معالجة الخلل في التفكير مبكرا تقضي على الغلو في التكفير لدى الشباب
نظم "نادي الاقتصادية الصحفي" ندوة عن (الغلو في التكفير وأثره في المجتمع)، واستضاف عددا من المختصين الشرعيين، أكاديميين ودعاة، وتناولت الندوة في جزئها الأول مفهوم التكفير وأقسامه وضوابطه الشرعية، واليوم في جزئها الثاني تتطرق إلى أسباب الوقوع في التكفير، وحفلت الندوة بكثير من الآراء التي أثرت النقاش، وكشفت بعض الملابسات التي يمكن أن تطرأ في أذهان المنحرفين فكريا، ولمزيد من الحديث عن محاور هذه الندوة نترككم مع التفاصيل:
"الاقتصادية": ما أسباب الوقوع في التكفير؟
#4#
د. صالح العصيمي: لا شك أن هناك أسبابا عديدة تؤدي إلى الوقوع في التكفير، ولعلي هنا أستعرض بعض هذه الأسباب، وهي على النحو التالي : أولاً: الجهل، ثانياً: فهم الأدلة فهما خاطئا، فمثلا حديث (أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن)، نجد أن بعض الناس يفهمه خطأ، كذلك حديثُ جَريرٍ بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ لَهُ في حَجَّةِ الْوَداعِ: "اسْتَنْصِتِ النَّاسَ، فَقالَ: لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ". متفق عليه.
فالخوارج حكموا على الصحابة الذين حدث بينهم قتال في معركة الجمل بأنهم كفار، ولم ينظروا للآية "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما"، ولذا فإن التكفير قد يكون رد فعل نتيجة تصور خاطئ لدى مرتكبه، فمثلا الخوارج والمعتزلة كفروا بالكبائر، أما المرجئة فلم يكفروا أحدا من أهل الإيمان، بل وصل غلاتهم إلى أن جعلوا الإيمان هو المعرفة، بل وصل الحال ببعضهم إلى أنهم لم يكفروا أحدا حتى إبليس عندهم مؤمن، لأنه أبى أن يسجد لغير الله، ونحن الآن نعيش في صراع كالصراع الأول، فهناك من غلا في التكفير، وهناك من أبى التكفير وحرَّمه وهو حكم شرعي، لذا فالوسطية هي التي يجب أن تكون منهجا لا إفراط فيه ولا تفريط، كما أن من أسباب الوقوع في التكفير ما يحدث من تصرفات مسيئة للدين، فيحدث ذلك عند بعض الناس رد فعل، فيحكم على هذه التصرفات بالكفر، ولا يدري عن الدوافع هل هي عن عمد أم جهل، ولا يعرف فقه الموانع والأسباب، كما أن من أسباب الغلو في التكفير قلة الورع، وقلة الخوف من الله ـ سبحانه وتعالى ـ وانتشار المعاصي والذنوب، كلها أسباب تؤدي إلى الوقوع في الكفر.
اتباع المذاهب البدعية
#3#
الدكتور خالد الدبيان: لعلي أضيف إلى ما تطرق إليه فضيلة الشيخ صالح أسبابا أخرى منها: الاستهانة بمحارم الله ـ عز وجل ـ من الكفرة والملحدين، هذه الاستهانة جعلت بعض الناس يخلط بين الفاعل والفعل، فتجرأوا على هذا الأمر، لأنهم رأوا انتشار التجرؤ على محارم الله ـ عز وجل ـ وأحكام الشريعة، وانطلقوا من هذا المنطق، كذلك من الأسباب اتباع المذاهب البدعية، فأول بدعة ظهرت في تاريخ الأمة هي بدعة الخوارج، وهم الذين نادوا بالتكفير، وكان ذلك باتباع مذهب بدعي، حتى الذين نادوا بالتكفير من المعاصرين، فقد كانت تروج لهم الكتب التي فيها الجانب التكفيري أكثر من الجانب الذي يربط النصوص بعضها بعضا، فاتباع الهوى والأغراض النفسية من أسباب انتشار الغلو في التكفير، ومن الأسباب أيضا وجود صراع داخلي لدى بعض الشباب، هذا الصراع الفكري الداخلي في حاجة إلى معالجة مبكرة حتى لا يقع في المحظور، ونحن لم نلتفت إلى قضية التكفير إلا عندما شاهدناه واقعا، وأرى كذلك أن من أسباب الوقوع في التكفير تجفيف منابع الإصلاح، وتقليل دور الإصلاح في المحاضن التربوية مثل الجامعات في التعليم العالي أو في التعليم العام، أو وضع قوانين وأنظمة فيها من الشدة غير المدروسة (فظهر غلو في التكفير وقابله غلو في محاربته)، فهذا قد يكون مساهما في وجود هذه المشكلة الخطيرة.
