السعودية ككل، لأنها تمثل الصناعة السعودية برمتها، ولذلك أتمنى من صُناع الأغذية السعودية الالتزام بالجودة لأنها هي من تبرز الصناعة السعودية، كما أن لدينا مميزات يجب ألا نفقدها، عندما تذهب إلى أي بلد خارج المملكة تجد المستهلك يشتري المنتج لأنه كتب عليه ''صناعة سعودية'' دون تردد, لذلك علينا تعزيز هذا المفهوم وعدم الطمع بتخفيض الأسعار للبيع فقط لأنه ربح مؤقت، نحن نبني اسما وصناعة ومنتجات ـ ولله الحمد ـ الصناعة السعودية فخر الصناعة في الوطن العربي، ويمكن امتداد ذلك خارج الوطن العربي كذلك، لا ينقصنا شيء في ظل وجود المقومات الصناعية واستيراد المواد الخام من الخارج، العالم أصبح قرية واحدة، وقصرت المسافات في ظل وجود وسائل النقل والشحن المتوافرة.

هل تخطط ''الربيع'' لطرحها كمساهمة؟

الأمر حتى الآن تحت الدراسة والنظر، الهدف هو تطوير هذه الصناعة، وأن تكون رافدا أساسيا لاقتصاد البلد، لدينا حجم تصدير جيد خارج السعودية بنسبة 30 في المائة، بغض النظر عن المكسب المعنوي الذي نحققه من ذلك ببيع منتج سعودي ذي جودة عالية جدا.

الأكثر قراءة