الحملة التوعوية تنقل شعائر الحج من المظاهر السلبية إلى السلوك الحضاري
لعبت الحملة الإعلامية التي دشنتها إمارة منطقة مكة المكرمة منذ ثلاثة أعوام مضت، دوراً بارزاً في القضاء على الكثير من المظاهر السلبية التي كانت تحدث في الحج كل عام، حيث تركز الحملة التي تنطلق سنوياً من مقر الإمارة في مكة المكرمة حاملة شعار «الحج عبادة وسلوك حضاري» على جوانب عدة كل عام، وتعمل على التوعية حيالها والمضار التي تتسبب فيها في حال ممارستها، كالافتراش في مشعر منى، والحج دون الحصول على التصاريح، والتنقل بالمركبات التي تقل أقل من 25 راكبا، كما أنها تحذر وتنبه من الشركات الوهمية، وتبث أيضاً الكثير من رسائل التوعية التي تهدف إلى إنجاح موسم الحج بشكل عام، وتقديم أفضل وأرقى الخدمات لضيوف الرحمن القادمين من داخل السعودية وخارجها لتأدية النسك الذي يعد ركناً من أركان الإسلام.
وأكدت الحملة خلال الأعوام الثلاثة الماضية منذ انطلاقتها, أن الهدف الرئيسي منها إفهام الجميع أن احترام أنظمة البلاد في الحج, التي وضعت لخدمتهم وراحتهم لم تضع لفرض القيود، حيث إنها تسهم في الدعوة إلى الالتزام بالتعليمات الخاصة بالحج وعدم الحج إلا بتصريح، وتعمل على تكثيف الحملات على المتخلفين، إضافة إلى القيام بحملات مراقبة ومتابعة على أصحاب المؤسسات الوهمية التي تقوم بتنظيم خدمات الحج والعمرة دون تصريح لمزاولة النشاط.
وتؤكد الحكومة السعودية الرشيدة من خلال الحملة التوعوية إصرارها على مواجهة المخالفات التي تحدث خلال موسم الحج، ومنع السلبيات والتجاوزات، خاصة ظاهرة افتراش الطرق والساحات التي تترتب عليها معاناة الحاج النظامي في أداء نسكه وعرقلة الخطط التي تعدها الأجهزة الحكومية المعنية من أجل توفير الراحة للحجاج والحفاظ على أمنهم وسلامتهم وتأمين انتقالهم وإسكانهم بما يليق.
وتأتي الحملة لتوضح أن مهمة كل العاملين في المملكة، خاصة العاملين في مكة المكرمة تحت مظلة الإمارة التي يأتي على رأس الهرم فيها، الأمير خالد الفيصل، تتمثل في تنظيم أداء هذه الفريضة بيسر وسكينة لأكبر عدد يمكن أن تستوعبه المشاعر، حيث إن الجميع مطالب بإثبات الكفاءة في إدارة الموسم بنظام دقيق، وأن تبقى للمملكة ذكرى طيبة لدى ضيوف الرحمن، وهو الأمر الذي يقتضي لإنجاز المهمة على الوجه المطلوب، وتضافر الجهود في تعاون جماعي بين كل مسؤول ومواطن ومقيم لتأسيس نمط لحج نظامي يحترم قداسة الفريضة، ويترجم جهود الدولة الرامية إلى تأصيل مفهوم «الحج عبادة وسلوك حضاري».
ومن يرغب في معرفة الجهود الكبيرة المبذولة لتحويل الحج إلى عبادة وتجربة روحانية راقية وحضارية عليه أن يتتبع الجهود التي تبذلها المملكة لإحداث نقلات نوعية في إدارة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن ورفع كفاءتها، فاللجنتان التحضيرية والتنفيذية التي يرأسها الدكتور عبد العزيز الخضيري، وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة، إضافة إلى اللجان العديدة الأخرى، تعمل لأشهر عديدة للترتيب لأيام الحج كي تكون آمنة ومريحة ويتوافر فيها كل ما يساعد الحاج على أداء مناسكه، إذ إن العمل المهني المنظم لا بد أن يترك آثاره الإيجابية على سلوك الناس وتجاوبهم مع جهود الدولة وتطلعاتها.
#2#
ويرى الدكتور الخضيري، رئيس اللجنة الإشرافية لها، أن المخالفات التي كانت تعوق الجهود في الحج أخذت في التراجع، مشيرا إلى أن الإجراءات والبرامج التوعوية التي تبثها الحملة في كل عام، ستسهم في حل العديد من المشكلات في المشاعر المقدسة, التي يكون سببها وجود التصرفات السلبية.