القناعات الخاطئة
#6#
الدكتور مسعود الغامدي: هناك أسباب سبقني المشايخ الأفاضل بالتطرق إليها وسأتناول بعضها من جانب آخر، مع إضافة أسباب أخرى أسهمت في ظهور الغلو في التكفير ، ويأتي في مقدمة هذه الأسباب التي تم ذكرها من قبل المشايخ الجهل، ويضاف إلى ذلك ما يقع في المجتمعات من المنكرات التي تحدث ردود أفعال كبيرة لدى التكفيريين نتيجة جهلهم، مما يترتب على ذلك قيامهم بإطلاق هذه الأحكام التكفيرية على كل مَن يخالفهم الرأي، ثم يتصرفون بناء على هذه القناعات الخاطئة التي يتبنونها، وينتج عن ذلك ارتكاب أفعال إجرامية كان من الممكن ألا تحدث عند معالجتها في وقتها، ولو تحدثنا عن الجهل كسبب رئيسي لوقوع الغلو في التكفير لوجدناه يحدث نتيجة وجود نوع من الهوة بين العلماء والمحتاجين إلى معرفة الأحكام الشرعية التي يتبنونها.
وهذا الكلام قد يقوله البعض من باب التجني على العلماء، لكني أقوله وأنا محب للعلماء، حيث إنه فعلاً هناك نوع من الصعوبة في الوصول إلى كبار العلماء عند بعض من يحتاجون إلى العلاج إن صح التعبير، وأصحاب هذه الأفكار المريضة يحتاجون إلى علاج لنبذ الأفكار التي يحملونها، ولعل العمل على الوصول بهم إلى كبار العلماء قد يجهض هذه الأفكار ويجعلها منتهية، وهذا ما نتمنى أن يكون حاضرا في المستقبل حتى نعالج هذا الخلل، فالعلماء دون شك لهم تأثيرهم في إقناع الشباب من خلال الحوار معهم والقضاء على الشبه التي لديهم.
وسبب آخر يتمثل في أن هذا الفكر التكفيري الذي يعلم كل من لديه ذرة من علم وإيمان أنه فكر خطير له أثره السيئ في الفرد والمجتمع وانتشر في العالم الإسلامي بأسره، وتوجد قناعة شاعت في أوساطهم أن سبب وجود هذا الفكر التكفيري هو إهمالهم في تعلم العلوم الشرعية، ما أدى إلى اتخاذ كثير من القرارات الخاطئة، حيث أُقفل كثير من المعاهد الشرعية في بقاع العالم الإسلامي، واتهمت بعض المحاضن الإسلامية كحِلق القرآن الكريم التي كانت قائمة بأنها تفرخ التكفير فأغلقت في بعض الدول، ما أوجد مزيدا من الجهل، لأن هذه المحاضن هي التي كانت تربي الناس على المعرفة الصحيحة للأحكام الشرعية.
وآخر نقطة فيما يتعلق بردود الأفعال لما يُنشر في وسائل الإعلام ومنابره على سبيل المثال، هي التي تبث الوعي في الناس وتترك فيهم أكبر أثر. مع الأسف أن بعض من يديرونها لهم منتجات مضادة للدين في كثير من الأمور، فمن يتتبع بعض هذه الوسائل يجدها في يد بعض الداعين إلى ما يضاد الدين في كثير من الأمور، هذه دون شك أوجدت رد فعل عند الشباب، الذين يفورون غيرة على دينهم على أساس غير صحيح، فهذه مجتمعة أراها ـ في نظري ـ أسبابا مكملة لما ذكره المشايخ عن تفشي ظاهرة الغلو في التكفير.
يطلع على كل الشبهات
#2#
الدكتور ناصر الحنيني: في رأيي الشخصي أن هناك عددا من الأسباب المهمة التي لا يمكن أن نغفلها، وكثرت في الآونة الأخيرة: ويأتي الانفتاح الإعلامي الرهيب كأبرز هذه الأسباب، حيث أصبح الآن في متناول كل فتى صغير لم يناهز الحلم، بأن يدخل إلى الإنترنت ويطلع على كل الشبهات ولا يجد ردودا عليها، هذا سبب رئيسي في تقديري لوقوع هذا الخطر ، وقد لمسته واقعا من خلال حوارات مع شباب صغار يأخذون من الإنترنت الشيء الكثير ولا يعرفون كيف يردون عليه.