وقال رئيس اللجنتين التنفيذية والتحضيرية في تصريحات لـ «الاقتصادية»: «كان أهم مخرجات الاستراتيجية للمنطقة أنها ركزت على ستة مرتكزات أساسية، وتكون تنمية مكة مكانيا تبدأ من الكعبة المشرفة، وإنسانيا تبدأ من الاهتمام بضيوف الرحمن، بحيث نكون متميزين في تعاملنا مع هذا الضيف الكريم, والمرتكز الثالث التأكيد على أهمية دور القطاع الخاص في تحقيق أهداف الاستراتيجية لأن العمل لا يمكن أن يكون حكوميا بحتا, وأن كل شيء ستقوم به الحكومة, بل ركزت الاستراتيجية على الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص, ومن هذا المنطلق كانت استراتيجية حملة الحج عبادة وسلوك حضاري, تؤكد أن الحج عبادة والجميع متفق عليها وكان لا بد من الاهتمام بالسلوك الحضاري ونبرزه للعالم, فلم يعد الحج شعيرة مغلقة علينا لا أحد يتابعنا فيها, لا بد أن يدرك الجميع أننا نعمل في خدمة ضيوف الرحمن وتحت أنظار العالم وينقل كل ما يدار في هذه البقعة المقدسة في وقته, لذا يجب أن نتعاون جميعا لنقل صورة حضارية عن هذه الشعيرة بعيدا عن السلوكيات المرفوضة, وبناء على هذه المتابعة من العالم نحتاج إلى أن نبرز السلوكيات الحضارية في تعاملاتنا أثناء الحج».
وتابع الخضيري: « قبل البدء بدأنا تشخيص المشكلات التي تواجه الحج, وكانت أولى الملاحظات التي تم استنباطها من زملاء لنا عملوا خلال سنوات طويلة في الحج, أن أكبر مشكلة هم الحجاج غير النظاميين، بحيث يتم التخطيط لعدد معين من الحجاج ونفاجأ بالضعف من أعداد الحجاج, الأمر الذي يربك الخطط المعدة من كل الجهات وأدى إلى ضغط كبير على الخدمات فكان لا بد من معالجة هذا الخلل ومنع الحجاج غير النظاميين, وكانت الرحلة الأولى في حملة «الحج عبادة وسلوك حضاري», أن يتم التحذير من مخالفة النظام والحج دون تصريح, وبدأت الحملة على هذا الأساس وتم تقويمها في العام الذي يليه وتم حصر سببين أديا إلى ظاهرة الحج دون تصريح، هما: أن العديد من الحجاج يرون أن تكلفة حملات حجاج الداخل عالية وبناء عليه تم التوجيه الكريم من الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية إلى وزير الحج بتقديم تصورات لحل هذا الموضوع, وبالفعل قدمت التصورات وأقر برنامج لحج مخفض وطبق في العام الماضي ومستمر في هذا العام, والجانب الآخر كانت هناك وسائل يتم استخدامها للمخالفين لنظام الحج وبناء عليه صدر قرار خادم الحرمين الشريفين بمنع دخول المركبات التي تقل حمولتها عن 25 راكبا, وهو الأمر الذي ساعدنا على القضاء على الحجاج غير النظاميين والتخفيف من الاختناقات المرورية التي تسير داخل المشاعر, وتخفف من مشكلات التلوث».
#3#
وأشار وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة، إلى أنه في حج هذا العام سيتم من خلال الحملة الاستمرار في منع الحجاج غير النظاميين والتأكيد على منع المركبات التي تقل حمولتها عن 25 راكبا والتحذير من الشركات الوهمية, وتم تعضيدنا بقرار مجلس الوزراء الموقر بتحديد مخالفات على هؤلاء المخالفين جميعا من غرامات مالية وإبعاد عن البلد بالنسبة للمقيم وسيتم تطبيقها بكل حزم وأمانة, مفيداً أن الجانب الآخر في الحملة هو الجانب السلوكي, حيث تم البدء بالتركيز على معالجة بعض الظواهر السلبية التي تشوه أداء الجهات الخدمية في خدمة ضيوف الرحمن, ومن تلك الظواهر التي تشكل هاجسا سنويا ظاهرة الافتراش التي تشكل خطرا على الحاج نفسه.