ولعلي أسرد موقفا اعتبره طريفا حدث لي في بلد عربي، حيث كنت بصحبة شاب يريد أن يوصلني إلى مكان معين، وفي الطريق وجدت هذا الشاب يطرح عليَّ أسئلة غريبة ووجدت عقله محشوا بشبهات عديدة، لا أبالغ إذا قلت إنه كان يحتاج إلى عشرة علماء كي يردوا عليه، ،فهو يستحضر الأدلة والأقوال، وكنت أتساءل كيف تشرّبها، والجواب بسيط إنه استقاها من شبكة الإنترنت وتأثر بها، لذا فإن هذا الانفتاح هو من الأسباب الرئيسة من وجهة نظري لوقوع الشباب في الغلو في التكفير، والمتابع يعرف أن الطالب يستطيع أن يطالع مذكرة كاملة أو كتابا كاملا من النت ويؤثر في فكره، وهذا يقودنا، كما ذكر المشايخ، إلى خطر الجهل، وهناك قضية أخرى مهمة جداً وهي قضية التقصير في نشر العلم، فيجب علينا نحن كمسؤولين، سواء كنا سياسيين في أيدينا القرار السياسي، أو علماء أو إعلاميين، أن نسهل العلم الصحيح وننشره في كل طبقات المجتمع من نساء وأطفال وشباب مراهقين، والكبار والصغار، وأن نقدم لهم العلم بكل الطرق وبعبارة سهلة، حتى إذا شاهد الشخص قناة فضائية وجد شيخا يخاطبه، وإذا دخل إلى الإنترنت يجد العلم متوافرا عبر المواقع، فيجد العلم ميسراً له بكل سهولة. وأذكر لكم حادثة ذكرها لي شاب من خارج هذه البلاد، يقول: كنت أدرس في بلد عربي فانتشرت عندنا ظاهرة التكفير، فقدر الله لي أن أتيت مع والدي بعقد عمل واطلعت على المناهج، ولله الحمد نصف الشبهات التي كانت عندي انتفت باطلاعي على مناهجكم، ما كنت أصلاً أعرف أن هناك كفرا أكبر وكفرا أصغر وشركا أكبر وشركا أصغر. فالمناهج هي حصن كبير، وأراها من الدفاعات التي تحمينا من موجات الغلو.
فمثلا الشاب الصغير الذي عنده ثقافة بسيطة تكون عنده ممانعة لأي فكر منحرف، ولا يكفر المجتمع، ولا يصبح من أهل الغلو، وهذه من بركات المناهج النقية في بلادنا التي أشرف عليها علماؤنا، كذلك الدروس والندوات والخطب والقنوات. هذه سبل مهمة جداً، فضعفها أو عدم وجودها أو تجفيفها يسبب ظهور الانحرافات الفكرية كالغلو والتكفير بغير علم.
مناقشة مع شاب
ويشير الحنيني: إلى أن هناك قضية أخرى سبق أن رآها وتأملها في الانحرافات السابقة، وهي وجود خلل في التفكير، ويضيف: كنت أقولها لكثير من المثقفين وأخاطب بها الإعلاميين وغيرهم، وهي مسؤولية تتحملها وسائل الإعلام والقائمون في وزارة التربية والتعليم وغيرهم ، فنحن بحاجة لأن تقدم برامج لأبنائنا وبناتنا الكبار والصغار المنهج الشرعي الصحيح والآليات السليمة في التفكير، فمثلا الآن يأتي الشاب ويسمع شريطاً أو يشاهد شريط فيديو فيه ضرب وفيه حماس، وغير ذلك فتجده يبكي ويتفاعل ويتخذ قراراً بالذهاب للقتال في أفغانستان أو العراق، هكذا دون دراية بالعواقب أو بالحكم الشرعي، لأنه لا يملك رصيدا من التوازن الفكري، لم يعرف أصلاً عندما تطرح له فكرة أين البرهان عليها، وهل البرهان صحيح أم خاطئ.
ليست عنده قاعدة، فآليات التفكير عنده خاطئة، أي فكرة تأتي يأخذها وينفذها، مثال بسيط، كنت قد عقدت دورة علمية وكان فيها كبار العلماء في مسجدي فكنا نستقبل عبر الماسنجر حياً على الهواء الأسئلة، فجاء شاب وكتب لنا وقال: العلماء الذين عندك لا يفهمون شيئاً، فقلنا له ما مشكلتك مع المشايخ ومعنا؟ قال لنا: قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب) قلت ممتاز، هذا حديث في البخاري وما عندنا إشكال، ولكن هل قرأت شرحاً لأحد العلماء؟ فسكت ثم قال لا. قلت له: هل عرفت كلام العلماء في المراد بجزيرة العرب في الحديث وما حدودها؟ قال: لا. قلت له: أقول لك هذه (قضية خلافية) في تحديدها. ثم قلت له: هل قرأت أن جميع اليهود والنصارى يخرجون من جزيرة العرب أي يهودي أو نصراني حتى لو فرداً أو فردين؟ وهم وجدوا في عصر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعد وفاة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعاشوا دهراً كاملا وكانوا كفاراً يعملون كخدم.
ثم قلت له: وكيف نخرجهم؟ بالقتل، أنا لا أعرف أن أحداً من الفقهاء قال اقتلوهم في بيوتهم أبداً، والأمر الآخر، الإخراج بيد من؟ هل هو بيد كل أحد أم بيد ولي أمر المسلمين؟ وإلا كانت القضية فوضى كل يقتل ويخرج من يشاء، قلت هذه الآلية الشرعية، آليات التفكير السليم، فأي قضية تأتي في دينك أو في دنياك ارجع فيها إلى المتخصصين، كيف تتقبل أي قضية دون معرفة البرهان والأدلة الصحيحة عليها، أنا أرى أن القضية خلل في التفكير، نحن شعوب عاطفية تتفاعل مع من يملك أسلوبا عاطفياً، ونندفع ولا نسأل عن حجته ولا دليله، ولا نعرف آليات التفكير السليم.
من أعظم الأسباب
#5#
دكتور عبد الرحمن العبد الكريم: الحقيقة الإخوان ذكروا أسبابا عدة جزاهم الله خيراً، لكن أرى أن هناك سببا مهما واعتبره من أعظم الأسباب وهو قلة الخوف من الله، عز وجل، لذا فإنه يتوجب على كل مسلم أن يكون خائفا وجلا من الله عز وجل، ولذلك من تأمل حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (من كفر مسلماً فقد كفر) فهو أقوى رادع لئلا يقع في مثل هذا، أي فهو دليل على أن من كان في قلبه إيمان لا يتجرأ على أن يكفر مسلماً، هذه ناحية، وحديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، هذا أيضاً دليل آخر، وأنا آخذ الجزئية الأولى أنه من الفسق، أن تسب المسلم فهو فسوق، فمن كان عنده إيمان يخشى على نفسه من الفسوق, فكيف به إذا كان يسب، والأعظم من ذلك أن يطرد من رحمة الله ـ عز وجل ـ وأن يقول إنه كافر، هذه خطيرة جداً، فالإمام سفيان الثوري ـ رحمه الله تعالى ـ كان عنده طالب من الطلاب النجباء اسمه ابن عابد، فكان عنده درس فجلس وجاءه رجل لا يعلم من هو فدخل وقال: أسألك بالله ما مذهبك. قال مذهبي على كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، قال ما سألتك عن هذا بل سألتك: ما مذهبك، ومعلوم أن سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ كان خامس المذاهب الأربعة أو كما يقال. فسكت سفيان وتركه، فلما ذهب الرجل سألوه: يا أبا عبد الرحمن لماذا لم تقل له إنك على مذهب سفيان الثوري؟ قال ـ رحمه الله: تنسب له هذه المقولة:
احفظ لسانك لا تبح بثلاثة
سر ومال ما حييت ومذهب
فعلى الثلاثة تبتلى بثلاثة
بمكفر وبحاسد ومكذب
الغلو منذ زمن
ويضيف العبد الكريم: إن الغلو موجود في كل الأزمان، وهو متجدد. وبحكم أنني انتقلت كثيراً إلى بلدان العالم الإسلامي رأيت هجمة شرسة على الإمام محمد بن عبد الوهاب، وعندما أناقش المهاجمين، لماذا تهاجمون الشيخ محمد بن عبد الوهاب؟ يقولون لم نر مكفراً كمحمد بن عبد الوهاب، وهذا أمر خطير، لأنهم ما علموا أن محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ جاء ليخرج الناس من ظلام دامس، حيث كانوا يتعبدون بشجر وحجر، وكانوا يتبركون بالقبور، وما إلى ذلك، لكنه عندما منعهم من هذا وقال إن هذا الفعل كفر ليخوفهم، قالوا: إن هذا هو سيد المكفرين، نسأل الله السلامة والعافية.
قضية مهارات التفكير
الدكتور خالد الدبيان: الحديث عن أسباب الوقوع في التكفير أو أسباب الغلو في التكفير يجرنا إلى الحديث عن غياب دور الأسرة في المجتمع، فالابن ضائع والأسرة لا تتابعه، وهنا نتساءل أين دور الأب و الأم؟ أين دور إخوته إذا كان لديه إخوة أشقاء أو إخوة من الأب، أين كانوا عندما رأوا فكره متغيرا؟ أين التوجيه والنصح له؟
فمن المعروف أن الشبهة أول ما تبدأ بفكرة ثم بمبدأ ثم تنتقل إلى الممارسة القلبية وهي ما تسمى بـ (الولاء والبراء)، ثم الممارسة الفعلية، وهي ممارسة سلوك معين يترجم عن هذه الشبهة، سواء بتكفير أو تفجير أو عزلة عن المجتمع.
والحقيقة أنني كنت أتألم حينما كنت أقرأ عن بعض من ابتلوا بهذه الفتنة، وأقرأ تعليق الوالدين أن الابن ذهب وتغيب عن البيت منذ ثلاثة أشهر أو أكثر دون أن يكون لديهم خبر عنه، وهم يفاجأون بصورته تظهر في الإعلام، هنا أتساءل أين المتابعة من قبلهم والخطوات التي تمت من الأسرة؟ فهنا يتضح غياب دور الأسرة وعدم اهتمامها، وقبل أن أختم كلامي أعلق على ما تفضل به الشيخ ناصر حول أهمية مهارات التفكير، وأن انعدامها قد يفضي إلى كثير من قيم ومبادئ التكفير، وأستشهد على ذلك بمثال، وهو ما قام به ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وهو أفضل من أجاد في مهارات التفكير حينما قضى على فكر الخوارج في مناقشتهم المشهورة حتى رجع قرابة الألفين من الخوارج وهم أول من نادى وأول من رفع لواء التكفير، لذا أرى أنه يجب تدريس مثل هذه المهارات للأبناء في المدارس لأهميتها، وما ينبني على الأصل وما يتفرع منه، هذه كلها قضايا يجب أن يتعلمها الأبناء ويتعودوا عليها.
#7#
الشيخ أحمد السيف: دون شك أن تناول الأسباب يجعلنا نتعرف على الوقاية منها، ولعل من الأسباب التي أرى أنه يمكن الإشارة إليها: غياب الحوار في المراحل المهمة في حياة هؤلاء الشباب، ما أوقعهم في هذه الأخطاء الخطيرة، لكن الدولة، وفقها الله، بعد بزوغ هذه المشكلة فتحت باب الحوار مع الذين تم القبض عليهم ورجع - ولله الحمد - عديد منهم إلى جادة الصواب، ولا شك أن هذه المعالجة من ولاة الأمر كانت معالجة إيجابية أسهمت في القضاء على بعض الأسباب التي بدأت تختفي - ولله الحمد - مثل إغلاق بعض المواقع المشبوهة التي كانت تغذي فكر الشباب، وكذلك اختفاء آراء بعض أصحاب الأفكار المتشددة، ما أدى إلى عودة بعض هؤلاء إلى جادة الصواب.
المشاركون في الندوة:
1 ـ د. عبد الرحمن العبد الكريم المشرف العام على مكتبة وزير الشؤون الإسلامية
2 ـ د. ناصر الحنيني أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة والمشرف على مركز الفكر المعاصر
3 ـ د. خالد الدبيان عضو هيئة التدريس في كلية الملك فيصل الجوية والأمين العام لجمعية الأمير سلطان لتحفيظ القرآن الكريم
4 ـ د. صالح العصيمي عضو الجمعية السعودية العلمية لعلوم العقيدة والمذاهب والأديان المعاصرة وعضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
5 ـ د. مسعود الغامدي داعية وإعلامي
6 ـ الشيخ أحمد السيف إمام وخطيب جامع المسيليم في الرياض